اللقاء في أونداي

Meeting at Hendaye
Meeting at Hendaye (en.wiki).jpg
Hitler and Franco at Hendaye station
البلد المضيف فرنسا ڤيشي
التاريخ23 October 1940
مكان الانعقادHendaye station
المدنHendaye
المشاركون

في اجتماع أو مقابلة أو مؤتمر هندايا التقى فرانسيسكو فرانكو بـأدولف هتلر بحضور وزيري خارجيتهما، رامون سيرانو سوينيير ويواخيم فون ريبتروپ. عُقد اللقاء في محطة القطار في بلدة هندايا الفرنسية، قرب الحدود الإسبانية-الفرنسية، في 23 أكتوبر 1940.

كان هدف المقابلة محاولة حل الخلافات حول الشروط الإسبانية لدخول الحرب إلى جانب قوى المحور. غير أنه بعد سبع ساعات من الاجتماع، ظل هتلر يعتبر المطالب الإسبانية مبالغًا فيها: استعادة جبل طارق (بعد هزيمة المملكة المتحدة)، والتنازل عن المغرب الفرنسي وعن جزء من الجزائر الفرنسية لصالح إسبانيا، إضافة إلى الكاميرون الفرنسي الذي يُضَمّ إلى مستعمرة غينيا الإسبانية؛ وكذلك إرسال إمدادات ألمانية من الغذاء والنفط والأسلحة للتخفيف من الوضع الاقتصادي والعسكري الحرج الذي كانت تعانيه إسبانيا. النتيجة الوحيدة للمقابلة كانت توقيع بروتوكول سرّي يلتزم فيه فرانكو بدخول الحرب في تاريخ يحدده هو بنفسه، على أن يضمن هتلر ــ على نحو مبهم فقط ــ أن تحصل إسبانيا على «أراضٍ في أفريقيا».[1][2]

كانت هذه المقابلة مشابهة لـمقابلة بوردغيرا التي عقدها فرانكو مع بينيتو موسوليني في بلدة بوردغيرا الإيطالية في 12 فبراير 1941.

الخلفية: رحلة سيرانو سوينيير إلى برلين

زيارة وزير الداخلية رامون سيرانو سوينيير إلى برلين، برفقة الجنرال أنتونيو ساغارْديا، حيث استُقبل من قبل هيملر.

في سبتمبر 1940 أرسل الجنرال فرانكو رامون سيرانو سوينيير إلى برلين ليتفق على شروط دخول إسبانيا الحرب إلى جانب المحور.[3] غير أن القيادة العليا الألمانية لم تشارك هتلر تفاؤله بشأن أهمية المساهمة الإسبانية في الحرب، نظرًا للأوضاع الاقتصادية والعسكرية المتردية التي كانت تعانيها البلاد؛ ووصفت الموقف الإسباني بأنه انتهازي — إذ حذّر الأدميرال كاناريس هتلر من أن «سياسة فرانكو منذ البداية هي عدم دخول الحرب حتى تُهزَم بريطانيا؛ لأنه يخشى قوتها» —. كما أبلغ غورينغ الـفوهرر أن ألمانيا لا تستطيع تلبية المطالب الإسبانية المرتفعة من الإمدادات والأسلحة.[4] وعلى أي حال، فإن نية هتلر، كما اعترف للجنرال فرانتس هالدر، كانت «أن نعد الإسبان بكل ما يريدون، بغض النظر عما إذا كان من الممكن الإيفاء بالوعود أم لا».[5]

وصل سيرانو إلى برلين في 16 سبتمبر لمناقشة دخول إسبانيا الحرب، بما يتجاوز «المحاولات العرضية السابقة»، كما أكد لـريبتروپ في أول مقابلة بينهما.[6] وخلالها قال له وزير الخارجية الألماني إنه إذا انتقل المغرب الفرنسي إلى إسبانيا، فيجب إقامة قواعد ألمانية في موغادور وأغادير مع الـhinterland المناسب، وكذلك في إحدى جزر الكناري،[7] — ثم أضاف ريبتروپ لاحقًا إلى طلبه مستعمرة غينيا الإسبانية —.[8] وكما علّق السفير فون شتوهرر، «لا يمكن لإسبانيا أن تتوقع منا أن نمنحها إمبراطورية استعمارية جديدة بفضل انتصاراتنا من دون أن نحصل على شيء في المقابل».[9] وهكذا، «كان سيرانو سوينيير يأمل أن يُعامَل حليفًا ذا قيمة، لكنه عومل كممثل لدولة تابعة». ومن ناحية أخرى، أخفى ريبتروپ عن سيرانو أن عملية "أسد البحر" — غزو بريطانيا — ستُعلَّق.[10]

