الرسم الهندي

Fresco from Ajanta caves, c. 450–500
Raja Ravi Varma Shakuntala (1870) Oil on canvas.

إننا نسمي الرجل إقليمياً، إذا حكم على العالم على أساس الأنظمة السائدة في الإقليم الذي يعيش فيه، واعتبر كل ما لم يألفه من أوضاع ضرباً من الجاهلية، فيقال عن الإمبراطور "جهان كير" وهو رجل ذوّاقة علاّمة في الفنون - إنه حين أطْلِع على صورة أوربية امتعض لها من فوره، و "لم يستسغها لأنها مرسومة بالزيت"(15)، وإنه ليسرنا أن نعلم أنه حتى الإمبراطور يجوز عليه أن يكون إقليمي النظرة، وأنه كان من العسير على "جهان كير" أن يستمتع بالتصوير الزيتي الذي ترسمه أوربا كما أنه من العسير علينا أن نتذوّق دقائق التحف في الهند.

ويتبين من الرسوم الحمراء التي نراها لبعض الحيوان ولمطاردة وحيد القرن، على جدران الكهوف في "سنجانبور" و "مرزابور" أن قد كان للتصوير الهندي تاريخ طال أمده على عدة آلاف من السنين، وتكثر لوحات المصورين (التي يضعون عليها ألوانهم) بين آثار العهد الحجري الجديد في الهند، مستعدة للاستعمال بما لا يزال عليها من بقايا الألوان (16)؛ وإننا نلحظ فجوات واسعة في تسلسل تاريخ الفن في الهند، لأن معظم الآثار الفنية الأولى قد أتت عليها عوامل المناخ، ثم فسد كثير مما تبقى بعد ذلك على أيدي المسلمين "محطمي الأوثان" من محمود إلى أورنجزيب(17)، ويشير الـ "فنايابتاكا" (حوالي 300 ق.م) إلى قصر الملك "بازنادا" فيقول عنه إنه كان يحتوي على أبهاء للصور الفنية؛ وكذلك يصف "فا - هين" و "يوان شوانج" أبنية كثيرة فيقولان عنها بأنها اشتهرت بروعة ما عرض على جدرانها(18)، لكنه لم يبق لنا أثر واحد من هذه الأبنية وتبين صورة من أقدم الصور في التبت فناناً وهو يصور بوذا(19) فلم يشك المصورون فيما بعد ذلك التاريخ في أن فن التصوير كان ثابت الأساس في عهد بوذا.

وأقدم صورة هندية يمكن تحقيق تاريخها، مجموعة من الزخارف الجدارية البوذية (حوالي 100 ق.م) وجدت على جدران كهف في "سرجيا" في المقاطعات الوسطى، ومنذ ذلك الحين، جعل فن التصوير الجداري- وأعني به تصويراً يرسم على معجون طري قبل أن يجف - يتقدم خطوة فخطوة، حتى بلغ على جدار كهف "أجانتا" درجة من الكمال لم يجاوزها أحد بعد، حتى "جيوتو" و "ليوناردو"؛ وكانت تلك المعابد تنحت في واجهة صخرية من سفح الجبل؛ وحدث ذلك في فترات مختلفة تقع بين القرن الأول الميلادي والقرن السابع؛ ولبثت قروناً لا يعرفها التاريخ ولا تعيها ذاكرة الإنسان بعد انهيار البوذية، فاكتنفتها أشجار الغابة حتى كادت تخفيها، وسكنتها الخفافيش والأفاعي وغيرهما من صنوف الحيوان، وأتلفت صنوف الطير والحشرات التي تعد بالمئات، تلك التصاوير بفضلاتها؛ ثم حدث سنة 1819م أن عثر الأوربيون على الآثار، وأدهشهم أن يروا على الجدران تلك الصور التي تعد الآن بين آيات الفن في العالم كله(20).

وأطلق على المعابد اسم الكهوف؛ لأنها في معظم الحالات منحوتة في الجبال فمثلاً كهف نمرة 16 عبارة عن حفرة طول كل جهة من جهاتها خمس وستون قدماً، يدعمها عشرون عموداً، وترى على طول القاعة الوسطى ستة عشرة مقصورة من مقاصير الدير، ولها شرفة ذات فتحة للباب تزخرف واجهتها، وفي مؤخرتها جلود مقدسة، وكل الحيطان مزدانة بالتصاوير الجدارية؛ ومن المعابد التسعة والعشرين، ستة عشر كانت في سنة 1879م تحتوي على تصاوير، فلما أن كانت سنة 1910م أتلف التعرض للجو تصاوير عشرة معابد منها، ثم أصيبت الستة الباقية بخدوش بفعل محاولات غشوم في سبيل تجديدها(21)، وقد كانت هذه التصاوير يوماً متلألئة بالأحمر والأخضر والأزرق والأرجواني؛ ولم يبق اليوم من هذه الألوان شيء ما عدا الأجزاء ذات الألوان الخافتة أو القاتمة؛ وإن بعض الصور التي أفسدها الزمن والجهل ليبدو غليظاً خشناً في أعيننا، نحن الذين لا يستطيعون قراءة الأساطير البوذية بقلوب بوذية، وبعضها الآخر فيه قوة ورشاقة في آن معاً،تنبئان عن مهارة الصناع الذين ضاعت أسماؤهم قبل أن تفنى آثارهم بزمن طويل.

وعلى الرغم من كل هذه النائبات، لا يزال كهف رقم (1) غنياً بآياته الفنية فهاهنا ترى على أحد الجدران (ما يرجح أن يكون) صورة "بوذيساتاوا"، أي قديس بوذي يستحق النرفانا، لكنه آثر على النرفانا التي هو جدير بها أن يعاد إلى الحياة في ولادات جديدة لكي يصلح الناس؛ ولن تجد صورة تصور حزن التفكير البصير أعمق مما تصوره هذه الصورة(22)، وإن الإنسان لتأخذه الحيرة أي الصورتين ألطف وأعمق - هذه الصورة أو صورة ليوناردو التي رسمها يدرس بها موضوعاً شبيهاً بموضوع هذه الصورة، وهو رأس المسيح وعلى جدار آخر من نفس المعبد صوره لـ "شيفا" وزوجته "بارفاتي" وقد ازَّينت بالحليّ(23)، وعلى مقربة منها صورة لأربعة غزلان، أشاع فيها الحساسية الرقيقة ذلك العطف البوذيُّ على الحيوان؛ وعلى السقف زخرف لا يزال ناصع الألوان بما فيه من زهور وطيور دقيقة الرسم(24) وعلى أحد جدران الكهف رقم(17) تصوير رشيق - قد تلف الآن بعض التلف - للإله فشنو مصحوباً بحاشيته، وهو هابط من السماء إلى الأرض ليتعهد شيئاً ما مما وقع في حياة بوذا(25)؛ وعلى جدار آخر صورة تخطيطية، لكنها زاهية الألوان، لأميرة مع وصيفتها(26)؛ وترى مختلطاً بهذه الآيات الفنية حشداً متداخلاً من التصاوير الجدارية يظهر فيها ضعف الصناعة وفيها وصف لنشأة بوذا وفراره وإغرائه(27).

لكننا لا نستطيع أن نحكم على هذه الآثار الفنية في صورتها الأصلية بما بقى منها اليوم، ولاشك أن هناك مفاتيح طرائق تقدير قيمتها الفنية، لا يمكن الكشف عنها لمن لا يحمل بين جنبيه روحاً بوذية؛ ومع ذلك فحتى الغربي في مستطاعه أن يعجب بفخامة الموضوع، وعظمة المدى الذي صممت الصورة على أساسه، ووحدة التأليف، ووضح الخطوط وبساطتها وثباتها، وبتفصيلات كثيرة بينها هذا الكمال العجيب الذي بلغوه في رسم الأيدي التي هي آفة المصورين جميعاً؛ وإن الخيال ليصور لنا هؤلاء الفنانين الكهنة الذين كانوا يؤدون الصلاة في هذه المقصورات وربما زينوا هذه الجدران والسقوف بفن التقيّ والورع، بينما أوربا دفينة في ظلام أوائل عصورها الوسطى؛ فهاهنا في " أجانتا " أدمج الدين مختلف الفنون: فن العمارة والنحت والتصوير، في وحدة منسقة، فأنتج أثراً من أعظم آثار الفن الهندي.

فلما أغلقت معابدهم أو خربت على أيدي الهون والمسلمين، أدار الهنود مهارتهم التصويرية تجاه الفنون الصغرى؛ فنشأت بين "الراجبوت" مدرسة من المصورين سجلوا في تماثيل صغيرة قصص "الماهابهاراتا" و "رامايانا" وأعمال البطولة التي قام بها رؤساء "الراجبوتانا"؛ وكثيراً ما كانت تكتفي تلك الآثار الفنية بمجرد تخطيط أولي للموضوع، لكنها كانت دائماً تنبض بالحياة وتبلغ من جمال الزخرف حد الكمال؛ وإنك لترى في متحف الفنون الجميلة في "بوستن"، مثلاً جميلاً لهذا الأسلوب الفني، إذ تراه يرمز إلى إحدى "راجات" الموسيقى بنساء رشيقات وبرج شامخ وسماء دانية(29)، وكذلك ترى مثلاً آخر في معهد الفنون في "دِترْوا" يمثل برشاقة فريدة في بابها منظراً مأخوذا من "جيتا جوفندا"(30)، وصور النساء في هذه التصاوير الهندية وغيرها لم تكن ترسم من نماذج بشرية إلا نادراً، فكان على الفنان أن يتصورها بخياله ويستمدها من ذاكرته، والأغلب أن يصور المصور بألوان زاهية على سطح من ورق ويستخدم في الرسم فراجين مصنوعة من أرق الشعر، يأخذونه من السنجاب أو الحجل أو الماعز أو النمس(31)، واستطاع رسّامهم أن يبلغ من رقة خطوطه وزخارفه حداً يمتع العين، حتى إن كان المشاهد أجنبياً لم يمهر في تقدير الفنون.

