ربع قرن في مصر (كتاب)

ربع قرن في مصر
غلاف كتاب ربع قرن في مصر.jpg
غلاف الكتاب.
المؤلفالبارون صمويل كوسيل
البلدFlag of the United Kingdom.png المملكة المتحدة
اللغةالإنگليزية
الموضوعتاريخ مصر
نـُشـِر بالعربية
1915

ربع قرن في مصر.. مذكرات البارون كوسيل، هو كتاب البارون الإنجليزي صموئيل سيليج كوسيل عبرَ أربعة وعشرين عامًا في الفترة التي أقامَها في مصر (من 1863 حتى 1887).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عن الكتاب

عام 1863، وصل الشاب البريطاني صمويل كوسيل إلى مصر تلبية لاستعانة الحكومة المصرية بالخبراء الأجانب، فعمل أول الأمر في محالج القطن ومصانع الزيوت بالزقازيق، ثم انتقل إلى الإسكندرية عام 1865، للعمل في عدة شركات، ثم عمل بالجمارك المصرية بالإسكندرية، وظل بها إلى أن ترك الخدمة بالحكومة المصرية عام 1884، ثم اختير لفترةٍ قصيرةٍ قُنصلًا أمريكيًّا بالإسكندرية. ولهذه الأسباب تعد سيرته الذاتية ومذكراته ذات أهمية كبيرة من عدة مناحٍ على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

فعلى الصعيد السياسي كان كوسيل شاهد عِيانٍ على أحداثٍ مهمةٍ في تاريخ مصر بداية من سنة ١٨٦٣ وهو العام الذي تُوفي فيه محمد سعيد باشا وخَلَفَه على عرش مصر إسماعيل باشا، فشهد ارتقاءه للحكم وإصلاحاتِه وإخفاقاتِه، كما حضر الحادث الأبرز وهو افتتاح قناة السويس سنة 1869، وما صاحَبَه من احتفالاتٍ مَهيبةٍ في القاهرة والإسماعيلية وبورسعيد، وافتتاح أوبرا عايدة وقدَّم وصفًا تفصيليًّا لهما، كما كان من بين مَنْ وَدَّعوا الخديوي إسماعيل يوم خرج من مصر بعد خَلْعه وتولية ابنه محمد توفيق.

وشهد صاحب المذكرات نقل مِسلَّة تحتمس الثالث المِسلَّة المصرية من الإسكندرية إلى لندن سنة 1877 بعد جهودٍ دبلوماسيةٍ وسباقٍ محمومٍ بين بريطانيا وفرنسا، وقدَّم وصفًا دقيقًا للمراحل المختلفة لعملية النقل.

ومن الأحداث الفاصلة التي كان كوسيل شاهدًا عليها ثورة أحمد عرابي ورفاقه ضد الخديوي توفيق في ساحة قصر عابدين يوم 9 سبتمبر 1881م، كما التقى عرابي وجهًا لوجهٍ في أخطر الأوقات وأكثرها عصبية أثناء وجود الأسطولين البريطاني والفرنسي في مياه الإسكندرية قُبيل ضربها في 11 يوليو 1882، ولعلَّ أخطر ما ذَكَره في كتابه هو إحباطه محاولة تهريب جهازٍ بالغ الأهمية، فقد أتاح لكوسيل موقعه في جمرك الإسكندرية أن يَحُول دون وصول جهاز تفجير تحت الماء، قيل: إن عرابي استقدمه من الولايات المتحدة الأمريكية بغرض تفجير السفن البريطانية والفرنسية. وعلى حد علمنا فإن كوسيل هو الوحيد الذي أشار إلى قصة هذا الجهاز الذي ربما كان كفيلًا بتجنيب مصر ويلات الاحتلال حال وصوله إلى عرابي على النحو الذي كان مَرْجوًّا له.

وشهد كوسييل ضرب مدينة الإسكندرية من البحر قبل احتلالها عام 1882 وله شهادةٌ بالغة الأهمية، وتُضيف أبعادًا جديدةً إلى المسألة المصرية؛ نظرًا لِمَا ذكره من تفاصيل جديدةٍ -وإن انحازت في مجملها إلى رواية المحتل الإنجليزي- تَتمثَّلُ في تحميله لعرابي مسئولية إشعال ثورة الإسكندرية ضد الرعايا الأجانب وما تلاها من أحداثٍ بما فيها حرق المدينة.