في اليوم التالي اجتمع سيرانو مع هتلر، لكنه لم ينجح في انتزاع التزام صريح بأن المطالب الإسبانية في أفريقيا ستُلبّى مقابل دخول إسبانيا الحرب.[11][12] ومن ناحية أخرى، لم تُلبَّ المطالب الإسبانية بالحصول على الإمدادات (800 000 طن من القمح، و100 000 من القطن، و25 000 من المطاط، و625 000 من الأسمدة).[13]

أعلام ألمانيا واليابان وإيطاليا في السفارة اليابانية في برلين، سبتمبر 1940.

خلال إقامة سيرانو سوينيير في برلين، وُقِّع في 27 سبتمبر الميثاق الثلاثي بين ألمانيا النازية وإيطاليا واليابان، وقد حضر سيرانو مراسم التوقيع ضيفًا.[13] ورأى كل من الألمان والإسبان أن زيارة سيرانو سوينيير كانت فاشلة نسبيًا. «فالألمان كانوا يعتقدون أنه يطلب الكثير، وهو كان يرى أن هتلر يعرض القليل».[14] وفي 28 سبتمبر اجتمع هتلر مع الكونت تشيانو، وقال له إنه «لا يمكن المضي قُدمًا مع الإسبان دون اتفاقات دقيقة ومفصلة جدًا»، مشيرًا إلى التفاوت بين ما كان يطلبه فرانكو وما كان يمكنه تقديمه، فضلًا عن تشككه في أن يكون لدى فرانكو «الإرادة نفسها للعطاء كما للتلقي». وخلص إلى أنه، في ظل تلك الظروف، يعارض دخول إسبانيا الحرب «لأن كلفتها ستكون أكبر من قيمتها». وقد كرّر هذا الموقف أمام موسوليني خلال اللقاء الذي عُقد بينهما في برينيرو في 4 أكتوبر؛ ووافقه الدوتشي قائلاً: «إسبانيا تطلب كثيرًا ولا تعطي شيئًا». وكما يلاحظ پول پرستون، «لو أراد هتلر حقًا استمالة فرانكو إلى جانبه، لكان يسير جدًا أن يحقق ذلك بإرسال الإمدادات أو باتخاذ موقف أكثر سخاء تجاه طموحاته الاستعمارية».[15] في الأثناء، ظل الجنرال فرانكو متشبثًا بأمله في ضم المغرب الفرنسي إلى إسبانيا، وهو ما كان، بحسب سيرانو سوينيير، «رغبته الدائمة؛ العالم الذي تشكّلت فيه شخصيته كقائد عسكري كبير»، وذلك رغم تفاقم الأزمة الغذائية في إسبانيا.[16]

من جانبهم، كان البريطانيون مستعدين لتقديم تنازلات لتجنّب دخول إسبانيا الحرب. ففي 8 أكتوبر صرّح رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في مجلس العموم بأن بريطانيا ترغب في «رؤية إسبانيا تحتل المكانة التي تستحقها كقوة متوسطية عظمى وعضو وقائد في أسرة أوروبا والمسيحية»، وأنه يتفهّم حاجتها إلى البقاء على الحياد «لإعادة بناء حياتها الوطنية بكرامة ورحمة وشرف».[17] وقد أشارت الصحافة الإسبانية الخاضعة لسيطرة سيرانو إلى الخطاب، لكنها أغفلت الإشارات الخاصة بإسبانيا.[18]

فرانكو إلى جانب هاينريش هيملر في أكتوبر 1940.

