يوسف ضياء الدين باشا الخالدي

(تم التحويل من يوسف الخالدي)
يوسف ضياء الدين پاشا الخالدي.

يوسف ضياء الدين پاشا الخالدي (و. 1829 - ت. 1906)، هو سياسي فلسطيني بارز في الفترة العثمانية، ورئيس بلدية القدس بين 1870–1876 و1878–1879.[1] وُلد في القدس وكان نائب المدينة في البرلمان العثماني عام 1877. وسياسي قدير وخطيب جريء ناصر الإصلاح والدستور وعارض السياسة الحميدية. كان كاتباً مثقفاً منفتحاً على الحضارة الأوروبية، تنبه إلى أخطار الحركة الصهيونية، وكتب في ذلك إلى زعمائها وعلى رأسهم تيودور هرتسل. ويعتبر من أبرز الشخصيات الفلسطينية في العهد العثماني.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السنوات المبكرة

هو يوسف ضياء الدين بن محمد علي قاضي مرعش وأرضروم، وحفيد موسى الخالدي قاضي الأناضول من ناحية الأم. ويوسف ضياء واحدٌ من العشرات من أبناء العائلة الخالدية، الذين أثْروا الحضارة مع أقرانه وإخوانه وأبناءهم من هذه العائلة، التي أنجبت طائفة من رجالات الدين والعلم والأدب والصحافة والسياسة، أمثال: روحي ياسين الخالدي (1864-1913) رائد البحث التاريخي الحديث، وابنه العلامة أحمد سامح الخالدي (1896-1951) أحد رواد التربية الحديثة، وابنه البروفيسور الدكتور وليد الخالدي (ولد عام 1925)، والشيخ راغب نعمان الخالدي (1858 -1951) مؤسس المكتبة الخالدية، والشيخ العلامة خليل الخالدي (1863-1941) عالم عصره بالتراث والمخطوطات، والصحفي الأديب جميل الخالدي (1876-1952) من رواد في الصحافة الفلسطينية، وغيرهم.[2]

وتعتبر عائلة الخالدي المقدسية. إحدى أقدم العائلات العربية التي ارتبطت روحياً بمدينة القدس، وقد خدم أفرادها بصورة متصلة، وكثير منهم من حملة العمائم، الأماكن المقدسة بها. كما والسلطة السياسية التي حكمت فلسطين منذ العصر الأيوبي حتى نهاية الحكم البريطاني. فسطرت انجازات كثيرة لعائلة واحدة عاشت في مدينة القدس. أما نسب المقدسي فهي نسبة إلى المكان، وهو هنا القدس فالنسبة إلى القدس مقدسي وليس قدسي، وهو نسبة إلى المسجد الذي عرف ببيت المقدس.

وتذكر المصادر التاريخية التي تؤرخ لعائلة الديري الخالدي المخزومي، أنها إحدى قبائل قريش الأساسية التي تنتسب للقائد العربي خالد بن الوليد. منذ دخلت مع القائد صلاح الدين الأيوبي سنة 581 هجري مدينة القدس.

وُلد في القدس عام 1829، وهي السنة نفسها التي قام فيها متصرف القدس بعزل ولده عن وظيفته ونفيه من المدينة. أمّا والدته فلا نعرف عنها الشيء الكثير، لكن يبدو أنها كانت سيدة يونانية تزوجها أبوه حين كان منفياً عقب ثورة سنة 1834.

