أخبار:البرلمان الكاميروني يمنح وضعاً خاصاً للمقاطعتين الناطقتين بالإنجليزية في غرب البلاد

منطقة الجنوب غرب الكاميرونية كما تبدو من جبل الكامرون.


في 20 ديسمبر 2019 وافق البرلمان الكاميرون على موشروع قانون يمنح منطقة الجنوب غرب والشمال غرب وضعاً خاصاً؛ وذلك في محاولةٍ لإيجاد حلول لشكاوى التهميش، وفرض اللغة الفرنسية، وإدارة المناطق الفرنكوفونية على المنطقتين، ولإنهاء الأزمة الانفصالية التي استمرَّت ثلاث سنوات، وخلَّفت ما لا يقل عن 3000 قتيل ونحو 600.000 نازح.[1]

ويُعَدّ هذا القانون نتيجةً للحوار الوطنيّ الذي عقده الرئيس بول بيا في سبتمبر 2019 مع ممثلي الحكومة والمعارضة؛ والذي حضره الفيدراليون وممثلو الحركة الانفصالية.

وقد تمَّ تشكيل ثماني لجان لبحث طرق حلّ مشكلات ورفع مظالم المنطقتين الأنگلوفونيتين، ومعالجة ثنائية اللغة، التنوع الثقافي والتماسك الاجتماعي، التعليم، العدل، إعادة البناء والتنمية، اللامركزية والتنمية المحلية، نزع السلاح والتسريح، إعادة الإدماج، والمغتربين.

غير أنّ هذا الحوار الوطني كان مَعيبًا من البداية؛ إذ حدّدت الحكومة جدول أعمال الحوار مُسبقًا دون مشاركة المعارضة، ولم يحضر الأعضاء الرئيسيون في الحركة الانفصالية الأنغلوفونية الذين يعيشون في الشتات؛ لخوفهم من الاعتقال حال دخولهم البلاد. بينما خرج آخرون من الحوار الوطني محتجِّينَ على كيفية إدارة الحوارات والنقاشات؛ لأن الحكومة لم تتناول في هذا الحوار قضيتهم الرئيسية -الحكم الذاتي- بشكل صحيح.

لقد أسفر الحوار الوطني الذي عقدته الحكومة -رغم عدم مشاركة المعارضين الانفصاليين- عن عدد من المقترحات التي تسهم في معالجة شكاوى المنطقتين الأنغلوفونيتين، والتي تشمل تغيير اسم البلاد -مرة أخرى- إلى جمهورية الكاميرون المتحدة، واعتماد "وضع خاص" للمنطقتين، وعودة مجلس رؤساء القبائل المحلية، وانتخاب محافظين محليين، وتسريع إعادة إدماج المقاتلين السابقين.

وبالفعل، كانت هذه المقترحات بمثابة الإطار الذي اعتمد عليه مشروع القانون الجديد، والذي صوّت عليه مجلسَا النواب والشيوخ في الدورتين الاستثنائيتين للمجلسين منصف ديسمبر بناءً على تعليمات من رئيس الكاميرون "بول بيا".

إنَّ مشروع القانون الذي منح "الوضع الخاص" للمنطقتين الأنغلوفونيتين يدعو إلى إنشاء جمعيات الزعماء المحليين، والجمعيات الإقليمية، والمجالس؛ بحيث يكون لكل منطقة من المنطقتين الأنغلوفونيتين رئيسٌ مُنتخَب، ونائب رئيس، وأمناء، ومراقبو إدارة الشؤون العامة. وسيكون ثلاثة مفوضين مسؤولين عن شؤون التنمية الاقتصادية والصحية والاجتماعية والتعليمية والرياضية والثقافية.

ويقترح مشروع القانون أيضا إيجاد مُوَفِّقِين عامّين مستقلّين في المنطقتين لحلّ النزاعات حول سير عمل الإدارات الإقليمية، ومنح رؤساء البلديات المنتخبين مزيدًا من الصلاحيات لتعيين موظفي المستشفى والمعلّمين؛ وذلك لحلّ أزمة إضرابات الأطباء والمعلمين.

وفي تصريح لأبي بكر عبد الله -كبير نواب رئيس مجلس الشيوخ الناطق بالفرنسية والذي ترأَّس جلسة البرلمان العامة الختامية يوم الجمعة-؛ قال: إن الموافقة على مشروع القانون ستُنهي النزاع القائم بشأن القضية.

"اسمح لي أن أشير بشكل خاص إلى الوضع الخاص الذي ستحصل عليه المنطقتان الشمالية الغربية والجنوبية الغربية من الآن فصاعدا. ولذا، حان الوقت لإسكات البنادق. حان الوقت لوقف أعمال القتل والعنف والدمار".

بل إن جُلّ أعضاء البرلمان المتحدثين بالفرنسية قد استحسنوا هذا القانون الجديد، قائلين: إنه يعكس آراء غالبية الذين استشارهم الرئيس "بول بيا" ورئيس الوزراء "جوزيف ديون نغوتي" قبل جلسات البرلمان الاستثنائية. وأشاروا في مختلف تصريحاتهم إلى أن مَنْح "الوضع الخاص" للمنطقة الشمالية الغربية والمنطقة الجنوبية الغربية سيعزّز الوحدة والتكامل الوطنيين وإرادة الكاميرونيين في العيش كشعبٍ واحدٍ لا يتجزأ، وسيدعِّم القانون عمليات التكامل الاقتصادي والثقافي.