أصبح تقارب الجنرال فرانكو المتزايد مع المحور واضحًا عندما عيّن في 16 أكتوبر سيرانو سوينيير وزيرًا للخارجية — بدلاً من الكولونيل خوان بيغبيدر الذي كان قد اتخذ موقفًا أكثر فأكثر ميلاً إلى بريطانيا، ما أثار استياء هتلر — وأقال الوزير الآخر «المتعاطف مع الإنجليز» لويس ألاركون دي لا لاسترا، الذي تولى حقيبته الصناعة والتجارة رجل الأعمال الفالانخي ديميتريو كارسيلير سگورا، الذي سيتولى تنفيذ برنامج تصدير المواد الخام إلى ألمانيا. وقد أثارت إقالة بيغبيدر مخاوف في بريطانيا من أن دخول إسبانيا الحرب بات وشيكًا. من جهته كتب موسوليني إلى هتلر أن تغيير الحكومة في إسبانيا «يُتيح لنا التأكد من أن النزعات المعادية للمحور قد أُزيلت أو على الأقل حُيِّدت».[19] وبعد أربعة أيام بدأ هيملر زيارته لإسبانيا للإشراف على التدابير الأمنية المتّخذة للقاء المرتقب بين فرانكو وهتلر في 23 أكتوبر.[17] وكان من أهداف الزيارة أيضًا تعزيز التعاون بين الشرطة الإسبانية والغيستاپو، وهو ما أُوكل إلى ملحق الأمن في السفارة الألمانية وضابط الـSS پاول ڤينتسر.[20]

المقابلة

توقعات فرانكو وهتلر

بحسب پول پرستون، ذهب فرانكو إلى هندايا «آملاً الحصول على مكافأة تناسب عروضه المتكررة بالانضمام إلى المحور»، ساعيًا إلى «الاستفادة مما اعتبره أفول الهيمنة الأنجلو-فرنسية التي أبقت إسبانيا في موقع تابع لأكثر من قرنين». أما هتلر، «فلم تكن لديه نية في أن يطالب فرانكو بأن تدخل إسبانيا الحرب فورًا»، ولم يكن مستعدًا لمنح فرانكو المغرب الفرنسي لأنه كان يرى أن فرنسا فيشي أقدر من إسبانيا الفرانكية على الدفاع عنه في وجه هجوم بريطاني. وفي اليوم التالي للقاء هندايا كان من المقرر أن يجتمع مع بيتان في مونتوا-سور-لو لوار. وفي الواقع، كما يوضح پرستون، «شكّل لقاء هندايا ومونتوا جولة استطلاعية لبحث إمكانية التوفيق بين تطلعات فرانكو وپيتان، ولمساعدة هتلر على تقرير استراتيجيته المستقبلية في جنوب-غرب أوروبا. كان الـفوهرر يدرك أن مستشاريه العسكريين والدبلوماسيين يرون أنه لا ينبغي إشراك فرانكو في الحرب». وقد قال له اثنان منهم: «إن الوضع الداخلي في إسبانيا متدهور إلى حدّ يجعل منها شريكًا سياسيًا عديم الجدوى. يجب أن نحقق أهدافنا الأساسية (جبل طارق) من دون مشاركتها الفعالة».[21]

وعليه، بدت المواقف متعارضة؛ إذ لم يكن من الملائم استراتيجيًا، في نظر هتلر، أن يغامر بإثارة عداء پيتان بسبب تفكيك الإمبراطورية الفرنسية، ولا إغضاب موسوليني الذي قد يرى في إسبانيا المُنعم عليها أكثر مما ينبغي منافسًا لطموحاته المتوسطية. وفي المقابل، كان نهج فرانكو السعي إلى انتزاع أكبر قدر ممكن من التنازلات مقابل أدنى مستوى من التورّط في الحرب.[22][23]

في عربة "إريكا"

هتلر وريبتروپ في اليوم التالي لمقابلة هندايا، خلال لقاء مونتوا مع المارشال بيتان.