طلب العلم صغيراً في جوار المسجد الأقصى وأراد إتمامه في الأزهر ولكن والده رتب له عن طريق مطران الكنيسة الإنجيلية في القدس أن يدرس في الكلية البروتستانتية في مالطا، فبقي مدة سنتين حتى تدخل أخوه الأكبر ياسين ونقله إلى الأستانة لدراسة الطب. ولكنها لم تستهوه فتركها بعد سنة واحدة والتحق بكلية روبرت الأمريكية للهندسة وقد تأسست سنة 1863، وبقي بها سنة ونصفاً ترك الدراسة بعدها بسبب وفاة والده وعاد إلى القدس. وقد شاهد في الأستانة افتتاح المدارس الحديثة ونمو حركة الإصلاح فحاول تطبيق ذلك في القدس. ونجح سنة 1867 - 1868 بمساعدة راشد باشا والي سوريا بإنشاء أول مدرسة رشيدية في القدس بعد جهود كبيرة، ولكن خاب أمله لأنه لم يتعين مديرا للمدرسة التي تسلم زمامها تركي جيء به من إسطنبول.[3]


رئيس بلدية القدس

وعرض عليه منصب رئيس بلدية القدس فقبله وتقلده مدة ست سنوات، فنفذت في عهده مشاريع عديدة لتطوير المدينة مثل إنشاء الشوارع وإصلاحها وصيانتها، ومد شبكة المجاري وتعبيد طريق صالحة لسير العربات بين القدس ويافا بالتعاون مع متصرف القدس. ولكنه اختلف مع كامل باشا متصرف القدس الجديد، وبتدخُّل من والي سوريا عزل عن منصبه.

في بداية سنة 1874 تعين صديقه راشد باشا من حزب الإصلاح وزيراً للخارجية، فدعاه إلى الأستانة كي يعمل ترجماناً في الباب العالي. وعمل في وظيفته تلك ستة شهور تعين بعدها نائباً للقنصل العثماني في بوتي الميناء الروسي على البحر الأسود، وعندما أقصي راشد باشا عن وزارة الخارجية خسر الخالدي منصبه، فأراد أن يتعرف على البلاد الروسية وقام بزيارة طويلة إلى تلك البلاد مرّ خلالها بأوديسا وكييڤ وموسكو ثم سان پطرسبورگ ومنها في نهاية يناير 1875، إلى ڤيينا حيث كان راشد باشا سفيراً لبلاده، وهناك بمساعدته حصل على وظيفة مدرس اللغة العربية بمدرسة اللغات الشرقية.

وفي تلك الفترة من شبابه أظهر اهتماما بالأمور السياسية وشؤون الطوائف الدينية في القدس، وعلى رأسها الطائفة اليهودية. ففي شهر أغسطس سنة 1875 كتب من ڤيينا رسالتين عن أوضاع اليهود في القدس نشرتها جريدة الجويش كرونيكال البريطانية يعقب في الأولى على تقارير مراسل الصحيفة عن أوضاع اليهود الصعبة في القدس وكان عددهم آنذاك 15 ألفاً، أما رسالته الثانية فبمناسبة زيارة الصهيوني الثري موزس مونتفيوري إلى فلسطين وفيها ينصحه بمساعدة طائفته عن طريق بناء المدارس، ليتعلموا صنعة مثمرة ولا سيما الزراعة فيعيلون عائلاتهم بشرف بدل انتظار أموال الجباية السنوية وتوزيعها عليهــم "حلوكاه".

في أغسطس 1875 عاد الخالدي إلى القدس لترتيب بعض الأمور العائلية، ولكن إقامته امتدت فتأجلت عودته إلى ڤيينا واختير مرة أخرى لرئاسة البلدية. وفي بداية سنة 1877 اختاره مجلس إدارة القدس نائباً عن المتصرفية في مجلس المبعوثان العثماني، ونافسه على المنصب عمر فهمي الحسيني ولكنه فاز عليه بنسبة ثمانية إلى أربعة.

