كلاسيكية ڤايمار

فناء الملهمات في ڤايمار يبين أهمية ڤايمار. شيلر يقرأ؛ في أقصى اليسار (جالسين)، ڤيلاند وهردر، گوته يقف إلى اليمين أمام العمود. لوحة من سنة 1860 بريشة ثيوبالد فون أور.

كان الرجال الذين شكلوا كوكبة من العباقرة في بلاط فيمار كالملجأ الفكري للمفكرين الألمان خلال فترة التأثير غير المستقر للثورة الفرنسية ونابليون• لقد كان الدوق شارلز أوغسطس (أوجستس) هو نفسه متقلب المزاج متعدد المواهب• لقد ورث الدوقية وهو ابن عام واحد وأصبح حاكمها الفعلي وهو في الثامنة عشرة من عمره (5771) واستمد تعليمه العام من أستاذ خاص، واكتسب مزيدا من المعارف والخبرات من خلال مسئولياته في الإدارة، ومن خلال نزوات خليلة ومن خلال أخطار الحرب والصيد، ولم يكن صالون أمه أقل شأناً فقد تعلم منه الكثير، ففي هذا الصالون كان يلتقي الشعراء والجنرالات والعلماء والفلاسفة ورجال الدين والمهتمون بالأمور العامة مع بعض نسوة ألمانيا الأكثر ثقافة واستواء فطرة يتبلون أحاديثهم المفعمة بالحكمة المتوارثة باللباقة والذكاء ولا يحسبون من أعمارهم يوما يمر دون أن يشهد الواحد منهم علاقة غرامية مكتومة (لا يعرف بها أحد)• لقد ذكر جان بول ريشته Jean Paul Richter آه هنا لدينا نساء!.. كل شيء هنا يتم بجرأة ثورية، حتى إن المرأة المتزوجة لا تعني شيئا(3) وفي سنة 2771 دعت الدوقة (التي كانت هي نفسها نمودجا للفضيلة البهيجة) العالم والشاعر والروائي كريستوف فيلاند ليأتي كي يشرف على تعليم ابنيها شارلز أوجستس (أغسطس) وكونستنتين (قسطنطين) فأدى مهمته بتواضع وكفاءة وظل في فيمار حتى مات• وكان في السادسة والخمسين من عمره عندما قامت الثورة الفرنسية فرحب بها، لكنه طلب من الجمعية الوطنية في فرنسا أن تأخذ حذرها من حكم الغوغاء: وكان هذا في خطاب عالمي وجهه في أكتوبر 9871: الأمة تعاني من حمى الحرية التي جعلت أهل باريس - وهم الأكثر أدباً وتهذيبا في العالم - ظمأى لدماء الأرستقراطية••• عندما يعود الشعب لنفسه - عاجلا أم آجلا - ألن يدرك أنه أصبح يقاد رغم أنفه من 0021 طاغية صغير، بعد أن كان يحكمه ملك؟••• ولا يمكن أن تكونوا أكثر اقتناعا - وبعمق - مني بأن أمتكم كانت مخطئة لتحمل مثل هذا الحكم السيء لفترة على هذا القدر من الطول، ذلك أن أفضل شكل من أشكال الحكومات هو الذي يفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ويوازن بينها، بحيث، بحيث يكون لكل شيء حق لازب لايمكن إلغاؤه، حق في الحرية بحيث لاتتعارض مع النظام، وأن الضرائب لا بد أن تكون متناسبة مع الدخل، وأن يدفع الجميع الضرائب على وفق المبدأ السابق دون استثناء.

وفي سنة 1971 كتب أنه لم يكن يتوقع أبدا أن يتحقق حلمه بالعدالة السياسية هكذا سريعا بإعدام لويس السادس عشر(5) لقد حول إعدام الملك في يناير 2971 من مشاعره المؤيدة للثورة إلى مشاعر عداء لها• لقد عادى الثورة، وساءه كثيرا عهد الإرهاب، ونشر بعد ذلك في العام نفسه (كلمات في أوانها) وصل فيها إلى بعض النتائج المعتدلة: لا بد أن يواصل المرء دعوته حتى يستمع الناس ويقنعوا بأن البشر يمكن أن يصبحوا أسعد حالا إذا أصبحوا أكثر تحكيما للعقل وأكثر مراعاة للأخلاق•• بهذا فقط يمكن أن يتقدموا•• فالإصلاح لا يجب أن يبدأ بالدساتير وإنما بالأفراد• إن كل الظروف اللازمة للسعادة موجودة فعلا في بلادنا (ألمانيا)(6)•

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهم الأدباء

فون هردر

وكان يوهان گوتفريد فون هردر Gottfreid Von Herder هو آخر من استقر من الأربعة في فيمار وأول من مات منهم، وقد أدان الثورة الفرنسية بعد أن كان يطريها عندما قام الثوار بإعدام الملكة بالمقصلة• لقد أدان الثورة عندها باعتبارها - أي الثورة - انتهاكا وحشيا للمثل الإنسانية• وفي آخر سني عمره عاد إليه الأمل فرغم أن الثورة الفرنسية قد أصابها الجنون المبكر، فإنها قد أحرزت تقدما في أوربا هو التقدم الثاني بعد ذلك الذي أحرزته حركة الإصلاح الديني (حركة لوثر ورفاقه)• لقد أنهت الثورة الفرنسية تحكم الإقطاعيين في الناس، كما أنهت حركة الإصلاح الديني هيمنة الباباوية على عقول الخلق، فأصبح الناس الآن أقل خضوعا للظروف التي أملاها عليهم مولدهم وانتماؤهم الطبقي، وتحررت الموهبة ففتحت لها الأبواب للتطور والإبداع بصرف النظر عن ظروف الميلاد، وإلا أن التقدم على أية حال يمكن أن يكلف أوربا غاليا، وكان هردر سعيدا لأن هذه التجربة جرت في فرنسا وليس في ألمانيا الحبيبة إلى قلبه حيث لا يسارع الناس إلى التدمير والإحراق، وإنما هم عمال هادئون يعملون بدأب وعلماء صبورون يمكنهم أن يقودوا الشباب النامي باعتدال وحكمة وثبات، وينشرون بينهم الضياء (التنوير).

شيلر

وكان فريدريش شيلر - الروح الرومانسي الذي حرسه بشغف الثلاثة الكلاسيون - قد أتى إلى فيمار (5971) بعد مغامرات شائقة في الدراما والشعر والتاريخ والفلسفة• وكان خياليا رومانسيا وحسّاساً بدرجة شديدة فلم يجد إلا القليل يحبه في مرتع شبابه ڤورتمبرگ. وقد رد على الظلم والاضطهاد بتوقيره روسو إلى حد العبادة، وبكتابة مسرحية ثورية• لقد أدان كارل مور Karl Moor (بطل مسرحيته اللص Die Rauber) (1871) استغلال الإنسان للإنسان فلم يترك شيئا لكارل ماركس غير أن هذا الأخير صاغ الأفكار نفسها بشكل ذي طابع أكاديمي• وتظل مسرحية شيلر الثالثة (كابال والحب Kabal und Liebe) (4871) هي الأكثر ثورية، فقد امتدح فيها استقامة البورجوازية الألمانية وصبر ها وحياتها المنتجة وكشف الغش والخداع والرشوة والغلو (التبذير) والمزايا التي يحصل عليها من لا ينتجون• وفي أفضل المسرحياته التي كتبها شيلر قبل الثورة وهي مسرحية دون كارلوس (7871) وكان وقتها في الثامنة والعشرين من عمره، نجده أكثر حرصا على عدم اغضاب نبلاء السلطة منه على عدم إغضاب الفقراء• لقد وضع على لسان الماركيز بوزا Posa عبارة مفادها أن فيليب الثاني هو أبو الشعب الذي يترك السعادة تنساب من مجدك ولتدع العقول تنضج (وتثمر) في أرجاء مملكتك الواسعة، لتكون أنت بين آلاف الملوك، ملكاً حقا(7)•

وعندما انتقل شيلر من مرحلة الشباب إلى مرحلة منتصف العمر انتقل بشكل طبيعي من الراد يكالية إلى الليبر الية• لقد اكتشف بلاد الإغريق القديمة وتعمق بدراسة مسرحييها (مؤلفي المسرح فيها)• وقرأ كانط وأشاع الغموض في شعره بمزجه بالفلسفة• وفي سنة 7871 زار ڤايمار وفتن بنسائها فبث فيه ڤيلاند Wieland وهردر الهدوء• (كان جوته في هذا الوقت في إيطاليا)• وفي سنة 7871 نشر كتابه (تاريخ ثورة الأرضي المنخفضة المتحدة Geschichte des Abfalls der vereinigten Niederlande) وتخلى عن فلسفته إلى التاريخ• وفي سنة 9871 تم تعيين شيلر أستاذاً للتاريخ في يينا Jena بناء على توصية قدمها جوته لدوق ساكسي فيمار Saxe - Weimar وفي أكتوبر من العام نفسه كتب إلى أحد أصدقائه: إنه لهدف صغير أن أكتب لأمة واحدة، فبالنسبة إلى فيلسوف يعتبر هذا الحد سجنا لا يطاق•• فالمؤرخ لايمكن أن يوهج أمة ويثير فيها حماسا إلا إذا جعلها (أو نظر إليها) كعنصر في مسيرة الحضارة وتقدمها(8)•

وعندما وصلت أخبار الثورة الفرنسية إلى ينا Jena كان شيلر في منتصف العمر ينعم بدخل جيد وقبول عام وفهم مقبول• وساعدت مراسلاته مع جوته عبر مسافة بلغت اثني عشر ميلا (وكان الفارق العمري بينهما عشر سنوات) الشاعر الكامن في جوته على أن تظل واقعية العمل الإداري حية عنده، وكذلك محاذير الرخاء، كما ساعدت شيلر على التحقق من أن الطبيعة البشرية لم تتغير إلا قليلا عبر التاريخ تغيرا لا يجعل الثورات السياسية مفيدة للفقراء• وتعاطف مع الملك الفرنسي وزوجته عندما قبض عليهما الثوار في فرساي في سنة 9871، وفي فارن Varennes في سنة 1971 وعند إخراجهما من القصر (الذي كان سجناً لهما) في سنة 2971 وبعد ذلك بوقت قصير أضفت حكومة المؤتمر الثورية على السيد المغفل Le Sieur Gilles لقب المواطن الفرنسي وبعد ذلك بأسبوع دلت مذابح سبتمبر على سلطة العوام المسلحين، وفي ديسمبر حوكم لويس السادس عشر، وبدأ شيلر في كتابة نشرة للدفاع عنه لكن المقصلة هوت على رقبة الملك الفرنسي قبل أن يكملها (يكمل نشرته) وابتسم جوته لتقلب اتجاهات صديقه السياسية، لكنه هو أيضا كان قد ابتعد كثيرا عن المسلمات التي آمن بها في شبابه• لقد كان لديه علاقات جنسية عابرة كثيرة بنسوة جميلات فاسدات قبل أن يدعى في سنة 5771 وهو في السادسة والعشرين من عمره لمغادرة فرانكفورت ليعيش في فيمار كشاعر للدوق شارلز أوجستس (أوغسطس) في وظيفة ثابتة وكرفيق له يمارسان معا الرذيلة بوجهيها (اللذه الجنسية بوجهيها أو بنوعيها in both formsّ)، وخلال الاثني عشر عاما التالية استوعب الحقائق الاقتصادية والسياسية وأحرز تقدما سريعا• لقد اختفى المؤلف الرومانسي الذي ألف في سنة 4771 Die Leiden des Jungen Werth ers وغاص في عمله الجديد كمستشار فرأى في انتصار فرنسا في معركة فالمي في سنة 2971 عصراً جديدا يتشكل في التاريخ الأوربي• إلا أن التدهور والفوضى اللذين عما الثورة الفرنسية في هذا العام نفسه (2971) جعله يخلص إلى أن الإصلاحات البطيئة في ظل مستبدين متنورين هذبتهم الفلسفة، وفي ظل حكام محليين متعلمين وحسني النوايا مثل دوق فيمار الذي يعمل معه - قد تكلف الشعب معاناة أقل من المعاناة التي يسببها التغيير السريع المفاجئ الذي قد يسبب انهيار القاعدة الأساسية للنظام الاجتماعي خلال عقد من الانفعال والعنف• وقد عبر في إحدى قصائد المنطوية على الحكمة Venetian Epigrams عن هذا الخوف في وقت مبكر يرجع إلى سنة 0971:

«

- ليحذر حكامنا قبل قوات الأوان مما أصاب فرنسا،
- لكن أيها الناس يا من أنتم في الدرك الأسفل، فلتحذروا أنتم أيضاً.
- إذا ذهب الرجال العظماء بغير عودة فمن يحمي الشعب
- عندها سيصبح الغوغاء القساة طغاة يحكموننا جميعا• »

لقد هلل سعيدا عندما أنهى نابليون فوضى الثورة بقبضه على زمام السلطة واعتماده دستورا يسمح للناس بإدلاء أصواتهم في استفتاء في بعض المناسبات دون تدخل كثيرفي أمور حكومة حاسمة متسمة بالكفاءة• ولا يقلل من تقديره للكورسيكي (نابليون) استقبال نابليون له بشكل مجامل في فرانكفورت في سنة 7081 وما قيل من أن هذا اللقاء أسهم كثيرا في شهرة هذا الشاعر المستشار شهرة عالمية•

وتغلغلت بعض اللمسات الرومانسية خلال تطوره الكلاسي الراسخ، حكماً وذوقا، فالجزء الأول من فاوست Faust (8081) عبارة عن قصة حب كما أنها تركز على أخلاق العصور الوسطى، كما أن عمله الذي أصدره سنة 9081 (Elective affinities) يبدو مؤيداً لصيحة الجيل الجديد، تلك الصيحة الصارخة المطالبة بأن يكون الانجذاب المتبادل هو أساس الارتباط لا أن يكون الأساس هو الارتباط الشرعي أو الدعم المالي للآباء• واستمر المستشار الذي أصبح فيلسوفا يرفرف حول النسوة الشابات حتى بعد أن بلغ من العمر عتيا، لكن دراسته للفن القديم في إيطاليا وتطور اهتمامه بالعلوم وقراءته للفياسوف سبينوزا Spinosa وتدهور نشاطه البدني - كل ذلك جعله واسع الأفق غير عجول في الحكم على الأمور• وقد أعلن عن هذا التغير في سيرته الذاتية (1181) التي تعرض فيها لحياته بشكل موضوعي• وكانت ألمانيا الرومانسية - التي أثرت فيها عواطف فاكنرودر Wackenroder ونوفاليز Novalis، والحب المتحرر الذي دعا إليه الكاتبان شليجل Schlegels، وخبل هولدرلين Holderlin وقتل الرحمة (انتحار كلايست) - قد امتعضت لنقده الثورة الفرنسية، نقداً عالي النبرة، ولم تلحظ إلا بالكاد أنه كان أيضا يسخر من الطبقة الحاكمة• والحقيقة أنه حتى في أثناء حرب التحرير الألمانية كان يجد صعوبة في كراهية نابليون والفرنسيين وقد شرح لإكرمان Eckermann قلائلاً:

كيف أستطيع أن أكره أمة من بين أكثر أمم الأرض ثقافة؟ كيف أستطيع أن أكرهها وأنا مدين لها بقدر كبير جدا مما لدي؟ أتستوي عندي الثقافة والبربرية!؟ هناك مرحلة يختفي فيها العداء بين الأمم تماما حيث يقف المرء وقد تسامى فوق الأممية ليشعر أن آلام شعب مجاور وسعادته هي نفسها آلامه هو وسعادته(9)• ولم يسامحه أبناء جيله أبداً وقلما كانوا يقرأونه واعتبروا شيلر أفضل منه(01) وقلما كانت مسرحياته تعرض في فيمار، واشتكى الناشرون من قلة مبيعات (أعماله الكاملة المجمعة) ومع هذا فإن رجلا إنجليزيا هو اللورد بايرون أهدى إليه في سنة 0281 في صدر مؤلفه (Marino Faliero) كتابه لأنه إلى حد بعيد أول شخصية أدبية في أوربا منذ وفاة فولتير ولم يكن يطيق قراءة كانط، لكنه كان أحكم رجال عصره•

انظر أيضاً

الهامش

وصلات خارجية

مصادر رئيسية

مصادر أخرى

فترات الأدب الألماني
الفن الإقليمي
نهاية القرن
ألمانيا الفتاة الرمزية
العاصفة والاندفاع حتى 1785 Biedermeier / Vormärz الانطباعية الموضوعية الجديدة أدب المنفى الألماني ما بعد الحداثة
عصر النهضة والإنسانية الحساسية (أدب) رومانسية الطبيعية أدب جمهورية ڤايمار الهجرة الداخلية أدب جمهورية ألمانيا الديمقراطية
العصور الوسطى المبكرة العصور الوسطى العليا العصور الوسطى المتأخرة أدب الباروك التنوير حتى 1785 كلاسيكية ڤايمار الواقعية التعبيرية الأدب النازي أدب الركام وأدب الحرب حتى 1967
750 1170 1270 1470 1500 1600 1720 1740 1767 1780 1786 1793 1805 1815 1830 1848 1850 1880 1890 1900 1910 1914 1918 1920 1925 1930 1933 1945 1960 1990