دارة اقتصادية

دارة circuit كلمة مشتقة لغوياً من فعل دار بمعنى سار في طريق أو مسار حتى ينهي دورة تعود به إلى النقطة التي انطلق منها. وبذلك فإن الدارة لا تختلف عن الدورة فنقول الدورة الدموية و الدورة المالية. غير أن الاقتصاديين عرَّبوا تعبير circuit economique بالدارة الاقتصادية تمييزاً لها عن الدورة الاقتصادية cycle economique التي تعني التقلبات الدورية في النشاط الاقتصادي تتمثل في عبور الحالة الاقتصادية دورياً في أربعة مراحل:

1- التوسع الاقتصادي (الازدهار أو النهوض أو الذروة boom).

2- الأزمة crise.

3- الانكماش أو الركود depression/contraction.

4- الانتعاش reprise الذي يمثل بداية انطلاق التوسع الاقتصادي، وبذلك تكون الدورة الاقتصادية قد انغلقت عند نقطة بدايتها(الأزمات والدورات الاقتصادية).

والدارة الاقتصادية هي تمثيل للحركة التي تتبعها التدفقات المادية أو السلعية أو حركة المداخيل منذ تلقيها بعد القيام بعملية الإنتاج حتى إنفاقها وتحولها إلى طلب استهلاكي أو استثماري، لتعود من جديد إلى دائرة الإنتاج وهكذا.

والدارة الاقتصادية مفهوم عام يشمل حركة كل العوامل الاقتصادية؛ إذ يمكن الحديث عن الدارة السلعية والدارة النقدية والدارة المالية وغير ذلك. غير أن المهم في مفهوم الدارة أن نقطة النهاية في حركة العنصر الاقتصادي تكون بداية حركته التالية وهكذا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنظور التاريخي

يختلف التحليل بمفهوم الدارة في النظرية الاقتصادية عن التحليل بمفهوم المخزون stock أو بمفهومات السعر، فالسعر: يعتمد على فرضية استقلال العرض عن الطلب اللذين يتحدد مستوى السعر عند نقطة تلاقيهما، كما تتحدد عند هذه النقطة كمية السلع التي تتم مبادلتها. والتحليل بحسب مفهوم المخزون يعتمد على حركة تغيرها وتأثير ذلك على مردودها، في حين أن التحليل بحسب الدارة يظهر بالمقابل علاقة ارتباط ثلاثية الأبعاد: الإنتاج، وهو نقطة الانطلاق، يحدد مستوى الدخل، والدخل يحدد مستوى الإنفاق على شراء السلع، وشراء السلع يحدد الطلب على الإنتاج وهكذا يصبح الإنتاج نقطة البداية والنهاية.

إن طريقة التحليل بالدارة قديمة قدم نشأة علم الاقتصاد، ولكن أول من صاغها على شكل دارة كان فرانسوا كينيه F.Quesnay في لوحته الاقتصادية tableau économique التي رسم فيها الصيغة الأولى للدارة الاقتصادية أي لدوران الناتج الصافي بين طبقة المنتجين وطبقة المالكين، الطبقة غير المنتجة العقيمة sterile الفيزيوقراط أو الطبيعيين. ثم تتابع أسلوب التحليل بالدارة عند أنصار المذهب التدخلي interventionistes، ومن ثم عند ماركس وكينز وبعد ذلك عند المدارس الاقتصادية المعاصرة. بحيث أصبح التحليل بالدارة وحركة السلع أحد العناصر المهمة في التخطيط الاقتصادي وتخصيص الموارد لتحقيق التوازن في موازين السلع (بين الإنتاج والاستهلاك)، وإذا كان كينز قد اهتم بتحليل الدارة لدراسة التوازن الاقتصادي بقصد تأمين انسياب المنتجات إلى المستهلكين ومن ثم تأمين سير إعادة عملية الإنتاج على نحو منتظم بعيداً عن الأزمات فقد كان لماركس هدف مغاير من التحليل بالدارة. عند ماركس الدارة الاقتصادية تعني الحركة الظاهرة المؤلفة من أربعة عناصر متتابعة: الإنتاج، التوزيع، التبادل والاستهلاك وهي حركة تبدأ بالرأسمال النقدي ليتحول في النهاية إلى رأسمال نقدي أكبر محققاً بذلك قيمة زائدة، فقد طور ماركس التحليل بالدارة إلى دوران رأس المال، حيث يبدأ رأس المال دورانه على شكل نقد يتحول إلى بضاعة (آلات، مواد أولية وقوة عمل مستأجرة) وأثناء عملية الإنتاج تتحول المدخلات إلى بضاعة جديدة. فتدخل البضاعة الجديدة مجال التوزيع فالتبادل بقيمة أكبر متضمنة القيمة الزائدة ثم تنتقل إلى مرحلة الاستهلاك. وفي مرحلة التبادل يعود رأس المال إلى حالته النقدية الأولى ليتابع في دورة جديدة وهكذا الماركسية.

