مجلس شورى النواب المصري 1866

مجلس شورى النواب هو أول مجلس نيابي في مصر وقد تأسس في عام 1866.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مداولاته

كان لأول مجلس شورى النواب (1866) أن يتداول فيما تعرضه الحكومة من الشؤون ويبدى رأيه فيها ، وله أن يتداول في الاقتراحات التي يقدمها أحد الأعضاء ، فإذا تقدم عضو بأي اقتراح ، يعرضه رئيس المجلس على الهيئة لتبحث أولاً في هل تنظر فيه أم لا ، فإذا استقر الرأي على المداولة فيه ترسل صورته إلي المجلس الخصوصي ( مجلس الوزراء ) ليحاط علماً به علماً ن ثم يطرح على بساط البحث ، ويتداول الأعضاء فيه ، ويحيلونه في الغالب على لجنة تنتخبها الأقلام ، فإذا أتمت اللجنة بحثه قدمت عنه تقريراً يطبع ويوزع على الأعضاء ، ثم يتداولون فيه ، وإذا استقر رأي المجلس على قرار في موضوعه يرسل القرار إلي المعية السنية لعرضه على الخديوي ويقرر فيه ما يراه ، وإذا استدعت المناقشة حضور بعض كبار الموظفين لتوضيح وجهة نظر الحكومة يحضر الوزير ( الناظر ) المختص أو الموظف الفني ، فيدلي بالإيضاحات المطلوبة ن ويكون حضور النظار أو كبار الموظفين بناء على طلب المجلس أو برأي الحكومة.

ونذكر ممن حضروا في الدور الأول من الوزراء وكبار الموظفين ، شريف باشا وزير الداخلية ، ومحمد حافظ باشا وزير المالية ، ومحمد مظهر باشا وكيل وزارة الأشغال ، ومحمد ثاقب باشا مفتش هندسة الوجه القبلي ، وسلامه بك (باشا ) إبراهيم مفتش هندسة الوجه البحري وعلي بك مبارك(باشا) وكان وقتئذ رئيس هندسة المعية السنية ، وإسماعيل صديق باشا مفتش عموم الأقاليم ، وكان أكثرهم حضوراً. وقد شغلت مقترحات الأعضاء معظم جلسات الدور الأول ، فكان عمل المجلس قاصراً على المداولة فيها ، وإنا موجزون هنا أهم هذه المقترحات كما استخلصناها من مضابط المجلس:

  1. - أول المقترحات التي تقدم بها الأعضاء اقترح هلال بك أحد نواب الدقهلية في بحث مسألة السخرة ووضع نظام يخفف من وطأتها ، فتداول الأعضاء عدة جلسات في هذه المسألة ، ثم أحيلت على لجنة ( قومسيون ) سميت لجنة ( العمليات ) مؤلفة من خمسة أعضاء ، وهم محمد بك سعيد ، وحسن أفندي شعراوي ، ويوسف محمد ، والسيد أحمد الشريف ، والشيخ محمد الصيرفي.

وقد بحثت اللجنة هذه المسألة واشترك معها في البحث إسماعيل باشا صديق وسلامه بك إبراهيم ، وثاقب باشا ، وعلى بك مبارك ، وكان إيفاد هؤلاء المهندسين من طرف الحكومة لارتباط مسالة السخرة بمشروعات الري والهندسة ، فقدمت اللجنة تقريراً مطولاً خلاصته تنظيم السخرة على أساس اعتبارها من المنافع العامة ، وأنها مفروضة على من تتراوح أعمارهم بين 15 و50 سنة من أهل البلاد التي تستفيد من أعمال السخرة ، وجعلها مبنية على قاعدة المساواة بين الأهليين ( والمساواة في الظلم عدل ) ، فوافق المجلس على تقرير اللجنة ، وطلب عمل إحصاء للأنفس تطبيقاً لهذه القاعدة حتى يؤخذ الأنفار للسخرة بالدور. واستتبع بحث السخرة إثارة مسألة أخرى أوعزت بها الحكومة ، وكان المجلس في غنى عنها ، وهي وضع ضريبة على المواشي ، وحجتها في ذلك أن أعمال المنافع العامة التي تنفذ بواسطة السخرة تقتضي مهمات وأدوات يجب شرائها بالثمن ، ولما كانت المواشي الموجودة بالأقاليم مخصصة لأعمال الزراعة ، فوجب أن يفرض عليها مقدار معلوم من الضريبة ، بما يوفي ثمن هذه المهمات ، وعلى ذلك وافق المجلس على فرض هذه الضريبة ، ومقدارها عشرون قرشاً في السنة على كل رأس من مواشي الزراعة كالأبقار والجاموس والثيران والخيول والبغال ، أما الجمال ففرض على كل رأس منها ثلاثون قرشاً ، وعلى كل رأس من الحمير عشرة قروش ، واستثنيت من هذه الضريبة مواشي المدن والبنادر.

  1. - اقترح إبراهيم أفندي الشريعي، رئيس لجنة المنيا، النظر في مسألة تقسيط الأموال الأميرية ، وتحديد مواعيد لدفعها تسهيلاً لسدادها، فأحيلت هذه المسألة على لجنة مؤلفة من خمس أعضاء وهم: محمد أفندي شعير، ونصر الشواربي، وميخائيل أثناسيوس، ومحمد عفيفي، وحميد أبو ستيت. ورأت اللجنة وجوب تحديد مواعيد للسداد في أوقات جني المحاصيل توفيراً لراحة الأهالي في دفع الأموال ، وقد حضر حافظ باشا وزير المالية إلي المجلس بعد أن قدمت اللجنة تقريرها في هذا الموضوع ، وأوضح وجهة نظر الحكومة ، وهي أن رأي المجلس في محله ، ولكن الحكومة لا يمكنها تعديل مواعيد الضرائب لأنها مرتبطة بدفع فوائد ديونها في المواعيد المحددة لسداد الأموال ، واستحسن تأجيل النظر في هذه المسألة إلي السنة المقبلة ، إذ ينظر المجلس في مسألة الديون ومسألة التقسيط معاً ، فأقر المجلس ذلك.
  2. - اقترح أتربي بك أبو العز أحد نواب الغربية ، تعميم المدارس (الابتدائية ) بإنشاء مدرسة في كل مديرية ، فأقر أعضاء المجلس الاقتراح وحبذوه ، وظهر منهم الميل الشديد إلي تعميم التعليم بين طبقات الأمة كافة، وأحالوا المشروع على لجنة مؤلفة من عمر أفندي أبو يحي ، ومحمود حمودة ، وعلى سيد أحمد، والسيد محمود العطار، وأحمد أفندي أباظة، وانتهت اللجنة في تقريرها إلي وجوب إنشاء مدرسة في كل مديرية وكل محافظة، وأن يكون التعليم فيها مجاناً ، وحضر شريف باشا ووافق باسم الحكومة على تقرير اللجنة ، غير أنه طلب تأجيل إنشاء المدارس في السويس والقصير والعريش حتى يتم إنشاء المدارس في المديريات والمحافظات الأخرى ، فوافق المجلس على ذلك ، وأفضى شريف باشا في بيانه بالجهود التي تبذلها الحكومة في سبيل نشر التعليم ، وأنهى إلي المجلس أن الخديوي وقف على المدارس جميع الأطيان التي يتألف منها تفتيش الوادي ، فقابل المجلس هذا البيان بالشكر والدعاء للخديوي.
  3. - اقترح سليمان أفندي عبد العال من نواب أسيوط النظر في وضع نظام لسندات التعامل بين الناس ، وأحيلت هذه المسألة على اللجنة المؤلفة لبحث مسألة التقسيط ن وحضر إسماعيل صديق باشا حين المناقشة فيها ، وأنهى إلي المجلس أن الحكومة مشتغلة بسن قانون عن الرهون والمعاملات ، وأن المنوط بوضع مشروع القانون المذكور هو رئيس المجلس إسماعيل راغب باشا فاكتفى المجلس بذلك.
  4. - اقترح ميخائيل أفندي أثناسيوس من نواب المنيا إلغاء نظام العُهد ( جمع عهدة ) وخلاصة هذا النظام أن الحكومة في عهد محمد على باشا كانت تعهد إلي بعض الأعيان والمأمورين ورجال الجهادية جباية ضرائب بلاد بأكملها ممن كان أهلها غير قادرين على الزراعة جميع زمامها أو متأخرين في سداد مالها ، فكان المتعهدون يتكلفون بسداد الضريبة من مالهم الخاص إذا لم يجبوها من الأهليين ، وقد أدى هذا النظام إلي إرهاق الفلاحين لأن المتعهدين كانوا يسخرونهم لمصالحهم الخاصة فألغته الحكومة سنة 1850 إذ أصدرت أمرها باسترجاع البلاد من المتعهدين ثم عاد العمل به في أوائل عهد إسماعيل ، فضج الناس من مساوئه ، فلا غرو إن قوبل اقتراح ميخائيل أفندي اثناسيوس بالاستحسان. وقال الحاج يوسف عبد الفتاح ، ما خلاصته ، إن الأصل في إعطاء البلاد عهدة هو مساعدة الأهالي على سداد الأموال لعدم اقتدارهم على زراعة أطيانهم وسداد أموالها ولكن المتعهدين كانوا يغتصبون ما يزيد عن المال من محصولات الأهالي وأخذ بعضهم لعهدتهم أراضى لا تزرع لمجرد الرغبة في تسخير الفلاحين للعمل في مزارعهم الخاصة ، وطلب فك العهد جميعها لأن الأهالي في مقدورهم سداد ما عليهم من الأموال رأساً للحكومة دون وساطة المتعهدين. وحبذ الأعضاء فك العهد وإعادة الأطيان إلي أصحابها ن ثم قرروا إحالة المسألة على لجنة انتخبت لهذا الغرض ، مؤلفة من الشيخ العدل أحمد ، وأحمد علي ، والحاج شتا يوسف ، وأحمد عبد الصادق ، ومحمد الوكيل. وانتهت المناقشة في الموضوع بأن قرر المجلس بجلسة 16 شعبان سنة 1283 فك العهد جميعها ابتداء من سنة 1284 هـ ووافقت الحكومة على هذا القرار ونفذته.
  5. - اقترح محمد أفندي حمادي من نواب جرجا ، وضع نظام لضبط عملية تحصيل الأموال في المديريات لمنع العبث في قيد المتحصلات ، وذكر أن الأهالي في الوجه القبلي يدفعون المال ليد ( الشاهد ) ويقيد ما يدفعونه في ورق عادة ويبقى المتحصل عند ( الشاهد ) لآخر الشهر حتى يحضر الصراف، وإنه لطول المدة وعدم القيد بالدفاتر المعتمدة يحصل "لخبطة ومغشوشية في الإيراد ". وأحيلت هذه المسألة على لجنة "التقسيط" وقدمت عنها تقريراً طلبت فيه ضبط عملية التحصيل ، واتباع طريقة يعرف منها كل ممول مقدار ما دفعه على وجه التحقيق ، حتى تحفظ حقوق الأهليين ، ويمنع عبث الصيارفة ، فوافق إسماعيل باشا صديق على ما رأته اللجنة ووعد بوضع الطريقة المطلوبة.
  6. - اقترح سليمان أفندي الملوانى من نواب الغربية ، منع مجازاة العمد بالضرب ، وقال الشيخ محمد الشواربي بمنع الضرب عن العمد وغيرهم من الأفراد ، وأن يرفع من القانون النص الذي يبيح الضرب للحكام ، وتناقش الأعضاء طويلاً في هذه المادة ، ثم صرح رئيس المجلس بأن القانون الذي تجري الحكومة وضعه وتنقيحه منصوص فيه على منع الضرب ، فاكتفى المجلس بذلك.
  7. - اقترح هلال بك ، النظر في الأطيان الناشئة عن زيادة المساحة من صالحة وبور ، وإضافتها بالمال إلي أصحاب الأطيان المتداخلة فيها أو الملحقة بها. وأحيلت هذه المسألة على لجنة العهد ، وقدمت تقريرها وحصلت المناقشة فيه بحضور إسماعيل باشا صديق ، وخلاصة ما قرره المجلس فيها بجلسة 25 شعبان سنة 1283 إضافة أطيان الجزائر بثمن يساوي قيمة إيجارها عن ثلاث سنوات ،ويربط عليها مال المثل ، أما أطيان الحيضان فتعطى أيضاً بالثمن بواقع ثلاث لإيجار ثلاث سنوات ، ويربط عليها مال الحوض ، والأطيان البور التي يرغب الأهليين استصلاحها تعطى لهم من غير ثمن على أن يدفعوا ما لها بعد مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات ، أما أطيان الأحراس والمستبحرة والمالحة فتعطى لمن يستصلحها من غير ثمن على أن يدفع الضريبة المماثلة عنها بعد مدة لا تتجاوز ست سنوات ، وأطيان البراري تعطى لمن يرغبها من غير ثمن ويعفى مدة عشر سنوات من الضرائب ثم تربط عليها ضريبة عشورية من درجة الدون لمدة خمس سنوات ، ثم تربط عليها ضريبة المثل بعد انقضاء هذه المدة ، وقد وافقت الحكومة على هذا القرار على أن لا يطبق على أطيان الضواحي والبنادر وأطرافها ، لأنها تعد من الأراضي القابلة للبناء ، وزاد الخديوي مدة الإعفاء من الضريبة بالنسبة لأطيان البراري فجعلها خمس عشرة سنة بدلاً من عشر.
  8. - اقترح الشيخ محرم على من نواب الدقهلية فتح قنطرة البوهية وإزالة ما بها من السدود لتجري المياه في ترعة البوهية ولا تحرم بلاد مركز السنبلاوين من الري.
  9. - اقترح الشيخ العدل أحمد من نواب الدقهلية إعادة فم البحر الصغير على النيل بدلاً من فمه الذي كان على ترعة المنصورية لسهولة وصول مياه الري إلي البلاد الواقعة عليه.
  10. - واقترح على بك خفاجي نائب دمياط توصيل مياه ترعة الشرقاوية إلي البلاد الكائنة بشطوط دمياط ، وقال الشيخ العدل أحمد إن هذه الترعة واصلة في ذلك الحين (سنة 1867 ) إلي القنطرة البيضاء المجاورة لبلاد الشطوط ، وارتأى مدها لنهاية الشطوط حتى لا تحرم مياه الري.
  11. - واقترح حميد أبو ستيت ، ومحمد سحلي من نواب قنا ، إصلاح الري بحوض سمهود الواقع حدود مديرية قنا وعمل مصرف للحوض المذكور.

وأحيلت هذه الاقتراحات الأربعة على لجنة العمليات ، وبحثت فيها بحضور إسماعيل باشا صديق وكبار المهندسين السابق ذكرهم ، ولمناسبة بحث هذه المقترحات في لجنة العمليات قدم أعضاء اللجنة مقترحات أخرى خاصة بأعمال الري والهندسة ببلادهم فبحثتها اللجنة على ضوء ملاحظات المهندسين ، واتخذت فيها جميعاً من القرارات ما يكفل توفير الري وراحة الأهليين ، وصدق المجلس على قراراتها في هذا الصدد.


مصادر

الكلمات الدالة: