الحركة الإليرية

الحركة الإليرية (كرواتية: Ilirski pokret, Slovene: Ilirsko gibanje؛ إنگليزية: Illyrian movement)، وأيضاً الإحياء الوطني الكرواني (Hrvatski narodni preporod)، كانت حملة ثقافية وسياسية بدأتها جماعة من المثقفين الشبان الكروات أثناء النصف الأول من القرن 19، حول السنوات 1835–1849 (هناك بعض الخلاف حول التواريخ الرسمية).[1] استهدفت الحركة خلق مؤسسة وطنية كرواتية في النمسا-المجر عبر الوحدة اللغوية والعرقية بين سلاڤ الجنوب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السياق

ومن الملاحظ أن القوميين الصادقين سواء كانوا كروات أو يوجوسلاف كانوا من الطلاب والمثقفين والطبقة الوسطى الصغيرة النشطة شأن الحال في قوميات وسط أوروبا. وأول فكرة قومية لها مغزى حقيقي تظهر من هذه المجموعة كانت الحركة الإليرية Illyrian التي إرتبطت أرتباطاً وثيقاً بشخص ليوديفيت جاي Ljudevit Gai الذي كان من أنصار تيار القومةي الرومانية الذي كان قوياً في أوروبا آنذاك ولهذا نراه قد تأثر بالعلماء والكتاب أمثال سافاريك P.J.Safarik, ويان كولار Jan Kollar، وي. دوبرفكسي J Dobroveski وجاءت نقطة التحول في حياته في عام 1835 عندما حصل من السلطات النمساوية على إذن بإصدار صحيفة كرواتية بإسم دانيشا Danica (أي نجمة الصباح). ويبدر واضحاً أن النمسا سمحت بهذه الصحيفة بعد أن أصبحت قلقة جداً من خطر تنامي القومية المجرية على الإمبراطورية ومن هنا شجعت التعبير لدى المعارضة الكرواتية ضد اليطرة المجرية. وخلال تلك الفترة لم يكن الكروات يملكون إلا التقدم بالتماسات للنمسا ضدالمجريين تماماً كما كان يفعل الترانسلفانيون.

لقد كان الإسهام الرئيسي لجاي مناصرة وحدة سلاف الجنوب لغة وثقافة وسياسة ومن هنا إستهدفت الحركة الإليرية العمل على تجاوز الخلافات التاريخية التي فصلت بين شعوب الجنوب على مدى قرون وتوحيدهم لمقاومة نفوذ المجر. وخلا ثماني سنوات 1835-1843 حدثت طفرة هائلة في النشاط الأدبي ولبنشر في ذلك الإتجاه. وفي هذا الإطار نجح جاي في إغراء الكتاب الكرواتيين بعدم إستخدام لهجة أهل زغرب الكايفكيانية Kajkavian وإستخدام اللهجة الأشتوكافيانية Stokavian وهي لهجة أهالي البوسنة والهرسك ودلماشيا والصرب حيث أدرك أهمية وحدة اللغة المشتركة في تحقيق التعاون السياسي.

ورغم أن الحركة الإليرية تمعت بشعبية بين المثقفين الكروات, إلا أنها لم تلق نفس القبول بين السلوفيين والصربيين، فالسلوفيين وقد ارتبطوا إرتباطاً وثيقاً بالنمسا لم يشعروا بتهديد المجر فضلاً عن أن لغتهم واضحة وكانوا تريخياً بعيدين عن الصرب والكروات. وأما الصربيون فلم يقبلوا مغزى فكرة الإليرية وكان معظمهم زعماؤهم متمسكون بوجهة نظر إيليا جاراشنين في ناشرتانيه Nacertanje , ويفضلون العمل من أجل دولة صربية ذات عرق واحد. ومن ناحية أخرى لم يكن ڤوك كاراديتش Vuk Karadzic أعظم عالم صربي آنذاك متعاطفاً مع الفكرة, إذ كان يشعر بأن من يتكلم اللهجة الأشتوكافيانية فهو صربي وفي نفس هذا الإتجاه كان رد فعل معظم المثقفين الصربيين في ڤويڤودينا سلبياً تجاه الحركة الإليرية.

ورغم ضآلة فرص نجاح الصربيين والسلوفينيين في مسعاهم، إلا أن برنامج الحركة الإليرية ضايق زعماء المجر وعلى هذا وفي 1841 نجح زعماء المجر في تكوين أول حزب سياسي كرواتي بإسم الحزب الكرواتي-المجري دعا أعضاؤه لرفض الفكرة الإليرية بشدة وتأييد المحافظة على الروابط الوثيقة مع المجريين. كما بذلواجهوداً لإقناع النمسا بخطورة الحركة الإليريية من حيث أنها حليفة للرابطة السلافية وتمثل تهديداً للإمبراطورية. وعلى هذا وفي 1843 إتخذت النمسا إجراءات لقمع الحركة ووضعت جاي تحت المراقبة. ورغم كل هذا كان تأثير الإليرية عميقاً دون شك إذ اصبحت أساس الحركة اليوجوسلافية فيما بعد التي كان لها مركزاً أيضاً في كرواتيا.