ولاحقاً طور ليونتييف Leontief مفهوم الدارة الاقتصادية إلى جدول المدخلات - المخرجات input-output الذي يمثل التوازن بين الموارد واستخدامات السلع والخدمات مقسمة إلى منتجات. وهكذا فقد كانت اللوحة الاقتصادية عند فرانسوا كينيه وجدول المدخلات والمخرجات عند ليونتييف أساساً في تطور الحسابات القوميةلاحقاً.

ومع تطور أنظمة الحسابات القومية وتعميق التحليل الاقتصادي ظهرت في الفكر الاقتصادي الحديث مفهومات دارة الإنتاج والاستهلاك، ودارة التداول النقدي وكذلك دارة التمويل أو الدارة المالية وغيرها.


دارة الإنتاج والاستهلاك

انتقلت المجتمعات البشرية على نحو شبه مطلق من اقتصاد الاكتفاء الذاتي، أي الاقتصاد الذي يقوم على الإنتاج لإشباع الحاجات الذاتية فقط إلى اقتصاد التبادل أي الإنتاج للبيع، بيع ما يزيد على حاجة الاستهلاك من السلعة المنتجة وشراء مقابل ذلك المواد غير المنتجة لسد الحاجة إليها. وتطور اقتصاد التبادل إلى اقتصاد الربح بمعنى الإنتاج بقصد البيع وتحقيق فائض، ومن ثم إلى اقتصاد الهيمنة بمعنى السيطرة على أكبر حصة من السوق المحلية وأحياناً العالمية (كما في حال الشركات المتعددة الجنسيات). لكن هذا الانتقال بأشكال وأبعاد النشاط الاقتصادي لم يغير في طبيعة العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك. فكل منتِج يمارس نشاطه بقصد إشباع حاجة الاستهلاك، حاجته الذاتية (في حالة الاكتفاء الذاتي) وحاجة الآخرين في حالة اقتصاد التبادل (في السوق). وإذا لم تجد المنتجات طلباً استهلاكياً عليها يفقد المنتجون الحافز على العمل وتجديد الإنتاج، وحتى لن تكون هناك حاجة للإنتاج ذاته. كثيرة هي المؤسسات الإنتاجية التي أغلقت أبوابها لعدم توافر الطلب على منتجاتها، وكثيرة هي الصناعات التي توقفت عن الإنتاج بسبب تحول أذواق المستهلكين عن منتجاتها. فدارة الإنتاج والاستهلاك أو كما تسمى أحياناً الدارة الاقتصادية المبسطة circuit simplifie تقوم على أساس وجود منتجين ومستهلكين مستقل بعضهم عن الآخر. يقوم المنتجون بإنتاج السلع والخدمات ويبيعونها للمستهلكين. وهذه الدارة المبسطة لم تعد موجودة في الواقع الفعلي إذ إن المنتجين يحتاجون إلى مدخلات وخدمات للقيام بعملية الإنتاج (أموال، مواد أولية، وقوة عمل) عليهم شراؤها من مالكيها ودفع أثمانها، كما عليهم من أجل إيصال سلعهم إلى السوق الاعتماد على موزعين للوصول إلى المستهلكين، وفي هاتين الحالتين يقومون بتوزيع مداخيل تتحول طلباً استهلاكياً على السلع والخدمات، فإذا توقفت الحركة في أحدى هذه المراحل لا تنغلق الدارة ولا يمكن، من ثم، تجديد عملية الإنتاج، فتتوقف العملية الإنتاجية ويتوقف النشاط الاقتصادي. وباعتبار أن المنتجين والموزعين ومالكي وسائل الإنتاج كلهم مستهلكون في ذات الوقت يمكن توسيع الدارة الاقتصادية المبسطة لتصبح كما في الشكل (1):