وصل قطار هتلر الرسمي «إريكا» من باريس في الساعة 15:20. أما قطار فرانكو فوصل متأخرًا ثماني دقائق قادمًا من سان سباستيان (حيث كان فرانكو قد وصل بالسيارة من مدريد)، بسبب سوء حالة السكك الحديدية الإسبانية. وعندما نزل من العربة كان هتلر وفون ريبتروپ ينتظرانه عند أسفل السلّم. كان فرانكو يرتدي الزي العسكري مع قبعة ميدان، بينما ارتدى هتلر زي الحزب مع قبعة ذات شاشة. وقام البارون فون شتوهرر، السفير لدى إسبانيا، بتقديم الشخصيات، ثم استعرض الزعيمان معًا كتيبة الشرف من القوات الألمانية.

عُقدت المقابلة في عربة الصالون بالقطار الألماني. وعند الصعود أُبلِغ سفير إسبانيا في برلين أوخينيو إسبينوسا دي لوس مونتيروس بأن لا هو ولا فون شتوهرر سيشاركان في الاجتماع. وهكذا لم يحضر المقابلة سوى فرانكو وهتلر وفون ريبتروپ ورامون سيرانو سوينيير، والمترجمان: غروس عن الجانب الألماني وألفاريث دي إسترادا، بارون دي لاس طورّس، عن الجانب الإسباني.[24] ولم يُسمح حتى بحضور مترجم هتلر الرسمي پاول-أوتو شميت في العربة.

قدّم أدولف هتلر عرضًا مطولًا عن «النظام الأوروبي الجديد» الذي سيكون لإسبانيا فيه مكان، بشرط أن تشارك بفعالية في نصر المحور. وبعد أن انتهى، ألقى فرانكو بدوره عرضًا مطولًا. تحدّث عن المغرب والإمدادات، وسأل ما إذا كانت ألمانيا قادرة على إرسال 100 000 طن من القمح إلى إسبانيا.[25] وقد أجابه هتلر موضحًا أن طموحاته بشأن المغرب تتعارض مع حاجة ألمانيا إلى ضمان تعاون فرنسا فيشي، وبذلك تبددت تمامًا آمال فرانكو في تحقيق «فتح إقليمي كبير تقريبًا بلا تكلفة».[21]

وبحسب بعض المؤرخين المتعاطفين مع فرانكو، فإن الأدميرال ڤيلهلم كاناريس كان قد أكد للجنراليسيمو، من وراء ظهر هتلر، أن ألمانيا لن تربح الحرب. ومن جانب آخر، طرح فرانكو على الـفوهرر شروطًا شبه مستحيلة التحقيق، مثل تسليم المغرب الفرنسي، وهو ما كان يتعارض مباشرة مع مصالح فرنسا فيشي التي لم يكن هتلر يرغب في معاداتها، إلى جانب مطالبته بكميات من العتاد العسكري، وخصوصًا الجوي، لم يكن بوسع هتلر الاستغناء عنها. وقد دفعت قائمة المطالب الطويلة هتلر إلى أن يقول لاحقًا لموسوليني إنه «يفضّل أن يُنتزع منه ثلاث أو أربع ضروس على أن يكرر المقابلة».[26]

انتهت المقابلة في السادسة وخمس دقائق.[27] وأثناء مرافقة فرانكو إلى عربة الصالون في قطاره، قال لسيرانو سوينيير: «هؤلاء القوم يريدون كل شيء ولا يعطون شيئًا» — بينما علّق هتلر من جهته: «مع هؤلاء لا يمكن إنجاز شيء».[28] ثم عاد سيرانو إلى القطار الألماني ليلتقي ريبتروپ، وقال له إن «تصريحات هتلر فيما يخص المطالب الإقليمية الإسبانية كانت غامضة للغاية ولا تشكّل ضمانة كافية لنا».[29] ووفقًا لمترجم ريبتروپ، فقد «أخذ يلعن اليسوعي سيرانو والجبان ناكر الجميل فرانكو، الذي يدين لنا بكل شيء، والآن لا يريد الانضمام إلينا»،[30] كما أطلق هتلر بدوره الشتائم على «الخنزير اليسوعي» و«كبرياء الإسبان في غير محلّه»، وهو ما لا يثبت، في رأي پول پرستون، أن «هتلر وريبتروپ كانا يشتعلان غضبًا لأن البلاغة الماهرة لفرانكو وصهره كانت تكبح القوة الألمانية»، بقدر ما يدل على «ازدراء جرماني للمطالب الأنانية لـ"القائد" ومبالغته في وضع نفسه على مستوى الـفوهرر».[31]