عضوية البرلمان العثماني

كان الخالدي النائب الوحيد عن فلسطين في أول برلمان عثماني، وواحدا من أربعة عشر عضواً عربياً من بين أعضائه المائة والعشرين وخلال الدورتين القصيرتين لذلك المجلس في 1877 - 1878 ثبت أنه نشيط ومتحمس لفكرة الدستور والإصلاح، وقد برز في مقاومته ونقده سياسة السلطان عبد الحميد وازدراؤه الدستور. وقد تنبه إلى مواقفه الجريئة مراسلو الصحف فنشروا تصريحاته ونبذا من أقواله في البرلمان، وفي 13 أيار وصفه يوجين شيلر القنصل الأمريكي في العاصمة العثمانية بقوله "أثار يوسف باشا زوبعة في البرلمان بجراءته وفصاحته ولدهشتي أنه يتكلم الانجليزية والفرنسية بطلاقة. يوسف ضياء ليبرالي مثل جمهوري فرنسي في السياسة والدين. ورغم كونه مسلما فإنه اختار العيش داخل دير يوناني. إنه ينتقد السلطان والموظفين الفاسدين والأتراك بشكل عام بألفاظ فظة وليس هذا بغريب فهو عربي والعرب لا يحبون الأتراك !!.

العودة لرئاسة بلدية القدس

مرسوم تعيين يوسف ضيا الخالدي رئيسا لبلدية القدس 1877.

لكن السلطان عبد الحميد الذي ضاق ذرعاً بالبرلمان والدستور ونقد المعارضة لسياسته حل البرلمان في 13 فبراير 1878 وبعد يومين في 15 فبراير تقرر نفي عشرة أعضاء بارزين من المعارضة على رأسهم يوسف الخالدي وركب أعضاء البرلمان السفينة فارس النمساوية التي غادرت إسطنبول في 20 فبراير.

وصل الخالدي ميناء يافا في 14 مارس ومنها إلى القدس فتسلم رئاسة البلدية مرة أخرى وفي نوفمبر سنة 1878 أرسله رؤوف باشا على رأس أربعين فارسا لإحلال النظام في الكرك، وكان المتصرف يخطط لإقصائه، وفي خريف سنة 1879 واتته الفرصة لذلك حيث جرت انتخابات لمجالس الإدارة والمحاكم المحلية . فأبعد عن رئاسة البلدية وعين مكانه عمر فهمي الحسيني، فسافر مرة أخرى إلى فيينا حيث صدر له في السنة التالية ديوان لبيد العامري الشاعر المخضرم الذي عمل على جمعه حين درس العربية في مدرسة اللغات الشرقية، وقد اعتمد المستشرق الألماني هوبر تلك الطبعة في نقل شعر لبيد إلى الألمانية سنة 1891.

في سنة 1881 عاد إلى فلسطين وتعين قائمقاماً في يافا، ثم بمرجعيون في السنة التالية، وبعدها تعين حاكماً عاماً على مقاطعة مولطكي في الشمال الغربي من تبليس الواقعة في الشمال الشرقي من تركيا، وهناك أتقن الكردية فوضع قاموساً أسماه التحف الحميدية في اللغة الكردية صدر في الأستانة سنة 1893. ويظهر أنه كان تصالح مع الباب العالي والسلطان عبد الحميد فعاد للعيش في الأستانة. وقد ذكره السياسي والكاتب البريطاني أمري في مذكراته "حياتي السياسية" حيث يقول: إن يوسف ضياء شاب متحمس، تمتع في الماضي بحرية واسعة في البرلمان في نقد الدولة وسياستها وذلك يعود إلى أنه بدأ حياته في بيت عزت باشا سكرتير السلطان عبد الحميد وحتى في قصر السلطان وبحضوري كان يوسف ضياء الصريح يردد على مسامع الباشا الحديث عن شرور نظام عبد الحميد وهذا يسمعه بخنوع ويطلب منه فقط ألا يرفع صوته عاليا . كما قال عنه السياسي البريطاني المذكور في كتابه أن هذا الباشا العجوز (سنة 1896) كان لطفه وكرمه يغمران حتى الجواسيس الذين يترقبون خطواته خارج بوابة داره.

وقد تردد يوسف ضياء على مجلس الشيخ جمال الدين الأفغاني في تلك السنوات حتى توثقت بينهما عرى الصداقة.