وكما يتضح من الشكل (1) فالدارة الاقتصادية في اقتصاد تبادلي تشتمل على حركة التدفقات المادية الفعلية وحركة التدفقات النقدية معاً، فمؤسسات الإنتاج توزع المداخيل ثمناً لخدمات الإنتاج عبر الموزعين وتتلقاها طلباً استهلاكياً على الخدمات والسلع المنتجة عبر الموزعين أيضاً، ولكي يتحقق استمرار عملية الإنتاج لابد من تحقيق التوازن بين الدخول الموزعة ثمناً لخدمات الإنتاج وبين الأثمان المدفوعة مقابل السلع والخدمات المنتجة. واختلال التوازن يقود إلى عرقلة اكتمال الدارة بكامل تدفقاتها مما يقود إلى الأزمة، كما أن الطريقة التي يتحقق بها هذا التوازن نحدد شكل تجديد الإنتاج البسيط أو الموسع.

الدارة الاقتصادية والتداول النقدي

كما يتضح من الفقرة السابقة تشتمل الدارة الاقتصادية على تيارين من التدفقات: تيار التدفقات النقدية ويتجه من الاقتصاد الأسري (القطاع العائلي) عبر الموزعين إلى المؤسسات الإنتاجية ليعود إليهم على شكل خدمات وسلع مادية جاهزة للاستعمال، في حين يتجه تيار التدفقات النقدية (ثمن خدمات الإنتاج) من المؤسسات الإنتاجية إلى المستهلكين ليعود إلى هذه المؤسسات على شكل نفقات يدفعها المستهلكون ثمناً للسلع المادية والخدمات الجاهزة. وفي الواقع لا تنغلق الدارة إلا إذا تحقق التوازن بين كتلة الدخول الموزعة وبين الطلب الاستهلاكي المتمثل بإنفاق الاقتصاد الأسري، وهنا يدخل التداول النقدي عاملاً رئيساً في إغلاق الدارة الاقتصادية وتجديد النشاط الاقتصادي.

في الاقتصاد الوطني يعادل الناتج المحلي الإجمالي (ن. م. ج) الاستهلاك (س) مضافاً إليه الاستثمار(ث). والدخل القومي (د) يتوزع بدوره إلى الاستهلاك (س) والادخار(ر) وحيث أن الدخل القومي مساوٍ للناتج المحلي الإجمالي فيكون الاستثمار(ث) مساوياً للادخار بالفرض. وتفترض النظرية الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة أن هذه المساواة تتحقق عبر التقلبات في أسعار الفائدة. بحيث أن المؤسسات المالية (النظام المالي) تقوم بجميع الادخارات عبر الودائع وتقوم بتحويلها إلى استثمار عبر القروض والتسهيلات. ويرى الاقتصاديون الكلاسيكيون الجدد أنه في حال زاد الطلب على الاستثمار عن الادخار يرتفع معدل الفائدة فيميل الادخار نحو الزيادة ويميل الاستثمار نحو الانخفاض حتى يتحقق التوازن بينهما. أما إذا انخفض الاستثمار عن الادخار يتجه معدل الفائدة إلى الانخفاض حتى يتحقق التوازن بين الاستثمار والادخار ولكن بحركة عكسية.

