ابن قسي

أبو القاسم أحمد بن الحسين بن قَسي
تمثال لابن قسي في قلعة ميرتلة.
اللقبابن قَسِيّ
الديانةالغرب الأندلسي
المذهبالباطنية
الاهتمامات الرئيسيةالتصوف
أعمالهخلع النعلين في الوصول إلى حضرة الجمعين
تأثراتابن العريف
أبي حامد الغزالي

أبو القاسم أحمد بن الحسين بن قَسِيّ (توفي 546 هـ، شلب) متصوف أندلسي، قائد ثورة المريدين، وصاحب كتاب خلع النعلين في الوصول إلى حضرة الجمعين.

بعد موت كبار المتصوفة الأندلسيين كابن برجان وابن العريف، وأبي بكر المايورقي، في نفس السنة، خلا له الجو، فاجتمع حوله أتباعه المريدين، فتزعمهم كفرقة صوفية وأداة سياسية، استخدمها في تحقيق مطامعه للوصول إلى الحكم. فقاد مريديه مدة طويلة في الثورة، سواء ضد المرابطين، أو ضد الموحدين، حتى بعد استسلام جل ثوار الأندلس للسلطان الموحدي عبد المومن بن علي. وبقيت الحركة قائمة إلى آخر حياة مؤسسها والتي انتهت معها حركة المريدين بالأندلس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

مسقط رأس ابن قَسِيّ كان ببادية شلب، وسط أسرة من أثرياء المولدين الذين كانوا يشغلون وظائف مخزنية ومناصب القضاء في دولة المرابطين.[1] استعرب وتأدب وقال الشعر. فتصدق بأمواله،[2] وأقبل على التصوف فرحل إلى ابن العريف بالمرية وأقام عنده وكثر أتباعه فوصل الخبر إلى علي بن يوسف بن تاشفين فأرسل إلى ابن العريف وإلى نظيره ابن برجان من إشبيلية فأسكنهما معًا مراكش. فعاد ابن قسي إلى شلب وأقام رابطة بقرية "جلة". وقد اهتم "ابن قسي" في أول أمره بالزهد الباطني القائم على الحكمة الإلهية، كما كان حال مدرسة ابن مسرة، كما أنه اهتم بكتب التصوف، وخاض في موضوعات الغلاة من الباطنية، وعكف على مؤلفات "إخوان الصفا". وذكره "أبو الحسن الششتري" في عداد شيوخ الطريقة السبعينية لابن سبعين. إلا أن شغفه كان كبيرا بكتب الغزالي؛ وذلك لما كان لها من أثر سياسي معارض للحكم المرابطي، فاتخذ ابن قَسي من إحياء علوم الدين ورقة إيديولوجية وسياسية يلعب بها ضد خصومه المرابطين. فاستغل ابن قَسي مسألة فتوى الفقهاء المرابطين بإحراق كتب الغزالي، فادعى أنه على مذهب الغزالي، مثلما فعل المهدي بن تومرت، وتسمى بالمهدي والإمام،[3] وبدأ يرتب مع أتباعه الثورة على المرابطين. وزاد في إشعال حماس مؤيدي الثورة على المرابطين أصداء الاضطرابات التي كانت تشهدها بلاد المغرب ضد دولة المرابطين.

ونحن أناس قد حمتنا سيوفناعن الظلم لما تجرم بالمظالم.[4]


ثورة المريدين

تعود الحركة الصوفية التي قادها ابن العريف ومريدوه بجذورها إلى مدرسة ابن مَسَّرة، والتي ظهرت في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، بقرطبة، وانتعشت في عهد المرابطين في المرية. وتقوم هذه الحركة على ممارسات معينة مثل التوبة، والفقر، والتوكل، والانقباض والانبساط، وهي تريد أن تصل بأتباعها إلى حالة الفناء بالشهود أي أن تصل إلى حال لا يحضر في شهوده إلا الله، وبذلك يكون أتباع هذه الحركة، ومنهم ابن قسي، قد تحولوا إلى أشخاص يشبهون في أعمالهم الأئمة من رجال الدين، وبالتالي تحوِّل أتباعهم إلى الولاء لهم بدلاً من الولاء للمرابطين، فاصطدم أتباع ابن العريف بجمهرة الفقهاء الذين كانت لهم الكلمة العليا في عصر المرابطين في شؤون الدولة والمجتمع، فلاحقتهم السلطة المرابطية بتهمة الهرطقة وسجن ابن العريف واثنان من مريديه وهما الميورقي وابن برجان، فتوفي الأخير في السجن ويقال إن ابن العريف مات مسموماً بعد خروجه من السجن. [5]


