صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية

كتاب صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية. انقر على الصورة لمطالعة الكتاب كاملاً.

صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية إنگليزية: Pillaging the World: The History and Politics of the IMF كتاب للباحث والمترجم الألماني إرنست ڤولف Ernst Wolff أستاذ الفلسفة في جامعة بريتوريا، صدرت ترجمته للعربية في شهر أبريل 2016 ضمن سلسلة عالم المعرفة التى يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت، وقام بترجمته للعربية الدكتور عدنان عباس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة الكتاب

افتتح المؤلف كتابه بإهداء صادم وكاشف لنتائج سياسات صندوق النقد الدولي حيث يقول: "هذا الكتاب هدية لبني البشر في أفريقيا وآسيا وجنوب أمريكا، الذين لا يستطيعون قراءته، لأن سياسة صندوق النقد الدولي قد حرمتهم من الالتحاق بالمدارس"، ويشير في مقدمة الكتاب إلى أنه من الناحية الرسمية تكمن وظيفة الصندوق الأساسية في العمل على استقرار النظام المالي وفي مساعدة البلدان المأزومة على تلافي ما تعانيه من مشاكل غير أن تدخلاته في الشئون الداخلية للبلدان المقترضة تبدو في الواقع أشبه ما تكون بغزوات جيوش متحاربة، حيث ينتهك سيادة هذه الدولة أو تلك، ويجبرها على تنفيذ إجراءات ترفضها الأغلبية العظمى من المواطنين وتخلف وراءها مساحة عريضة من خراب اقتصادي واجتماعي، ويضيف: "في كل هذه التدخلات لم يستخدم الصندوق أسلحة أو جنوداً بل كان يستعين بوسيلة غاية في البساطة، وبواحدة من آليات النظام الرأسمالي، وهى عمليات التمويل".


نبذة عن محتوى الكتاب

في هذا الكتاب يشن إرنست ڤولف هجوماً كاسحاً على مؤسسة صندوق النقد الدولي، أحد الأذرع الرئيسية للرأسمالية المتوحشة.

يحتوي الكتاب على اثنين وعشرين فصلاً تُقدم رصداً وتحليلاً لسياسات الصندوق منذ نشأته عقب الحرب العالمية الثانية وصولاً إلى عام 2013، في الفصل الأول يشرح ڤولف ظروف نشأة صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أنه في نهاية الحرب العالمية الثانية دعت الولايات المتحدة ل"مؤتمر بريتون وودز" عام 1944 وشارك فيه 44 حينها دولة، وكان الهدف المعلن للمؤتمر هو صياغة نظام اقتصادي جديد، يضفي الاستقرار على الاقتصاد العالمي ويحول دون تكرار الأخطاء التي تخللت عقود الزمن بين الحربين العالميتين، فثلاثينيات القرن العشرين تحديداً قد شهدت ندرة في معدن الذهب وحالة ركود كبيرة، وفي ظل الدمار الذي لحق بالدول الاستعمارية الأوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا، بالإضافة للنفوذ الأمريكي الكبير عسكرياً واقتصادياً إستطاعت أمريكا أن تفرض شروطها وتم إقرار نظام اقتصادي عالمي يتمحور حول الدولار الأمريكي فقط، بحيث يكون الدولار هو الأساس في تحديد قيمة باقي العملات، ومن خلال هذا القرار تمكنت الولايات المتحدة من بسط نفوذها على كافة باقي الدول، وفرض همينتها المطلقة على قرارات صندوق النقد الدولي.

وتنص اتفاقية تأسيس الصندوق على مجموعة من الأهداف الرئيسية هي: أولاً تشجيع التعاون في ميدان السياسة النقدية، ثانياً تيسير التوسع والنمو في التجارة الخارجية، ثالثاً العمل على تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف والمساعدة على اقامة نظام مدفوعات متعددة الأطراف، ورابعاً تدعيم الثقة بين البلدان الأعضاء واتاحة الفرصة لها لأن تستخدم موارده العامة مؤقتاً بضمانات كافية، كي تتمكن من تصحيح الاختلالات في موازين مدفوعاتها دون اللجوء إلى اجراءات مضرة بالرخاء الوطني أو الدولي.

ويوضح فولف أن هذه الصيغة الرسمية يبدو معها وكأن صندوق النقد مؤسسة حيادية وهدفها دعم الاقتصاد العالمي وتحقيق الرفاهية لكافة الشعوب، في حين أن الواقع يشير إلى أن صندوق النقد ليس إلا مؤسسة أنشأتها الولايات المتحدة وهي الطرف المسيطر عليها، لتفرض ليس فقط هيمنتها العسكرية فحسب، بل هيمنتها الاقتصادية أيضاً، ومن أجل تجميل الصورة استحدث المؤسسون الأوائل لصندوق النقد عام 1947 تقليداً تمسكت المؤسسة بانتهاجه حتى يومنا الحاضر وهو إسناد قيادة الصندوق لشخصية غير أمريكية.

ويشير الكاتب لدور الصندوق كذراع استعماري للولايات المتحدة والشركات متعددة الجنسيات ظهر تدريجياً من خلال استحداث الصندوق مجموعة من القواعد لمنح الدول القروض المالية ومن ضمن هذه القواعد مبدأ "المشروطية" ويعني أن الموافقة على التمويل من الصندوق لأي دولة تطلب تطبيق هذه الدولة للشروط التى يضعها الصندوق، وأن منح أى دولة قرضاً يجب أن تسبقه شهادة حسن سير وسلوك تعطى للدول التي نفذت جميع المعايير والشروط المطلوبة منها، وفى المحصلة فإن الشروط والمعايير بالقطع لها أهداف سياسية، وفي كل الأحوال هي لا تلتفت إلى أي بُعد اجتماعي، ويقدم الكتاب على مدار الفصول رصد للسياسات التي اتبعها الصندوق في نهب وسرقة وتدمير عشرات الدول على مستوى العالم بدءاً من الدول الأفريقية مروراً بأمريكا اللاتينية وآسيا وصولاً لدول شرق أوروبا حيث تسببت سياسات الصندوق في تدمير دولة يوغوسلافيا وفي حدوث أكبر عملية حرب وتطهير عرقي شهد العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

النيوليبرالية وإفقار الشعوب

يرصد الكتاب تطور سياسات صندوق النقد في مرحلة سبعينيات القرن الماضي وتبنيه لقواعد النيوليبرالية التي صاغتها مدرسة شيكاغو الاقتصادية، وقد أقر الصندوق برنامج عنوانه "التكييف الهيكلي" تحت شعار: ليبرالية، تحرر، استقرار، خصخصة، ومن خلال هذا البرنامج وضع صندوق الدولي ثلاثة شروط للموافقة على اقراض الدول وهي المساعدة المالية والمساعدة الفنية والمراقبة وقد مكنت هذه الشروط إدارة الصندوق من التدخل المباشر في سياسات الدول الاقتصادية والاجتماعية فالصندوق لم يعد يقرض الدول فقط بل صار يحدد أين ستنفق هذه الأموال وصار يختار أيضاً الوزراء والحكومات وقيادات البنوك التي يرى أنها تحقق مصالحه.

وقد تم تطبيق سياسات التكييف الهيكلي في العديد من الدول منها تشيلي في فترة حكم الديكاتور العسكري أوغستو بينوشيه وتكرر ذلك الأمر أيضاً في الأرجنتين، ويشير الكاتب إلى أن هذه السياسيات تسببت في غلق مئات المصانع وبيعها وتسريح عشرات الآلالف من العمال وتضاعفت نسبة الفقراء وارتفعت معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة وتم إفقار ملايين البشر في حين على الجانب الآخر حصل المستثمرون الأجانب ومعهم القيادات العسكرية الذين تحولوا لسماسرة وتجار على مليارات الدولارات التي تم نقلها للخارج.

انظر أيضاً

المصادر