التقى كوسيل شخصياتٍ سياسيةً كبيرةً بدايةً من حكام مصر: الخديوي إسماعيل، والخديوي محمد توفيق، والسلطان حسين كامل، وشخصيات أخرى من وزراء مصر ورموزها السياسية مثل محمد شريف باشا، وشخصيات أجنبية كديلسيبس واللورد كتشنر وغوردن باشا، وشخصيات عربية مثل إبراهيم السنوسي والقائد السوداني زبير باشا رحمة، وقدم شهادته وانطباعاتِه بدقةٍ عن هذه الشخصيات.

صدر الكتاب في لغته الأم بعد أن عاد المؤلف إلى بريطانيا في عام 1915 –أي بعد ترك مصر بنحو ثمانية وعشرين عامًا- خُصِّصت الخاتمة للحديث عن محمد علي باشا ودولته وخلفائه من الحُكَّام حتى السلطان حسين كامل، وإعلان الحماية البريطانية على مصر... وغيرها من الأحداث التي استجدت.

وعلى الصعيد الاجتماعي قدَّم كوسيل وصفًا دقيقًا للحياة الاجتماعية في الريف المصري، حيث أقام سنواتٍ في الزقازيق وسط الفلاحين والعمال وأصحاب المحالج ومصانع الزيوت، وفي رشيد أثناء تشغيل مصنع للطوب، وفي الإسكندرية عندما بنى طاحونةً ومِضخةً للمياه العذبة بجانبها، ووسط هذه الظروف أُتيح له معايشة المصريين، ورصد أبعادٍ من حياتهم اليومية وعاداتهم.. فعلى سبيل المثال قدَّم وصفًا دقيقًا للموالد، لا سيما مولد السيد البدويِّ بطنطا عام 1864، وغيرها من عادات الزواج والوفاة وغير ذلك.

وفي الكتاب توثيقٌ لكثيرٍ من التراث الشعبي، لا سيما المندثر منه، كانتشار الممارسات الجنسية في الموالد بغرض إزالة العقم، وتفاصيل (الدوسة) التي ظلَّت لسنوات طويلة تجذب الأوروبيين لمشاهدتها على النحو الذي بَيَّناه في التعليق على هذه العادة التي كانت بمثابة شعيرةٍ دينيةٍ بارزةٍ حتى تم إبطالها بقرارٍ خديويٍّ.

كما أرَّخ كوسيل لوباء الكوليرا الذي ضرب القُطر المصري عام 1865 وخلَّف أكثر من ستين ألف حالة وفاةٍ، من بينها أربعة آلاف في الإسكندرية وحدها، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله على الحياة الاقتصادية والاجتماعية آنذاك.

وعلى الصعيد الاقتصادي قدَّم كوسيل وصفًا لكثيرٍ من جوانب الحياة الاقتصادية والزراعية في مصر لا سيما الفترة التي شهدت ازدهار القطن المصري، وكيف كانت مصر مقصد الباحثين عن العمل والاستثمار، كما كان له حديثٌ مُطوَّلٌ عن البريد المصري والسكة الحديد والشركات الأجنبية الكبرى في مصر والامتيازات الأجنبية التي جعلت مصر مقصد الأوروبيين لسنواتٍ طويلةٍ.

أمَّا فيما يخص الإدارة، فقد حوى الكتاب وصفًا دقيقًا لإدارة الدولة المصرية قبل الاحتلال البريطاني وأثناءه، ويبدو اهتمامه بالفساد الإداري كبيرًا، بدايةً من حالة الفوضى التي شاهدها أثناء نزوله ميناء الإسكندرية ومرورًا بمُحصِّل القطار المرتشي، ثم ذلك الموظف الكبير الذي أراد مشاركته الطاحونة بغير جهدٍ منه، كما تحدَّث عن فساد البريطانيين أنفسهم وصراعاتهم حول ثروات مصر، لا سيما الصراع بين الاتجاهين القديم والحديث في الإدارة البريطانية لمصر.

وقد قدَّم صاحب الكتاب وصفًا لعدة أماكن قبل أن يأتي عليها التطوُّر فيما بعد مثل مدينة القاهرة والإسكندرية ومنطقة القناة، كما نجد له حديثًا عن مستنقعات كفر الدوَّار وهجرة الخنازير البرية، كما نجد عنده وصفًا لحياة الجاليات الأوروبية في الإسكندرية وأماكن تواجدهم وأنشطتهم الاجتماعية والاقتصادية، ودورهم في السياسة المصرية حينذاك.

ومن الأمور التي تناولها كوسيل بشيءٍ من التفصيل وسائلُ النقل والمواصلات منذ هبط ميناء الإسكندرية عام 1863، مُتمثِّلةً في قطارات السكة الحديد، والملاحة النهرية، ووسائل النقل البدائية عبر الإبل والحمير وغيرها من الدواب، قبل أن تعرف مصر الترام عام 1896.


المصادر