كان أول إختبار عملي لإحتمال قيام وحدة لسلاف الجنوب حدث ثورات 1848-1849، ففي أثناء ثورة المجر كان أنصار الإليرية في دوائر الحكم في زغرب (كرواتيا) يقودهم يوسيپ يلاشيك Josip Jelacic ويتحدث بإسمهم وكان كولونيل في جيش النمس. وعندما طلبت حكومة كوسوث بحق المجريين في حكومة ذاتية في إطار إمبراطورية النمسا طالب الكروات بذات الوضع في إطار حكومة المجر, إذ كانوا يريدون التحرر من سيطرة الإدارة المجرية المباشرة, ويريدون برلماناً منفصلاً, وإلغاء نظام قنية الأرض Serfdom, وإستعادة مملكة تريونه Triunne القديمة . . أي وحدة كرواتيا ودلماشيا وسلافونيا. وكانت النمسا تحكم دلماشيا بينما تسيطر المجر على كرواتيا وسلافونيا. وعندما رفضت المجر (حكومة كوسيوث) هذه المطالب بصراحة لجأ الكروات إلى النمسا مثلما فعل الترانسلفنيون.

وفي تلك الأثناء وجد زعماء الكروات في صرب فويفودينا حلفاء يمكن التعاون معهم لأنهم كانوا يتطلعون بدورهم لحكومة ذاتية محلية, ويرغبون في التوحد مع الكروات في دولة مشتركة. وكان من مظاهر هذا التعاون أن يوسيب رايكتش Josip Rajacic بطريرك الصرب الأرثوذكس في سرمسكي كارلوفيتش في فويفودينا منح بركته لمحافظ الإقليم الكاثوليك في زغرب ييلاشيك Jelacic. وعلى هذا دخل الصرب والكروات ومعهم متطوعون من صرب مولدافيا ولاشيا في معارك ضد المجريين. ومن ناحية أخرى قامت حكومة الأمير الكسندر كاراديورفيتش في بلجراد بتشجيع أقرانهم الصربيين وأمدتهم سراً بالسلاح والعتاد والرجال.

ورغم أن كلا من الصرب والكروات كانوا ضد المجريين بشدة, لكنهم لم يعارضوا حكومة النمسا آنذاك. ففي 1848 كانوا يرون أن البرنامج النمساوي-السلافي يعبر عن أفكارهم خير تعبير, وقد كان يستهدف تحقيق مساواة للسلاف ضمن إطار إمبراطورية فيدرالية الطابع. وفي 1849 إشتركت قوات صربية وكرواتية مع القوات النمساوية والروسية والرومانية في سحق ثورة المجر. وقاد ييلاشيك قواته بولاء للنمسا رغم أنه كان يعرف آنذاك أن حكومة النمسا لن تمنح الحكم الذاتي الذي يتطلع إليه السلاف والرومانيون.


فيما بعد

Vlaho Bukovac:
Hrvatski narodni preporod,
Curtain at HNK in Zagreb

لقد كان ثورات 1848-1849 تعني نهاية الحركة الإليرية ففي خلال عقد من الزمان نشأ تياران سياسيان معارضين, أولهما يؤكد على القومية الكرواتية, والثاني كان توسعياً وإمتداد للفكرة الإليرية. وفي 1861 قام كل من آنته ستارشفيتش Ante Starcevic, ويوجين كافاترنيك Kavaternik بتأسيس حزب العدالة، ودعا برنامجه في إستمرار الإنفصال بين الكروات والسلوفين، وكان يعتبر الكروات أرثوذكس، والسلوفين كروات، ووضع في تخطيطه إمكانية إدخال هذين الشعبين في "كرواتيا الكبرى" في المستقبل. وكان برنامج هذا الحزب الذي كان أقوى تعبير عن الإنفصالية الكرواتية حتى تاريخه ينكر ما يعتقده المجريون, وضد رغبة الذين يريدون التعاون مع حكومة النمسا, ويعتبر المجريين مجرد أعداء، بل لقد رفض أية محاولات للتكيف مع الصرب أو السلوڤين. ولقد لعب برنامج هذا الحزب والذي كان عنوانه "برافاستوف" Pravastov دوراً كبيراً في تفريق سلاف الجنوب في الإمبراطورية, وأما صرب صربيا ذاتها فقد كان بإمكانهم إدراك مشكلات هذا البرنامج لأنه كان بمثابة نظيرهم الكرواتي المضاد للأفكار القومية الصربية الكبرى.


الهامش

  1. ^ Despalatovic, Elinor Murray. Ljudevit Gaj and the Illyrian Movement. New York: East European Quarterly, 1975.

للاستزادة

  • Tanner, Marcus (1997). "Illyrianism and the Croatian Quest for Statehood". Daedalus (MIT Press) 126 (3): 47–62. ISSN 00115266

وصلات خارجية

  • Scrinia Slavonica Vol.6 No.1/2006 Role of Slavonian Franciscans in the national movement of the Danubian Croats during the 19th and at the beginning of the 20th century