الكامل في احاديث لا يُقتل حرٌ بعبد قصاصا وإن قتله عامدا وعورة الأمة المملوكة من السرة إلي الركبة / 250 حديث


سلسلة الكامل / 82 / الكامل في أحاديث لا يُقتل حر بعبد قصاصا وإن قتله عامدا ، وعورة الأمة المملوكة من السرة إلي الركبة ، وباقي الأحكام التي تختلف بين الحر والعبد / 250 حديث


يقول المؤلف : بعد كتابي الأول ( الكامل في السُّنن ) ، أول كتاب علي الإطلاق يجمع السنة النبوية كلها ، بكل من رواها من الصحابة ، بكل ألفاظها ومتونها المختلفة ، من أصح الصحيح إلي أضعف الضعيف ، مع الحكم علي جميع الأحاديث ، وفيه ( 60.000 ) أي 60 ألف حديث ، آثرت أن أجمع الأحاديث الواردة في بعض الأمور في كتب منفردة ، تسهيلا للوصول إليها وجمعها وقراءتها .


في الكتاب السابق رقم 50 / ( الكامل في أحاديث كان النبي يخيّر المشركين بين الإسلام والقتل ، فمن أسلم تركه ومن أبي قتله ، ونقل الإجماع علي ذلك ، وأن ما قبل ذلك منسوخ ) ، وفيه ( 300 ) حديث و( 50 ) أثر ،


ثم الكتاب رقم 51 / ( الكامل في أحاديث شروط أهل الذمة وإيجاب عدم مساواتهم بالمسلمين ، وما تبعها من أقاويل ونفاق وحروب ) ، وفيه ( 900 ) حديث ،


فكان مما فيهما من أحاديث أن هؤلاء المشركين المقتولين ، أو الكتابيين المخالفين لما فرض عليهم النبي من شروط ، حكم فيهم النبي بالقتل وأخذ أموالهم غنائم ونسائهم وأطفالهم سبايا ،


ثم جمعت الأحاديث الخاصة بأخذ النساء والأطفال ضمن الغنائم في كتاب رقم 80 / ( الكامل في أحاديث اغزوا تغنموا النساء الحسان ، ومن لم يرض بحكم النبي قال لأقتلن رجالهم ولأسبين نساءهم وأطفالهم ، وأحاديث توزيعهم كجزء من الغنائم كالمال والمتاع ) ، وفيه ( 300 ) حديث ،


ثم تبعته بكتاب رقم 81 / ( الكامل في أحاديث نقل العبد من سيد إلي سيد أفضل في الأجر وأعظم عند الله من عتقه ، ونقل الإجماع أن عتق العبيد ليس بواجب ولا فرض ) ، وفيه ( 950 ) حديث ،


ثم آثرت أن أتبعه بكتاب في الأحاديث التي فيها بيان الأحكام التي تختلف بين الحر والعبد ، وهي :


_(1)_ أحاديث لا يُقتل حر بعبد قصاصا وإن قتله عامدا وإنما عليه غرامة مالية فقط

_(2)_ أحاديث استعباد المولود الذي تلده الأمة المملوكة من غير سيدها


_(3)_ أحاديث جواز إقامة السيد العقوبات والحدود علي عبده

_(4)_ أحاديث عورة الأمة المملوكة ما بين السرة والركبة بخلاف عورة الحرة


_(5)_ أحاديث لا يجاهد العبد إلا بإذن سيده

_(6)_ أحاديث رد العبد إلي سيده إذا أسلم السيد ثم أسلم العبد


_(7)_ أحاديث من تولي غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه عملا ، وأن المولي يرث من مال سيده إذا مات ، ويأخذ السيد مال العبد إذا مات .


_(8)_ أحاديث اختلاف طلاق وعدة الأمة عن الحرة

_(9)_ أحاديث ليس علي السيد زكاة فيما عنده من عبيد


_(10)_ أحاديث ليس للعبد سهم معلوم من الغنائم ، وإنما يحذيه الأمير بعض المال

_(11)_ أحاديث جواز رد العبد خلال ثلاثة أيام بعد شرائه

_(12)_ أحاديث أيما عبد أبق / هرب من سيده فهو كافر ، وحلال الدم عند بعضهم


_(13)_ أحاديث لا يقام حد القذف علي السيد إن قذف عبده بالزنا ولا يقام القصاص في التعذيب وقطع أعضاء الجسم إذا فعل السيد ذلك في عبده


_(14)_ أحاديث أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر ونكاحه باطل