البروتوكول السرّي

خلال اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية اتُّفق على إعداد بروتوكول سرّي. قدّم الألمان مسودة، لكن سيرانو سوينيير وفرانكو أعدّا بين الثانية والثالثة صباحًا نصًا جديدًا في قصر أييتي في سان سباستيان حيث عادا بعد المقابلة. حُمِل النص إلى هندايا على يد السفير الإسباني في ألمانيا، الجنرال أوخينيو إسبينوسا دي لوس مونتيروس، غير أن التعديلات المدخلة على النص الألماني لم يقبلها ريبتروپ، وهو ما أخفاه سيرانو عن فرانكو. وقد ألزم البروتوكول إسبانيا بالانضمام إلى المحور في تاريخ يُحدَّد «باتفاق مشترك بين القوى الثلاث»، على أن يتم ذلك بعد اكتمال التحضيرات العسكرية، الأمر الذي كان يعني عمليًا أن فرانكو هو الذي سيقرر موعد دخول الحرب. ومن جهته قدّم هتلر وعدًا حازمًا حول جبل طارق، لكنه كان شديد الغموض بخصوص قبول المطالب الإسبانية في شمال أفريقيا. وصلت ثلاث نسخ من البروتوكول السرّي إلى مدريد في 9 نوفمبر، وقّعها سيرانو سوينيير، وأُعيدت النسختان الألمانية والإيطالية عبر رسول خاص. وقد كتب غوبلز في مذكراته: «إن الـفوهرر لا يحمل رأيًا طيبًا عن إسبانيا وعن فرانكو. ضجيج كثير وقليل من الفعل. لا شيء متين. وعلى كل حال فهم غير مستعدين إطلاقًا للحرب. إنهم هيدالغوس لإمبراطورية لم تعد موجودة. أما فرنسا فمسألة أخرى. بينما بدا فرانكو غير واثق من نفسه، كان پيتان يبدو واثقًا هادئًا».[32]

يُرجَّح أن النسخة الإسبانية من البروتوكول السرّي قد أُتلفت بعد عام 1945. أما النسخة الألمانية فكان يُعتقد أيضًا أنها دُمِّرت، إلى أن كشف عنها وزارة الخارجية الأمريكية عام 1960. [بحاجة لمصدر]

وعليه، لم يكن الاجتماع فشلًا تامًا؛ إذ إن هتلر خرج من هندايا وفي حوزته وعد إسباني بالدخول في الحرب في وقت لاحق.[33] وترى بعض المصادر أنه لو مارس هتلر ضغطًا قويًا على إسبانيا، لكان من المرجّح أن ينجح، عاجلاً أم آجلاً، في حملها على دخول الحرب إلى جانب المحور. غير أنه، المثقل بقضايا أكثر إلحاحًا، غيّر خططه،[34] معتبرًا أن حوض البحر المتوسط ليس منطقة ذات أهمية توسعية كبرى بالنسبة إلى الرايخ الثالث، وأن عليه أن يتجنب النزاعات بين فرنسا فيشي وإيطاليا الفاشية في شمال أفريقيا. وعلى النقيض من ذلك، كان المشهد مختلفًا في أوروبا الشرقية، حيث كانت ألمانيا تملك بالفعل حلفاء (هنغاريا، رومانيا، سلوفاكيا) سيُجبَرون على التعاون مع الرايخ الثالث إذا امتدت الحرب إلى البلقان أو الاتحاد السوڤييتي، وهي ضغوط لم تكن إسبانيا تتعرض لها بفضل بعدها الجغرافي.