وقد أبدعت أجزاء أخرى من الهند آثار فنية شبيهة بهذه الآثار، وبخاصة في دولة "كانجرا"(32)، وتطوّر فرع من فروع هذه الدوحة الفنية عينها في ظل المغول بمدينة دلهي، ولما كان هذا الفن المتفرع ناشئاً عن فن الخط الفارسي وفن زخرفة المخطوطات، فقد آل أمره إلى أن يكون تصويراً أرستقراطياً يقابل من حيث رقته وانحصاره في دائرة ضيقة، موسيقى الحجرات التي ازدهرت في قصور الملوك؛ ولقد جاهدت هذه المدرسة المغولية - كما جاهدت مدرسة راجبوت - لتحقق لنفسها رشاقة التخطيط، كان المصورون أحياناً يستخدمون فرجوناً مؤلفاً من شعرة واحدة، وتنافس مصورو هذه المدرسة أيضاً في إجادة تصوير اليدين، لكنهم بالقياس إلى المدرسة الفنية السالفة أكثروا من الألوان وقللوا من جوّ الألغاز والغموض، وقلما مَسُّوا بفنهم الدين أو الأساطير بل حصروا أنفسهم في حدود هذه الدنيا، فكانوا واقعيين بمقدار ما سمح لهم الحذر به من الواقعية؛ وقد اتخذوا موضوعات لرسومهم رجالاً ونساء من الأحياء ذوي المنزلة الرفيعة والمزاج الشامخ بأنفه، فلم يكن أشخاصهم ممن يُعرفون في الناس بضِعة نفوسهم، وأخذ هؤلاء الأشراف يجلسون واحداً في إثر واحد أمام المصور، حتى امتلأت أبهاء الصور عند "جهان كير" - ذلك الملك الأنيق - بصور أعلام الحكام ورجال البلاط جميعاً منذ اعتلاء "أكبر" عرش البلاد، وكان "أكبر" أول حاكم من أفراد أسرته المالكة شجع التصوير، ولو أخذنا بما يقوله "أبو الفضل" فقد كان في دلهي في أواخر حكمه، مائة أستاذ من محترفي هذا الفن، وألف من هواته(33).


وكان من أثر رعاية "جهان كير" لفن التصوير أن تطور هذا الفن واتسع نطاقه من تصوير الأشخاص فحسب إلى تمثيل مناظر الصيد وغيرها من البطانات التي تؤخذ من الطبيعة لتكون مجالاً لتصوير أشخاص من الناس على أساسها - على أن هذه الأشخاص مازالت لها السيادة في الصورة؛ فهنالك صورة صغيرة تمثل الإمبراطور نفسه وقد أوشك أن تنال منه مخالب أسد واثب على مؤخرة الفيل الذي كان يركبه، محاولاً أن يمسك بجسده، بينما ترى تابعاً من الأتباع يفر هارباً كما تقتضي النظرة الواقعية لحقيقة ما يحدث في الحياة(34)، وبلغ الفن في حكم " جهان " أعلى ذروته؛ ثم أخذ بعدئذ في التدهور؛ وكما حدث في التصوير الياباني حدث في الهند، وهو أن شيوع القالب الفني في دائرة واسعة من الناس، كان له نتيجتان في وقت واحد، فقد زاد من عدد المهتمين بالفن من جهة، وقلل من دقة الذوق من جهة أخرى(35)، وأخيراً تمت مراحل التدهور حين جاء " أورنجزيب " فأعاد حكم الإسلام في مقاومة التصوير بغير هوادة.