يوسف ضياء والصهيونية

رسالة يوسف ضياء الخالدي لتيودور هرتسل.

أظهر يوسف ضياء اهتماما بالغا في أمور السياسة والحكم، وأيد الإصلاح والتطوير خاصة في موطنه القدس، وبعد المؤتمر الأول للحركة الصهيونية ومحاولاتها المنظمة تطبيق المشروع الصهيوني على أرض فلسطين تنبه الخالدي إلى هذا الخطر، وكتب في الأول من مارس سنة 1889 رسالة إلى تيودور هرتسل بواسطة حاخام الطائفة اليهودية في فرنسا وأحد زعماء الحركة الصهيونية صدوق كاهن وجاء في رسالته:

« لا يمكن التغاضي عن حقائق الواقع التي يجب أخذها بالحسبان. ففلسطين تكون جزءا لايتجزأ من الإمبراطورية العثمانية وهي مأهولة اليوم بغير اليهود. ويقدس هذه أكثر من 390 مليون مسيحي وثلاثماية مليون مسلم، فبأي حق يطالب بها اليهود لأنفسهم؟ إن الأموال اليهودية لن تستطيع شراء فلسطين، ولذا فإن امتلاكها لن يكون إلا بقوة المدافع والسفن الحربية؛ إن الأتراك والعرب يعطفون على اليهود بشكل عام. ولكن هناك منهم من أصيبوا بحمى الكراهية لليهود مثلما حدث في أرقى الشعوب المتحضرة، كما أن المسيحيين العرب لا سيما الكاثوليك والأرثوذكس يكرهون اليهود بشدة. لذا حتى لو حصل هرتسل على موافقة السلطان عبد الحميد على المخطط الصهيوني فإن عليه ألا يفكر أنه سيأتي يوم يصبح فيه الصهيونيون أسياد هذه البلاد؛ ومن الضروري من أجل سلامة اليهود في الدولة العثمانية أن يتوقف تنفيذ المخطط الصهيوني عمليا. إن العالم واسع الأرجاء وفيه كثير من البلاد غير المأهولة التي يمكن إسكان ملايين اليهود المساكين فيها، ولعلهم يجدون فيها السعادة والحياة الآمنة كشعب. وقد يكون هذا الحل الأمثل للمشكلة اليهودية ، فبحق الله اتركوا فلسطين بسلام.»

ورد هرتسل على رسالة الخالدي في 19 مارس سنة 1899. فاقترح في رسالته أن يعيش اليهود بسلام في الدولة العثمانية مقللا من الصعاب والمشكلات التي قد تثور مع العرب. ثم أضاف: "إن الصهيونيين لا ينوون تجريد العرب من أملاكهم بل العكس سوف يثرون من جراء إدخال الأموال اليهودية للبلاد " ويظهر أن هرتسل حاول أن يوسط الخالدي عند السلطان عبد الحميد على الخطة الصهيونية ولذا فقد أنهى رسالته بقوله" إذا لم يوافق السلطان عبد الحميد على الخطة الصهيونية لتمويل ديون الإمبراطورية العثمانية، فإن الصهيونيين سيذهبون إلى بقعة أخرى من العالم".

قاموس الخالدي

تردد الخالدي خلال فترة تواجده في الآستانة على مجلس العلامة الشيخ جمال الدين الأفغاني في تلك الأعوام حتى توثقت بينهما عرى الصداقة. ونشرت جريدة الجامعة الإسلامية، بتاريخ 14 ديسمبر 1934 صورة للشيخ الأفغاني، وقد كتب تحتها التعليق التالي: «الشيخ الأفغاني على فراش الموت (سنة 1897)، والى جانبه صديقه وصفيه الفيلسوف الكبير يوسف ضياء الدين باشا».

