الحرب البلغارية الصربية

الحرب البلغارية الصربية
الموقع
إعلان كنياز ألكسندر من بلغاريا معلناً الحرب الصربية البلغارية

الحرب الصربية البلغارية (بالبلغارية: Сръбско-българска война، وتُنطق Srabsko-balgarska voyna؛ بالصربية: Српско-бугарски рат/ Srpsko-bugarski rat؛ إنگليزية: Serbo-Bulgarian War) كانت حرب بين صربيا وبلغاريا نشبت في 14 نوفمبر 1885 واستمرت حتى 28 نوفمبر من نفس السنة. وقد تم التوصل إلى سلام نهائي في 19 فبراير 1886 في بوخارست. وكنتيجة للحرب، اعترفت القوى الاوروبية بحدث توحيد بلغاريا الذي حدث في 6 سبتمبر 1885.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الخلفية

توحيد بلغاريا والحرب الصربية البلغارية

أدى وجود هؤلاء الهاربين في بلغاريا إلى تدهور العلاقات بين البلدين رغم أن ميلان وأمير بلغاريا (الكسندر) كانا صديقين على المستوى الشخصي. ثم أصبح الموقف اكثر سوءاً نتيجة حادث طريف لم يخطر على البال, ذلك أن نهر تيموك الذي يمثل الحدود بين البلدين تغير مجراه فجأة، وأدى هذا إلى تجريف حافة النهر نتج عنها تحريك مساحة منها دخلت حدود الصرب. وأرادت الصرب الإحتفاظ بتلك المساحة الجديدة بإرسال فرقة عسكرية لحراستها وإثبات حقها. وعلى هذا وقع الصدام بين البلدين وقامت بلغاريا بطرد الفرقة العسكرية وظل النزاع قائماً بين البلدين حتى 1888.

وكان العداء قد وصل ذروته في 1885 وعندما أصبح واضحاً أن رومليا الشرقية قد تنضم فعلياً إلى بلغاريا طلبت الصرب تعويضاً وكانت تعتقد أن يكون التعويض إعتراف بلغاريا بوضع الصرب يدها على الأرض الجديدة. وفي نوفمبر 1885 وبناء على تقدير خاطئ بضعف الجيش البلغاري لخلوه من ضباط روس، قامت الصرب بالهجوم على بلغاريا فكانت الحرب كارثة على الصرب التي هزمت في معركة سيلفنيتسا Silvanitsa ولم ينقذها من خسارة أفدح إلا تدخل النمسا حليفتها, وعاد السلام بين البلدين على أساس الأمر الواقع.

على كل حال، لقد تدهورت مكانة أسرة ابرونوفيتش الحاكمة في الصرب إبتداء من ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتى ثورة 1903 نتيجة تورط أفرادها في عدة فضائح لم تؤد فقط إلى إضطراب الحياة السياسية في البلاد بل لقد تسببت في تحطيم مكانة الصرب بين الدول. وأكثر من هذا أن ميلان وزوجته نتاليا دخلا في معارك سياسية علنا ذلك أن نتاليا وهي إبنة ضابط روسي من أصل روماني كانت تفضل أن تقوم بدو موال لروسيا في السياسة الخارجية, وتعارض رغبة زوجها ميلان في أن يتعلم إبنهما الكسندر في النمس. وقد بلغ الخلاف بين الإثنين درجة لا يمكن معها إصلاح ذات البين حتى ولقد سعى ميلان لتطليق زوجته, وهي قضية أدت إلى إنشقاق داخل الحكومة. وفي 1887 غادرت نتاليا البلاد ومعها إبنها الكسندر. وكانت تلك الفضائح بمثابة خطر محدق ومتواصل بالأسرة الحاكمة نظراً لوجود مرشح محتمل لتولي عرش البلاد يتمثل في بيتر كارديوريفيتش الذي كان يعيش في المنفى ولكنه يتابع ما يحدث في الصرب عن كثب. وفي 1883 تزوج من زوركا Zorka إبنة نيقولا أمير الجبل الأسود فتعزز مركزه ووضعه أكثر وأكثر بهذه المصاهرة.

