الصحابة المعتزلون للقتال في الفتنة

تباين مواقف الصحابة من القتال في الفتنة :

لما قتل الخليفة عثمان بن عفان –رضي الله عنه – اختلف الصحابة في أمر قتلته ، فطائفة طالبت الخليفة الجديد : علي بن أبي طالب-رضي الله عنه – بالإسراع في الاقتصاص من هؤلاء القتلة ،و طائفة ثانية طالبت عليا بالاقتصاص من القتلة و جعلته شرطا لمبايعته ، و طائفة ثالثة وافقت هؤلاء في ضرورة الاقتصاص من قتلة الخليفة الشهيد ، لكنها كانت ترى ضرورة تأخيره حتى تتهيأ الظروف لتنفيذه . فالطائفة الأولى مثّلها الصحابيان : طلحة بن عبيد الله ،و الزبير بن العوام –رضي الله عنهما – و كانا قد طلبا من علي أن يعينهما واليين ليجمعان له العساكر فلما لم يستجب لهما ، التحقا بمكة المكرمة و بها استنفرا الناس و جمعوهم للمطالبة بدم الخليفة الشهيد المقتول ظلما و عدوانا . و الطائفة الثانية هي أهل الشام ،و في مقدمتها: معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص والنعمان بن بشير.

وأما الطائفة الثالثة فمثّلها الخليفة علي بن أبي طالب، و من معه كـابن عباس، وعمار بن ياسر ، والحسن و الحسين،-رضي الله عنهم – و بما أن عليا هو الخليفة فإنه أصر على موقفه في تأجيل القصاص ،و عزم على استخدام القوة تجاه من خالفه و لم يبايعه من الطائفتين السابقتين ،و أعلن لجنده أن قراره هذا هو مجرد اجتهاد شخصي ورأي رآه أنه يحقق الطاعة و وحدة الجماعة ، و لم يدع أن معه نصوصا سمعها من رسول الله – عليه الصلاة و السلام- .

فهذا التباين في وجهات النظر، والإصرار على المواقف هما اللذان جرا الطوائف الثلاث إلى الاقتتال ، مما أدى إلى ظهور طائفة رابعة اعتزلت الجميع ونأت بنفسها بعيدا عن القتال، وعدتّه فتنة، ودعت الناس إلى عدم المشاركة فيه . فمن مثّل هذه الطائفة ؟ وما هي مبرراتها و أدلتها التي اعتمدت عليها في اعتزالها للفتنة.

==أشهر الصحابة المعتزلين للقتال في الفتنة== :

اعتزل أكثر الصحابة القتال في موقعتي الجمل و صفين في سنتي: 36-37ه ، وأبوا أن يخوضوا في دماء المسلمين ، فمنهم من اعتزل الفتنة عزلة مطلقة، ومنهم من اعتزلها واجتهد في دعوة الناس إلى اعتزالها، ومنهم من انتسب إلى إحدى الطائفتين المتنازعتين ثم انسحب كلية من الفتنة ، و منهم من اعتزلها في الجمل و صفين ثم انظم إلى علي في حربه للخوارج ، و منهم من حمد الله تعالى على ذهاب بصره قبل أن يراها

فمن الذين اعتزلوا الفتنة مطلقاً: سعد بن أبي وقاص ، و عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، و سلمة بن الأكوع، وسعيد بن زيد، و صهيب بن سنان الرومي ، وأسامة بن زيد، وأبو هريرة، وهبيب بن مغفل، والمغيرة بن شعبة، و عبد الله بن سعد بن أبي سرح، و سعيد بن العاص ، ومعاوية بن حديج الأمير، و زيد بن ثابت ، وكعب بن عجرة، و سليمان بن ثمامة بن شراحيل، وعبد الله بن مغفل، و عبد الله بن سلام، وأهبان بن صيفي، و الحكم بن عمرو الغفاري - رضي الله عنهم -