هجائيات (جوڤنال)

هجائيات
by دكيموس يونيوس جوڤينالس
Bern, Burgerbibliothek, Cod. C 219, f. 3 7v – A) Cicero Topica, B) Annaeus Florus Epitome Bellorum Romanorum, Livius Periochae, C) Juvenal Saturae, cum glossis, D) Augustinus (Pseudo-) Categoriae = Pa.jpg
صفحة من مخطوط من سنة 1632، الهجاء 15 وترميز
العنوان الأصليSaturae
المُترجمNiall Rudd
Peter Green
G. G. Ramsay
William Stewart Rose
Lamberto Bozzi
كُتبتح. 100–127 م
البلدالامبراطورية الرومانية
اللغةاللاتينية
النوعهجاء
البحر16 قصيدة مقسمة إلى خمس مجلدات
الوزنdactylic hexameter
نوع الوسطمخطوطة
Full text
The Satires of Juvenal at Wikisource
واجهة الكتاب تصوّر جوڤنال وپرسيوس، من مجلد ترجمه جون درايدن في 1711.

الهجائيات Satires هي مجموعة من القصائد الهجائية كتبها الشاعر الروماني جوڤنال في آخر القرن الأول ومطلع القرن الثاني الميلاديين.

لم ينشر جوڤنال شيئاً من هجائياته حتى مات دوميتيان. وقد ظهر المجلد الأول من قصائده الهجائية الست عشرة في عام 101، ثم ظهر الباقي منها في أربعة مجلدات على فترات متقطعة في أثناء حياته الطويلة، وأكبر الظن أنها كانت ذكريات من عهد دوميتيان الذي لم يعف الشاعر عما لحقه من أذى فيه، ولكن الحقد وهو السبب في وضوحها وقوتها وارتيابنا في صدقها ليوحي بأن سني "الأباطرة الصالحين" القليلة لم تمح المساوىء التي يندد بها. أو لعله قد اختار الهجاء لأنه من الأساليب التي تميز الرومان من غيرهم من الشعوب. وأنه وجد أمثلة يحتذيها، ومادة يقتبسها في كتابات لوسليوس، وهوراس، وپرسيوس؛ وصاغ سخطه وغضبه على أساس المباديء البيانية التي تعلمها في المدرسة. والحق أنا لا نعرف مقدار التقدم الذي خلعه على الصورة التي في ذهننا عن رومة الإمبراطورية، وما كان يجده الكُتّاب والشعراء من لذة في التشهير والسباب.

صدرت قصائد يوڤيناليس الهجائية بعنوان «خمسة كتبِ هجائيات» Saturarum libri V بين عامي (100 - 127م) وهي تتضمن ست عشرة قصيدة مختلفة الطول بالوزن السداسي Hexameter. وعلى الرغم من أن الشاعر قد نظم قصائده في عهد القيصر تراجان والقيصر هادريان، فإن موضوعاتها تتعلق بعهد الرعب والاستبداد في ظل دوميتيانوس. يمكن أن يكون هذا الإسقاط على الماضي القريب هروباً من مواجهة شخصيات عصره بصراحته الفظة اللافتة، أو أنه لم تتح له فرصة التعبير عن استيائه وغضبه إلا في العهد الجديد، مثل معاصره المؤرخ تاكيتوس، أو لأنه لم يمتلك أسلوب معاصره الآخر مارتياليس الذي اتسم بالتورية الذكية والسخرية اللئيمة. أما أسلوب يوڤيناليس في نقد عصره فقد كان مباشراً وأخلاقياً صادماً، وفاضحاً بقسوة عند تناوله مظاهر الفساد.

  • الكتاب الأول: الهجائيات 1–5
  • الكتاب الثاني: الهجائيات 6
  • الكتاب الثالث: الهجائيات 7–9
  • الكتاب الرابع: الهجائيات 10–12
  • الكتاب الخامس: الهجائيات 13–16 (الهجائية رقم 16 محفوظة بشكل جزئي)

تتمحور هجائيات الكتب الخمسة جميعها حول موضوعات رذائل مرحلة حكم دوميتيانوس وبذاءاته وجرائمه والفساد الذي طال الشعب بجميع طبقاته ولاسيما «الأرستقراطية» والبلاط؛ ونادراً ما عالج الشاعر فيها أموراً أخرى مثل شح ما يُدفع للمثقفين والأدباء لقاء أعمالهم (في القصيدة السابعة)، أو شيخوخة محتالي مدينة روما (في القصيدة التاسعة)، أو أكلة لحوم البشر في ولاية مصر (في القصيدة الخامسة عشرة)، أو رذائل الزوجات وعيوبهن (القصيدة السادسة الشهيرة بعنوان «هجائية النساء» التي شغلت الكتاب الثاني كاملاً وبلغ طولها 660 بيتاً)، أو الشذوذ الجنسي (في القصيدتين الثانية والتاسعة).

ثمة إيقاع عالٍ بوتيرة واحدة يسود الهجائيات كافة، سواء كان الموضوع مهماً وخطيراً أم ثانوياً وعادياً. وعلى الرغم من ذلك يرى يوڤيناليس أنه ينتمي إلى تقاليد شعر الهجاء التي تمتد إلى لوكيليوس وهوراسيوس. لكن النقد يرى أن شعره لا ينتمي إلى الطابع الفكاهي في هجاء هذين، وإنما إلى الهجاء العدائي الذي يميز شعر أرخيلوخوس Archilochos معاصر أسخيلوس، أو بعض قصائد هوراسيوس ذات الوزن اليامبي iambic، ومن ثم فهو أقرب في أسلوبه إلى كاتولّوس Catullus.

كثيراً ما تلوح في تضاعيف هجائياته سمات مستمدة من الفلسفة الرواقية ولاسيما منها موقفه العدائي تجاه النساء والشذوذ الجنسي المخالف لسنَّة الطبيعة. ويعد أسلوبه من حيث الصنعة الشعرية بارعاً وأنيقاً، واضحاً ومؤثراً في اختيار المفردات وصياغة الجمل والعبارات الفطِنة السهلة الحفظ وكأنها أمثال شعبية، مثل: «يعظ بشرب الماء ويعاقر الخمر»، أو «والحراس من سيحرسهم؟».

بعد أن نُسي يوڤيناليس مدة من الزمن أحياه في مطلع القرن الثالث الداعية المسيحي ترتوليانوس Tertullianus ت(160ـ225م) الذي وجد في هجائياته متنفساً لسخطه على مثالب عصره. لكن من أفاد منه وروَّج له في الوقت نفسه هو الشاعر الأخلاقي المسيحي البيزنطي زيلوت Zelot ت(ق 9ـ10م)، ومنذ عصر النهضة امتد تأثيره إلى بوكاتشو وبايرون وهاينه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مواضيعها

ويتخذ جوفنال كل شيء موضوعاً لشعره. وهو لا يجد قط مشقة في أن يجد في كل شيء ناحية تتحمل الذم، ويظن "أننا قد وصلنا إلى الدرجة القصوى في الرذيلة، وأن من يأتون بعدنا لن يستطيعوا أن يتفوقوا فيها علينا" وهو صادق في هذا. ولقد كان أصل البلاء كله طلب الثروة بجميع الوسائل الطيب منها والخبيث. وهو يسخر من العالمة الذين كانوا في الأيام الخالية يحكمون الجيوش ويخلعون الملوك، ولكنهم أضحوا الآن يُشترون بالخبز والألعاب(23). وتلك عبارات من مئات العبارات التي خلدها جوفنال بقوته وحيويته. وهو يستنكر ذلك السيل المتدفق من الوجوه، والثياب، والأساليب، والروائح، والآلهة الشرقية؛ ويحتج على نزعة اليهود القبلية، وأقل من يحبه من الخلق هو "اليوناني القميء الشره" وهو السلالة المنحطة لشعب كان من قبل عظيماً ولكنه لم يكن قط شريفاً. وهو يظهر اشمئزازه من المخبرين، أشباه رگيولوس Regulus الذي يصفه پلني، والذين يثرون بنقل ما ينطق به الأفراد من عبارات "غير وطنية"؛ ومن الذين يجرون وراء الوصايا فيحومون حول من لا أبناء لهم من الطاعنين في السن؛ ومن حكام الولايات الذين يعيشون طول حياتهم عيشة الترف بما يبتزونه من الأموال في أثناء حكمهم؛ ومن المحامين النابهين الذين يطيلون القضايا كما يطيل العنكبوت نسيجه الذي يتبرزه من بطنه؛ وأشد ما يعافه هو الإفراط في الصلات الجنسية والشذوذ الجنسي: الخليع المتهتك الذي إذا تزوج وجد أن عهره قد جعله ضعيفاً عاجزاً؛ ومن الشبان المنافقين الذين لا نستطيع أن نميزهم من النساء لتشبههم بهن في أخلاقهم، وتعطرهم، وشهواتهم؛ ومن النساء اللائي يعتقدن أن معنى التحرر أن يتشبهن في كل شيء بالرجال حتى لا تستطيع تمييزهن منهم.

وقد خص الجنس اللطيف بقصيدته الهجائية السادسة وهي أشد قصائده صرامة. نرى فيها پوستومس Postumus يفكر في الزواج، فيحذره جوفنال من التورط في هذا العمل، ثم يصور الشاعر نساء رومة ويصفهن بأنهن أنانيات، سليطات، مخرفات، مسرفات، كثيرات الشجار، متعجرفات، مغرورات، محبات للنزاع، زانيات، لا يكدن يتزوجن حتى يطلقن، ويستبدلن الكلاب المدللة بالأطفال"(24). ويخلص من هذا الوصف إلا أنه لاتكاد توجد في رومة كلها إمرأة خليقة بأن تكون زوجة. ويقول إن الزوجة الصالحة عصفور نادر، أندر من الغراب الأبيض. ويدهشه أن بستيموس يفكر في الزواج على حين أن هناك "حبالاً كثيرة للشنق، ونوافذ كثيرة عالية شاهقة يستطاع الوصول إليها؛ وعلى حين إن جسر إيميليوس لا يبعد عنه إلا قليلاً". حذار أن تتزوج، بل إبق عزباً، واخرج من مستشفى المجانين الذي يحطم الأعصاب والذي يسمونه رومة، وعش في بلدة إيطالية هادئة، تلتقي فيها برجال أشراف، وتأمن فيها على نفسك من المجرمين والشعراء، والمباني المنهارة، واليونان(27). واطرح المطامع وراء ظهرك، فإن الهدف لا يستأهل ما يبذل في الوصول إليه من جهود. ألا ما أطول الجهد، وما أقصر ما يعقبه من صيت. عش عيشة بسيطة، وازرع حديقتك، ولا تطلب أكثر مما يسد رمقك، ويطفيء ظمأك، ويرد عنك البرد والحر(28). وعود نفسك الرأفة، وأشفق على الأطفال، وكن ذا عقل سليم في جسم صحيح(29). والأبله وحده هو الذي يرجو طول الأجل.

وليس من العسير علينا أن نفهم هذا المزاج. ذلك أن مما يسر له الإنسان أن يفكر في نقائص جيرانه وفي ضعة العالم وحقارته إذا قورن بأحلامنا. وإن مما يضاعف سرورنا ونحن نفكر هذا التفكير أن نرى هذه الآراء مصوغة في ألفاظ جوفنال التي جمعها من ألسنة الغوغاء في أزقة المدن وأشعاره السلسة السداسية الأوتاد، وفكاهته الساخرة، وأسلوبه البذيء. ولكن ليس من حقنا أن نأخذ بحرفية أقواله. لقد كان يكتب وهو غاضب، لأنه لم يشق طريقه في رومة بالسرعة التي كان يرجوها. وكان يحلو له أن يثأر لنفسه بأن يكيل الضربات قوية لكل من حوله مدفوعاً إلى ذلك بحقده الذي لم يدع في يوم من الأيام أنه حقد عادل. لقد كان معياره الخلقي عالياً وسليماً وإن كان قد لوثته أهواء المتحفظين وآراؤهم الخاطئة عن الماضي الطاهر الشريف. وفي وسعنا إذا استمسكنا بهذه المعايير، واتبعناها في غير رحمة واعتدال، أن ندين أي جيل من الناس في أي مكان. وقد أدرك سنكا قدم هذا اللهو فكتب يقول: "لقد كان أسلافنا يشكون، ولا نزال نحن نشكو، وسيظل أبناؤنا وأحفادنا يشكون، من فساد الأخلاق، ومن تمكن الشر من النفوس، ومن تردي الناس في مهاوي الخطايا كل يوم أكثر من الذي قبله، ومن أحوال الناس تنتقل من سيء إلى أسوأ منه(30). إن من وراء الفساد الخلقي الظاهر في كل مجتمع دائرة من الحياة السليمة يتسع نطاقها إتساعاً مستمراً ويكفي ما فيها من خيوط التقاليد، وأوامر الدين التي تحض على الخلق الصالح، وما تفرضه الأسرة من واجبات إقتصادية، وما تدفع إليه الغريزة من حب الأبناء والعناية بأمرهم، وما للمرأة ورجال الشرطة من رقابة، يكفي ما فيها من هذا كله لأن يجعلنا أمام الناس مؤدبين محتشمين عاقلين معتدلين. لقد كان جوفنال أعظم الهجائين الرومان، كما كان تاستس أعظم المؤرخين الرومان، ولكنا نخطيء إذا أخذنا الصورة التي يرسمانها على أنها صورة صحيحة، كما نخطئ إذا قبلنا من غير بحث وتمحيص المنظر الراقي الجذاب الجميل الذي يتراءى أمامنا ونحن نقرأ رسائل پلني.


الهامش

المراجع

  • Anderson, William S.. 1982. Essays on Roman Satire. Princeton: Princeton University Press.
  • Adams, J. N.. 1982. The Latin Sexual Vocabulary. Baltimore: Johns Hopkins University Press.
  • Braund, Susanna M.. 1988. Beyond Anger: A Study of Juvenal’s Third Book of Satires. Cambridge: Press Syndicate of the University of Cambridge.
  • Braund, Susanna. 1996. Juvenal Satires Book I. Cambridge: Press Syndicate of the University of Cambridge.
  • Braund, Susanna. 1996. The Roman Satirists and their Masks. London: Bristol Classical Press.
  • Courtney, E.. 1980. A Commentary of the Satires of Juvenal. London: Athlone Press.
  • Edwards, Catherine. 1993. The Politics of Immorality in Ancient Rome. Cambridge: Cambridge University Press.
  • Edwards, Catherine. 1996. Writing Rome: Textual Approached to the City. Cambridge: Cambridge University Press.
  • Freudenburg, Kirk. 1993. The Walking Muse: Horace on the Theory of Satire. Princeton: Princeton University Press.
  • Gleason, Maud. W. 1995. Making Men: Sophists and Self-Presentation in Ancient Rome. Princeton: Princeton University Press.
  • Gowers, Emily. 1993. The Loaded Table: Representations of Food in Roman Literature. Oxford: Oxford University Press.
  • Highet, Gilbert. 1961. Juvenal the Satirist. New York: Oxford University Press.
  • Hutchinson, G. O.. 1993. Latin Literature from Seneca to Juvenal. Oxford: Oxford University Press.
  • Juvenal. 1992. The Satires. Trans. Niall Rudd. Oxford: Oxford University Press.
  • Juvenal. 1992. Persi et Juvenalis Saturae. ed. W. V. Clausen. London: Oxford University Press.
  • The Oxford Classical Dictionary. 1996. 3rd ed. New York: Oxford University Press.
  • Richlin, Amy. 1992. The Garden of Priapus. New York: Oxford University Press.
  • Rudd, Niall. 1982. Themes in Roman Satire. Los Angeles: University of California Press.
  • Syme, Ronald. 1939. The Roman Revolution. Oxford: Oxford University Press.
  • Walters, Jonathan. 1997. Invading the Roman Body: Manliness and Impenetrability in Roman Thought. in J. Hallet and M. Skinner, eds., Roman Sexualities, Princeton: Princeton University Press.
  • Juvenal. 1998. The Sixteen Satires. Trans. Peter Green. London: Penguin Books.

وصلات خارجية

الكلمات الدالة: