نابليون والكنيسة الكاثوليكية

پيوس السابع مع الكاردينال كاپرارا، القاصد الرسولي إلى فرنسا. رسم بريشة جاك-لوي داڤيد.

العلاقة بين ناپليون والكنيسة الكاثوليكية كانت جانباً مهماً في حكمه، أسهم في صعوده للسلطة، كما أسهم في سقوطه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهجوم على پيوس السادس

شعر نابليون أنه خطا خطوات أساسية في تحويل إيطاليا من مجرد تعبير جغرافي إلى أمة، وذلك بتنظيمه الجمهورية السيزالبية (جمهورية جنوب الألب) في الشمال، ومملكة نابلي في الجنوب، لكن النمساويين كانوا قد استطاعوا - في أثناء غياب نابليون في مصر - وضع نهايه لجمهورية روما التي أسسها الفرنسيون قبل ذلك بعام واحد فقط، واستعادت الباباوية عاصمتها التاريخية (روما) ومعظم الولايات الباباوية، وفي 31 مارس 1800 عقد الكرادلة اجتماعا لانتخاب بابا جديد، فوقع الاختيار على بيوس السابع VII Pius الذي كان كل الكاثوليك تقريبا يتطلعون إليه ليدافع عن ممتلكات الكنيسة وعن السلطة الزمنية للباباوات•


سلام لونيڤيل

The papacy had suffered a major loss of church lands through secularizations in the الامبراطورية الرومانية المقدسة following the سلام لونيڤيل (1801), when a number of German princes were compensated for their losses by the seizure of ecclesiastical property.

كونكوردات 1801

ووجد نابليون أن بيوس السابع معقول بما فيه الكفاية عند التفاوض لعقد اتفاقات (كونكوردات) مع الحكومة الفرنسية سواء جرت هذه المفاوضات في باريس أو روما، كما وجده معقولاً في مباركته للصلاحيات الإمبراطورية، لكن هذه الولايات الباباوية (رغم أنها لم تكن منحة من قستنطين كما جرى الادعاء في وقت من الأوقات) قد قدمها پپن القصير Pepin the Short للبابا ستيفن الثاني Stephen في سنة 457• وقد أكد شارلمان في سنة 477 منحة بيبن Pepin هذه، وإن كان قد تدخل في شؤون الحكم في الولايات الباباوية واعتبر نفسه رأس العالم المسيحي لا بد أن يصغي البابا إليه حتى في أمور اللاهوت(01)• وقد طور نابليون أفكاراً مشابهة لأفكار شارلمان.

التتويج الامبراطوري

ضد رغبة معظم الكيوريا، سافر پيوس السابع إلى پاريس لتتويج ناپليون في 1804. وبالرغم من أن البابا والبابوية قد وُعِدوا بالعديد من الهدايا الفاخرة والعطايا المالية، إلا أن البابا قد رفض في البداية معظم المنح. فرضخ نابليون لذلك إلا أنه أمر بصنع التاج البابوي، وكانت أكبر دراتها جوهرة كانت قد صادرها نابليون من البابا پيوس السادس. پورتريه بريشة جاك-لوي داڤيد كان قد أُمِر بها في 1805 بفضل حضوره.

الحصار القاري

لقد كان نابليون قد عقد العزم على مواجهة حصار إنجلترا لفرنسا بحصار مضاد (الحصار القاري المضاد) بمنع دخول البضائع البريطانية إلى الأسواق الأوربية لكن المجلس الإداري التابع للبابا أصر على أن تظل الموانئ التابعة للولايات الباباوية مفتوحة للجميع. وأكثر من هذا فقد كانت هذه الولايات الباباوية تقف حاجزا (بحكم موقعها) بين شمال إيطاليا وجنوبها، فما الحل وقد أصبح نابليون تواقاً لتوحيد إيطاليا وضمها لتكون تحت قبعته• لقد قال لأخيه جوزيف إن هذا هو هدف سياستي الذي لا أبغي عنه حولا(11) واتساقا مع هذه السياسة استولى الجيش الفرنسي على أنكونا Ancona (1797) وهي ميناء إستراتيجي في البحر الأدرياتي يتحكم في الاتصال بين شمال إيطاليا وجنوبها والآن (31 نوفمبر 1805) كان نابليون يستعد لخوض معركة ضد النمسا وروسيا، فانتهز البابا بيوس السابع هذه الفرصة واستجاب لتحريض مجلسه الإداري وحثه المتهور، فأرسل إلى نابليون تحديا خطيرا: لقد أخذنا على عاتقنا أن نطلب من عظمتكم إخلاء أنكونا Ancona، فإن ووجهنا بالرفض فلا ندري كيف نكون على علاقة صداقة مع وزير عظمتكم(21) وقد أجاب نابليون على هذا التحدي بتحدٍ مضاد إن كان قداستكم تحكمون روما، فإنني إمبراطورها(31) لقد امتعض نابليون كثيرا من إرسال البابا تحديه هذا قبيل معركة أوسترليتز. لقد تحدث نابليون كشارلمان لكنه تقدم كقيصر وهزم النمساويين والروس في معركة أوسترليتز.

الدويلات البابوية

وبعد ذلك بعام (21 نوفمبر 1806) وكان قد دمر الجيش البروسي في ينا Jena - أرسل نابليون من برلين للبابا يطلب منه طرد الإنجليز من روما وأن تدخل الدويلات البابوية في الكونفدرالية الإيطالية أي تنضم إليها في وحدة كونفدرالية لأنه - أي نابليون - لا يستطيع أن يتسامح بشأن وجود موانئ وحصون تقع بين مملكة إيطاليا ( في الشمال) ومملكة نابلي (في الجنوب) يمكن أن يحتلها الإنجليز زمن الحرب مما يعرض ولاياته وأهلها للخطر (41)• وأعطى نابليون للبابا بيوس فرصة حتى فبراير 1807 للانصياع لهذا الأمر، ورفض البابا وسمح للوزير البريطاني بالبقاء في روما، وأعاد نابليون طلبه بطرد المفوضيين الإنجليز من روما عند عودته المظفرة من تيلسيت Tilsit ورفض البابا مرة أخرى، وفي 03 أغسطس هدد نابليون بالاستيلاء على الولايات الباباوية، فوافق البابا - خوفاً وهلعاً - على إغلاق موانئه في وجه البريطانيين، وطلب نابليون الآن من البابا الانضمام إليه لمواجهة أعداء فرنسا، فرفض بيوس، وفي العاشر من شهر يناير 8081 أمر نابليون جنراله ميولي Miollis الذي كان وقتها على رأس كتيبة فرنسية في فلورنسا، بالاستيلاء على روما•

ومنذ ذلك اليوم تحركت الأحداث لتشهد صراعا تاريخيا متصاعدا بين الكنيسة والدولة• وفي 2 فبراير استولى جيش ميولي Miollis على سيفيتا فيشيا Civitavecchia ودخل روما في اليوم التالي وطوق الكويرينال Quirinal وهو التل الذي يقع عليه قصر البابا ومقر مجلسه الإداري• ومنذ هذا الوقت حتى مارس سنة 4181 أصبح بيوس السابع سجين فرنسا وفي 2 أبريل 8081 أمر نابليون بضم الولايات الباباوية إلى مملكة إيطاليا• لقد أصبح هناك الآن منطقة مفتوحة بين مملكة نابلي ومملكة إيطاليا أي بين جوزيف ويوجين•

الحرمان الكنسي وحبس البابا

ثم كان عام انشغل فيه نابليون بأسبانيا• وفي 71 مايو 1809 ومن فيينا التي فتحها نابليون للمرة الثانية، أعلن ضم الولايات الباباوية للإمبراطورية الفرنسية، وأعلن بذلك نهاية السلطة الزمنية (غير الدينية) للباباوات، وفي العاشر من يونيو أعلن البابا حرمان نابليون من رحمة الكنيسة، وفي 6 يوليو قاد الجنرال راد Radet بعض الجنود في قاعة الاستقبال الخاصة بالبابا وخيّره بين التنازل (عن حكم الولايات الباباوية) أو النفي، ولم يأخذ بيوس معه سوى كتاب الصلوات اليومية الخاص به وصليبه وتبع آسريه إلى عربة كانت في الانتظار حملته على طول الساحل الإيطالي مارة بجنوا إلى سافونا Savona وهناك ظل سجينا يعامل بلطف إلى أن أمر نابليون بنقله إلى فونتينبلو Fontaine bleau (يناير 2181) بعد نشر تفاصيل مؤامرة مزعومة لخطفه إلى إنجلترا•

وفي 31 فبراير 1813 وقع بيوس اتفاقا جديدا مع نابليون وفي 42 مارس سحب توقيعه، وكان يعيش في سجنه الفخم Palatial عيشة بسيطة لدرجة أنه كان يخيط (أو يرفو) قميصه بنفسه(51)• وظل في سجنه هذا خلال كل أحداث 2181 و 3181 حتى واجه نابليون نفسه السجن في 12 يناير سنة 4181، فأعيد إلى سافونا• وفي أبريل أرسل الحلفاء - بعد استيلائهم على باريس - إلى البابا بما يفيد أنه أصبح حرا وفي 52 مايو دخل البابا بيوس السابع روما ثانية، وكان في حالة يرثى لها بدنيا ونفسيا، ورحب به كل السكان تقريبا، وتنافس شباب روما في جر عربته (بدلا من ترك الخيول تجرها) إلى الكورينال(61) Quirinal (حيث قصره)•

لقد استطاعت إدارة نابليون الفرنسية للولايات الباباوية في فترة حكمها القصيرة بمساعدة من الليبراليين من أهلها إحداث نقلة مهمة في الحياة الاقتصادية والسياسية، كانت نقلة سريعة ونشيطة، وربما سببت هذه السرعة وهذا النشاط بعض الآلام• لقد أنهت الإدارة الفرنسية الإقطاع ومحاكم التفتيش وأغلقت ما يزيد على مائة كنيسة ودير وسرحت 258،5 راهباً وراهبة• وطردت الموظفين المرتشين الفاسدين، وأخضعت الجهات المختلفة لنظم محاسبية• وأصلحت الطرق وزادت فيها من قوات الشرطة، وكادت تقضي تماما على اللصوصية وقطع الطرق• وجعلت الشوارع نظيفة مضاءة ليلا، وجففت مستنقعات بونتين Pontine وأتاحتها للراغبين في زراعتها، وأعلنت حرية الاعتقاد (الحرية الدينية)، وسمحت لليهود بالانتقال بحرية من معازلهم their ghetto وانتعشت وحسنت من أوضاع السجون، وبنت المدارس وزودتها بالمعلمين، وتم افتتاح جامعة جديدة في بيروجيا Perugia، واستمرت أعمال الكشف عن الآثار الكلاسية وعين كانوفا Canova للإشراف على متحف يضم ما يعثر عليه من آثار، لكن الإدارة الفرنسية كانت تجمع الضرائب بدأب كما كانت تجند المواطنين إلزاميا في الجيش• واشتكي التجار من القيود التي فرضتها الإدارة الفرنسية على التعامل مع إنجلترا• وشعر غالب السكان بالتعاسة لتغيير مؤسساتهم التقليدية، وللمعاملة المخزية التي لاقاها البابا الذي كانت له شعبية، وبدأ الناس - حتى الملحدون - يحبونه وراح الناس يتطلعون إلى الماضي بحسرة، متمنين عودة حكم البابا، ذلك الحكم المتسم بالنعومة والهدوء والتراخي(71)•

لقد كان إقدام نابليون على سجن البابا بيوس السابع خطأ فاحشا من حاكم عرف بدهائه وحنكته• لقد كانت اتفاقات الوفاق التي عقدها مع الكنيسة الكاثوليكية في روما وكذلك تتويجه إمبراطوراً قد جعلته مؤتلفاً مع الكاثوليك في أنحاء أوربا بل وجعلت كل ملوك أوربا تقريبا يقبلونه من الناحية الرسمية لكن معاملته السيئة للبابا في الفترة الأخيرة جعلت كل الكاثوليك تقريبا وكثيرا من البروتستنط ينفرون منه• لقد كانت الباباوية قد قويت بسبب محاولة نابليون استخدامها كأداة سياسية، فالكنيسة الكاثوليكية الفرنسية التي كانت حتى ذلك الوقت غالية Gallican أي مناهضة لبابا روما، أصبحت الآن توقر الباباوية وتبدي ولاءها لها• والجزويت (طائفة اليسوعيين) الذين سبق أن طردهم بابا خائف مرتعد، عادوا مرة أخرى يمارسون نشاطهم في مختلف أنحاء العالم المسيحي في ظل البابا بيوس السابع المهذب والمصمم في الوقت نفسه، وقد حدث هذا في سنة 4181• وفي هذا العام نفسة استعادت الباوباوية سلطانها الزمني، بل وازداد سلطانها الروحي بسبب المقاومة الهادئة التي أبداها البابا السجين• وقد اعترف نابليون نفسه بسوء حكمه على البابا بيوس السابع وكان هذا الاعتراف بعد تنازله عن العرش للمرة الأولى لقد كنت دائما أعتقد أن البابا شخص ذو شخصية ضعيفة جدا•• لقد عاملته بقسوة• لقد كنت مخطئا• لقـد كنـت أعمى(81)• ومن ناحيـة أخـرى فإن البابـا بيوس لم يقلل أبدا من شأن نابليون ولم يبخسه أبداً حقه، فقد أبدى إعجابه به كثيرا، بل لقد أظهر تعاطفا معه عندما سجن مع أنه (أي نابليون) كان سجانه• وعندما شكت أم نابليون للبابا من أن الإنجليز يسيئون معاملة ابنها في سانت هيلينا، توسل بيوس للكاردينال كونسالفي Consalvi طالبا منه التدخل لصالح عدوه السابق الذي هوى(91)• وعاش البابا بعد موت الإمبراطور بعامين• إذ مات في سنة 1823 وهو يهذي هذيان المحموم سافونا، فونتينبلو Savona , Fontainebleau•

مؤتمر ڤيينا

في مؤتمر ڤيينا (1814–1815) أعيدت الدويلات البابوية لحد كبير. كما أعيد الجزويت؛ كما أعيد إحياء Index ومحاكم التفتيش. ومنح البابا ملجا في عاصمته لأعضاء أسرة بوناپرت. فالأميرة لتيتيا، أم الامبراطور المخلوع عاشت هناك؛ وكذلك فعل شقيقاه، لوسيان ولويس وعمه، الكاردينال فش.

الهامش

المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.