عائشة بنت طلحة

عائشة بنت طلحة هي عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية من رواة الحديث النبوي، روت أحاديث في الصحاح، خالتها هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر وأمها هي أم كلثوم بنت أبي بكر، قيل أنها كانت أجمل نساء زمانها وأرأسهن.[1] ويسميها البعض "فاتنة عصر الفتنة".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة

1 ـ فى عصر الفتنة : كان تعدد الزوجات شائعا ، وقد إستهلك الصراع الحربى أعمار الرجال ، فكانت المرأة تتزوج أكثر من مرة ، كلما مات قتيلا عنها زوج تزوجت بعده ، خصوصا إذا كانت من قريش وظالمة الجمال ، مثل عائشة بنت طلحة . 2 ـ هى فاتنة عصر الفتنة ، فهى مولودة فى بيت أسّس الفتنة الكبرى الأولى والثانية ، فأبوها الصحابى المشهور ( طلحة بن عبيد الله ) أحد الستة المرشحين للخلافة بعد عمر ، وأحد أعمدة الفتنة الكبرى ، وأحد قواد معركة الجمل ضد (على بن أبى طالب ) . وأمها أم كلثوم ابنة أبى بكر ، وخالتها عائشة . وشيطان الفتنة الكبرى الأولى والثانية ( عبد الله بن الزبير ) هو ابن خالتها . 3 ـ عنها ( فتنة عصرها ) قالوا عن جمالها : (وكانت أجمل اهل زمانها وأحسنهن وارأسهن ) ـ ( وكانت بارعة الحسن .) . ( ووصفتها المغنية عزة الميلاء لمصعب بن الزبير لما خطبها فقالت: أما عائشة فلا والله ما غن رأيت مثلها مقبلة مدبرة محطوطة المتنين ، عظيمة العجيزة ، ممتلئة الترائب ، نقية الثغر وصفحة الوجه ، غراء فرعاء الشعر ، لفاء الفخذين ممتلئة الصدر ، حميسة البطن ، ذات عكن ضخمة السرة ، مسرولة الساق ، يرتج ما بين اعلاها إلى قدميها ، وفيها عيبان : اما احدهما فيواريه الخمار ، واما الآخر فيواريه الخف : عظم الأذن والقدم ،). هذا هو مقياس الجمال يومئذ ، ان تكون المرأة مثل كتلة ضخمة من ال ( جيلى ) تسير على قدمين ! 4 ـ تكاثرت حولها الروايات بسبب شهرتها فى الحُسن والجمال ، وبعضها كاذب مثل قولهم : ( وكانت لا تستر وجهها من احد ، فعاتبها مُصعب في ذلك فقالت : إن الله عز وجل وسمني بميسم جمال أحببت ان يراه الناس ويعرفوا فضلي عليهم ، وما كنت لأستره ، ووالله ما في وصمة يقدر ان يذكرني بها احد ،). وهذه رواية نرفضها لأن وجه المرأة وقتها كان سافرا ، ولم يكن النقاب معروفا حينئذ . وكان الخمار يغطى الصدر فقط . 3 ـ ، وكانت شرسة الأخلاق وكذلك نساء بني تيم . وظهر هذا فى معاملتها لزوجها الأول وزوجها الثانى .


عائلتها

والدها

طلحة بن عبيد الله التميمي القرشي.أحد العشرة المبشرين بالجنة، لقبه النبي صلى الله عليه وسلم (بطلحة الخير).

والدتها

أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق تابعية جليلة. وبذلك تكون السيدة عائشة أم المؤمنين هي خالتها.

يقول موسى بن طلحة: بينما عائشة بنت طلحة تقول لأمها أم كلثوم بنت أبي بكر: أبي خير من أبيك فقالت عائشة أم المؤمنين: ألا أقضي بينكما إن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه و سلم فقال: يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار قلت: فمن يومئذ سمي عتيقا و دخل طلحة على النبي صلى الله عليه و سلم فقال: أنت يا طلحة ممن قضى نحبه

اخوتها

الأشقاء

من أبيها

كان لابيها أربعة عشر ولدا. عشر بينين واربعة بنات. قال المحب الطبري :( الفصل العاشر في ذكر ولده . وكان له أربعة عشر ولدا ، عشر بنين وأربع بنات ) [2]

أزواجها

تزوجها ابن خالها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أمير العراق لأخيه عبد الله بن الزبير، فقُتل عنها. ثمتزوجها مصعب بن الزبير فأصدقها مصعب مئة ألف دينار ثم تزوجها عمر بن عبيد الله التيمي.

عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر

الزوج الأول : ابن خالها (عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ) تزوجها بكرا ، تقول الرواية ( وهو أبو عُذرها). وقد ولدت له طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر.

روى مالك في الموطأ أن عائشة بنت طلحة بن عبيد الله -وكانت فائقة الجمال، ثقة، روى لها الستة- كانت عند عائشة أم المؤمنين، فدخل عليها زوجها وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، فقالت عائشة: ما يمنعك أن تدنو من أهلك (زوجك) فتلاعبها وتقبِّلها؟ قال: أقبلها وأنا صائم؟! قالت: نعم.[4]

وقد عانى منها الويلات . خاصمته مرة وتركت له البيت غاضبة الى بيت خالتها السيدة عائشة ، تقول الرواية : ( .. وخرجت من دارها غضبى ، فمرت في المسجد ، وعليها ملحفة ، تريد عائشة ام المؤمنين ، فرآها ابو هريرة فسبّح ، وقال : سبحان الله كانها من الحور العين . فمكثت عند ( خالتها ) عائشة أربعة أشهر. ). وكان زوجها عبد الله يحبها ويتحمل شراسة أخلاقها ، قال عنها : ( والله لربما حملت ووضعت وهي مصارمة لي ( أى مخاصمة ) لا تكلمني . ) . ووصل به الغضب مرة الى أن هجرها وآلى منها ، فنصحته عمته السيدة عائشة أن يراجعها حتى لا يقع فى ( الايلاء ) فأعادها . وقيل له : ( طلقها ، فقال شعرا :

يقولون طلقها لأُصبح ثاويا ....... مقيما علي الهمّ أحلامُ نائم
وإن فراقي اهل بيت أُحبهم ........لهم زلفة عندي لإحدى العظائم ).

وعندما توفى زوجها الأول ( عبدالله ) لم يظهر عليها حُزن فى جنازته ، تقول الرواية : ( فما فتحت فاها عليه، وكانت عائشة ام المؤنين تُعدد عليها هذا من ذنوبها .)

مصعب بن الزبير

زوجها الثانى : ( مصعب بن الزبير ) ، دفع لها مهرا مائة ألف دينار ، وفى رواية (ثم تزوجها بعده مصعب بن الزبير وأمهرها خمسمائة ألف درهم. وأهدى لها مثل ذلك. ) وكان لمصعب زوجتان أيضا (سكينة بنت الحسين وبنت عبد الله بن عامر .. ).

مصعب بن الزبير ــ الذى كان جريئا فى سفك الدماء الى درجة أنه قتل خمسمتئة أسير مرة واحدة من أتباع المختار الثقفى ـ كان يعانى من شراسة خُلق زوجته عائشة بنت طلحة . بلغ من شرائة خلقها أنها كانت تتصرف كالزوج الرجل ، ( تهجره فى المضاجع ) أو تُقسم عليه بالظهار تحرمه على نفسها ، فقالت له : " أنت علي كظهر أُمي،" واعتزلته فى غرفة ، ورفضت أن تكلمه ، تقول الرواية : ( فجهد مصعب أن تكلمه فأبت ، فبعث إليها ابن قيس الرقيات ( الشاعر ) فسألها كلامه، ( أى أن تكلمه ) فقالت : كيف بيميني ؟ فقال : هاهنا الشعبي فقيه اهل العراق فاستفتيه ، فدخل عليها ( الشعبى ) ، فأخبرته فقال : ليس هذا بشيء ، فقالت : اتحلني وتخرج خائبا ، فأمرت له باربعة آلاف درهم . ).