عكف ابن قسي على الوعظ وكثر مريدوه وكاتب أهل مَرْبَلَّة يدعوهم إلى خلع المرابطين. فاختبأ عند قوم يعرفون ببني السنة، بعد أن شعر بتربص جنود المرابطين به، وقبض على طائفة من أصحابه فسيقوا إلى إشبيلية، فبعث يتعليماته من مختبأه، إلى أحد المقربين إليه وهو ابن القايلة، ومن بقي من أصحابه، بمهاجمة قلعة ميرتلة غرب الأندلس ويداهموها وفق خطة رسمها لهم في أوائل عام 539 هـ /1144م. فاستولوا عليها وهم نحو من سبعين رجلا، وتغلبوا عليها سحر ليلة الخميس 12 صفر منها بعد أن قتلوا بواب القلعة . وأعلنوا بدعوة ابن قسي وأقاموا على ذلك إلى أن وصلهم في شهر ربيع الأول في جمع وافر من المريدين. وبعث إلى أعيان ولاية الغرب يدعوهم إلى الانضمام إلى ثورته لتحرير الأندلس من المرابطين، فاستجاب له كثير من أهل تلك النواحي. ويروي يوسف النبهاني، في الجزء الأول من كتاب جامع كرامات الأولياء من كرامات ابن قسي المزعومة أنه كان له عنزات لبنها له طعم اللبن بالعسل، وكان يعطي المال من الغيب، فأتاه الناس والبسطاء من كل حدب وصوب معتقدين فيه، حتى استغرب بعض الناس: سبحان الله، المال يأتي من عند الله وعليه سكة المرابطين. وقرر ابن قَسي أن تكون لدولته عملة خاصة، فأمر بسك دينار مهدوي وكتب عليه المهدي إمامنا وغيرها من الشعارات.[6] فسيطر على شلب ولبلة وولبة[7] ويابرة وباجة. وكان من بين أتباعه الكاتب ابن القابِلة، الذي كان من كبار أعوانه، فاختص بكتابته وأموره حتى سماه المصطفى ثم نقم عليه ابن قسي أمرا فقتله. ومن أبرز أتباعه ابن المنذر، وهو ثائر آخر، من أعيان شلب، وكان زاهدا عالما، تصدق بكل ماله لاجل قضية اين قسي بعد أن قصده في قلعة ميرتلة فأقره ابن قسي على شلب وما والاها، ولقبه بالعزيز بالله،[8] بعد انتزاع ابن المنذر حصن مرجيق (pt) من المرابطين. انجاز ابن المنذر جعل المرابطون يغادرون باجة إلى اشبيلية، فسار في أثرهم ابن المنذر. فتضاعفت جموع ابن قسي فتملكه الغرور وقرر السير إلى اشبيلية، فاستولى في طريقه على عدة حصون من ضواحيها.

ومن أتباع ابن قسي، المريد محمد بن يحي الشليشي وهو من أكبر أتباعه الذين عملوا على بث دعوته في جل أرض الأندلس. كما إلتحق به سدراتي ابن وزير، الذي عينه أميرا على باجة وما والاها. ووصلت مطامعهم إلى محاولة دخول قرطبة، مستغلين الفتنة القائمة في أرجاء الأندلس. فاستمرت سيطرة المريدين على الغرب الأندلسي منذ عام 539 هـ إلي غاية عام 546 هـ أي حوالي سبع سنوات.

خلعه

ثم ضعف أمر ابن قسي فتغلب عليه أحد قواده وأتباعه، وهو سدراتي بن وزير، الذي كان يسيطر حينها على بطليوس وباجة، وغلبه على مرتلة.[9] فقبض عليه فهرب منه. فهاجر إلى الموحدين ، بعد أن فتحوا مراكش، متوجها عند عبد المؤمن بسلا متبرئا مما كان يدعيه، ورغبه في ملك الأندلس وأغراه بمحاربة المرابطين، فوثقوا به وأرسلوا معه عسكرهم سنة 541 هـ إلى شلب فحاربوا ابن وزير، حتى استسلم، فعينوا ابن قَسي على شلب، فعاد إلى الخلاف واستظهر بأمير من بقايا المرابطين، وهم اعداء الموحدين. ثم بدأ ابن قسي في مشاورات مع ألفونسو الأول ملك البرتغال ضد الموحدين، فبعث ألفونسو إليه بفرس وسلاح فأنكر ذلك أهل شلب وفتكوا به في قصر الشراجب. فسلم ابن المنذر كل المدن لسلطة الموحدين. [10][11][12]

تأثيره

استطاع ابن قَسِيّ، أن يتابع مسيرة ابن العريف في نشر مبادئ حركة المريدين الصوفية، عبر الكتب التي ألفها وبمساعدة أسلوب الجدية والحسم، الذي اتبعه مع الأتباع، فانتشرت مبادئ هذه الحركة على نطاق واسع، إلى درجة أن ولي عهد المرابطين تاشفين بن علي، كان متأثراً بهذه المبادئ، وقيل إنه كان يقرأ كتب المريدين.

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ (1/133)الحلة السيراء المؤلف : ابن الأبار
  2. ^ هنري كوربان: تاريخ الفلسفة الإسلامية، ط1، 1966، ص335.
  3. ^ ابن الآبار الحلة السراء، ج2، ص197.
  4. ^ من شعر ابن قسي بين يدي ثورته
  5. ^ علي أحمد. "ابن قَسِيَ". الموسوعة العربية. Retrieved 2014-01-07.
  6. ^ Ahmad ibn Qasi Abd Allah 539-546 / 1144-1151 أحمد بن قسي Coins of al-Andalus Tonegawacollection ALMORAVID TAIFAS
  7. ^ (1/135) الحلة السيراء المؤلف : ابن الأبار
  8. ^ الأعلام - خير الدين الزركلي - ج ٦ - الصفحة ٣١٢
  9. ^ تاريخ ابن خلدون 999 من 1218
  10. ^ ابن قَسِيّ
  11. ^ الحلة السيراء 199 - 202
  12. ^ الإعلام بمن حل مراكش. 1: 224 - 226

للاستزادة

  • ابن العريف، محاسن المجالس، تحقيق آسين بلاثيوس (طبعة باريس، 1933).
  • التادلي، التشوف إلى رجال التصوف (طبعة الرباط، 1958).
  • ابن الآبار، الحلة السيراء، تحقيق حسين مؤنس (القاهرة 1993).