فلا غرابة إذًا أنْ صَوَّت على مشروع القانون غالبيةُ المُشَرِّعين الفرنكوفونيين الذين يُشَكِّلُون أكثر من 80٪ من أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 180 عضوًا، و85٪ من مجلس الشيوخ.

وفي المقابل، رفضت "الجبهة الديمقراطية الاجتماعية" (Social Democratic Front) المعارضة -التي تضم 13 متحدثًا باللغة الإنجليزية من بين أعضائها البالغ عددهم 19 عضوًا في مجلس النواب وسبعة من المنطقة الشمالية الغربية في مجلس الشيوخ- تأييدَ مشروع القانون، بل ورفض البعض المشاركة في التصويت في حين صوَّت الآخرون ضده.

مقترح الحكم الفدرالي

قد يثني مؤيدو الحكومة الكاميرونية على قرار الرئيس "بيا" بمنح منطقتي البلاد الأنغلوفونيتين "وضعًا خاصًّا"، لكنَّ خبراء السياسة وزعماء المنطقتين الشمالية الغربية والجنوبية الغربية المعنيتين في هذه القضية يشكِّكُون في إمكانية إنهاء هذا القانون للأزمة؛ فقد جادلوا بأنه لا يوجد سوى حلّ دائم واحد للصراع العنيف في الكاميرون، وهو النظام الفيدرالي.

ويرى عضو مجلس الشيوخ "هنري كيميندي" في مقابلته مع دوتش فيللي، أن ما يشمله مشروع القانون صغيرٌ جدًّا، ولا يلبِّي احتياجات سكان الشمال الغربي والجنوب الغربي من الكاميرون، والمشروع نفسه تأخّر كثيرًا. وذلك لأنه جاء في الجزء 328 من مشروع قانون: "بالإضافة إلى الصلاحيات الممنوحة للمنطقتين بموجب القانون المقترَح، يجوز لمنطقتي الشمال الغربي والجنوب الغربي ممارسة الصلاحيات التالية: المشاركة في صياغة السياسات العامة الوطنية المتعلقة بالنظام الفرعي للتعليم في المناطق الأنغلوفونية"، وهذا يشبه -في رأي "كيميندي"- قطعة من السكر في حوض ماء؛ لأن مشاركة المنطقتين لن تكون محسوسة.

وعليه، فإن الحلّ يتمثّل في تمكين المنطقتين من تحديد السياسات حول النظام التعليمي والقضائي والتشريعي والتنفيذي، وتحديد القضايا على المستوى الوطني، وليس فقط على المستوى المحلي؛ فالقدرة على معالجة القضايا التي تؤثّر بشكل مباشر على حياتهم اليومية هي ما يتوق إليه سُكان المنطقتين الشمالية الغربية والجنوبية الغربية في الكاميرون.

"إنهم يريدون أن يتحكموا في مصيرهم، دون توجيه من مكان آخر بعقلية أجنبية لا تتناسب مع حقائقهم المحلية"؛ هكذا قال "كيميندي".

من جانب آخر، أثار عدم استشارة الحكومة الكاميرونية كبار السياسيين والزعماء المحليين في المنطقتين غضبًا شديدًا في الأوساط السياسية داخل البلاد وخارجها. وقد عبَّر بعض النواب حتى من الحزب الحاكم عن استيائهم؛ لأنهم لم يستطيعوا تقديم توصيات أو تعديل مشروع القانون.

وقد سأل "عودو مبايا سيبريان" -وهو عضو البرلمان من حزب "SDP" المعارض- وزيرَ اللامركزية في البرلمان: "لماذا لم تأخذ نص مشروع القانون ليوقّع عليه الرئيس كمرسومٍ؟ لا يمكننا تغيير حتى فاصلة لأنك ستدافع عنه".

وفي وجهة نظر الدكتور "نيك نغوانيام" -السياسي الذي نشأ في المنطقة الأنغلوفونية، واقترح في سبتمبر الماضي تجزئة البلاد في شرق وغرب الكاميرون لتشكيل النظام الفيدرالي:

"وُضِعَتْ خُطة الوضع الخاص بروح الاستيعاب، وهي أجندة ظلّ (الرئيس) بول بيا يعمل عليها منذ 36 عامًا"، مستغربًا من سبب إحجام الحكومة عن تطبيق نظام الحكم الفيدرالي؛ "يجب أن يشرحوا ذلك. بعد ذلك يمكننا أن نبدأ في معرفة ما إذا كان (منح المنطقتين) وضعًا خاصًّا سيحلّ الأزمة".

المصادر

  1. ^ ""وضعٌ خاص" للمنطقتين الأنغلوفونيتين: ماذا في مشروع القانون؟". قراءات أفريقية. 2019-12-30. Retrieved 2020-01-05.