وهجرته مرة، ورفضت أن ينال منها فى الفراش ، فكان يغتصبها ، وفإستعان عليها بكاتبه فإحتال عليها بالتخويف حتى لانت لمصعب . تقول الرواية :( وكان مصعب لا يقدر عليها إلا بتلاح ( أى بالعراك ) وينالها منه ويضربها ، فشكى ذلك إلى ابن أبي فروة كاتبه ، فقال له : " أنا اكفيك هذا إن اذنت لي " ، قال : " نعم ، افعل ما شئت ، فإنها افضل شيء نلته في الدنيا .! " ، فأتاهل ليلا ومعه أسودان ( أى إثنان من العبيد السود ) ، فاستاذن عليها ، فقالت له : " أفي مثل هذه الساعة ؟ " قال : " نعم " ، فأدخلته ، فقال للأسودان : " احفرا ها هنا بئرا " ، فقالت له جاريتها : " وما تصنع بالبئر ؟ " قال : " شؤم مولاتك ، امرني هذا الفاجر ( أى مصعب ) ان ادفنها حية ، وهو أسفك خلق الله لدم حرام ." ، فقالت عائشة : " فانظرني اذهب إليه." ، قال : " لا سبيل إلى ذلك. " ، وقال للأسودين : " احفرا " . فلما رات الجّد منه بكت وقالت :" يا ابن ابي فروة . إنّك لقاتلي ما منه بد ؟ " قال :" نعم ، وإني لأعلم أن الله سيجزيه بعدك ، ولكنه قد غضب وهو كافر الغضب.! " ، قالت : " وفي أي شيء غضبه ؟ " قال : " في امتناعك عليه ، وقد ظن انك تبغضينه وتتطلعين إلى غيره ، وقد جُنّ ! . " فقالت : " أُنشدك الله إلا عاودته .!" ، قال : " أخاف ان يقتلني ،.! " فبكت، وبكى جواريها . فقال : " قد رققت لك "، وحلف أنه يغرر بنفسه ، ثم قال لها : " ماذا أقول ؟" قالت : " تضمن عني الا اعود أبدا.! " قال : " فمالي عندك ؟ " قالت : " قيام بحقك ما عشت " ، قال :" فأعطني المواثيق " ، فأعطته ، فقال للأسودين : " مكانكما ."، واتى مصعبا فأخبره فقال له : " استوثق منها بالأيمان. " ، ففعلت ، وصلحت بعد ذلك.).

وكانت لا تأبه بهداياه لها مهما بلغت قيمتها ، تقول الرواية : ( ودخل مصعب يوما عليها وهي نائمة مثضمقة ومعه ثماني لؤلؤات قيمتها عشرون ألف دينار ، فأنبهها ونثر الؤلؤ في حجرها ، وقالت له : نومتي كانت احب إلي من هذا الؤلؤ.!! ) . هذا اللؤلؤ من عرق أهل البلاد المفتوحة .


عن سليمان بن معبد : حدثنا الأصمعي ، عن ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : اجتمع في الحجر مصعب ، وعبد الله ، وعروة بن الزبير ، وابن عمر ، فقالوا : تمنوا ، فقال عبد الله : أما أنا ، فأتمنى الخلافة . وقال عروة : أتمنى أن يؤخذ عني العلم . وقال مصعب : أما أنا ، فأتمنى إمرة العراق ، والجمع بين عائشة بنت طلحة ، وسكينة بنت الحسين . وأما ابن عمر فقال : أتمنى المغفرة . فنالوا ما تمنوا ، ولعل ابن عمر قد غفر له .

أنبأنا مغيرة عن إبراهيم أن عائشة بنت طلحة قالت إن تزوجت مصعبا فهو عليها كظهر أمها فتزوجته فسألت عن ذلك فأمرت أن تكفر فأعتقت غلاما لها ثمن ألفين رواه سعيد في سننه.

