ابن سناء الملك

القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد سناء الملك أبى عبد الله محمد بن هبة الله بن محمد السعدي (550 هـ - 608هـ) الشاعر المشهور، صاحب الديوان الشعرى البديع والنظم الرائق، أحد الفضلاء الرؤساء النبلاء، وكان كثير التخصص والتنعم، وافر السعادة، محظوظا في الدنيا.

ولد في حدود سنة 550 هـ. أخذ الحديث عن الحافظ السلفي الأصفهاني، وكتب الشعر منذ سن مبكرة، وكتب قصيدة للقاضي الفاضل، وسنه لم يبلغ العشرين سنة، وكان أولها:

فَراقُُ قضى للهم والقلب بالجمع وهَجْرُُ تولى صلح عينى معَ الدمعِ

واتفق في عصره بمصر جماعة من الشعراء المجيدين، وكان لهم مجالس تجرى بينهم فيها مفاكهات ومحاورات يروق سماعها. اختصر كتاب الحيوان للجاحظ، وسمى المختصر روح الحيوان، وله كتاب مصايد الشوارد، جمع فيه شيئا من الرسائل الدائرة بينه وبين القاضي الفاضل وسماه فصوص الفصول.

قال العماد الأصفهانى عنه لما قابله: «... فوجدته في الذكاء آية، قد أحرز في صناعة النظم والنثر غاية، تلقى عرابة العربية له باليمين راية، وقد ألحفه الإقبال الفاضلي في الفضل قبولا، وجعل طين خاطره على الفطنة مجبولا، وأنا أرجو أن ترقى في الصناعة رتبته، وتغزر عند تمادي أيامه في العلم بغيته، وتصفو من الصفا منقبته، وتروى بماء الدربة رويته، وتستكثر فوائده، وتؤثره قلائده..» وللقاضي السعيد نوادر كثيرة. وتوفي في شهر رمضان سنة (608هـ) بالقاهرة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

من قصائده

ونـظمتُها في يوم عا شـوراءَ من همّي وحزني
يـومٌ يناسب غَبن مَن قتلـوه ظلـماً مثـل غبني
يـوم يساءُ به وفيـ ـه كــلُ شيعيّ~ وسُنّي
إن لـم أعزِّ المسلميـ ـن به فـإنـي لا أهـنّى
أو كـنتُ ممن لا ينو ح بـه فـأنـي لا أغنـي
قُتِلَ الحسين بكل ضر بٍ للـبغـاة وكـلّ طـعن
شَنّوا علـيه وما سقو ه قطـرةً مـن ماءِ شَـنّ
أنتَ الولـيُّ له تصرّ حُ بالولاء ولسـتَ تـكنى
ولأنتَ أولـى مَن يبا كر قاتلـيه بـكـل لـعن
وهو الشفـيعُ لحاجتي لـيزيدني مـَن لـم يُردنى
وقصـيدتـي أطلقتها بـالبثّ من صدرِ كسـجن


القاضي السعيد هبة الله بن جعفر بن المعتمد سناء الملك محمد السعدي المعروف بابن سناء الملك ، ولد سنة 550 هـ كثير النعم وافر الثروة اشتهر بالنظم والنثر الجيّدين وسنّه دون العشرين ، جرت بينه وبين القاضي الفاضل مراسلات كثيرة .


من آثاره

  • روح الحيوان ،
  • فُصوص الفصول ،
  • ديوان رسائل ،
  • ديوان شعره المطبوع بالقاهرة سنة 1388 هـ .

وكان ملماً ببعض اللغات الاجنبية ، فهو يجيد الفارسية ويتقنها ويشير الى ذلك في احدى قصائده التي وجهها إلى القاضي الفاضل : وعزّ على العرب اني حفظــت برغمى بعضِ لغات العجم

قال ابن سعيد في كتابه (الاغتباط في حلي مدينة الفسطاط) ج 2 ص 293 انه كان مغالياً في التشيع ، أما شارح الديوان فينفي عنه ذلك ، ومن قوله في مدح القاضي الفاضل : أصبحت في مدح الاجل موحّداً ولكم أتتني من أياديه ثنى وغدوتُ من حُـبّي له متشيّعـاً يا من رأى متشيعاً متسنناً

أبوه القاضي الرشيد كان يشغل منصباً هاماً ويعتني بتربية ولده هذا . كانت وفاة الشاعر في العشر الأول من شهر رمضان سنة 608 هـ . ودفن بالقاهرة كما ذكر ابن خلكان في الوفيات . ولما كان قد حرم عطف أبويه بوفاتهما وهو في ريعان الشباب أكثر من رئائهما فيقول في رثاء امه .


