كليماخوس

كَلّيماخوس
Callimachus
(Καλλίμαχος)
وُلِدَ310/305 ق.م.
توفي240 ق.م.
المهنةشاعر، ناقد وباحث

كَلّيماخوس أو كاليماخوس القوريني (باليونانية: Καλλίμαχος ) باحث ونحاء وشاعر إغريقي ولد بقورينة (شرق ليبيا حالياً) حوالي سنة 305 ق.م. ودرس في أثينا، حيث عمل باحثاً وتوفي بها العام 240 ق.م..

كتب فهرست مفصل في 120 مجلد بيعتبر أول كتاب علمى في تاريخ الادب. كتب الكثير من الشعر، حتى أصبح أشهر شعراء الإسكندرية في عصره. أشعاره تخلو من العواطف الدينية الحقيقية ولكن مليئة بالأوصاف البارعة والتصوير البديع. وتعتبر قصيدة " الأسباب " من أهم اشعاره. و تعتبر قصيدته " هلكي "، المكونة من 1000 بيت ، أحسن نموذج لشعره القصصي. أشعاره الغنائية التي وصلت للعصر الحديث فيها تنوع عجيب في الموضوعات والأوزان وأهمها "نشيد أرسينوى الجنائزي". ألف مرثيات كتيرة، أفضل المعروف منها قصيدة " خصلة شعر برينيكي ".

نظم كاليماخوس القوريني العديد من الأشعار في مختلف الأوزان السائدة في عصره وخلّف العديد من الأعمال الخالدة التي ظلت حاضرة في التراث الإنساني وقد تلقى تعليمه في موطنه الأصلي ومسقط رأسه قورينا مثل باقي أبناء الأسر المرموقة ومارس إنتاجه الأدبي في قورينا ليرحل بعدها إلى بلاد اليونان طلباً للعلم واستزادة من بحر الثقافة الأغريقية في أثينا حيث مركز الحضارة والعلم وملتقى العلماء والفلاسفة.

وإضافة لكونه شاعراً كان كاليماخوس عالماً في الأساطير والإجتماع والجغرافيا والتاريخ وتميز بأنه فقيه لغوي.

كانت الإسكندرية آنذاك مركزاً ثقافيا هاماً حيث أسس فيها البطالمة المكتبة والموسيون الذي يشبه الأكاديميات الحديثة فاجتذبت إليها العلماء والأدباء الذين توفرت لهم مصادر الإطلاع والبحث. واهتم البطالمة بفنون الشعر والعلوم الطبيعية والفلكية والطبية وفقه اللغة والجغرافيا دون الفنون الأخرى كالمسرح والفلسفة.

ولذلك سافر كاليماخوس إلى الإسكندرية وأقام هناك حيث أتاحت مكتبة الإسكندرية والموسيون الفرصة للمواهب الشابة من أمثاله وكفلت لهم عيشاً مطمئناً .

مارس كاليماخوس مهنة التعليم في الأسكندرية حيث عمل مدرساً للّغة لينضم بعد ذلك إلى شعراء مكتبة البلاط وتذيع شهرته كأحد أهم أعمدة الشعر السكندري في الفترة التي أطلق عليها المؤرخون اسم العصر الهيلينستي والذي ابتدأ بمجيء البطالمة للحكم بعد موت الإسكندر الأكبر.

في ذلك العصر أصبح شعراء الإسكندرية يكتبون لفئة المثقفين فقط وهذا ما بات يعرف بالشعر السكندري الذي يخاطب الصفوة وهو الشعر الذي يبتعد عن الملاحم الطويلة ويفضل شعر المراثي والشعر الغنائي والإبجراماتا ولايعتمد على السرد القصصي كما كان شائعا في الملاحم القديمة .

وكان شعراء الأسكندرية يقيمون ما يسمى بأدب الصالونات وذلك باجتماعهم حول مجالس الشراب حيث يقوم أحدهم بإلقاء بيت أو بيتين من الشعر فيلتقط شاعر آخر نهاية ما قاله سابقه ويكمل المعنى ببيت أو بيتين من الشعر.. فتزداد حدة المنافسة ولذلك كانوا جميعهم حريصين أشد الحرص على انتقاء المفردات وجمال الأسلوب وكان الجيد من هذه الأشعار يُنشد مع أنغام الموسيقى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإپيگرامات

وقد استحدث شعراء الإسكندرية أوزاناً جديدة وأضاف كاليماخوس الوزن الخوليامبي الذي ابتكره هو كما برع في شعر الإبجراماتا..EPIGRAMMATA وهو يعني الأشعار القصيرة المنقوشة حول شواهد القبور وكان الشاعر ينظم مثل هذه الأشعار مقابل أجر يتقاضاه من أهل الميت .

وقد امتازت إبجرامات كاليماخوس بلمساتها الإنسانية التي تخاطب المشاعر وتهتز لها القلوب..لما فيها من مضمون إنساني .

كما أن كاليماخوس استطاع أن يجدد في هذا الفن بحيث أصبح شكلاً من أشكال التعبير عن أغراض مختلفة بعد أن كان مجرد نقش على شواهد القبور .

ونورد فيما يلي بعضا من نصوص الإبجراماتا التي نقلها إلينا عبد الله حسن المسلمي في كتابه (كاليماخوس القوريني شاعر الإسكندرية ) :


الإبجراما الثامنة

وبينما كان الشاب يضع إكليلاً من الزهور حول شاهد قبر زوجة أبيه. وكان حجراً قصيراً. إذ كان يظن أن طبيعتها قد تغيرت بتغير حياتها، وانتقالها للدار الأخرى. ولكن ما أن انحنى الشاب حتى هوى الحجر فوق أم رأسه وقتله. آه يا أبناء الأزواج. فلتبتعدوا عن قبر زوجة الأب .

الإبجراما الحادية عشرة

هنا يغفو ساؤن بن أكانثوس في نومه القدسي .. لاتقل أن الأبرار يموتون ..

الإبجراما الثانية عشرة

إذا كنت تبحث عن تيمارخوس.. في العالم السفلي كي تعلم شيئاً عن الروح.. أو لتعرف كيف سيكون حالك في الدار الأخرى.. ففتش عن ابن باوسانياس من القبيلة البطلمية.. ولسوف تجده في عليين .

الإبجراما الخامسة عشرة

أيرقد خاريداس تحت ترابك ( إذا كنت تقصد أريماس القوريني فهو تحتي )

.. وماذا ياخاريداس عن العالم السفلي ؟ ( ظلام دامس ) ..

وماذا عن الدنيا ؟ ( أكذوبة ) .. وبلوتو ؟ ( أسطورة ) ..ياللنكبة ..هذه هي الحقيقة أسوقها لك..أما إذا أردت قولا معسولا .. فالثور الضخم لايزيد ثمنه على قطعة من العملة البرونزية في العالم السفلي..

الإبجراما السادسة عشرة

من ذا الذي يعرف ما يخبئه له الغد حق المعرفة ؟ فها أنت أيضاً يا خارميس يا من كنا نراه بالأمس رؤية العين .. نواريه في يومنا التالي التراب ودموعنا تغرقنا ..فما قاسى والدك ديوفون حزناً يفوق هذا قسوة ..

الإبجراما السابعة عشرة

( تيموني ) من تكونين يا ترى ؟ وحق الآلهة ماكنت لأعرفك..لو لم يكن شاهد قبرك يحمل اسم أبيك تيموثيوس..واسم مدينتك ميثومنا .. إني متأكد أن مصاب يوثومنوس زوجك المترمل جلل..

الإبجراما التاسعة عشرة

ألا ليتها ما كانت.. تلك السفينة السريعة..فما كنا قد بكينا سوبوليس بن ديوكليدس.. ولكنه الآن جثة تطفو في مكان ما من البحر.. وبدلاً منه نمر على اسمه وقبره الخالي .

الإبجراما العشرون

لم يقض لوكوس الناكسوسي نحبه في البر بل في البحر.. فبينما كان يمخر العباب من إيجينا متاجراً..رأى الهلاك يأتي على حياته وسفينته..

إنه جثة في البحر الرطب..بينما أنا القبر أحمل اسمه فقط.. وأني لأعلن رسالة تنطق بكل الحق :

( تجنب صحبة البحر .. أيها البحار.. حينما تغيب كواكب الجدي )

الإبجراما الواحدة والعشرون

هنا أودع الأب ولده ذا الإثنتى عشر عاماً ..هنا أودع فيليبوس أمله الكبير.. نيكوتيلس .

الإبجراما الثانية والعشرون

وفي الصباح وارينا ميلانبوس التراب.. وعند غروب الشمس قضت الفتاة باسيلو نحبها بيدها..فما استطاعت أن تحتمل أن تسلم أخيها لنيران الجنازة ثم تبقى على قيد الحياة ..وهكذا كَالَ الحزن لمنزل أبيهما أرسطيفوس من المآسي صاعين.. وأحنت كل قوريني رأسها وهي ترى منزل النجلين السعيدين قاعاً صفصفاً .

الإبجراما الثالثة والأربعون

لو كان الأمر باختياري..يا أرخينوس.. لأمضيت الوقت أعزف قيثارتي تحت نافذتك..وإن لمتني عشرة آلاف مرة.. لكن إذا كبحت جماح رغبتي..فليغرب عني التهور.. قهرني الخمر والحب..فبينما يشدني أحدهما .. يمنعني الآخر من التخلي عن التهور.. ولما أتيتك ما تفوهت باسمك أو اسم والدك .. وإنما قبلت قائم بابك..فإن كان هذا خطأ..فإنما أكون قد اقترفت إثماً ..

وإلى جانب أشعار الإبجراماتا كتب كاليماخوس الأناشيد التي ابتكر فيها أسلوباً جديداً يختلف عن سابقيه من حيث الأوزان والمضمون وابتكاراته اللفظية الجديدة .

( سلاما ياربتي .. ولتحفظي هذا الشعب في وئام ورخاء .. ولتفيئي على حقولنا بما يجلب السرور علينا جميعاً .. ولتهبي أبقارنا قوتها .. ولتفيضي علينا بالقطعان..ولتجلبي لنا سنابل القمح .. ولتهبي لنا وفرة من محاصيلنا .. ولتحفظي لنا السلام .. حتى يحصد كل من يزرع .. أكرمينا يا مليكة الربات .. يا من نصلي لها صلوات ثلاث .. ) .

وترك لنا كاليماخوس ضمن ما كتبه من أشعار ( ديوان الأسباب ) الذي اشتمل على أربعة كتب ضمت مجموعة مقطوعات أهمها كانت مقطوعة( خصلة برنيقي ) الشهيرة .

كما كتب الأشعار الغنائية التي اتسمت بالبساطة والتجديد في أوزانها وتناول الموضوعات الجديدة و ألّف العديد من الملاحم القصيرة .

كان كاليماخوس القوريني أشهر شعراء الإسكندرية على الإطلاق وقد تتلمذ على يديه الكثيرون الذين أطلق عليهم لقب الكاليماخيين..وتُعتبر أشعاره نقطة تحول في الأدب الأغريقي خاصة والأدب بصفة عامة..فقد ترك بصماته الخاصة في أشعاره ليتأثر به ليس الشعراء الأغريق فحسب بل وحتى الشعراء الرومان الذين جاءت قصائدهم محاكاة لأشعاره فكانوا بذلك كاليماخيين حتى النخاع حيث اتجهوا لكتابة الأشعار والأناشيد والملاحم القصيرة .

وفي رده على الذين اتهموه بعدم قدرته على كتابة قصيدة طويلة يقول :

ــ إني مقلّ في سطوري حقاً .. ولكن قد تتفوق ديمترا على شجرة البلوط الباسقة ..ولقد نصحني أبوللو بالقربان الدسم والشعر الرقيق. وقال لي:

لا تقُد عربتك إلا في المسالك التي لم يطرقها أحد قبلك حتى ولوكان طريقك عسيراً. إننا ننشد لمن يحبون صوت الناي الرقيق لا نهيق الحمير.

المصادر