_(15)_ أحاديث مال العبد ملك لسيده ، وليس بين العبد وسيده ربا


_(16)_ أحاديث اشتراط إسلام العبد حتي يجوز عتقه إن شاء سيده

_(17)_ أحاديث لا يقام حد السرقة علي العبد إن سرق من مال سيده أو من الغنائم قبل تقسيمها إلا إن تكرر ذلك


_(18)_ أحاديث لا تجوز شهادة العبد علي الحر وتجوز شهادة العبيد علي بعضهم

_(19)_ أحاديث لا ملاعنة بين الزوجين إذا كان أحدهما عبدا ، ولا يمين للعبد علي سيده


_(20)_ أحاديث لا يقام حد الزني إن زني الرجل بجارية غيره لكن يأخذها له ويعطي صاحبها جارية أخري بدلا منها


_(21)_ أحاديث ليس علي العبيد صلاة الجمعة وإنما صلاة الظهر إلا أن يأذن له سيده

_(22)_ أحاديث إن كانت المرأة وزوجها عبيدا ثم تم عتق المرأة فهو طلاق بينهما إلا أن تشاء أن تبقي مع زوجها وهو عبد


_(23)_ أحاديث النهي عن زواج الأمة علي الحرة

_(24)_ أحاديث جواز عزل السيد عن الأمة إن أراد ألا ينجب منها أبناء حتي وإن لم ترض هي بذلك

_(25)_ أحاديث اختلاف دية العبد عن دية الحر


_ وفي الكتاب ( 250 ) حديث .


ثم ذكر المؤلف اتفاق الأئمة والفقهاء علي هذه الشروط .


-------------------


وهذا ما دعي البعض للكلام في بعض هذه الأمور :


__ قال البعض متسائلا أن أكثر هذه المسائل إن لم يكن كلها مبني علي أن العبد ليس مساويا للحر في أي شيء ، ولا حتي في روحه ، إذ أن السيد المالك أو غيره ممن كان حرا إن قتل عبدا عامدا متعمدا فلا يُقتل به قصاصا لأن المقتول عبد وإنما عليه غرامة مالية فقط ، بخلاف إن كان المقتول حرا فالقصاص واجب لازم .


__ قال البعض متسائلا عن مسألة أن الأصل في المولود من الأمة المملوكة يكون عبدا ، أي إن كانت حاملا من زوجها قبل أن تقع في السبايا ، ثم وقعت في السبايا وتم توزيعها في نصيب أحد الرجال المسلمين ثم وضعت حملها ، فهذا المولود عبد لسيده اتفاقا ،


فهذا صار عبدا من قبل أن يولد بناء علي أن أمه مملوكة ، ولا يختلف ذلك حتي وإن كان أبوه الأصلي حرا ، وهذا لا خلاف فيه ، فجعل بهذا أن الأصل فيه العبودية وليس الحرية .


_ قال البعض متسائلا حول اختلاف عورة الأمة عن الحرة ، فعورة الحرة جسدها كله سوي الوجه والكفين اتفاقا ، وفي الوجه والكفين خلاف ، أما في الأمة المملوكة فعورتها ما بين سرتها وركبتها ، وقال بعضهم ظهرها أيضا عورة ، وعلي هذا أو ذاك فالاتفاق قائم أن عورتها ليست كعورة الحرة إطلاقا ،


وحينها قيل إن كان الحجاب مفروضا علي الحرة من أجل العفاف ، فهل نفيه عن الإماء يعني أنه ليس لهن عفاف أو ليس مطلوبا منهن نفس القدر من العفاف كباقي النساء ،


ويقال أيضا إن كان الحجاب مفروضا لمنع الرجال من النظر إلي شيء من جسد المرأة ، فهل نفيه عن الإماء يعني أنه أباح النظر لهن كيفما شاء الناظر ،


ويقال أيضا إن كان الحجاب مفروضا علي الحرة لإعانة الرجال علي غض أبصارهن عنهن ، فهل نفيه عن الإماء يعني أن ليس علي الرجال غض أبصارهم عنهن .


_ قال البعض متسائلا حول اختلاف دية العبد عن الحر ، وعلي أي قيمة تكون بحسب اختلافهم إلا أنهم متفقون أنها ليست كدية الحر ، وحينها يقال لماذا تختلف الديات في أرواح الناس بناء علي أن هذا حر وهذا عبد .


__ قال البعض متسائلا حول اختلاف عدد تطليقات الأمة المملوكة عن الحرة ، واختلاف مدة العدة بين الحرة والأمة ، فمعلوم بداهة أن أجسادهن لا تختلف سواء كانت حرة أو أمة ، وحينها يكون التساؤل عن العلل حول هذا التفريق بناء علي كون المرأة حرة أو أمة مملوكة .