عمر بن عبيد الله التيمي

تزوجت عائشة من عمر بن عبيد الله التيمي بعد مقتل مصعب بن الزبير فأصدقها ألف ألف درهم وفي ذلك يقول الشاعر:

بضع الفتاة بألف ألف كامل * وتبيت سادات الجيوش جياعا
و بُضع الفتاة هو عضوها الجنسي.


وهناك روايتان عن زواجها من ابن عمها عمر بن عبيد الله التيمى ، تقول الأولى إن بشر بن مروان بن الحكم ــ بعد أن قتل بنوأمية زوجها مصعبا ـ أراد أن يتزوج عائشة ، فارسل اليها ابن عمها عمر بن عبيد الله يخطبها له . فقالت لعمر : (‏:‏" أما وجد بشر رسولًا إلى ابنة عمك غيرك ؟ فأين بك عن نفسك ؟ " ( يعنى تخطبه لنفسها ) قال‏:‏ " أوتفعلين ؟ " قالت‏: " ‏ نعم فتزوجها .).

والرواية الأخرى تقول إن عمر بن عبيد الله جاء من الشام الى الكوفة ، فبلغه أن بشر بن مروان بعث يخطب عائشة بنت عمه ، فأرسل الى عائشة جارية تقول لها : ( ابن عمك يقرئك السلام، ويقول لك : أنا خير لك من هذا الميسور والمطحول وإن تزوجت بي ملأت بيتك خيرًا‏.‏ فتزوجته فبنى بها بالحيرة‏.‏ ) . فى الروايتين نرى كراهية بنى أمية الذين قتلوا مصعبا وأخاه عبد الله . وتقول الرواية إن العريس الثالث حمل اليها الف الف درهم مهرا. ( ألف ألف درهم ، خمسمائة ألف مهرًا ، وخمسمائة ألف هدية . وقال لمولاتها‏:‏ لك علي ألف دينار إن دخلت بها الليلة فحمل المال فألقي في الدار وغُطّي بالثياب . وخرجت عائشة فقالت لمولاتها‏:‏ " ما هذا أفرش أم ثياب ؟ قالت‏:‏ " انظري " ، فنظرت فإذا به مال ، فتبسمت ، فقالت لها‏ ( مولاتها ) :‏ " أجزاء من حمل هذا أن يبيت عندنا . ؟ " قالت‏ ( عائشة ) :‏ " لا والله ، ولكن لا يجوز دخوله إلا بعد أن أتزين له وأستعد." قالت‏ ( الجارية ) :‏ " وبماذا ؟ فوالله لوجهك أحسن من كل زينة ، وما تمدين يديك إلى طيب وثوب أو فرش إلاوهو عندك ، وقد عزمت عليك أن تأذني له . " قالت‏:‏ " افعلي " . فذهبت إليه فقالت‏:‏ " بت ببيتنا الليلة . " فجاءهم عند العشاء الآخرة. ) .

وهناك رواية أخرى ( فاحشة ) نعتذر عن ذكرها ، ونضطر لذلك لنعايش ثقافة عصر ( السلف الصالح ) الدموية الفاحشة . تقول الرواية : ( وتزوجها عمر بن عبيد الله ، وحمل غيها الف الف درهم ، وقال لرسولها : " انا أملأ بيتها خيرا وحرها أيرا " ( الحر : عضو المرأة الجنسي ) ( الأير : عضو الذكر الجنسى ) ، وتمضى الرواية فتقول : ( ودخل بها من ليلته ، واكل الطعام الذي عُمل له على الخوان كله ، وصلى صلاة طويلة ، وخلا بها ، ودخل المتوضى سبع عشرة مرة ، فلما أصبح قالت له جاريتها :" والله ما رأيت مثلك ، أكلت أكل سبعة ، وصليت صلاة سبعة ، ونكت نيك سبعة .! " ، فضحك وضرب بيده على منكب عائشة ، وقال :" كيف رأيت ابن عمك ؟ " ، فضحكت وغطت وجهها.).[5]

هدأت شراسة عائشة مع زوجها الثالث ، كانت فقط تُغيظه بوصف وسامة مصعب ، تقول الرواية : ( ومكثت معه ثماني سنين ، وكانت تصف له مصعبًا ، فيكاد يموت من الغيظ . ) ومات زوجها الثالث سنة (82 هـ) ، فرفضت الزواج بعده . تقول الرواية : ( فلما مات ندبته قائمة ، وقالت‏:‏ " كان أكرمهم علي وأمسهم رحمًا بي فلا أتزوج بعده . ") ( وكانت المرأة إذا ندبت زوجها قائمة عُلم أنها لا تتزوج بعده . ).

وأقامت معه ثماني سنين، حيث مات سنة (82 هـ) ومنذ أن تأيمت، كانت تقيم بمكة سنة، وبالمدينة سنة وتخرج إلى مال لها بالطائف تدير أمورها بنفسها.[6]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عائشة ( الأرملة الطروب )

1 ـ عاشت حياتها كما يحلو لها وهى أرملة ثرية ، ( كانت تقيم بمكة سنة، وبالمدينة سنة ، وتخرج إلى مال لها بالطائف تدير أمورها بنفسها . وتخرج إلى مال لها بالطائف وقصر لها ، فتتنزه‏. وقدمت على هشام بن عبد الملك ، فقال‏:‏ " ما أقدمك ؟" فقالت‏:‏ " حبست السماء قطرها ومنع السلطان الحق . " فأمر لها بمائة ألف درهم . ).

2 ـ واصبحت عائشة بنت طلحة جُزءا من الحياة المنفتحة فى مكة والمدينة ، حيث المجون والغناء ومشاهير المغنيين والمغنيات ، وقصائد العشق والغرام والتشبيب بالنساء . إذ أن الأمويين بعد الفتنة الكبرى الثانية أغرقوا أهل مكة والمدينة بالأموال والحوارى ليشغلوا أهلها عن الثورة بعد إخماد حركة ابن الزبير .

3 ـ فى هذه الفترة كان لعائشة بنت طلحة ندوة أدبية يحضرها الشعراء والمغنون وسادة القوم ، وكانت تتنافس مع ضرتها السابقة سكينة بنت الحسين التى شاركتها مصعب بن الزبير. يقول ابن اسحاق عن أبيه: ( دخلت على عائشة بنت طلحة بن عبيد الله ، وكانت تجلس ، وتأذن كما يأذن الرجل. ) وبعضهم كان يأتى ليملأ عينيه من جمالها فقط ، تقول الرواية : ( وقال أنس بن مالك لعائشة بنت طلحة: " إن القوم يريدون أن يدخلوا اليك فينظروا إلى حسنك !" قالت: " أفلا قلت لي فألبس حسن ثيابي. " )

4 ـ وفى هذا المناخ إشتهر عمر بن أبى ربيعة بالتشبيب أو التغزل بالنساء ، وتسابقت النساء الشهيرات ليحظين بشعره متغزلا فيهن. تقول الرواية : ( لقي عمر بن أبي ربيعة عائشة بنت طلحة بمكة ، وهي تسير على بغلة لها ، فقال لها: " قفي حتى أسمعك ما قلت فيك " ، قالت : " أوقد قلت يا فاسق ؟ " قال: " نعم ،" فوقفت فأنشدها:

ياربة البغلة الشهباء هل لك في * بأن تنشري ميتا لا ترهقي حرجا
قالت بدائك مت أو عش تعالجه * فما نرى لك فيما عندنا فرجا

ومن مشاهير تغزل عمر بن أبي ربيعة في عائشة بنت طلحة قصيدته التي أولها :

مـن لقـلب أمسـى رهـينا مُعنّى * مسـتكيـنا قـد شفـه مـا أجـنّا
إثر شخص نفسي فدت ذاك شخصا * نـازح الدار بـالمديـنة عـنا


