الإخوان المسلمون والطبقة العاملة المصرية

الإخوان المسلمون والطبقة العاملة المصرية كتاب من تأليف سناء المصري، صادر عن شركة الأمل للنشر عام 1992، أصّل موقف الإخوان المعادى للعمال.

لم تلجأ سناء إلى الكتابة الإنشائية، وإنما إلى وثائق الإخوان أنفسهم ، فتنقل حديث حسن البنا عندما دعاه البارون دى بنوا مدير شركة القنال الذى عرض التبرع المالى لبناء مسجد بمبلغ 500 جنيه. وأنّ البنا اعترض على قلة المبلغ وليس على المبدأ. ورغم ذلك قبل التبرع. وكان تعليق سناء عن آلية (المساومة) من جانب البنا وآلية الدفع (النقدى) من جانب البارون ، ولماذا التبرع من شركة أجنبية ((ليستْ جمعية خيرية)) وربطتْ ذلك بتأييد الإخوان للملك فؤاد إذْ ألقى البنا خطبة لأتباعه أمرهم فيها بالتوجه لحضورالاحتفال الذى سيحضره الملك ((ليعرف الأجانب أننا نحترم ملكنا ونحبه)) وكما أيّدوا الملك فؤاد فعلوا نفس الشىء مع ابنه فاروق فخرجوا يهتفون له ((نهبك ولاءنا على كتاب الله وسنة رسوله)) وسموه (الفاروق) تشبهًا بعمربن الخطاب. ورغم أنّ إسماعيل صدقي كان يُعادى كل القوى الوطنية ، فإنه منح الاخوان كل الدعم ولم يكن يطمئن إلاّ لهم ، لدرجة أنْ ثارتْ التساؤلات داخل الجماعة عن الأموال التى حصل عليها البنا من حكومة إسماعيل صدقي ، وكان تبرير البنا أنّ ماحصلت عليه الجماعة ((هو مساهمة حكومية لأنشطة الجماعة الخيرية)) ولذلك لم تكن مفاجأة أنْ يربط الاخوان صدقى بآية من القرآن ((واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد))

في مارس 38، تم إنشاء حزب العمال برئاسة النبيل عباس حليم وانتخاب المناضل يوسف المدرك وكيلا. ولأنّ الإخوان ضد تكوين الأحزاب ، طالبوا بضرورة حل ((هذه الهيئات الحزبية لإقامة الشريعة الإسلامية حكمًا على مصر)) وفى أغسطس38 قرّرالعمال مناقشة أوضاعهم السيئة مع أصحاب العمل وأنّ سلاحهم الوحيد هوالإضراب. وفى اليوم الثالث للإضراب أرسل صالح العشماوى برقية باسم الإخون نصح فيها العمال بالعدول عن الإضراب لأنه يتنافى مع تعاليم الإسلام. وعندما شعرالإخوان بأهمية النقابات خططوا لإختراقها فى عام 44وذلك لمقاومة اليسار. ونقلت سناء عن المؤرخ العمالى طه سعد عثمان أنّ الإخوان طعنوا الحركة العمالية بل إنّ بعضهم عمل كمرشد للبوليس السياسى ومساعدته فى القبض على العمال الهاربين . وفى إضراب العمال فى يونيو46 الذى اشترك فيه خمسة عشرألف عامل ، إتصل إسماعيل صدقى بوكيل مصلحة العمل (رئيس المصلحة رجل أمن بريطانى) فتم الإتصال بمسئول قسم العمال بجماعة الإخوان لتخريب الإضراب . فنشرالإخوان تقريرًا قالوا فيه أنّ العمال قرّروا العودة للعمل ، رغم أنّ هذا لم يحدث. وشنّتْ صحف الإخوان حملة ضد العمال (المخربين) محترفى (الشغب من العناصرالهدامة) وضرب بعض الإخوان العمال. وذكرطه عثمان سعد أنّ إسماعيل صدقى عدوالشعب لجأ للإخوان لضرب اللجنة الوطنية. فأسّس الإخوان لجنة موازية باسم (اللجنة القومية العامة) كما أنّ الإخوان رفضوا المشاركة فى مظاهرة 4مارس46لإحياء ذكرى شهداء فبراير. ومع تصاعد الإضرابات العمالية كثفتْ صحف الإخوان هجومها على العمال بساتر دينى فكتبتْ أنّ (اَلإضراب عن العمل والإضراب عن الطعام والاعتصام وتظاهرالعمال ضد أصحاب العمل حرام ، وعقد العمل مكروه وطاعة أولى الأمرواجبة) وفى إضرابات المحلة الكبرى عام 47ردّد الإخوان فى صحفهم حجج الجانب المعادى للعمال والإشادة بموقف مديرالأمن الذى قتل ثلاثة من العمال واعتقل 27و نصيحة الإخوان هى أنّ على العمال أنْ (ينتبهوا للعناصرالمندسة) أى استخدام لغة أى حاكم مستبد يلجأ للتوهمات هروبًا من الوقائع.