__ قال البعض متسائلا حول أن العبد ليس له نصيب معلوم من الغنيمة ، فمعلوم أن في توزيع الغنائم يكون لكل مشارك نصيب وسهم معلوم إن كان حرا ، أما العبد فليس له من الغنيمة شيء وإنما يعطيه الأمير بعض المال مقابل مشاركته ، وحينها يقال ألم يشارك ويقاتل مثله مثل غيره ، فلم لا يقع التوزيع بيناء علي مشاركته مثله مثل غيره .


__ قال البعض متسائلا حول مسألة أن مال العبد مال سيده وليس للعبد من ماله شيء ، وإن باع السيد المالك عبده أو أعتقه فالمال يعود للسيد المالك ويخرج العبد مفلسا ، وحينها يقال لِم لَم يكن للعبد ذمة مالية مستقلة ، أو نسبة معلومة مما يعمل ويكد ويأتي به من مال بدل أن يكون كل شيء ملك لسيده بناء علي أنه كله هكذا بنفسه وماله ملك لسيده .


__ قال البعض متسائلا حول منع حد القذف بالزني إن كان القاذف حرا والمقذوف عبدا ، أليس للعبد نفس ينبغي صونها عما يشينها مثله مثل غيره ، فإن كان حد القذف قائما لازما إن كان المقذوف حرا فلم لا يكون المثل إن كان المقذوف عبدا أيضا .


__ قال البعض متسائلا حول عدم إقامة حد القصاص في المثلة إن كان الذي تم تعذيبه أو قطع جزء من جسده عبدا ، قائلين أليس بشرا مثله مثل غيره حرا أو عبدا ، فلم لا يتم التعامل معه في مسائل القصاص مثله مثل غيره دون التفريق المبني علي كونه عبدا ،


لكن قال البعض أن من عذب عبده أو قطع شيئا من جسده فعليه عتق العبد ، فهذا العتق في الحقيقة ليس للوجوب وإنما علي الاستحباب عند الجمهور ، جاء في موسوعة الفقه الكويتية ( 29 / 269 ) : ( ذهب جمهور الفقهاء أن من مثَّل بعبده لا يعتق عليه ) ، أي أن هذا العتق أيضا في الحقيقة ليس واجبا علي السيد وجوبا حتميا قولا واحدا ،


وقيل أيضا أن هذا ليس في حقيقة الأمر عتقا للعبد كون العبد مستحقا لذلك في ذاته وإنما عقوبة للسيد ، فالعبد هو هو قبل أن يفعل به ذلك سيده فلم يأمر النبي بعتقه ، وإن لم يفعل فيه ذلك سيده لظل عبدا حتي يموت ،


ولتوضيح ذلك أكثر افترض أن رجلا استلف منك مالا ثم أتي فقطع يدك أو اغتصب ابنتك أو قتل ابنك فهل يصح أن يقال سيدفع لك ما استلفه منك من مال ولا عقوبة عليه ؟ بالطبع لا بل عليه العقوبة وعليه أن يرد المال الذي استلفه أيضا ، أما إن قيل سيرد المال وفقط وانتهي أو سيرد المال مع بعض الزيادة ، فصار كأن شيئا لم يكن أو كأنه أمرٌ هيّن يزول بالتعويض ببعض المال .


__ قال البعض متسائلا حول كون العبد عاهرا وزواجه باطل إن لم يأذن له سيده في هذا الزواج ، قائلين أن العبد بهذا صار كقطعة جماد مملوكة تماما لسيده ، ولا يمكنه حتي أن يتزوج زواجا سليما صحيحا إلا أن يأذن له سيده .


__ قال البعض متسائلا حول مسألة اشتراط أن يكون العبد مسلما إن أراد سيده أن يعتقه ، وهذا علي الأقل قول الجمهور ، ولا يمكنك أن تنكر علي من أخذ بقول الجمهور أو تقول له أخذت بشئ ليس من الإسلام كليا ،


وهذا يعني أن من لم يكن مسلما فسيظل عبدا دائما وأبدا ، وإن كان مسالما طول عمره ، وإن أراد أن يصير صالحا للعتق فعليه أن يدخل الإسلام ، لذا قيل أن هذا زيادة في تثبيت ملك العبد لسيده ، وهذا أيضا من الأمور التي قيل أنها من أسباب النفاق ، إذ في مثل هذه الحالات كان العبد يسلم طمعا في الخروج من العبودية لا حبا في الإسلام أو قناعة به .


__ قال البعض متسائلا حول مسألة منع قبول الشهادة إن كان الشاهد عبدا ويشهد علي حر ، ومقبولة إن كان يشهد علي عبد ، إذ قيل إن كانت العبرة بالصدق فلم لا تكون مقبولة علي الحر والعبد ، ولا تكون مقبولة علي الحر والعبد سواء ،


إذ التفريق في ذلك مبني علي كون الشاهد عبدا فقط وإن كان من أصدق الناس ، بل وإن كان راويا من رواة الحديث النبوي فروايته مقبولة وإن كان عبدا ، لكن حين الشهادة في المعاملات والقضايا تصير شهادته غير مقبولة .


__ قال البعض متسائلا حول العزل عن الأمة المملوكة حتي لا ينجب منها سيدها أولادا ، حتي وإن لم ترض هي بذلك ، وهذا محل اتفاق بين الأئمة والفقهاء ، فصارت كالمعلقة لا هي تستطيع أن تتزوج رجلا آخر لتنجب أبناء لها ، ولا هي تستطيع أن تنجب أبناء من سيدها ، ولا سيدها أعتقها ثم تزوجها أو تركها ليتزوجها رجل آخر ،


وليس للعزل حد أو زمن مقدر معين ، فإن عزل عنها سنة وسنتين وخمسا وعشرا وعشرين فلا يمكن لأحد أن يقول له لقد فعلت حراما أو أنه ظلمها ، فهي عند الكل أمة مملوكة له ، يحل له التصرف فيها كيف شاء ، وأقصي ما في المسألة أن سيبيعها لرجل آخر .


__ قال البعض متسائلا حول أن العبد يصير مولي بعد عتقه ، ومعني ذلك أن قبل العتق يقال هو عبد لفلان ، وبعد العتق يقال هو مولي لفلان ، فهو دائما وأبدا منسوب إلي سيده أو من قام بعتقه ، وإن انتفي من هذه النسبة يصير ملعونا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجميعن ،


فتساءل البعض لم لا يصير المرء بعد العتق كأي أحد آخر ، أي حرا وكفي ، دون أن يقال فلان عبد لفلان وهو مولي لفلان ، أو يكون له الخيار إن أراد أن يبقي مولي لهم أو يصير حرا مثله مثل غيره .


__ قال البعض أن بعض الناس كان يملك عبيدا ، لكن أجاب البعض عن ذلك قائلين دعنا نسلم بهذا فحينها ببساطة يمكن الإنكار عليهم ومجابهتهم ، أما حين يُقال لك هذا أمر الله ومن لم يرض به كفر وخُلد في الجحيم فهذا أمر مختلف تماما ولا يمكنك ببساطة أن تقول لا أرضي بهذا ،


هذا بخلاف أن المسألة التشريعية الدينية لا تُبني علي عادات الناس ، وإلا صار عادة أو تقليدا وليس دينا ، وهذه الخمر لما نزل تحريمها أمر النبي بإهراقها حتي الخمور التي كانت لأيتام ، ومن لم يرض بالامتناع عنها أمر النبي بقتله ، نعم نُسخ هذا بعد ذلك إلي الجلد ، إلا أن هذا يبين إلي أي مدي أو حد صار الأمر حين يأمرهم بالامتناع عن شيء ولا يستجيبون .


__ قال البعض متسائلا أن بعض هذه المسائل أعطي مبررا لبعض الناس في التفريق بين الحر والعبد في مسائل أخري عامة مثل التعليم وأمور الحياة عموما قائلين إن كان الله سبحانه فرّق بينهم في أمور كبري مثل هذه ولم يجعلهم سواء حتي في أرواحهم حين نفي القصاص إن كان المقتول عبدا ، فلم تنكرون علينا حين فرّقنا بينهم في أمور هينة صغيرة مقارنة بمثل ذلك .


__ وعلي كل فلعل في المسألة مزيد تمحيص وبحث ونظر وإنزال علي مواقف مخصوصة وأوقات مخصوصة ، وإن السلام اسمٌ من أسماء الله سبحانه ، فما وافقه فبه ونعمت ، وما خالفه فردٌ أو تأويل ، وإنا نحمد الله أن صار الأمر محرما دوليا حتي لا يطيل ناظرٌ في نظر أو متأولٌ في تأويل ، والله ولي التوفيق .


سلسلة الكامل / 82 / الكامل في احاديث لا يُقتل حر بعبد .............................