3 ــ وكان لعائشة معجبون من مشاهير المغنيين ، ومنهم ابن محرز، تقول الرواية: ( كان ابن محرز أحسن الناس غناء ، فمر بهند بنت كنانة بن عبدالرحمن (حليف قريش). فسألته أن يجلس لها ولصواحب لها ، ففعل وقال: " أغنيكن صوتا أمرني الحارث بن خالد بن العاص بن هشام أن أغنيه عائشة بنت طلحة بن عبيد الله ، في شعر له قاله فيها ، وهو يومئذ أمير مكة قلن: نعم ، فغناهن:

فوددت إذ شحطوا وشطت دارهم * وعـدتهم عـنا عـواد تشـغل
أنـا نطاع وأن تـنقل أرضـنا * أو أن أرضهم إليـنا تـنقل


ومنهم المغني ( الغريض ). تقول الرواية : ( حجت عائشة بنت طلحة بن عبيد الله ، فجاءتها الثريا ( الثريا عشيقة عمر بن أبي ربيعة) وإخوتها، ونساء مكة. وكان المغني الغريض فيمن جاء ، فدخل النسوة عليها ، فأمرت لهن بكسوة وألطاف كانت قد أعدتها لمن يجيؤها، فجعلت تخرج كل واحدة ومعها جاريتها ومعها ما أمرت لها به عائشة . والغريض بالباب حتى خرج مولياته مع جواريهن الخلع والألطاف ، فقال الغريض: فأين نصيبي من عائشة ؟ فقلن له: أغفلناك وذهبت عن قلوبنا ، فقال: ما أنا ببارح من بابها أو آخذ بحظي منها ، فإنها كريمة بنت كرام ، واندفع يغني بشعر جميل:

تذكرت ليلى فالفؤاد عميد * وشطت نواها فالمزار بعيد

فقالت: ويلكم هذا مولى العبلات بالباب يذكر بنفسه هاتوه ، فدخل ، فلما رأته ضحكت وقالت: لم أعلم بمكانك ، ثم دعت له بأشياء أمرت له بها ، ثم قالت له: إن أنت غنيتني صوتا في نفسي فلك كذا وكذا .. فغناها في شعر كثير:

ومازلت من ليلى لدن طر شاربي * إلى اليوم أخفي حبـها وأداجن )


4 ـ وكان والى مكة الحارث بن خالد بن العاص بن هشام من المتيمين بعائشة بنت طلحة . وكان ينظم فيها الشعر . تقول الرواية : ( قال الحارث بن خالد المخزومي متغزلا بعائشة بنت طلحة لما تزوجها مصعب بن الزبير ورحل بها إلى العراق :

ظـعن الأمـير بأحسـن الخـلق * وغـدا بـلبك مـطـلع الشـرق
في البيت ذي الحسب الرفيع ومن * أهـل التـقى والبـر والصـدق
فـظـللت كـالمقهـور مـهجته * هـذا الجـنون وليــس بالغسق
أتـرجـة عـبق العـبير بـها * عـبق الدهـان بـجـانب الحـق
مـا صـبحت أحـدا بـرؤيتها * إلا غـدا بكـواكـب الـطـلق )

5 ــ قال أبو الفرج الأصفهاني: ( والحارث بن خالد المخزومي أحد شعراء قريش المعدودين الغزليين ، وكان يذهب مذهب عمر بن أبي ربيعة لا يتجاوز الغزل إلى المديح ولا الهجاء ، وكان يهوى عائشة بنت طلحة بنت عبيدالله ويشبب بها. وحج الحارث بن خالد المخزومي بالناس ، وحجت عائشة بنت طلحة عامئذٍ ، وكان يهواها ، فأرسلت إليه :" أخّر الصلاة حتى أفرغ من طوافي "، فأمر المؤذنين فأخّروا الصلاة حتى فرغت من طوافها ، ثم أقيمت الصلاة فصلى بالناس ، وأنكر أهل الموسم ذلك من فعله وأعظموه .ولما أن قدمت عائشة بنت طلحة أرسل إليها الحارث بن خالد ـ وهو أمير على مكة ـ : " أني أريد السلام عليك ، فإذا خف عليك أذنت ،" وكان الرسول الغريض ، فقالت له: " أنا حرم ( أى فى الحرم فى الحج ) فإذا أحللنا إذناك ." فلما أحلت سرت ( سارت ليلا ) على بغلاتها ، ولحقها الغريض بعسفان، ومعه كتاب الحارث إليها:

" ما ضركم لو قلتم سددا ...". فلما قرأت الكتاب قالت: " ما يدع الحارث باطله " ، ثم قالت للغريض: "هل أحدثت شيئا ؟ " ( أى هل قال شعرا جديدا فيها ) قال: " نعم فاستمعي " ، ثم اندفع يغني في هذا الشعر ، فقالت عائشة: " والله ماقلنا إلاسددا ، ولاأردنا إلا أن نشتري لسانه " ، وأتى على الشعر كله ، فاستحسنته عائشة، وأمرت له بخمسة آلاف درهم وأثواب ، وقالت: " زدني " ، فغناها في قول الحارث بن خالد أيضا.


ظـعن الأمـير بأحسـن الخـلق * وغـدا بـلبك مـطـلع الشـرق
في البيت ذي الحسب الرفيع ومن * أهـل التـقى والبـر والصـدق
فـظـللت كـالمقهـور مـهجته * هـذا الجـنون وليــس بالغسق
أتـرجـة عـبق العـبير بـها * عـبق الدهـان بـجـانب الحـق
مـا صـبحت أحـدا بـرؤيتها * إلا غـدا بكـواكـب الـطـلق

قال أبو الفرج: والحارث بن خالد أحد شعراء قريش المعدودين الغزليين ، وكان يذهب مذهب عمر بن أبي ربيعة لا يتجاوز الغزل إلى المديح ولا الهجاء، وكان يهوى عائشة بنت طلحة بنت عبيدالله ويشبب بها.

وحج الحارث بن خالد المخزومي بالناس، وحجت عائشة بنت طلحة عامئذٍ ، وكان يهواها ، فأرسلت إليه أخر الصلاة حتى أفرغ من طوافي، فأمر المؤذنين فأخّروا الصلاة حتى فرغت من طوافها ، ثم أقيمت الصلاة فصلى بالناس ، وأنكر أهل الموسم ذلك من فعله وأعظموه .

ولما أن قدمت عائشة بنت طلحة أرسل إليها الحارث بن خالد ـ وهو أمير على مكة ـ أني أريد السلام عليك ، فإذا خف عليك أذنت ، وكان الرسول الغريض ، فقالت له: أنا حرم فإذا أحللنا إذناك . فلما أحلت سرت على بغلاتها ، ولحقها الغريض بعسفان ومعه كتاب الحارث إليها: ما ضركم لو قلتم سددا .... فلما قرأت الكتاب قالت: ما يدع الحارث باطله ، ثم قالت للغريض: هل أحدثت شيئا ؟ قال: نعم فاستمعي ، ثم اندفع يغني في هذا الشعر ، فقالت عائشة: والله ماقلنا إلاسددا ، ولاأردنا إلا أن نشتري لسانه ، وأتى على الشعر كله ، فاستحسنته عائشة وأمرت له بخمسة آلاف درهم وأثواب ، وقالت: زدني ، فغناها في قول الحارث بن خالد أيضا.

  • نظر ابن أبي ذئب إلى عائشة بنت طلحة تطوف بالبيت ، فقال لها: من أنت ؟ فقالت:
من اللاءِ لم يحجبن يبغين حسبة * ولكـن ليقتلن البريء المغفـلا

تعليق

يضيق الصدر عن تحليل الروايات السابقة ، ونكتفي بالقول إنها كانت حياة ماجنة فى مكة والمدينة ، لا تختلف فى فسوقها عن سفك الدماء. أى إن السلف الصالح تقلب بين سفك الدماء والانغماس فى الفحشاء.