مالي أُنهنه عنك آمالي وأصدا عنك كأنني قالي

ويرثي أباه في لهفة عارمة كما رثى أمه . أيا دار في جنات عدن له دار ويا جار إن الله فيها له جار

وهي قصيدة بلغ فيها الذروة لأنها عصارة نفس . سأبكي أبي بل ألبس الدمع بعده وإن لذيل الدمع فـيه لجـرّار وإن فنيت من ناظري فيه أدمع لما فنيت من مقولي فيه أشعار لعليّ بعد المـوت ألـقاه شافعاً اذا أثقلتني في القـيامة أوزار

وقد بلغت هذه القصيدة تسعة وستين بيتاً وكثير من أبياتها فرائد نفيسة ، وقال في رثاء امه في قصيدته التي مطلعها : صح من دهرنا وفاة الحياء فليطل منكما بكاء الوفاء

والقصيدة طويلة تبلغ تسعة وستين بيتاً ، وفي هذه القصيدة يضيق صدره ولا ينطلق لسانه فيقول : أنتِ عندي أجل مـن كـل تأبـ ـين ولو صغت بالثريا رثائى في ضميري ما ليس يبرز شعري لا ولو كنت أشعـر الشعـراء

ثم يخاطب القبر ويناجيه فيقول :

وإذا مـا دعـوتُ قبـركِ شوقاً فبحقى ألا تـجـيبي نـدائي هل درى القبر ما حواه وما أخـ ـفاه من ذلك السنى والسناء فلكم شـفّ بـاهر الـنور منه فرأيت الإغضاء في إغضائي


فاحتفظ أيهـا الضـريح بـبدر صرت من أجله كمثل السماء
وتـرفـّق به فـإنـك تـسدي منّة جـمـّة إلـى الـعلـياء
أنت عندي لما حويت من الطـ ـهر يُحاكـيك مسجـدٌ بقُباء
لك حجّتي وهجرتي ولمن فيـ ـك ثنائي ومدحتـي ودعائي

الجنة تحت أقدام الامهات :

اذكريني يـوم القيـامة يا أمّ لئـلا أعـدُّ فـي الأشقـياء
واشفعى لي فجنّتي تحت أقدا مـك من غير شبهة وامتراء
فقريب لا شـك يأتـيك عنى بقدومـى علـيك وفد الهناء
عجّل الله راحتي مـن حياتي إنها في الزمـان أعظم دائي
وإذا ما الحياة كانت كمثل الدا ء كان الممات مـثل الـدواء

وقوله في الفخر :

سوايَ يهاب الموت أو يرهبُ الردى وغيـري يَهوى أن يعيش مخـلّدا
ولكنني لا أرهـبُ الـدهر إن سطا ولا أحذر الموت الـزؤام إذا عـدا
ولو مدّ نحوي حادثُـالدهـر كـفـّه لحدثّتُ نفـسي أن أمـُدّ لـه يـدا
توقُّد عـزمـى يـترك الماءَ جمرةً وحيلةُ حِلمي تتـرك السيفَ مُبردا
وأظـمأ إن أبـدى لـي الـماء مِنّةً ولو كان لي نهرُ المجرّة مَـوردا(1)
ولـو كـان إدراك الـهـدى بتذللٍ رأيتُ الهدى ألا أميل الـى الهُدى
وإنـك عـبدي يـا زمـانُ وانـني على الرغم مني أن أُرى لك سيّدا
وما أنـا راضٍ أنني واطـئ الثرى ولي همّة لا ترتضي الأفق مَقعدا


ولـي قلـمٌ فـي أنملي إن هـززته فما ضـرّنـي ألا أهزّ المهندا
إذا صال فوق الطرس وقعُ صريره فإن صليل المشرفيّ له صدى

في رثاء صديق له :

بكيتُ فمـا أجـدى حزنتُ فما أغنى ولا بد لي أن أجهد الدمع والحُزنا
قبيـحٌ قبيحٌ أن أرى الـدمع لا يفى وأقبح منه أن أرى القلب لا يَغنى
مضى الـجوهر الأعلى وأي مروءة إذا ما أدخرّنا بعده العَرَضَ الأدنى
ثكِلـتُ خـليلاً صرتُ من بعد ثُكله فُرادى وجـاء الهمّ من بعده مثنى
وقد كان مثوى القلب معنى سروره فقد خَرِب المثوى وقد أقفز المغنى(1)


وقال يرثي امرأة كان يحبّها ويعشقها :