النتائج المباشرة

لم يتوصل هتلر وفرانكو إلى اتفاق صريح، ولذلك لم تدخل إسبانيا الحرب رسميًا. أما الخطوة الأكثر مباشرة لدعم المحور فتمثلت في يونيو 1941، حين دفع سيرانو سوينيير، الذي كان يواجه ضغوطًا داخلية من أوساط مؤيدة للنازية، باتجاه إرسال فرقة من المتطوعين الإسبان لدعم ألمانيا في غزو الاتحاد السوڤييتي.[35] وقد شُكِّك في مدى «تطوع» هؤلاء الجنود؛ فربما ذهب معظمهم مدفوعين بأفكار فرانكوية ومعاداة للسوفييت، مع أن بعض العسكريين المحترفين التحقوا بهم أيضًا (وأحيانًا، عندما يتقدّم ضابط متطوعًا، كان يسحب وحدته كلها معه). وقد زوّدت ألمانيا هذه الفرقة بالكامل بالأسلحة والزي. عُرفت باسم الفرقة الزرقاء، وخاضت القتال أساسًا على الجبهة الوسطى وحول لينينغراد.

كذلك سادت درجة كبيرة من التساهل، بل والتعاون أحيانًا، مع نشاط عملاء المحور، خاصة الألمان، في إسبانيا. وقد أتاح هذا التعاون للبريطانيين تنفيذ عملية "اللحم المفروم"، المشهورة بالرواية والفيلم الرجل الذي لم يوجد قط، من أجل تنفيذ إنزال صقلية بمقاومة ألمانية محدودة.

التلاعب بصور اللقاء

في أكتوبر 2006 خضعَت السلبيات الأصلية للصور التي التقطتها وكالة "إيفه" خلال المقابلة للفحص، وهي محفوظة في أرشيف الوكالة. وقد بينت هذه الفحوص أن ثلاثًا على الأقل من الصور التي نُشرت آنذاك قد خضعت لعمليات تعديل وتلاعب:[36][37]

  • استُبدل وجه فرانكو (الذي يظهر في السلبيات الأصلية وعيناه مغمضتان) بوجه مأخوذ من صورة أخرى التُقطت في مناسبة مختلفة، يظهر فيها وعيونه مفتوحة.
  • مُسحت «صليب النسر» الألماني الذي كان فرانكو يضعه، ووُضعت مكانه الميدالية العسكرية الإسبانية.
  • قُصّت صور هتلر وفرانكو ولُصقت فوق صورة أخرى لرصيف محطة هندايا، بحيث لا تظهر فروق الطول بينهما كما تظهر في السلبيات الأصلية.

عربة القطار SS-3 التي أقلّت الجنرال فرانكو

فيما يلي بعض البيانات البارزة عن عربة القطار SS-3 التي استخدمها فرانسيسكو فرانكو للذهاب إلى مقابلة هندايا والعودة منها:

  • 1929: صُنعت في الشركة الإسبانية لبناء السفن في سِستاو (بيثكايا).
  • 1929-1931: استُخدمت في تنقلات ألفونسو الثالث عشر الرسمية والخاصة داخل إسبانيا.
  • 23.10.1940: استُخدمت لنقل فرانكو من سان سباستيان إلى هندايا والعودة، بقيادة سائق قطار ومساعده، ابن إيرون، سالڤادور دومينغيث دومينغيث. وكان الصحفي سانتشيث ماثاس في مقصورة القيادة. عُقدت القمة في العربة الألمانية.
  • 1953: رينفي تعيد ترميمها تحت الملف TATO 1953 GR.
  • 1975: تطرحها رينفي في مزاد بسعر 1 000 000 بيزيتا لصالح ڤيثينتي دي غريغوريو، تاجر تحف من ثيوداد ريال، استخدمها مقرًا لجمعية صيد في مزرعته الخاصة على بعد 50 كلم من بالديپيـنياس. كانت تحمل على أحد جانبيها شعار إسبانيا مع النير والسهام، وعلى الجانب الآخر شعار وزارة الأشغال العامة.
  • نحو 1980: يشتريها مالك أرض من نابالكابايو (سوريا) لمزرعته.
  • 1984: تعيد الدولة شراءها من صاحبها عبر وسيط خردة، يتقاضى من رينفي، عينًا، 150 طنًا من الخردة الحديدية، تُقدَّر قيمتها بنحو مليوني بيزيتا، ويسلّم العربة إلى رينفي، التي تخصّصها للمتحف الوطني للسكك الحديدية، بإدارة خوليو ألفاريث، شرط أن تعيد إحدى الشركات الفرعية لرينفي، وهي مصلحة الاستغلال الحرجي في محطة سوريا، برئاسة أنطونيو أيالا، ترميمها في مدينة سوريا. ولأجل ذلك جرى سحبها بسرعة 50 كلم/ساعة بين بالديپيـنياس وسوريا. توقّف مشروع الترميم بعد وقت قصير بسبب نقص التمويل، وتُركت العربة في العراء، مغطاة بمشمع، على السكة 14 في محطة سوريا-كانيولو. وقد اتخذها متشرّد مسكنًا له.
  • 1997: نُقلت إلى ألماسان. تسلّمتها جمعية ADEMA، برئاسة ماريـسا مونيوث، على سبيل الأمانة، وأنشأت لها عنبرًا في محطة Almazán-Dehesa، وشرعت في ترميمها ضمن مدرسة-ورشة بلدية من 2004 إلى 2006 بتمويل قدره 282 681 يورو من حكومة قشتالة وليون، و23 ألفًا أخرى من ADEMA نفسها.
  • 2007: توقّف الترميم مجددًا لنقص التمويل. وجرى طرح مشروع، لم يتحقق قط، وضعه العمدة خوسيه أنطونيو دي ميغيل، لإنشاء متنزه موضوعاتي للسكك الحديدية في ألماسان تكون العربة SS-3 قطعتَه الرئيسة.