وهكذا يؤدي التداول النقدي وتوجيه الدخول نحو الادخار أو الاستهلاك دوراً مساعداً في تحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك وبالتالي في إغلاق الدارة كما في الشكل (2)، وتؤدي المؤسسات المالية دور الوسيط الحافز.

الدارة الاقتصادية والدارة المالية

الشكل (3)مراحل الدارة الاقتصادية

أعطى الاقتصاديون الكلاسيكيون الجدد للنظام المالي، كما يتضح من الفقرة السابقة، دوراً محايداً وكأنه يقتصر على تحويل الادخارات إلى استثمارات، بيد أن الواقع غير ذلك، فدور المؤسسات المالية والمصارف لا يقتصر فقط على إعادة استخدام الادخارات المودعة لديها بل يتعداه إلى خلق النقود وإيجاد مصادر تمويل إضافية في الاقتصاد الوطني. تضع النظرية الكينزية مسألة التمويل في صلب النشاط الاقتصادي، وبحسب أنصار هذه النظرية لا تتخذ قرارات الاستثمار في ضوء وفرة الادخارات أو مستوى أسعار الفائدة فقط، وإنما تتخذ في ضوء توقعات المؤسسات الإنتاجية فيما يتعلق بأحوال النشاط الاقتصادي والطلب المتوقع على المنتجات في إطار من عدم التأكد incertitude. فإذا توقع المنتجون ازدهاراً في الاقتصاد وتنامياً في الطلب زادوا من طلباتهم على الاستثمار لتمويل قراراتهم في التوسع وبالتالي تقوم المصارف بتمويل هذه الطلبات كما في الشكل (3).

فبعد أن يتخذ المستثمرون قراراتهم بالاستثمار في ضوء توقعاتهم المستقبلية، يتوجهون إلى المؤسسات المالية بطلبات التمويل لتنفيذ هذه القرارات وتبدأ الدارة المالية بمنح التمويل اللازم للمؤسسات الإنتاجية، وفي المرحلة الثانية تشتري المؤسسات الإنتاجية الخدمات الإنتاجية (المواد الأولية، والآلات،وقوة العمل) من أجل الدخول في عملية الإنتاج، ومن ثم تبيع المنتجات إلى الاقتصاد الأسري أو المستهلكين، فيتلقى الاقتصاد الأسري تدفقات مالية ينفق جزءاً منها للاستهلاك ويدخر الجزء الباقي، ويذهب الجزء المدخر ودائع إلى المؤسسات المالية أو يتحول استثماراً في سوق الأوراق المالية. وهكذا يتم إغلاق الدارة المالية لتعود الأموال إلى أصلها. ويلاحظ أن الادخار ينتج جزئياً عن الإقراض الذي منحته المؤسسات المالية، وبحسب الصيغة الكينزية فإن القروض توجد الودائع. وهكذا، خلافاً للدور المحايد الذي يعطيه الاقتصاديون الكلاسيكيون الجدد للتداول النقدي، فإن الكينزيين يرون في التمويل والإصدار النقدي عاملاً في تحقيق الدارة الاقتصادية وتنشيط الحياة الاقتصادية برمتها، ولا يمكن تفسير إغلاق الدارة الاقتصادية من دون الإقراض، أي من دون خلق النقود.

أعطى الاقتصاديون الكلاسيكيون الجدد للنقد دوراً خارجياً فقط exogene أي من دون تأثير على مستوى النشاط الاقتصادي المادي الحقيقي في حين يرى الكينزيون أن للنقد دوراً في تنشيط الحياة الاقتصادية وله تأثير داخلي بذاته endogene.

