إشراقات كردية

غلاف العدد الأول من مجلة "إشراقات كردية".

إشراقات كردية هي مجلة ثقافية عامة باللغة العربية، تعني بالتواصل الكردي-المصري، وصدر أول عدد منها في سبتمبر 2011. فالثقافة من الكلمات التي رافقت رحلات الإنسان الحضارية. وما زالت، فهي لم تدخل البنى الفكرية والمجتمعية وحسب، بل دخلت في الجدليات القائمة ما بين البنى المادية والإنسان. من هذا المنطلق جاءت المجلة تتويجا لهذه المرحلة الحضارية التي بذلها الأستاذ ملا ياسين رؤوف، والتي نحت منحى ثقافياً، أبعدت المجلة عن أن تكون مجرد مجلة ثقافية تصدر في مصر، بل أتاح لها أن تكون تجربة قائمة بذاتها، تعيد إلى الأذهان جريدة 'كردستان' التي صدرت قبل '113' عاماً في مصر (1897). إنها ـ والكلام لملا ياسين- مجلة للتواصل والتقارب بين الثقافتين الكردية والمصرية، لإحياء روح التمازج بين الأدبين العريقين.

وممّا جاء في إفتتاحية رئيس التحرير، نقرأ: صحيح أن فكرة إصدار المجلة جاءت قبل ثورة الشباب المصري، لكنها تبلورت ونشرت بعد الثورة، وبعد أن وضعت الثورة لمسات أصابعها المباركة عليها. وصحيح أن إصدارها جاء مني كفكرة لكن نضوجها وطبعها ونشرها جاء بهمة وشجاعة وجرأة زملائي المصريين أولاً، وكردستانيين ثانياً. جاء العدد حافلاً بالدراسات والمقالات والآراء والحوارات والنصوص الإبداعية والمتابعات والرسائل التي تعنى بالشأن الكردي سواء بأقلام كتّاب مصريين، أو بأقلام كتّاب كرد.

ومما تضمنه العدد الجديد 'بعد العدد التجريبي' مقالة جد هامة للكاتب المعروف فريد أسسرد، وفيها نقرأ أهم خبرين فرضا نفسيهما على الأخبار في إقليم كردستان خلال أسبوع واحد، الأول: هو إعتراف المغرب في تعديلاته الدستورية بشكل واضح لا لبس فيه بالوجود القومي للأمازيغ في البلاد، والإعتراف بلغتهم كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية. والثاني: إعلان البنك المركزي العراقي طرح عملة جديدة تحذف منها الأصفار الثلاثة وتحوي كتابة باللغة الكردية إلى جانب اللغة العربية. وذلك التزاماً بالمادة الرابعة من الدستور التي تجعل اللغتين العربية والكردية لغتين رسميتين في العراق.

ما يعنيه أسسرد هو هذا التفاؤل المقبل على المنطقة، وما يحمله من عهد جديد من التسامح والانفتاح، وما يحمله من مفهوم جديد للمواطنة القائم على المساواة والتآخي. فلم يعد ممكناً أن نحرم من تقنية ثقافة التسامح في عالم يزداد فيه التسامح يوماً بعد آخر، مستنداً في ذلك على التصريح الأخير للسياسي العراقي العريق عدنان الباجة جي في لقاء مع قناة السومرية، حينما قال: كيف أدعو إلى الديمقراطية ولا أؤيد حق الإنسان بتقرير مصيره. لذا أنا أؤيد بشدة حق الكرد في تقرير مصيرهم والإتفاق على البقاء ضمن حدود العراق أو الإنفصال بكيان مستقل. تصريح الباجة جي هذا يثبت أننا لا نفرط في التفاؤل. كما نقرأ حواراً مع الدكتور محمد مجاهد الزيات الخبير الاستراتيجي ونائب رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في مصر.

وأهم ما جاء في هذا الحوار، هو الحديث عن الثورات العربية وكيفية تعامل الأنظمة الحاكمة معها، وذلك من خلال تحليل هادئ وعميق وشامل. أجرى هذا الحوار السيد عبد الفتاح.

نقرأ أيضاً حواراً مع الفنان التشكيلي إسماعيل خياط، الذي يعتبر أحد أبرز رموز الفن التشكيلي الكردستاني، وأفضل من عكس التراجيديا الإنسانية في جريمة الأنفال للكاتب لقمان محمود. أما الكاتب محمود زايد، فكتب عن الأمير ثريا بدرخان '1883- 1936'. ومما لا شك فيه أن إختيار ثريا لمصر لم يكن اختياراً عشوائياً، فمصر في العقلية الكردية آنذاك كانت ملجأً ومأوى للأحرار من الوطنيين الكرد، يزاولون على أرضها أنشطتهم السياسية والثقافة المحرمة عليهم في وطنهم الأم. هذا الأمير الكردي، اشتهر بالنشاط الثقافي والسياسي والعسكري في الحركة التحررية الكردية الحديثة ضد الشوفينيين الآتاتوركيين وغيرهم. درس الحقوق والهندسة الزراعية، ونشأ على سفوح من النضال ومراتع من الكفاح لتحقيق الحلم الكردي الكبير، المتمثل في الدولة الكردية الموحدة والمستقلة للشعب الكردي على أرض كردستان.