ومنذ شبابه عرف عن الخالدي شغفه بتعلم اللغات. وكان كلما تولى عملاً في بلاد أجنبية حذق لغتها، فحذق اللغة اليونانية، والكردية. وحين لم يجد في اللغة الكردية كتاباً ألّف كتاب الهدية الحميدية في اللغة الكردية، وصدر في (الآستانة) عام 1310هـ/ 1992-1893. وظل هذا الكتاب يشار إليه على اعتباره مرجعاً حيوياً لهذه اللغة ويؤدي وظيفة القاموس الكردي ـ العربي. وقد طبع مرة ثانية، في مدينة القدس، عام 1903. وثالثة في مدينة بيروت، عن مكتبة لبنان المهتمة بنشر القواميس عام 1975، طبعة حققها ونقحها: (محمد مكري) أستاذ التتبعات العلمية الفرنسية في باريس، وقد كتب الدكتور مكري مقدمة باللغتين الانكليزية و الفرنسية تضمنت دراسات في مباحث اللغة الكردية «اللهجة الكرمانجية التي كتب بها القاموس. وعن المؤلف يقول د. مكري: «هو يوسف ضياء الدين باشا الخالدي المقدسي من أسرة دينية مشهورة في فلسطين وكان والياً في منطقة الموتكي في ولاية بدليس الكردية حيث عمل خلال تلك الفترة على تأليف هذا القاموس». وكان يعرف ـ كما يقول مكري ـ «اللغات العربية والفارسية و التركية إلى جانب اللغة الكردية». وقد أعيدت طباعة هذه النسخة من القاموس عام 1987.

وقد حوى القاموس الآلاف من مفردات اللغة الكردية الأصيلة، ولقي عمل الخالدي هذا بعد طبعه حفاوة كبيرة من لدن المثقفين الكرد، وكتب العديد منهم أشعاراً تؤرخ لصدور هذا القاموس، وتمدح مؤلفه مما يدل على الفرحة العارمة التي غمرت قلوب أولئك الكرد وقد رأوا مفردات لغتهم المهملة تضمها دفتا كتاب.

ويرى المثقفون الكرد أنَّ الخالدي أسدى بعمله هذا إلى المكتبة الكردية واللغة الكردية بشكل خاص معروفاً لا يمكن نسيانه مدى الزمن.

وتأتي أهمية القاموس ـ وفقاً للباحث دوست ـ «من كون مؤلفه المقدسي ملتزما بجمع المفردات و شوارد الكلمات دون أن يضيف باجتهاده الخاص شيئاً من عنده كما يفعل الكثيرون من المشتغلين على الصناعة المعجمية الكردية هذه السنوات». كما أن هذا القاموس «حفظ لنا كلمات كردية أصيلة لم ينتبه إليها الكتاب المعاصرون للأسف فلم يستعملوها في كتاباتهم».

ومن الذين احتفوا بالكتاب وصاحبه، الشيخ عبد الرحمن بن ملا حسين مفتي مدينة سيرت أو اسعرد وهو من أشهر علماء الكرد في عصره، كما يذكر محمد أمين زكي يقول الشيخ عبد الرحمن في مدح يوسف ضياء من قصيدة له:

وغدت مآثره الحميدة تكتب عن سيد سبق الكرام سليلا
أعني ضياء الدين يوسف من قدومه أضحى البلا محلولا
شمس بأرض القدس شيم ضياؤها فتنورت منها البقاع شعولا
حق علينا شرح متن ثنائه في كل يوم بكرة وأصيلا

ويورد محمد أمين زكي أبياتاً نسبها لمن سماه يوسف ضياء أفندي بن الشيخ حسن بن مصطفى مفتي سيرت ويظن أنه نفس الشاعر صاحب الأبيات السابقة، يقول مؤرخاً لصدور القاموس:

أحلى كتاب في لغى الأكراد قد جمع الجميع وقد سما ترتيبا
وحوى الأصول الغر غير مغادر في الكشف إفراداً و لا تركيبا
مذ تم إملاء الهدية أرخت أملى الكتاب ابن الخليل أديبا