وكانت عائشة بنت طلحة عنصرا فى هذا وذاك ، زوجها السفاح مصعب بن الزبير ، ثم هى بعده من أشهر النساء اللاتى تعلق بهن شعراء الفسق . وفى حالتى الفسق وسفك الدماء فقد حاز القرشيون الأموال بالملايين ، ليس من صحرائهم ولكن من عرق ومن دماء أهل البلاد المفتوحة ، من أواسط آسيا شرقا الى شمال أفريقيا غرباً![7]

أبناؤها

  • طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر.

العيشي الإمام العلامة الثقة أبو عبد الرحمن عبيد الله بن محمد بن حفص ابن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي البصري الأخباري الصادق ويعرف بابن عائشة وبالعيشي لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله ولد بعد الأربعين ومئة.

مجالس الشعر والعلم

كانت تقرأ الشعر وتتذوقه وترويه ولها مجلس أو ندوة أدبية يُدعى اليها الشعراء والأدباء وسادة القوم. وكانت لا تحتجب من الرجال فتجلس وتأذن لهم بالدخول عليها وهي في كامل لباسها.

يروي ابن إسحاق عن أبيه: دخلت على عائشة بنت طلحة بن عبيد الله وكانت تجلس وتأذن كما يأذن الرجل.

وقال أنس بن مالك لعائشة بنت طلحة: إن القوم يريدون أن يدخلوا اليك فينظروا إلى حسنك ! قالت: أفلا قلت لي فألبس حسن ثيابي.

حسن خلقتها

كانت شرسة الخلق وكذلك بني تيم (قبيلة عائشة الحميراء) وهن أشرس خلق الله خلقا وأحظاهن عند أزواجهن.[8]

ولقد أسهب كتاب السير والمؤرخون في الحديث عن افتتان الرجال بجمال عائشة بنت طلحة وقوة شخصيتها ووضع الملايين والجواهر تحت قدميها كي تقبل بالزواج منهم. ورغم أنها لم تنجب إلا ولداً واحداً طوال حياتها، وهذا كان ينتقص من قدر المرأة وقيمتها في المجتمعات العربية، رغم هذا فإنها كانت لا يرد لها كلمة، بل إن أحد أزواجها أيقظها من نومها كي يهديها عدة جواهر فما كان منها إلا أن صرخت فيه بأن النوم كان أعز عليها من هذه الجواهر التي ألقاها في حجرها.

شيوخها في الرواية

روت عن خالتها عائشة.

روى عنها

حبيب بن أبي عمرة وابن أخيها طلحة ابن يحيى وابن أخيها الآخر معاوية بن إسحاق وابن ابن أخيها موسى عبيد الله بن إسحاقو فضيل الفقيمي وآخرون.[1]

وفادتها على الحكام

وفدت على هشام بن عبد الملك فاحترمها ووصلها بجملة كبيرة وثقها يحيى بن معين.


وفاتها

منذ أن تأيمت، كانت تقيم بمكة سنة، وبالمدينة سنة وتخرج إلى مال لها بالطائف تدير أمورها بنفسها. إلى أن توفيت سنة (101هـ). ورد في سير أعلام النبلاء: بقيت إلى قريب من سنة عشر ومئة بالمدينة.[1]

المصادر

  1. ^ أ ب ت سير أعلام النبلاء/عائشة بنت طلحة
  2. ^ . الرياض النضرة في مناقب العشرة : المجلد الثاني / 267
  3. ^ سير أعلام النبلاء/محمد بن طلحة بن عبيد الله
  4. ^ فتاوى رمضان - التقبيل في نهار رمضان - موقع قصة الإسلام
  5. ^ كتاب الأغاني للإمام أبي الفرج باب أخبار عائشة بنت طلحة ونسبها
  6. ^ عائشة بنت طلحة رضي الله عنها - شبكة السرداب الإسلامية
  7. ^ أحمد صبحي منصور (2016-04-03). "عائشة بنت طلحة : فاتنة عصر الفتنة". الحوار المتمدن.
  8. ^ نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري باب ذكر أخبار العريض وما يتصل بها من أخبار عائشة بنت طلحة