كما نقرأ حواراً قيماً بعنوان 'جلال طالباني ونصف قرن من الذكريات مع الجواهري' وهو الحوار الذي أجراه الشاعر برهان شاوي المدير العام لقناة الحرية الفضائية، مع رئيس جمهورية العرق الفيدرالي جلال طالباني، والذي استعرض فيه علاقته بشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري. نقرأ أيضاً 'اللغة العربية في كردستان العراق بين المد والجزر' للكاتب رجائي فايد، 'نهاية الإعلام الحكومي' لعماد علي، 'مستورة الكردية' لفينوس جمال، 'التجربة الديمقراطية في إقليم كردستان' لعبير المرسي، 'محطات كردية مضيئة في تاريخ مصر' للدكتور محمد علي الصويركي، 'تارا الكردية تعيد للعراق قيثارته' لخالد القشطيني، 'الكرد الفيليون رواد صناعة الفخار' للدكتور مؤيد عبد الستار، 'الشاعر الكردي جمال ثريا ومعاناة المنفى وإخفاء الهوية في وطنه' لدلشا يوسف، 'بهمن قوبادي: شاهنشاه السينما الكردية' لزاكروس عثمان وداريوس داري.

وفي صدد الإبداع، نقرأ نصاً جميلاً للشاعرة دلشا يوسف، تحت عنوان 'حواس الأفكار'، وفيه تقول الشاعرة: أميل إلى أخذ الحرية بشرع الحرية بلا إغراء من أمل طاهر أو دنس، في تجاوزات الألفاظ في امتحان الكمال بسحره الناقص في مملكة الحبر المعذب بين حطام الجنسين. أقول سأبقى كالركوة مستقلة بذاتي. أعير مقاديري وأتحكم بدرجة غلياني وزمن فوراني، ولا يعجبني أي تقعّر للفنجان، إلا الذي يستوعب فوراني.

كما نقرأ قصة قصيرة بعنوان 'يوم جديد' للقاص بهاء عبد المجيد، صاحب الأعمال المتميزة، أمثال روايتي 'سانت تريزا' و'النوم مع الغرباء' اللتين ترجمتا إلى اللغة الإنجليزية ونشرتا بدار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2010.

هذا بالإضافة إلى قراءة جد هامة للشاعر فتح الله حسيني عن آخر أعمال الكاتب والصحفي المعروف ستران عبد الله والمعنونة بـ'رؤى كردية بكلمات عربية'، وفيها نقرأ: يشبه كتاب الصحافي والكاتب الصديق ستران عبد الله، كتاب يوميات قلق حيال الحدث، أو كتابا في دفاتر اليوميات، لا سيما إذا إعتبرنا أن الكتاب هو ملحوظ من مقدمته إنه مجموعة زوايا صحافية منتظمة في جريدة منتظمة، ولكن يظل ثمة مرجعيات للكتاب في إطلاقها لحريتها التامة، بالنسبة للحدث الداخلي أو الإقليمي أو الدولي. كما نقرأ بحثاً قيما بعنوان 'الروح القومية الكردية في ملحمة مم وزين' لعبد الرزاق بيمار، وفيه يقول بيمار:

عاش أحمد الخاني في القرن السابع عشر الذي يمكن اعتباره عصر النهوض في الحياة القومية نظراً لما حدثت فيه وفي القرن السادس عشر الذي قبله من تطورات سياسية خطيرة هزت الروح القومية، وأثرت في الواقع الثقافي. وكإشارة إلى ذلك نذكر أن أول تاريخ شامل للكرد كتب في هذه الفترة باسم 'الشرفنامة' والذي هو سجل لمآثر تاريخ الكرد وحكوماتهم وإماراتهم، وفيه تشجيع وإثارة للروح الوطنية بين الناس. ظهر كذلك شعراء تركوا دواوين شعرية غاية في الأهمية منهم الشيخ أحمد الجزيري، وعلي الحريري، وفقي طيران. أما من الناحية السياسية فلم يكن للأكراد في عصر الخاني دولة موحدة بل إمارات متفرقة لكنها مستقلة.

نقرأ أيضا 'كردستان في الخرائط القديمة' لجان دوست، 'سليم بركات: سحر اللغة العربية يعانق الخيال الكردي' لمحمد الكفراوي، 'ملا بختيار: السباحة ضد التيار' لعلواني مغيب، 'غادة عبد الرزاق: السينما الكردية واعدة لكنها مظلومة' حاورها هشام محمد.

أما المقالة الأخيرة، فجاءت للكاتب المصري المعروف لويس جريس، وفيها نقرأ:

'إن معرفتي بالشعب الكردي من خلال الذين التقيت بهم طوال العشرين عاماً الماضية، تشير وتعطيني الدلائل على أن الشعب الكردي لن يهدأ حتى يقيم دولة كردستان ويضم الأجزاء الثلاثة الموزعة بين تركيا والعراق وإيران في وحدة واحدة، لتعلن للعالم دولة كردستان المستقلة'. طبعاً، ناسياً أو متناسياً أن لكردستان أربعة أضلاع متساوية الآلام والجراح، ولا أعرف كيف أسقط إستاذنا القدير الضلع الكردي في كردستان سورياً من مربع دولته الكردستانية المستقبلية، من مقالته المعنونة بـ 'مستقبل دولة كردستان'؟.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فريق التحرير

جدير بالذكر أن مجلة 'إشراقات كردية' تحمل أسماء كل من ملا ياسين رؤوف 'رئيس التحرير'، علواني مغيب 'مدير التحرير' هاوار مصطفى خان 'سكرتير التحرير'، نوزاد أسود، عماد علي، دلشا يوسف ولقمان محمود 'هيئة التحرير'، زاهر زكريا 'المخرج الفني'.


انظر أيضاً

المصادر

  • لقمان محمود، محرر في مجلة 'سردم العربي' (2011-09-05). "العدد الأول من مجلة 'إشراقات كردية' في القاهرة: تجربة مختلفة في التواصل الثقافي". صحيفة القدس العربي.