وقد لقي المصورون في دلهي من الازدهار ما لم يعرفوا له مثيلاًً خلال عدة قرون، وذلك بفضل الرعاية الكريمة التي أسداها إليهم ملوك المغول؛ فجددت طائفة المصورين عندئذ شبابها، وهي تلك الطائفة التي احتفظت بنفسها حية منذ العصر البوذي؛ ونفض بعض أعضائها عن نفسه ذلك التخفي الذي كان يدعوهم إلى نكران أسمائهم، والذي يسود الكثرة الغالبة من آثار الفن الهندي، بفعل الزمان الذي يبتلع الأسماء في جوف النسيان من جهة، وإنكار الهنود لذاتيات الأفراد من جهة أخرى، وكان من السبعة عشر فناناً الذين يعدون أعلاماً في حكم "أكبر" ثلاثة عشر هندوسياً(36)، وكان أقرب المصورين إلى الحظوة في بلاد المغولي العظيم هو "دازفانت" الذي لم يؤثر أصله الوضيع - إذ كان ابن حامل المحفَّات التي تنقل الراكبين - في نظرة الإمبراطور إليه أقل تأثير؛ وكان هذا الشاب شاذ الأطوار، فكنت تراه مصراً أينما حل على رسم صورة يرسمها على أية مادة أتيحت له؛ واعترف "أكبر" بعبقريته، وطلب إلى الأستاذ الذي يتلقى عنه هو نفسه فن الرسم، أن يتعهد تعليمه، حتى إذا ما شبّ الغلام، أصبح أعظم رجال الفن في عصره، لكنه وهو في أوج شهرته طعن نفسه طعنة قاضية(37).

إنه حيثما وجدت ناساً يصنعون هذا الشيء أو ذاك، وجدت إلى جانبهم ناساً آخرين يأخذون أنفسهم بشرح الطريقة التي يجب أن يتبعها أولئك في صناعة ما يصنعون؛ فالهنود الذين لم تكن فلسفتهم تعلي من شأن المنطق، قد أحبوا المنطق مع ذلك، وأغرموا بصياغة قواعد دقيقة لكل فن من الفنون، كأدق ما تكون القواعد دقة، وأشد ما تكون انطباقاً على حكم العقل؛ ومن ثم وضعوا في أوائل تاريخنا المسيحي "الساندانجا" أي "الأطراف الستة للتصوير الهندي" وهي شبيهة بما وضعه صينيّ بعد ذلك، وربما كان الصينيّ في ذلك مقلداً، وهو ستة قوانين لإتقان فن التصوير: ( (1معرفة ظواهر الأشياء ((2 صحة الإدراك الحسي والقياس البنّاء ( (3فعل المشاعل في القوالب الفنية ( (4إدخال عنصر الرشاقة، أو التمثيل الفني ( (5مشابهة الطبيعة ( (6استخدام الفرجون والألوان استخداماً فنيا؛ وظهر بعد ذلك تشريع جمالي مفصل، واسمه "شلبا- شاسترا"؛ صيغت فيه قواعد كل فن وتقاليده صياغة تصلح مع مرّ الزمان، وهم يزعمون لنا أن الفنان لا بد له من دراسة الفيدات دراسة متقنة "وأن يغتبط بعبادة الله، ويخلص لزوجته ويجتنب غيرها من النساء ويحصّل معرفة بمختلف العلوم تحصيلاً تحدوه التقوى"(38).

ويسهل علينا بعض الشيء فهم التصوير الشرقي؛ لو وضعنا نصب أعيننا أولاً، أنه لا يحاول تصوير الأشياء بل تصوير العواطف، وأنه لا يحاول مطابقة الأصل بل يكتفي بالإيحاء به، وأنــه لا يعتمد على اللون بل على التخطيط، وأن غايته أقرب إلى أن تكون إثارة عاطفة جمالية ودينية منها إلى أن تكون محاكاة للواقع، وأنه مهتم بما في الناس والأشياء من "أنفس" أو "أرواح" أكثر من اهتمامه بصورتها المادية، ومع ذلك فمهما حاولنا، فنوشك ألا نجد في التصوير الهندي ذلك الرقي الفني، أو ذلك البعد في المدى والعمق في المعنى، الذي يميز فن التصوير في الصين أو في اليابان، وترى بعض الهنود يعللون ذلك تعليلاً مغالياً في شطحته مع الخيال، فيزعمون أن التصوير قد تدهور عندهم لأنه أيسر من أن يتقدم به المتقرب إلى الآلهة، إذ ليس في إخراجه من العناء ما يشرف ذلك المتقرب(39)؛ ويجوز ألا تكون الصور بما تتصف به من سرعة التعرض للزوال والفناء مما يشبع في نفس الهندي ذلك التعطش الذي يحسه نحو تجسيد إلهه المختار تجسيداً يبقى على وجه الزمان؛ فلما لاءمت البوذية بين نفسها وبين التصوير الفني للأشياء، ولما كثرت وازدادت الأضرحة البرهمية، أخذ النحت يحل محل التصوير شيئاً فشيئاً ليأخذ الحجر الدائم مكان اللون والتخطيط.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

Gallery


Some notable Indian paintings

انظر أيضاً

الهامش

وصلات خارجية

Online exhibits