انظر أيضاً

المراجع

الحواشي

  1. ^ Moradiellos 2000, p. 66.
  2. ^ Payne 1997, p. 30.
  3. ^ Preston 1998, p. 470.
  4. ^ Preston 1998, p. 469.
  5. ^ Preston 1998, p. 471.
  6. ^ Preston 1998, pp. 472-473.
  7. ^ Suárez Fernández 2011, pp. 177.
  8. ^ Preston 1998, p. 474.
  9. ^ Preston 1998, p. 479.
  10. ^ Preston 1998, p. 473.
  11. ^ Suárez Fernández 2011, pp. 176-177.
  12. ^ Preston 1998, p. 475.
  13. ^ أ ب Suárez Fernández 2011, p. 179.
  14. ^ Preston 1998, p. 481.
  15. ^ Preston 1998, pp. 482-484.
  16. ^ Preston 1998, pp. 484; 486.
  17. ^ أ ب Suárez Fernández 2011, pp. 176.
  18. ^ Preston 1998, p. 487.
  19. ^ Preston 1998, pp. 487-489.
  20. ^ Preston 1998, pp. 489-490.
  21. ^ أ ب Preston 1998, pp. 490-491; 493.
  22. ^ Hemeroteca. Edición del jueves 24 de octubre de 1940. La Vanguardia.
  23. ^ Javier Tusell, Historia de España en el siglo XX, vol.III, pp. 63-64, Ed. Taurus, Madrid, 1999.
  24. ^ جريدة Arriba، 24 أكتوبر 1940.
  25. ^ Vidal, César Enigmas de la historia: «¿Qué sucedió en la entrevista de Hendaya?» Archive copy at the Internet Archive Libertad Digital.
  26. ^ "Hitler Stopped by Franco - Conservative Monitor". Archived from the original on 7 أكتوبر 2008. Retrieved 4 مايو 2007.
  27. ^ Preston 1998, p. 492.
  28. ^ Preston 1998, p. 494.
  29. ^ Suárez Fernández 2011, p. 183.
  30. ^ Suárez Fernández 2011, pp. 184-185.
  31. ^ Preston 1998, p. 496.
  32. ^ Preston 1998, pp. 494-495; 497-498; 503-504.
  33. ^ Javier Tusell, Historia de España en el siglo XX, vol.III, p. 64, Ed. Taurus, Madrid, 1999
  34. ^ La Aventura De La Historia
  35. ^ Ibáñez Hernández, Rafael "Españoles en las trincheras: la División Azul", Payne y Contreras
  36. ^ «Las fotos trucadas de Franco y Hitler.» 17 de octubre de 2006. El País.
  37. ^ «Salen a la luz dos nuevas fotografías trucadas de Franco con Hitler en Hendaya.» 17 de octubre de 2006. El Mundo.

المراجع البيبليوغرافية

وصلات خارجية