الكامل في احاديث إباحة التألّي علي الله وأحاديث النهي عنه والجمع بينهما / 70 حديث


سلسلة الكامل / 70 / الكامل في أحاديث إباحة التألّي علي الله ، وأمثلة من تألّي الصحابة علي الله أمام النبي ، وأحاديث النهي عنه والجمع بينهما / 70 حديث


يقول المؤلف : بعد كتابي الأول ( الكامل في السُّنن ) ، أول كتاب علي الإطلاق يجمع السنة النبوية كلها ، بكل من رواها من الصحابة ، بكل ألفاظها ومتونها المختلفة ، من أصح الصحيح إلي أضعف الضعيف ، مع الحكم علي جميع الأحاديث ، وفيه ( 60.000 ) أي 60 ألف حديث ، آثرت أن أجمع الأحاديث الواردة في بعض الأمور في كتب منفردة ، تسهيلا للوصول إليها وجمعها وقراءتها .


وفي هذا الكتاب آثرت أن أجمع الأحاديث الواردة في مسألة التألي علي الله ، إذ ورد فيها أحاديث بإباحتها ، وأحاديث بالنهي عنها ، فآثرت جمعها والنظر في طرق الجمع بينها ،


__ أحاديث إباحة التألي علي الله :


_(1)_ أحاديث أن الصحابة لما رجموا ماعز رجما بحد الزني قال بعض الصحابة قبِل الله توبة ماعز ، وقال آخرون هلك ماعز لقد أحاطت به خطيئته ، ولم ينكر عليهم النبي حتي أنزل الله عليه بعد يومين أنه قبل توبة ماعز ، والحديث في صحيح مسلم وغيره ،


والشاهد فيه أن النبي لم ينكر عليهم قولهم هلك ماعز أحاطت به خطيئته ، فلم يقل لهم لا تتألوا علي الله وما أدراكم به بعد موته ،


ولم يقل لهم لقد تاب والتوبة تمحو ما قبلها ،

ولم يقل لهم لقد أقيم عليه الحد والحدود كفارة لأهلها ،


ولم يقل لهم هو في مشيئة الله ولا شأن لكم به ،

ولم يقل لهم لا تتألوا علي الله ،


ولم يقل لهم الرجل كان صالحا وإنما هي كبيرة واحدة ،

ولم يقل لهم أي شيء في ذلك حتي أنزل الله عليه أنه قبل توبة ماعز .


_(2)_ أحاديث قول النبي حيثما مررت بقبر كافر فبشّره بالنار ، وهذا أبلغ وأكثر من مجرد عدم الاستغفار لمن مات علي الكفر أو علي غير الإسلام ، إذ لا معرفة للمرء بصاحب القبر الذي يمر عليه ، ولا معرفة بمدي بلوغ الحجج إليه ، ومع ذلك أمرهم النبي بمثل ذلك .


_(3) أحاديث قول النبي ما أتيت عليه من قبر عامري أو قرشي من مشرك فقل أرسلني إليك محمد فأبشر بما يسوؤك تجر علي وجهك وبطنك في النار ، والشاهد فيه كالذي قبله بل وأكثر .


_(4) أحاديث قول بعض الصحابة لمن يقتلون من الكفار عجلناكم إلي النار ، ولم ينكر عليهم النبي ، والشاهد فيه أن ذلك إخبار بما يكون في الآخرة من نعيم أو عذاب ، وهذا هو أصل معني التألي .


_(5)_ أحاديث قول عمر بن الخطاب في بعض الغزوات والنبي بجنبه يسمعه ( قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ) ، وهذا يصلح للاستئناس في المسألة كونه حكم علي ما بعد الموت ، وإنما أقول يصلح للاستئناس إذ يمكن أن يقال أن قتلانا من المسلمين عموما في الجنة ، وقتلاكم من الكفار عموما في النار .


_(6)_ أحاديث أن رجلا اشتكي للنبي من جاره فقال اطرح متاعك في الطريق ، فكان الناس يمرون به فيقولون لعن الله هذا الجار ، وهذه أحاديث تصلح للاستئناس وربما الاستشهاد في المسألة إذ فيها إباحة اللعن المباشر لمن صدر منه ما يستحق اللعن عليه ، ولم يقل لهم النبي لا تلعنوا أحدا مطلقا ، واللعن في أصله الطرد من رحمة الله .


_(7)_ أحاديث أن بعض المشركين شغل النبي عن صلاة العصر ، فقال ( ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا ) ، وهذه أحاديث تصلح للاستئناس في المسألة إذ شغلوه عن صلاة واحدة فقال هذا ، وفيه أنه دعا عليهم أن يملأ لا أجوافهم فقط بل وقبورهم نارا ، إلا أنها عندي تصلح للاستئناس في المسألة لا الاستشهاد .


_(8)_ أحاديث أن النبي نهي أن يقول المسلم للمسلم يا كافر ، وإن قالها رجعت عليه إن لم يكن من قيلت له كافرا ، وهذه أحاديث تصلح للاستئناس وربما الاستشهاد في المسألة إذ فيها أنه لم ينهي عن إطلاق الكفر بالكلية ، بل حذر من إطلاقه علي من لا يُعرف منه كفر ببينة واضحة ،


وعلي هذا تتابع الصحابة والتابعون والأئمة والفقهاء جميعا بلا استثناء ، فكلهم حكموا علي بعض الناس بأعيانهم بالكفر بعد التثبت ، وكلهم أقاموا حد الردة علي بعض الناس ، والمراد هنا أنهم أطلقوا ذلك الحكم علي بعض الناس ، وقتلوا بعض الناس بناء علي حد الردة ،


وبنوا علي ذلك كامل أحكام الكفر مثل عدم الصلاة عليهم وعدم الاستغفار لهم إلي آخر هذه الأحكام ، وإن كان هذا ليس تأليا مباشرا لقيام البينة علي الكفر ، لكنه يصلح في المسألة لأن التألي أيضا قائم بناء علي بينة ، كما فعل الصحابة مع ماعز بعد رجمه كما سبق .



__ أحاديث النهي عن التألي علي الله :


_(1)_ أحاديث لا تتألوا علي الله

_(2)_ أحاديث من تألي علي الله كذّبه الله


_(3)_ أحاديث أن رجلين متآخيين من بني إسرائيل أحدهما مجتهد والآخر مذنب ، فقال المجتهد للمذنب لا يغفر الله لك ، فأحبط الله عمله .


__ الجمع بين الأحاديث في المسألة :


_ الجمع بينهما ميسور بلا إشكال ، ويمكن ملاحظته بحديث ماعز وحديث الرجلين من بني إسرائيل ، ففي حديث الرجلين أخبر النبي أنهما كانا متآخيين ، والنبي يقول ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) ، فهذا يبين أنهما كانا صالحين وإنما وقع أحدهما في الصغائر أكثر من الآخر ،


أما حديث ماعز وباقي الأحاديث المشابهة له فورد في كبيرة من الكبائر مثل الزني ، وليس في الصغائر ، والصغائر تكفّرها الصلاة والصيام والصدقة وغيرها من أعمال الخير ، أو وردت في من مات علي الكفر ، وبذلك يصير لكل فئة من الأحاديث منفذا دون نفي أي منهما أو تعطيلها ،


أما قوله في الحديث ( وأحبطت عملك ) أي عمل المتألي ، فالمراد عمله هذا في الإنكار علي صاحبه ، وليس عمله كله ، ومن قال عمله كله فهذا محض توهم منه أو كذب محض ليزيد في تحذير الناس من الأمر حسب ما يري ، ولم يرد ذلك في أي حديث لا لفظا ولا معني .


_ وفي الكتاب ( 70 ) حديث .


سلسلة الكامل / 70 / الكامل في احاديث إباحة التألي علي الله ...............................