بكيتكِ بالعـين التـي انـتِ أختُها وشمس الضحـى تبكـيك إذ انتِ بنتُها
وتضحك غـزلان الـفلاة لأنـني بعينـيك لما أن نظـرتُ فـضَحـتُها
ويا منية يا ليتـني لـم أفـز بها وأمـنـيةً يـا ليـتـني ما بلـغـتُها
شهـدتُ بأنّي فـيك ألأمُ ثـاكل لليـلة بـينٍ متِّ فيـهـا وعشـتهـا
أفاديـتي يـا لـيت أني فـديتها وسـابـقتي يا ليت أنّـي سبـقتـها
وقد كنتِ عـندي نعمةً وكأنـني وقـد عـشت يـوماً بعدها قد كفرتها
وما بال نفسي فيك ما كان بختُها مـماتي لمّا لـم يَـعش منـك بختُها
نعم كبدي لا وجنتي قـد لطمتها علـيك وعيشي لا ثـيابـي شقـقتها
أيا دهر قـد أوجدتني مذ وجدتها فما لـك لا أعدمـتـني إذ عدمتهـا
تـطلبتها مـن ناظري بعد فقدها فضاعت ولكن فـي فـؤادي وجدتها


ثكلتك بدراً فـي فـؤادي شـروقه وفـاكهـة في جنّـةالخـلد نـبتها
على رغمـها خـانت عهودي وإنه جـزاءٌلأنـي كـم وفت لي وخنتها
وأنفقتُ مـن تـبر المـدامع للأسى كنوزاً لهـذا اليوم كـنتُ ذخـرتها
وسالت على خَديّ من لوعة الجوى سيول دمـوع خضتـها ثم عُمتُـها
لآلئ دمـعـي من لآلـئ ثغـرها ففي وقـت لثمي كنتُ منه سرقتهـا
قد اعتذرت نـفسي بـأن بـقاءها لتندبـَها لــكننـي مـا عـذرتها
وجُهدي إما زفـرة قـد حبسـتها عليـها وإما دمعـة قـد سكـبتـها
أصارت حصاة القـلب مني حقيقة حـصـاةٍ لأنّي بعدهــا قـد نَبذتها
ومعشوقة لي لسـت أعشق بعدها نعـم لـي أخرى بعـدها قد عشقتها
عشقتُ على رغـم الحـياة منيّتي تراني لمـا أن عشـقـت أغـرتها
أزور فؤادي كلما اشتقت قـبرها غراماً لأنـي في فـؤادي دفـنتـها
وأشرق بالماء الـذي قد شربـته ومـا شرقـي إلا لأنـي ذكـرتهـا
وأمنحها نفسي وروحـي وأدمعي ولـو طـلبت منـي الزيادة زدتهـا
محاسنها تحت الثري مـا تغيّبت كذا بـجنـاني لا بـعقلـي خِـلتها
ولو بليت تلـك الحـُلى وتنكرت وأبصـرتها بعد البـلى لعـرفـتها
يُريني خيالـي شخصَها وبهاءَها ونضرَتهـا حـتى كأنـّي نظـرتها
غدت في ثراها عاطلاً ويجيدها عقود لآلٍ مـن دمـوعـي نظمتها
فيا لحدها يـا ليـت أني سكنته وأكفـانَـها يـا ليت أني لبستـها
فلا تجـحدي إن قلتُ قبرُك جنّةٌ فرائحة الفـردوس مـنه شمـمتها(1)


قاضي السلامية

الشيخ ابراهيم بن نصر قاضي السلامية بالموصل وفاته سنة 610 هـ يا شهر عاشـوراء أذكـرتنـي مصارع الاشراف من هاشمِ أبكي ولا لوم عـلى مَـن بكى وإنمـا الـلوم على اللائـم ما من بكى فـيك أشــدّ البكا وناحَ بالعـاصـي ولا الآثم رزيـة مـا قام فـي مـثلـها نائحـة تندب فـي مـأتـم آل رسـول الله خـير الـورى وصفـوة الله علـى العـالم مثل مصابيح الدجـى عـفرّت وجوههم في الرهـج الـقاتم رؤوسـهم تحـمل فـوق القنا مظلومة شُلّـت يـد الظـالم ساروا بـهـا يـا قبـحها فعلة مـثل مسـير الظافـر الغانم كنما الـزهراء ليسـت لـهـم أمّاً ولا الـجد أبـو الـقاسم قل لابـن مرجـانة لا بـد أن تَعَضّ كفّ الـخاسـر النادم محـمـد خـيـر بـنـي آدم خصمك يـا شـر بـني آدمِ يطلب مـنك الـثأر في موقف ما فيه للظـالم من عـاصم وفيه يقـتصّ مـن المعتـدي بالنار لا بـالسيـف والصارم(1)


مصادر

http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=57468

  • إسلام أون لاين.

http://www.al-hakawati.net/arabic/civilizations/book13a780.asp

  • وفيات الأعيان.