الدارة الاقتصادية الكاملة

في الفقرات السابقة تم الافتراض أن الادخار في الاقتصاد الأسري يساوي الاستثمار، ومن ثم تم إهمال دور الدولة في الإنفاق وفي الادخار، كما لم يؤخذ في الحسبان حالة نقص الادخار عن تلبية طلبات الاستثمار، كما لم يؤخذ بالحسبان أيضاً عجز النظام المالي في الاقتصاد الوطني عن توفير التمويل اللازم لتنفيذ طلبات المؤسسات الإنتاج،ية مما يقتضي اجتذاب الرأسمال من الخارج (التدفقات الرأسمالية الأجنبية). ولم تؤخذ في الحسبان حالة فائض الادخارات عن طلبات المؤسسات الإنتاجية، مما يعني ضرورة إيجاد فرص استثمارية لفوائض الادخارات في الخارج (تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج). في الواقع، إن النشاط الاقتصادي في أي بلد، في ظروف تطور القوى المنتجة المذهل وتسارع عولمة الاقتصاد، لا يمكن أن يتم بمعزل عن العلاقات الاقتصادية الدولية(العلاقات مع الخارج).

إن التصوير الواقعي للدارة الاقتصادية الكاملة يقتضي إدخال دور الدولة في تجميع جزء من الادخارات (الادخارات الإلزامية عن طريق الضرائب) وفي كيفية إنفاق الأموال التي تجمعها، إضافة إلى إدخال العلاقات مع الخارج (الصادرات والواردات وكذلك حركة رؤوس الأموال من أجل توازن ميزان المدفوعات)، وهكذا تتخذ الدارة الاقتصادية الكاملة صيغتها كما في الشكل (4).


إن الشكل (4) لا يتضمن سوى التدفقات النقدية المتوجهة باتجاه الأسهم من إحدى الفعاليات الاقتصادية agent économique إلى فعالية أخرى في الاقتصاد الوطني أو في الخارج. اتجاه السهم يعني خروج النقد (استخدام) من إحدى الفعاليات وفي ذات الوقت يعني دخول هذا النقد إلى فعالية أخرى (مصدر). ويلاحظ أن كل جماعة من فعالية واحدة (الدولة، المؤسسات، العالم الخارجي وغيرها) تتساوى مصادرها من النقد مع استخداماتها له، ومن خلال الأرقام الافتراضية الواردة في الشكل نلاحظ أن ميزانية الدولة تحقق فائضاً قدره 100(500+ 800-(1000+200) =100) يذهب إلى العمليات الرأسمالية. كما يلاحظ عجز في الميزان التجاري (الواردات - الصادرات) قدره 100 (500-400) يتم تعويضه بتدفق مالي من الخارج: قروض =100.

ويلاحظ أيضاً أن المؤسسات يجب أن تقترض من الفعاليات الأخرى (النظام المالي مثلاً الذي لم يدخل في الشكل) من أجل تأمين مصادر تمويل جزء من الاستثمار الإجمالي (2000) والذي لا تغطيه ادخاراتها الذاتية (600 ادخار+ 400 اهتلاكات) أي عليها أن تقترض من المؤسسات المالية أو من مستثمرين في سوق الأوراق المالية (1000) حتى يتم إغلاق الدارة ويتحقق التوازن بين ادخاراتها واستثماراتها. وإذا لم تلجأ هذه المؤسسات إلى استثمار ادخاراتها الخاصة (600) مباشرة بشكل تمويل ذاتي وقررت توظيفها في السوق المالية فإن عليها أن تقترض (1600) وفي الحالين تبقى المديونية الصافية للمؤسسات (1000).

وفي الحقيقة من دون تناغم كل الفعاليات الاقتصادية وتضافر جهودها بما يؤمن تحقيق التوازن بين المصادر والاستخدامات لا يتم إغلاق الدارة الاقتصادية وبالتالي لا يمكن تجديد النشاط الاقتصادي على أسس سليمة بل يكون الاقتصاد الوطني عرضة لاختلالات كبيرة قد تعرقل نموه. ومن هنا يبرز السؤال المهم حول الآلية التي يمكنها تحقيق هذا التوازن. فهل قوانين السوق وحدها تكفي، كما يرى الاقتصاديون الكلاسيكيون والليبراليون الجدد، أم لابد من تدخل الدولة كما يرى أنصار المذهب التدخلي بمن فيهم الكينزيون والاقتصاديون الماركسيون أيضاً.ref>الدارة الاقتصادية, الموسوعة العربية</ref>

المصادر