إن المصراع الثاني من البيت الأخير أملى الكتاب ابن الخليل أديبا، يوافق وفق حساب الجمل الأبجدي تماماً العام ألف و ثلاثمئة و عشرة للهجرة الموافق للعام الميلادي 1892 - 1893، وهو العام الذي أكده الدكتور محمد مكري في مقدمة القاموس دون أن يحيل القارئ إلى مصدر معين. كذلك فقد مدحه الملا عاصم ابن الشيخ حسن أفندي مدرس المدرسة الصالحية في سعرت بقوله:

يروي لغى الأكراد يكشف سرها ببديع نظم للقواعد ماهدِ
والكل يشكر في الحقيقة همةً لسليل سيف الله حضرة خالد
يوسف ضياء الدين باشا الشهم من ورث المفاخر ماجداً عن ماجد

أما حسن فهمي أفندي المدرس في المدرسة الصالحية في سيرت فقد كتب تقريظاً على الكتاب ومؤلفه وتأريخاً لتاريخ طبعه قائلاً:

كوكب القدس يوسف باشا صادق الدولة الشهير المزية
بارك الله فيه أبدى طريقاً للمعالي، جزاه رب البرية
نادياً طالب الكمال وأرخ قد كفتنا الهدية الحميدية

ومن أشهر انجازات (الخالدي) أيضاً ـ عندما كان أستاذاً للعربية وآدابها في جامعة (فيينا)، جمعه لديوان الشاعر المخضرم لبيد العامري، وقد طبع منه الجزء الأول عام 1880، وجعل له مقدمة وشرحاً. وقد ترجمت هذه الطبعة إلى اللغة الألمانية، واعتمدها المستشرق الألماني هوبر Huber في نقل شعر (لبيد) إلى اللغة الألمانية عام 1891.

كما ترجمت هذه الطبعة، إضافة إلى تعريف بالشاعر، إلى اللغة الإنجليزية، وطبعت في لندن عام 1891.

ومن انجازاته كذلك استنساخه نسخة من «رسالة الغفران» للمعري، عن النسخة الأصلية القديمة التي كانت محفوظة بمكتبة كوبرلي في (الآستانة)، وأراد طبعها فحال دون ذلك سفره إلى بلاد الأكراد.

وله مجموعة مذكرات وآراء ومعالجات شتى، عنوانها «أنا»، (مذكرات وخواطر). عدا محاضراته الكثيرة.

وقد عني الدكتور ناصر الدين الأسد بإيراد صفوة موجزة عن (الخالدي) في كتابه «الاتجاهات الأدبية الحديثة في فلسطين والأردن»، المطبوع سنة 1957م في القاهرة. ومما ذكره (الأسد) في كتابه هذا أن (الخالدي)، «أقام في الآستانة سوقاً أدبية سماها عكاظ». (9)

ومن كبير حسنات (يوسف ضياء) ـ كما يذكر نويهض ـ أنه: «كان من العاملين على إنشاء المكتبة الخالدية في القدس، وهي أول دار كتب عربية من نوعها أنشئت في بيت المقدس». (10)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وفاته

توفي يوسف ضياء الخالدي عام 1906 في العاصمة العثمانية إسطنبول، وقد ظل حتى آخر أيامه مثل صديقه الأفغاني مراقباً تحت عيون السلطان عبد الحميد، وقضى يندب حركة الدستور والإصلاح التي نشأت معه وآمن بها حتى آخر أيامه.


المصادر

  1. ^ Johann Büssow,Hamidian Palestine: Politics and Society in the District of Jerusalem 1872–1908, Brill, 2011 p. 554.
  2. ^ يوسف ضياء الدين الخالدي..( 1842- 1906م) ، مؤسسة القدس للثقافة والتراث
  3. ^ "يوسف ضياء باشا الخالدي أول من فاوض تيوثودر هرتزل!.. وأول من مثّل فلسطين في البرلمان العثماني." مؤسسة فلسطين للثقافة. 2008-02-21. Retrieved 2018-09-09.