وعلى هذا وفي 1888 كان ميلان قد سئم وضعه خاصة وأن أنصاره لم يتمكنوا من تحقيق نصر واضح في الإنتخابات رغم سيطرته على البوليس الذي ينظم العملية. أما وقد قرر التنازل عن العرش فقد رأى أن تكون آخر أعماله دعوة جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد إجتمعت في ديسمبر 1888, وكان خمسة أسداس أعضائها من الحزب الراديكالي, والسدس الباقي من الليبراليين, وفشل التقدميون في الفوز بمقعد واحد. وقد حددت هذه الوثيقة التي كانت أكثر ديموقراطية من الدستور السابق بشكل واضح ودقيق مسألة الحريات المدنية, وجعلت للبرلمان سلطة نسبية, فضلاً عن تقوية سلطة المحليات وإدارتها. كما نصت على سرية الإنتخابات, ومنح حقوق الإنتخاب لجميع دافعي الضرائب. وفور إتمام صياغة الدستور ميلان عن العرش في مارس 1889 لإبنه الكسندر الذي كان في الثالثة عشر من عمره.

والحق أن حكم الكسندر ابرونوفيتش في كثير من ملامحه كان فاصلاً حزيناً في تاريخ الصرب, فلم يكن الرجل يمتمع بأية قدرات ملفتة للنظر, وإنصرف إلى حياته الخاصة وحياة أمه ووالده وأخيراً عشيقته, وجميعها كانت مصدراً خصباً للضحك والسخرية في كل بلاد أوروبا. يضاف إلى هذا أنه عاش طفولته وحيدأً مع تربية عسكرية صارمة, ولم يتورع أبواه عن إستدامه في شجارهما. والحاصل أنه قبل أن يغادر ميلان البلاد بعد تنازله عن العرش قام بتعيين مجلس وصاية على العرش من ثلاثة أوصياء برئاسة يوفان ريستيتش. ولما كان تنازله عن العرش يعد إنتصاراً للحزب الراديكالي فقد تسلم الحزب زمام الأمور, وأصبح الجنرال سافا جريوش Sava Grujic رئيساً للوزراء, وعاد باشيك من المنفى. وهكذا أتيحت الفرصة للراديكاليين ليضعوا برنامجمهم السياسي موضع التنفيذ.

ولما كانت القوة الإنتخابية للحزل ترتكز على اصوات الفلاحين, فقد جاءت قيادة الحزب الراديكالي من بين أبناء الطبقة الوسطى وخاصة المثقفين. ولكنهم بمجرد توليهم الحكم أثبتوا أنهم لا يقلون عن سابقيهم رغبة في السيطرة على أداة الحكم حيث قاسوا بملء الوظائف المدنية بأنصارهم. وكان للحزب برنامجاً حاول تنفيذه على الأقل جزئياً بين سنوات 1889-1892 ورغم أن كثيراً من الراديكاليين كانوا يكرهون الغرب الرأسمالي نظرياً, إلا انهم كانوا يرغبون في أن تكون الصرب دولة ديموقراطية تتكون من عدة كوميونات تقوم كل منها على الحكم الذاتي. ومن الناحية التشريعية قام الحزب بتوسيع حق الإنتخاب العام, وتدعيم الحقوق المدنية, وزيادة سلطة المحليات.

غير ان تلك الإجراءات لم يكن لها تأثير على التخفيف من وطأة المشكلات الشخصية التي كان يعاني منها الكسندر (الأمير الشاب) لأن أبواه لم يتوقفا عن الشجار العلني بعد أن خرجا من البلاد وكأنهما كانا يتنافسان على الإضرار بمصير إبنهيما, فقد كان ميلان في حاجة إلى أموال بصفة دائمة, وظلت مسألة طلاقة قضية قومية عامة. وفي الوقت نفس كانت الأوضاع السياسية أخذة في التدهور, ففي يونية 1892 حلت حكومة ليبرالية محل حكومة الراديكاليين وضمنت الحكومة الجديدة وضعاً قوياً داخل البرلمان بفضل إستخدام البوليس والجيش في عملية الإنتخابات. وفي أبريل 1893 أمسك الكسندر ذو السبعة عشر ربيعاً بزمام الأمور في البلاد وأصبح ملكاً بفضل تشجيع والده وبمساعدة الجيش, وإختار وزراءه من الحزب الراديكالي في ضوء إنتخابات جديدة جاءت ببرلمان راديكالي, وفي 1894 ألغي دستور 1888 وأعاد العمل بدستور 1869. ومع كل تلك الإجراءات وتمكن الملك من السيطرة على النظام السياسي في الأعوام التالية عن طريق التلاعب بالأحزاب والسيطرة على الإنتخابات, إلا أن وضعه السياسي القوي نسبياً تحطم على صخرة رد الفعل الشعبي لحياته الشخصية غير السوية

ولم تقتصر محنة الملك الكسندر على إستمرار أبواه (ميلان ونتاليا) في الشجار علناً للإنفراد بالسيطرة عليه, بل إن هذا الملك سيء الحظ دخل في علاقة أثارت حساسية الصربيين, إذ إلتقى وهو في بيت والدته بأرملة تدعى دراجا ماسينا Draga Masina تكبره باكثر من عشر سنوات, وسمعتها سيئة بسبب تعدد علاقاتها مع الرجال, وأبوها مات متأثراً بجنونه, وأمها سكيرة تعاقر الخمر, وإتخذها الكسندر عشيقة له في 1897 وسرعان ما أعلن نيته الزواج بها. غير أن والداه رفضاه هذا الزواج, ورأى قيصر روسيا في الأمر فرصة لإستعادة نفوذه على بلاط الصرب فأرسل نائباً عنه لحضور حفل الزواج.

على كل حال . . لقد مضت بقية سنوات حكم الكسندر بتردد الفضائح التي إرتبطت بالمملكة الجديدة (عشيقته السابقة) وعائلتها, فلم تنجب وذاعت تقارير عن حملها غير حقيقي ليؤكد أن أسرة اوبرنوفيتش المالكة تحتضر دون وريث. وأكثر من هذا ففي أبريل 1901 أصدر الملك دستوراًأخراً دون جمعية تأسيسية نص على أن تكون الهيئة التشريعية من مجلس منتخبين: مجلس نواب, ومجلس شيوخ, يعين الملك ثلاثة أخماس الأعضاء في كل منهما. ورغم أن الحكومة إستمرت في كسب الإنتخابات بالإرهاب والتهديد، إلا أنها لم تستطع خنق موجة السخط العامة التي كانت تتصاعد يوماً بعد يوم.

وفي ليلة 10-11 يونية 1903 وضعت نهاية لحكم الملك الكسندر بإنقلاب نظمته مجموعة من 120 من صغار ضباط الجيش الذين شعروا بلإهانة من ملكهم, وبأن بلدهم لا يمكن أن تتقدم تحت حكمه حيث إقتحموا القصر الملكي وأطلقوا الرصاص على الملك ومزقوا جشده بالسيوف وقتلوا الملكة وأشقائها ورئيس الوزراء ووزير الحربية. وقد أثار الحدث الرعب في أوروبا كلها.

كانت قيادة الإنقلاب قد أقامت حكومة مؤقتة برئاسة يوفان آفاكوموفيتش Jovan Avakumovic, بادرت بدعوة البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ طبقاً لدستور 1901, وقد إختار البلرمان بيرت كاراديوريفيتش ليكون ملكاً على البلاد, وكان مرشحاً وحيداً للعرش وفي الستين من عمره ولا يعرف إلا القليل عن البلاد الذي سيحكمه رغم أنه كان ثالث أبناء الكسندر كاراديوريفيتش, وإشترك في معارك حرب البوسنة كأي صربي يشعر بقويمته. ولكنه تعلم في فرنس وسويسرا, وكان زواجه من الأميرة زوركا الروسية يربطه بروسيا بشكل أو بآخر لكنوفاتها في 1890 ربما جعله يتحرر من تلك الروابط. وفي 1903 قام الملك الجديد بإلغاء دستور 1901 وأعاد العمل بدستور 1899 مع إضافة تعديلات معينة.

كانت أول مهمة واجهت الملك الجديد هي كيفية مواجهة صدمة رد الفعل لدى القوى الأوروبية تجاه الإنقلاب الذي جاء به إلى العرش. فبينما إعترفت كل من روسيا والنمسا بالتغيير الجديد قامت بريطانيا وهولندا بسحب سفيريهما من الصرب, فلم يكن أي منهما يرحب بأن يشغل الإنقلابيون السلطات العليا في البلاد. لكن التخلص تدريجياً من هؤلاء الإنقلابيين ساعد كثيراً في إعادة العلاقات الخارجية للصرب إلى طبيعتها ما عدا بريطانيا التي لم تعترف بالوضع الجديد حتى عام 1906.

وفي عام 1904 تم تتويج بيتر ملكاً وأصبحت الحياة السياسية بسيطة سهلة بشكل أو بآخر. وآنذاك كان أقوى حزبين على الساحة الحزب الراديكالي, وحزب الراديكاليين المستقلين, والإثنان في الأصل من سلالة الحزب الراديكالي الأصلي. وبعد تغيير الحكومة خمس مرات بين عامي 1904-1906 إستقر الراديكاليون في الحكم حتى عام 1918.


في الثقافة الشعبية

تشكل الحرب الصربية البلغارية المكان لمسرحية جورج برنارد شو في 1894 الأسلحة والإنسان.