ولجأ الإخوان إلى سلاح آخرهو قتل العمال معنويًا فهم (يهتكون الأخلاق وينشرون الرذيلة والفساد) ويكتب أحدهم تحت اسم (ش) قائلا ((تلك كلمة موجزة نهمس بها فى أذن أصحاب مصانع نيومان وكليبروناشان وداود عدس ، ونرفعها إلى أولى الأمر، فى تلك المؤسسات استهتار فاضح بالأخلاق والشرف وهناك إتصال يفرضه العمال بين الفتيات والعمال . الشيطان يبيض ويفرخ فى تلك الأوكار) وبعد أنْ نقلتْ سناء المصرى النص الكامل كتبتْ عن لغة الإخوان العدوانية ضد العمال والعاملات اللائى اشتركن مع العمال فى الإضراب عندما رفضن محاولات أصحاب المصانع لتعيينهن بدلا من العمال الرجال. كما أنّ عدد العاملات قليل جدًا وأحيانًا يكون بالمصنع عاملة واحدة وأنّ الرقابة الشديدة في المصانع بالكاد تسمح بأى شأن شخصى) ويكتب إخوانى آخر (إنّ خطبًا يلم بطبقة العمال هو إنحلال الأخلاق هو الفوضى والإباحية)

أيّد الإخوان استيلاء الضباط على الحكم فى يوليو52، ولم يكتفوا بذلك وإنما وقفوا ضد العمال فى أول اختبارلهم لدرجة أنه عندما حدث إضراب عمال شركة صباغى البيضا يوم 9/8/52 اقترح الإخوان تطبيق حد الحرابة على العمال المضربين ، أى تقطيع أياديهم وأرجلهم من خلاف. وكتب الإخوانى محمد بكير مقالا يوم 5 أغسطس بدأه بتملق الضباط والهجوم على (الشيوعية الهدامة. وإذا كان البوليس تولى التحقيق مع الخونة للمحاكمة. كنتُ أريد من العمال أنْ ينصبوا من أنفسهم قضاة ويحكموا على هؤلاء بالإعدام) وبعد إضراب عمال كفرالدواريوم 13 أغسطس كتب إخوانى مقالا بعنوان (ابحثوا عن المجرمين الحقيقيين) إتهم فيه العمال بالتخريب ونشرالفساد فى الأرض ليُشوّهوا العهد الجديد . يا رجال التطهير لا تأخذكم بأعداء الله والوطن رحمة ولاشفقة) هكذا يكون توظيف الدين ضد العمال إذْ أنّ إضرابهم = العداء لله. وبعد إعدام خميس والبقري وسجن آخرين كما فى مذبحة دنشواي، إتخذ الضباط من سيد قطب مستشارًا لهم كما كان مستشار رئيس المحكمة التى حكمت على العمال. وقال إنّ النقابات فى حاجة إلى أنْ تتطهر وأشار إلى أحمد طه سكرتير نقابة عمال ماركوني. كما تعثر إنعقاد المؤتمر التأسيسي للإتحاد العام للعمال (بسبب العوائق التى وضعها البكباشي عبد المنعم أمين رجل المخابرات الأمريكية وسيد قطب رجل الإخوان) وفى يوم 28يوليو(أى بعد جلوس الضباط على كراسى الحكم بخمسة أيام) ورد بصحيفة الأهرام (بيان للمرشد إلى الإخوان بوادى النيل) جاء به ((الإخوان المسلمون خيرسند لحركة الجيش. يُظاهرونها ويشدون أزرها.. إلخ))

