موريسكيون

(تم التحويل من موريسكو)
إخراج المورسكيين في بلنسية، بريشة پير اوروميگ

الموريسكو أو الموريسكوس بالقشتالية هم الإسبان المسلمون الذين تم تعميدهم بمقتضى مرسوم ملكي الكاثوليك المؤرّخ في 14 فبراير 1502(6 شعبان 907 هـ). ومع مرور الوقت أصبح المصطلح سُبة لوصف الكاثوليك إسماً المشكوك في أنهم يعتنقون الإسلام سراً.

كان عددهم كبيرا في أراگون السفلي (مقاطعة تيروال حاليا) وفي جنوب مملكة بلنسية وفي غرناطة بينما كانت أعدادهم أقل في بقية مملكة قشتالة وذلك حسب المعلومات التي بلغتنا من سجلات الضرائب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ الموريسكيين

مخطوطة مكتوبة بالالخميادو لغة المورسكيين
وصول المورسكيين إلى ميناء وهران

في يوم الجمعة 23 من محرم سنة 897 هـ الموافق لـ 25 من نوفمبر سنة 1491 قام أبو عبد الله أخر ملوك بني نصر بإمضاء اتفاقية يتنازل فيها عن عرش مملكة غرناطة وعن جميع حقوقه فيها غير أنّه حاول انتزاع بعض الامتيازات لرعاياه ولمسلمي ما كان يعرف بالأندلس. ومن بين ما جاء في هذه الاتفاقية:

«أنّ للمُرُشْ أن يحتفظوا بدينهم وممتلكاتهم. أن يخضع المرش لمحاكمة قضاتهم حسب أحكام قانونهم وليس عليهم ارتداء علامات تشير لكونهم مرش كما هو حال عباءة اليهود. ليس عليهم دفع ضرائب للملكين المسيحيين تزيد على ما كانوا يدفعونه للمرش. لهم أن يحتفظوا بجميع أسلحتهم ماعدا ذخائر البارود. يحترم كل مسيحي بصبح مر ولا يعامل كمرتد. أن الملكين لن يعينا عاملا إلى من كان يحترم المرش ويعاملهم بحب إن أخلّ في شيء فإنه يغير على الفور ويعاقب. للمرش حق التصرف في تربيتهم وتربية أبنائهم.»

وما إن تسلم ملكا الكاثوليك غرناطة حتى شرعا في تنصير أهلها بأساليب سلمية وعهدوا هِداية المُدَجّنين إلى العقيدة المسيحية إلى القس هرناندو دي تالابيرا أول أساقفة غرناطة. وانصبّ هذا الأخير على هذه المهمة بكل تفان فتعلم العربية وأخذ يعظ الناس بكل لين ولطف حتى أمسى المسلمون يدعونه "شنتُ الفقيه" إي القديس الفقيه.

و لكن بعد مضي عدد من السنوات قام ملوك الكاثوليك باستصدار مرسوم يجبر المسلمين واليهود على إمّا التنصّر أو الرّحيل قسراً، وتم إنشاء محاكم التفتيش بعد ذلك لاحقاً.


المسألة الموريسكية: شريط الأحداث

بقرار طرد الموريسكيين (كلمة موريسكو Morisco تصغير لصفة أخرى - لها نفس الحمولة القدحية - المورو، وقد أطلقت على أحفاد مسلمي الأندلس ممن ظلوا بإسبانيا بعد سقوط مملكة غرناطة، وممن تعرضوا للتنصير القسري؛ ويعرفون في كتب التاريخ كذلك بالمسيحيين أو النصارى الجدد)، وببداية تطبيقه وإخراجهم من إسبانيا، انتهت أزمة عمرت أكثر من قرن.[1]

تخللت هذه الحقبة محاولات إدماج أحفاد المسلمين الإسبان في المجتمع الكاثوليكي بالحسنى في البداية ثم بغلظة وتسلط في معظم الأحيان؛ ومقاومة هؤلاء لتلك المحاولات عبر مساعي الوساطة أو بواسطة السلاح؛ ومحاكم تفتيش ونفي وأشغال شاقة في السفن الحربية واسترقاق واستنجاد بالعثمانيين أو بمسلمي شمال إفريقيا.

ابتدأ التصعيد في أواخر القرن الخامس عشر:

بعد سقوط غرناطة بأقل من عشر سنوات بدأت المسألة الموريسكية في التبلور

1492
1499
1500
  • يناير: الانتفاضة تمتد إلى جبال البشرات بقيادة ابراهيم بن أمية، لتستمر ثلاثة أشهر؛
  • في أواخر هذه السنة ستندلع انتفاضة أخرى حول بلدة بلفيق ووادي المنصورة بمنطقة ألمرية؛
1501
  • يناير: إخماد انتفاضة بلفيق؛ واندلاع بؤرة أخرى في مرتفعات رندة؛
  • مايو: إخماد انتفاضة رندة بعد تدخل الملك فرناندو على إثر مقتل أحد قياد جيشه الدون ألونزو دي أگيلار؛
  • بمشورة من الكاردينال ثسنيروس، الملكة إيزابل تأمر المسلمين باعتناق المسيحية أو مغادرة البلاد. لكنها ستفرض على الراغبين في الرحيل إتاوات وغرامات فادحة، وستطلب منهم التخلي عن أطفالهم الصغار؛ مما سيؤدي بالكثير إلى الدخول في الدين المسيحي؛
  • 12 أكتوبر: عدد هائل من الكتب العربية يتعرض للحرق في غرناطة بأمر ملكي؛

بتنصيرهم أصبح الموريسكيون خاضعين لمحاكم التفتيش.

1502

- بدعم من الكنيسة الكاثوليكية في إسبانيا، الملكان إيسابيل وفرناندو يحظران رسميا ممارسة شعائر الدين الإسلامي في مجموع ممالك وأقاليم إسبانيا؛

1503

- النبلاء في مملكة أراگون يطالبون بحماية مواليهم من المسلمين ("المدجنين" أو الموديخار)؛

1504

- 20 نوفمبر/ تشرين الثاني وفاة الملكة إيسابيل؛

1505

- إسبانيا تستولي على بلدة مرسى الكبير على ساحل البحر شمالي الجزائر؛

1509

- ثيسنيروس يشارك في الحملة التي انتهت باحتلال وهران، لكنه يبتعد عن الميدان السياسي بعد خلاف دب بينه وبين الملك فرناندو أراغون؛

1510

- بداية حملة حظر العادات الإسلامية؛

1516

- وفاة فرناندو ملك أراگون؛

- حفيده شارل دوق برگندي (كارلوس الأول أو الإمبراطور شارل الخامس فيما بعد) يستلم الحكم إلى جانب والدته المعروفة بخوانا الحمقاء؛

1517
1520-1521
  • المتمردون المنضوون تحت لواء طائفة تدعى "خرمانياس" يبدأون حملة تنصير قسرية للمسلمين في مملكة بلنسية التابعة للتاج الإسباني؛
1525
  • السلطات الدينية ترى أن اعتناق المسيحية قسرا لا يبطله؛
1526
  • شارل الخامس يأمر بتطبيق قرار "التنصر أو الهجرة" على مسلمي جميع ممالك إسبانيا؛
  • حظر جميع عادات الموريسكيين؛
  • اندلاع حركات تمرد في بني الوزير وفي جبال اشبدان وفي لأمويلا دي كورطس غربي وسط المملكة؛
1556
1566

- مرسوم ملكي جديد لمكافحة العادات "الموريسكية"؛

1568
1570
  • يونيو: نهاية الحرب وإجلاء حوالي 100 ألف من موريسكيي غرناطة إلى داخل إسبانيا؛

حرب غرناطة الأهلية 1568-1570 كانت الفصل ما قبل الأخير في مأساة الموريسكيين

1580
  • "اكتشاف" ضلوع موريسكيين بإشبيلية في محاولة إنزال متطوعين من شمال إفريقيا عند مصب الوادي الكبير؛
1582

- الكشف عن ضلوع موريسكيين في "مؤامرة" أخرى للحصول على دعم الجزائر؛

1598
1609
1610-1614
  • تهجير موريسكيي باقي ممالك وأقاليم إسبانيا.
1614
  • فبراير: السلطات تعلن انتهاء عملية التهجير بعد طرد موريسكيي وادي رقوته بلامانتشا.

في الأدب

كتابات ميگل دي سرڤانتس، مثل دون كيشوت تعرض آراء الموريسكيون للاهتمام ووضعتها في ضوء ايجابي. في الجزء الأول من دون كاشيوت (قبل طرد الموريسكيون)، يترجم أحد الموريسكيون وثيقة وجدت تتضمن التاريخ العربي. في الجزء الثاني، بعد طرد الموريسكيين، ريكوتى (Ricote) هو موريسكي صديق لسانشو بانزا.

يشير الكاتب الأسباني الشهير ميغيل دي سرفانتيس في القرن السابع عشر إلى وضع الموريسكيين في روايته الشهيرة "دون كيشوت" (أو دون كيخوته) من خلال عدة شخصيات توضح وضع الموريسكيين من زاوية متعاطفة. وتعد شخصية "سيدي حامد بننغلي" من أبرز الشخصيات التي تبرز الدور العربي في تاريخ الثقافة الأسبانية. ففي موضع متقدم من الرواية يقول الكاتب إنه لم يجد تكملة لقصة دون كيشوت التي يفترض - وإن خيالياً - أنها جزء من التراث الأسباني وأنه يدونها، ثم يذكر أنه وجد مخطوطة عربية تكمل تلك القصة وهو من هذا المنطلق يشكر من دوّن تلك المخطوطة، أي سيدي حامد بننغلي. ومع أن سرفانتيس يشير إلى الكاتب العربي/الموريسكي على نحو سلبي أحياناً فإن الصورة العامة لتلك الشخصية هي صورة إيجابية، ومن هنا فهي صورة تقاوم الصورة السلبية للموريسكيين أو المسلمين/العرب في أسبانيا، الصورة التي شاعت بعد انتهاء الحكم العربي/الإسلامي للأندلس وقيام محاكم التفتيش.

فتح ملف الموريسكيين

صورة فضائية لمضيق جبل طارق، معظم المطرودين من ا لأندلس عبروا هذا المضيق للاستقرار في الضفة الجنوبية، بعد أن عاشوا لقرون في الضفة الشمالية.
بإمكان الواقف في الساحل المغربي المطل على مضيق جبل طارق، رؤية الساحل الإسباني بالعين المجردة.

فتحت إسبانيا عام 2009 ملف الموريسكيين بعد 400 عام على طردهم من الأندلس، لم يكونوا مستعمرين جاؤوا من الخارج بل إسبانا إعتنقوا الإسلام وطردوا من بلادهم. يقدر عددهم في المغرب بحوالي 4 ملايين نسمة من أصل 35 مليونا (إحصاء 2007)، يعيش حاليا معظمهم في شمال المغرب، بل إن بعضهم ما زال يسكن في قرى بمحاذاة السواحل المطلة على مضيق جبل طارق، حيث يمكن مشاهدة السواحل الإسبانية من الضفة المغربية.

بعد أربعة قرون على حادث طرد المسلمين الموريسكيين من الأندلس في القرن السابع عشر، تحرك البرلمان الإسباني لكي يعيد فتح أبرز صفحات التاريخ الأسود لإسبانيا التي لا زالت أشباحها تطارد الذاكرة الإسبانية اليوم. فقد وضع الفريق الاشتراكي أمام لجنة الخارجية في البرلمان مشروع قانون ينص على رد الاعتبار لأحفاد الموريسكيين الذين طردوا بشكل جماعي في أبشع المشاهد التي يندى لها جبين الإنسانية، لما تخلل ذلك الطرد من أعمال القتل والتنكيل والاغتصاب والإغراق في مياه البحر والسخرة، التي ذهب ضحيتها مئات من مسلمي إسبانيا.

وحسب العديد من المراقبين، والمنظمات الإسلامية العاملة في إسبانيا، فإن طرح مشروع قانون حول هذا الموضوع ـ الذي كان أحد طابوهات السياسة الإسبانية ـ يعد تعبيرا عن قدرة الإسبان على فتح دهاليز ماضيهم والتخلص من العقد تجاهه. ينص مشروع القانون على رد الاعتبار لأحفاد الموريسكيين، الموجودين اليوم في المغرب بشكل خاص وفي بعض البلدان المغاربية بشكل عام، ويوصي بتقوية العلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية معهم، لكنه لا يذهب إلى حد مطالبة الدولة بالاعتذار الرسمي عن تلك الجريمة، أو تعويض أحفاد المطرودين اليوم مقابل ممتلكات أجدادهم التي سلبت منهم، أو تمكينهم من الحصول على الجنسية الإسبانية. ويرى بعض المسؤولين عن المنظمات الإسلامية في إسبانيا أن المشروع، وإن كان يساويهم باليهود السفارديم الذين طردوا من الأندلس قبل خمسة قرون بعد صدور قانون بهذا الشأن عام 1992، إلا أنه لا يشير إلى ضرورة اعتذار إسبانيا للمسلمين مثلما اعتذرت لليهود الإسبان قبل عام 1992.

وقد جاءت هذه الخطوة أيضا في سياق التحركات التي أصبح يقوم بها أحفاد الموريسكيين في المغرب وخارجه، للتذكير بالتزامات إسبانيا الحديثة تجاههم، كما أنه أيضا يأتي في سياق الانفتاح الذي بات يطبع القراءات التاريخية المعاصرة لتجربة إسبانيا التاريخية بعيدا عن الانغلاق القديم. فقد عقد الموريسكيون المغاربة في عام 2002 أول مؤتمر من نوعه حول هذا الموضوع بمدينة شفشاون، طالبوا فيه إسبانيا بالاعتذار لهم، كما دعوا إلى الاهتمام بأوضاع تلك الفئة التي رأوا أنها تشكل جزءا من تاريخ إسبانيا.

كان المشروع خطوة أولى في الطريق الصحيح، كما يرى بعض المهتمين بالملف، مثل الدكتور عبد الواحد أكمير مدير مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، الذي قال إن المشروع يعتبر نوعا من الاعتراف بأن الإسلام يشكل جزءا من الهوية الإسبانية. فالعديد من المؤرخين الإسبان اليوم أصبحوا ينكبون على تلك المرحلة بالنقد والتحليل في اتجاه محو الصورة السلبية التي علقت بالذهنية الجماعية للإسبان عن الموريسكيين، ويعتبرون أن المسلمين الإسبان الذين طردوا قبل 400 عاما لم يكونوا غرباء عن البلاد، بل كانوا إسبانا اعتنقوا الإسلام، بل إن شريحة واسعة منهم ـ كما بينت الدراسات التاريخية ـ لم تكن تعرف حتى اللغة العربية، وذلك ردا على تلك الأطروحات التي تقول إن الموريسكيين هم عرب ومسلمون جاؤوا مستعمرين لإسبانيا من خارجها وتم إرجاعهم من حيث أتوا بطردهم.

انظر أيضاً

المصادر

وصلات خارجية

Flag of Algeria.svg بوابة الجزائر
تصفح مقالات المعرفة
المهتمة بالجزائر.