في يوم 1 يناير 75، حدثت مظاهرات عمال حلوان فى ميدان باب اللوق ضد ارتفاع الأسعار. تعاملت قوات الأمن مع العمال بكل وحشية ومعها صحف الحكومة. ولم تتخلف صحف الإخوان عن المشاركة فى ذبح العمال معنويًا فتكتب الاعتصام أنّ ((حوادث الهدم والتخريب الأخيرة وراءها تنظيمات ماركسية يجب القضاء عليها)) وفى عدد آخرمن الاعتصام ((إنّ على ولاة الأمورأنْ يضربوا بيد من حديد على رؤوس هذه الفئة الهدامة حتى لاتقوم لهم فى دولة العلم والإيمان قائمة)) وكان تعليق سناء البليغ أنّ الدكتاتورية العسكرية ، إذْ تلتقى مع الفاشية الدينية ، فإن الأولى لاتنتظرالنصيحة وإنْ كانت تُرحب بها. ولتأكيد الولاء يكتب حسن عاشورمخاطبًا السادات ((سيدى الرئيس.. تبارك جهادك الكريم فى بناء صرح الدين. لبنة للعلم ولبنة للإيمان. الأمل فيكم كبيرياصاحب القلب الكبير)) وبعد الانتفاضة الشعبية فى يناير77فإنّ مفخرة الإخوان أنهم لم يُشاركوا فيها. مع المطالبة بعقاب الشعب على جريمة التظاهرضد الحاكم. وكتب محمد عبدالقدوس ((أحداث 18، 19 ينايرأثبتت أصالة الجماعات الإسلامية)) واستشهد برأى حافظ سلامة- الذى يصفه ببطل المقاومة الشعبية- مع أنه كان يُهاجم الجماهرالشعبية وطالب بإنزال العقاب على الشعب وعلى قياداته. وأنّ ((العناصرالإسلامية لم تنخدع بهذه الأحداث مما أفسد مخططها)) وكان تعليق سناء التى جمعت بين لغة الواقع والضمير((يبدوأنّ حافظ سلامة حامل لواء الدعوة الإسلامية وطربوش الخلافة العثمانية لم ينتبه إلى أنّ الانتفاضة أخمدت ليس بسبب عدم اشتراك الجماعات الإسلامية فيها ، بل بفعل قوات الجيش التى زحفت على المدن وتراجع الحكومة عن قراررفع الأسعار)) ونقلت سناء افتتاحية مجلة الاعتصام ((رفضتها الأمة ثورة حمراء فكانت ليلة سوداء)) وهكذا وضع كاتب الافتتاحية نفسه فى سلة واحدة مع نظام السادات القمعى. وأرسلت جماعة (شباب محمد) برقية إلى السادات قالوا فيها إنهم "يدعون لك بالخير ويُشجبون حوادث 18، 19 يناير الإجرامية التخريبية ويطلبون حل وإلغاء حزب اليسار لإحتضانه لمبادىء مستوردة هدامة، إلخ..." وكان تعليق سناء أنّ هذه البرقية كما لو أنها كتبت بلسان وزير الداخلية. وانتهز الإخوان أحداث يناير77للمطالبة بإقامة الحدود ((فى إقامة حد الله أمن للمجتمع وتطهيرللجانى)).

وفي إضراب الحديد والصلب (أغسطس 89) شاركت صحف الإخوان فى الحملة ضد العمال مع نفى أية صلة لهم بالأحداث وتحذير الأمة من أية تحركات عمالية قبل (انتقال ما حدث في حلوان إلى غير حلوان).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش