سلطان بن بجاد

صورة تقريبية لسلطان بن بجاد بن حميد

سلطان بن بجاد بن حميد " سلطان الدين " شيخ وقائد من شيوخ قبيلة عتيبة ومن قادة جيوش الإخوان تسلم الإمارة بعد وفاة الأمير محمد بن هندي بن حميد عام (1333هـ - 1915م ) وشارك مع الملك عبد العزيز آل سعود في توحيد المملكة العربية السعودية ، توفي عام 1351 هـ / 1934 م في السجن بعد معركة السبلة .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نسبه

هو سلطان بن بجاد بن سلطان بن هندي بن حمد بن حميد الكريزي المقاطي العتيبي والده الشيخ بجاد بن سلطان بن هندي بن حميد من مشاهير فرسان وشيوخ قبيلة عتيبة، ووالدته هي نورة بنت مسلط بن محمد بن ربيعان ابنة الأمير الشهير مسلط بن محمد بن ربيعان .


بناء الغطغط

أسس سلطان بن بجاد هجرة الغطغط من اهم ومن أقوى هجر الإخوان ومن أكثرها إعداداً للجيوش كما وصفها شقيق الموحد الأمير مساعد بن عبد الرحمن آل سعود في كتاب السعوديون والحل الإسلامي. وتقول عنها الأميرة مضاوي بنت منصور بن عبد العزيز آل سعود في دراستها عن الهجر في عهد الملك عبد العزيز : "اكتسبت هجرة الغطغط في عهد شيخها سلطان بن بجاد شهره كبيره وكان يخرج من الغطغط خمسة آلاف مقاتل للجهاد". وقال فيهم الشيخ عبد الرحمن بن عقلا نائب الحرمين الشريفين في رئاسة فضيلة الشيخ عبد الملك بن دهيش:

لا تنسى فضل القوم أهل الغطغط ذوي الهدى والرأي والآدابي
رؤوس برقا خشية فرقــــــــا إن شئت ترقى ذروة الروابي
صقور هذا الدين يوم الهيجـاء ذوى الحجا مطوع الصعــابي

معركة تربة

قاد ابن بجاد من معه من الاخوان في معركة تربة في 25 مايو 1919 - 26/ 8/1337هـ ضد عبد الله بن الحسين، ثم فتح الطائف وفتح مكة المكرمة. ففي سنة 1342 هـ دخل مكة المكرمة تحت إمرة الشريف خالد بن لؤي محرمين ملبين بعد انسحاب الشريف حسين منها. وشارك في حصار جدة.

استباحة الطائف

قرر عبد العزيز أن ينزل ضربته الأولى بالطائف، قرب مكة . وفي 5 أيلول (سبتمبر) عام 1924 دخل الإخوان الطائف ومكنوا فيها ينتظرون أوامر عبد العزيز. وكان قوام قوات عبدالعزيز مقاتلون من هجرة الغطغط بأمرة سلطان بن بجاد ومن هجر أخرى لعتيبة وقحطان وقبائل أخرى، وانضمت إليها قوة من الخرمة بقيادة إبن لؤي . وقد استولى الإخوان على خزين الذخائر العسكرية في الطائف، واستبيحت المدينة لمدة ثلاثة أيام ، وفر الكثير من أبنائها وسقط المتبقون صرعى بيد الإخوان. وقد روعت الحجاز للأمر، وفي 22 سبتمبر أصدر عبدالعزيز أمرا حذر فيه بشدة من العودة إلى البطش وقطع عهدا بالحفاظ على أموال أهل الحجاز ودمائهم . وثمة معطيات تفيد بأن أربعمائة رجل وامرأة وطفل قد قتلوا في الطائف . وقد حاول علي بن الحسين تجميع قوات في الهدة ووقف زحف الإخوان على مكة ولكنه منى بهزيمة أخرى في خاتمة المطاف . أصبح وضع الحسين ميؤسا منه ، فاجتمع أعيان الحجاز ، ومنهم أشراف مكة وعلماء الدين وكبار التجار، في جدة وقرروا خلع الحسين في محاولة لترضية إبن سعود. وبعد أخذ ورد وافق الحسين على التنازل عن العرش لولده علي الذي نص ملكا على الحجاز في 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1924 . وشكل وجهاء الحجاز مجلسا (حزبا) وطنياً، وهو شيء أشبه بالبرلمان ، وصارت الحجاز بمثابة مملكة دستورية. وبعد ثلاثة أيام أرسل الحسين مع أمتعته إلى جدة ، وفي أواسط تشرين الأول (أكتوبر) غادر إلى العقبة ومنها نقله الإنجليز إلى قبرص.

فتح مكة

لم تتحقق الآمال المعقودة على ترضية إبن سعود . وبعد برهة قصيرة دنا الإخوان من مكة ، واضطر علي إلى الانسحاب إلى جدة على رأس قوة من 400 فرد. وفي أواسط أكتوبر عام 1924 دخل الإخوان مكة وبنادقهم منكسة إلى أسفل . وتجدر الإشارة إلى أن نية عبد العزيز في التريث وعدم دخول مكة حتى يستبين فعل البريطانيين، قد صارت طي النسيان بعد إحراز النصر الأول. بيد أن سلطان جدة آثر المكوث في الرياض، كي يحمل الإخوان مسئولية غزو الحجاز إذا ما تدخل البريطانيون. ورغم نهب الكثير من بيوت أشراف مكة بعد استيلاء الإخوان عليها ، فإن المدينة لم تشهد حمامات دم. نصب الشريف بن لؤي أميرا لمكة وظل إبن بجاد في الطائف.

كان أعيان جدة ومكة يأملون ، بتنصيبهم علي ملكا ، للتخلص من الغزو النجدي ، لأن الكثيرين منهم اعتقدوا بأن خلاف سلطان نجد مع الملك حسين هو سبب المشاكل . غير أن السلطان أراد طرد الأسرة الهاشمية بأسرها من الحجاز ولم يوافق على عقد الصلح بشروط أخرى . حاول أعضاء المجلس الحجازي إجراء المفاوضات ، ولكن إبن سعود أصر على وجوب مغادرة علي الحجاز . وفي تشرين الأول (أكتوبر) 1924 عاد وجهاء الحجاز إلى جدة وطلبوا من علي التنازل عن العرش . وبدأت مفاوضات بين أنصار علي وخصومه اضطر أثرها المجلس إلى إعلان حله، وفي كانون الأول (ديسمبر) 1924 اعتقل الكثير من خصوم علي.

Cquote2.png اكتمل دخولهم إياها في السابع عشر من ربيع الاول عام 1342هـ محرمين مهللين مكبرين دون اراقة دماء ... وتولى خالد بن لؤي مقاليد الحكم فيها وان كان لرأي سلطان بن بجاد قوة كبيرة جداً في اتخاذ أي قرار.
عبد الله العثيمين،
معارك الملك عبدالعزيز المشهوره لتوحيد البلاد
Cquote1.png

ويصف الشيخ محمد بن عثمان الشاوي دخولهم لمكة المكرمة في كتاب المجموعة المحمودية:

دخلنا نلبى حاسرين رؤوسنـــــا وطفنا بذي الانوار والاخشــابِ
دعونا وكبرنا على المرو والصفا وتلك البقاع النيرات الاطايبِ
هــُم معشر الاخــوان دام سرورهم ولا سرَ من يرميهمُ بالمعـائـبِ
لهم أســــــــوةً في صحب نبيهم وهمتهم مصروفةً بالعواقــــبِ

المعتمدين الأجانب يوافقون على تقدم الإخوان وآل سعود

تجدر الإشارة إلى أن معتمدي الدول الأجنبية في جدة بعثوا إلى خالد بن لؤي رسالة يشيرون فيها إلى التزام حكوماتهم بالحياد ويطلبون ضمان حقوق رعاياهم وممتلكاتهم في جدة في حالة استمرار الحرب. ووعد خالد بأن يكفل الإخوان أمن الرعايا الأجانب. وفي أواخر تشرين الأول (أكتوبر) غادر عبدالعزيز الرياض على رأس جيش من خمسة آلاف مقاتل واستغرق طريقه إلى مكة ثلاثة أسابيع ، وبذلك لخشيته من تدخل البريطانيين في النزاع . ولكن حينما وصلت كتب من قناصل الدول الأجنبية تعلن الحياد التام، أدرك عبدالعزيز أن الحجاز قد وضع تحت تصرفه.

في 5 كانون الأول (ديسمبر) 1924 دخل عبد العزيز مكة، وفي الثالث عشر من الشهر ذاته نشرت جريدة أم القرى الرسمية التي بدأت الصدور بلاغه، الذي كتبه سانت جون فيلبي، الذي استعرض فيه برنامجه في الحجاز. وجاء فيه: ( 1- سيكون أكبر همنا تطهير هذه البلاد المقدسة من الأعداء أنفسهم الذين مقتهم العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها بما اقترفوه من الآثام في هذه الديار المباركة. 2- سنجعل الأمر في هذه البلاد المقدسة بعد هذا شورى بين المسلمين، وقد أبرقنا لكافة المسلمين في سائر الأنحاء أن يرسلوا وفودهم لعقد مؤتمر إسلامي عام يقرر شكل الحكومة التي يرونها صالحة لإنفاذ أحكام الله في هذه البلاد المطهرة. 3- إن مصدر التشريع والأحكام لايكون إلا من كتاب الله، ومما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أو ما أقره علماء الإسلام الإعلام بطريق القياس. 4- كل من كان من العلماء في هذه الديار أو من موظفي الحرم الشريف أو المطوفين ذو راتب معين فهو له على ماكان عليه من قبل ...).

حصاره لجدة لمدة عام

في فترة مكوث علي في جدة أجرى إبن سعود في كانون الأول (ديسمبر) 1924 انتخابات في مكة الغرض المعلن منها تكوين نوع من الإدارة الذاتية ، ولكن الهدف الحقيقي هو استمالة الوجاء والتجار المحليين . وقد انتخب مجلس شورى قوامه 11 عضوا برئاسة الشيخ عبدالقادر الشيبي وعين حافظ وهبة حاكما مدنيا لمكة . سرعان ما حصل إبن سعود على تأكيد جديد لحياد الدول الأجنبية من قناصلها ، وكان هذا أهم ما يصبر إليه . وعندما ألقت طائرة أرسلها علي بن الحسين مناشير فوق مكة يعلن فيها الملك عن اعتزامه استرداد المدينة ، قرر عبدالعزيز أن أوان العمل قد حان . وفي الخامس من كانون الثاني (يناير) 1925 دنت من جدة قوة إخوانية وبدأ حصار دام زهاء عام. حصن على المدينة وأحاطها بحقول ألغام . ووصل إلى المدينة بضع مجموعات من المسلمين السوريين والفلسطينيين واليمنيين ، جندتهم الأسرة الهاشمية فيما يبدو . ويقدر خير الدين الزركلي تعداد القوات السعودية بـ 5-6 آلاف مقاتل معظمهم من عتيبة وبعض من مطير وكذلك من قبيلتي غامد وزهران الحجازتين . وكان لدى علي زهاء 500 مقاتل حجازي وبضع مئات من الفلسطينيين والمصريين واليمنيين والسوريين . وفي المدينة كان هناك 200 بدوي ومايزيد على 300 مقاتل من فلسطين وشرقي الأردن وزهاء 250 يمنيا ، وكان في ينبع حوالي 300 من عتيبة وعقيل ، وبضع مئات أخرى في سائر المناطق . بيد أن الجيش السعودي تناقص في خلال الحصار لأن البدو لا يطيقون البقاء أمدا طويلا عند الساحل القائظ .

ولم يحصل على بن الحسين على عون يذكر من العراق وشرقي الأردن ، وفي هذا الخصوص أشار عبدالحميد الخطيب في كتابه (الإمام العادل) إلى أن الإنجليز تصروفا وكأنهم يريدون أن يضمنوا لإبن سعود النصر. وقد وافق عبدالله أمير شرقي الأردن على أن يتولى الإنجليز نقل أبيه الحسين من العقبة خوفا من غزو قوات إبن سعود بحجة وجوده فيها . وفي آيار (مايو) 1925 وصل الملك السابق إلى السويس حيث كان في استقباله معتمد الحجاز في القاهرة عبد الملك الخطيب وأخوه عبد الحميد الخطيب. وقال لهما الحسين أن الإنجليز هم الذين نفوه وخانوه لرفضه الاعتراف بوعد بلفور وتمسكه بحق العرب في دولة مستقلة. وفي مطلع عام 1925 حاول مندوبون عن جميعة الخلافة الهندية وعدد من القناصل الأجانب التوسط بين علي وعبد العزيز . وفي شهر نيسان (إبريل) من العام ذاته عقد لقاء بين وزير خارجية حكومة جدة وعبدالعزيز ولكنه لم يسفر عن نتيجة .

في حزيران (يونيو) رفع الحصار عن جدة بسبب القيظ ، وفي آب (أغسطس) توجه علي إلى الإنجليز بطلب آخر يناشدهم فيه التدخل ولكنهم رفضوا . وقد أشار البريطاني جيلبرت كلايتون الأمين العام السابق للحكومة في فلسطين ، في ملاحظة دونها بدفتر مذكراته في أواسط تشرين الأول (أكتوبر) أثناء مروره بجدة ، أشار إلى أن علي كان منهارا معنويا وجسديا. وأعرب كلايتون عن استغرابه من أحجام عبدالعزيز عن الاستيلاء على جدة التي تعاني من الجوع . ويدو أن سلطان نجد أثر التريث حتى تستسلم له المدينة حقنا للدماء. إبان غزو الحجاز وبعد إحكام السيطرة عليه استمرت الغزوات على أراضي العراق . كما عبر الإخوان وادي سرحان ووصلوا إلى الحدود السورية وقطعوا شرقي الأردن عن العراق ، مما جعل الممتلكات البريطانية في الشرق الأوسط عرضة للتقسيم. وبعد أن احتل عبد العزيز مكة بمباركة غير معلنة من قبل الإنجليز، أدرك أن عليه وضع حد لمطامعه في الشمال .

اتفاقيات الحدود

كان ذلك عشية عقد اتفاقيات لوكارنو، في وقت تأزمت إبانه العلاقات البريطانية الفرنسية بسبب قضية الموصل، واهتزت مواقع بريطانيا بفعل مد حركة التحرر الوطني في فلسطين . لذا لم تشأ بريطانيا التدخل في النزاع بين نجد والحجاز تدخلا صريحا . في تشرين الأول (أكتوبر) عام 1925 وصل الكولونيل كلايتون إلى مقر عبد العزيز في الحجاز . وأظهر إبن سعود ثانية أنه سياسي مرن ووافق على إعطاء تنازلات في الشمال مقابل اعتراف بريطانيا الفعلي بضمه الحجاز . وتمخضت المفاوضات عن اتفاقيتي بحرة وجدة اللتين وقعتا في 1 و 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1925 . وتخص الاتفاقية الأولى العراق ونجد وهي تنص على أن غزو العشائر القاطنة في أراضي أي من الدولتين على أراضي الدولة الأخرى يعتبر اعتداء يستلزم عقاب مرتكبيه من قبل الحكومة التابعة لها . ونصت الاتفاقية على تأليف محكمة خاصة من ممثلي الحكومتين للنظر في تفاصيل أي تعد يقع من وراء حدود الدولتين . كما أشارت الاتفاقية إلى أن من حق العشيرة عبور الحدود لرعي الماشية بعد استحصال رخصة بذلك . أما اتفاقية حدة فقد ثبتت للمرة الأولى عمليا الحدود بين نجد وشرقي الأردن ، وتنازل بموجبهاسلطان نجد لشرقي الأردن عن الممر الذي يربطه بالعراق . وتضمنت اتفاقية حدة نصوصا مماثلة لاتفاقية بحرة حول غزو الأراضي وتأليف محكمة للنظر في الدعاوي الدينية على أراضي البلد الآخر . ومن الواضح أن هذا البند له علاقة بالتبشير بالدعوة الإخوانية .

وهكذا أقيمت الحدود مع الكويت والعراق ومع شرقي الأردن فعليا ، رغم أن نزاعات الحدود استفحلت بعد برهة وجيزة . حينما بلغ ملك الحجاز نبأ اتفاقيتي بحرة وحدة ، بينما رفض كلايتون مساندته ، أدرك أن أيام حكمه معدودة . وقرر علي بن الحسين الاستسلام بعد تيقنه من أن أخويه في العراق والأردن حريصان على الاحتفاظ بعرشيهما أكثر من حرصهما على مؤازرته . وفي 16 كانون الأول (ديسمبر) أوفد على القنصل البريطاني للتباحث في شروط الاستسلام مع إبن سعود ، وقد استسلمت جدة في 22 من الشهر وغادرها علي بن الحسين ، وفي اليوم التالي دخل عبدالعزيز المدينة .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

استسلام المدينة لغير الإخوان

في مطلع شباط (فبراير) 1925 ، حينما كان حصار جدة في أوله ، أرسل عبد العزيز قوة من الإخوان بأمرة فيصل الدويش إلى المدينة ، ولكن السلطان حذر بشدة من دخول المدينة بدون إذن منه ، خوفا من تعرض قبر النبي للأذى . وعندما لم يعد سكان المدينة قادرين على الصمود للحصار كتبوا إلى عبدالعزيز يعربون عن موافقتهم على تسليم المدينة ولكن لأحد أنجاله وليس للإخوان ، فأرسل عبدالعزيز إبنه محمد إلى هناك في تشرين الأول (أكتوبر) . وفي هذه الأثناء استلم أهالي المدينة برقية من علي تعد بالنجدة ، فأجلوا الاستسلام . وفي الشهر التالي أصبح وضع المدينة حرجا ولم يبق أمل في النجدة ، فقرر أعيانها الاستسلام ، وفي 6 كانون الأول (ديسمبر) 1925 دخل محمد المدينة وصل المسجد النبوي .

عشية سقوط جدة أبلغ إشراف مكة وعلماؤها وأعيان جدة عبدالعزيز عن استعدادهم لمبايعته ملكا على الحجاز . وفي 11 كانون الأول (ديسمبر) 1925 اجتمع الناس عند باب الصفا من المسجد الحرام بمكة وتلي نص البيعة ، وأطلقت المدفعي مئة طلقة . وتقبل عبدالعزيز البيعة من أشراف مكة ثم الوجهاء والأعيان وأركان المحكمة الشرعية فالأئمة والخطباء وأعضاء المجلس البلدي ، ثم أهل المدينة ، ثم المطوفون والزمازمة وسدنة وخدم الكعبة ، ثم سائر أهل المدينة ومكة . وأصبح عبد العزيز يعرف بملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها .

اقامة حكومة الأمير فيصل في الحجاز

واجهت إبن سعود ، بعد غزو الحجاز ، ضرورة إدارة بلد بلغ من التطور شأنا يفوق بكثير شأن نجد ، بل وحتى الإحساء . فقد تكون الجهاز الإداري البيروقراطي في الحجاز وفقا للمعايير العثمانية وكان أرقى الأجهزة في الجزيرة . وعلى عهد الملك حسين صدرت حتى ميزانية تتضمن شرحا للنفقات ، رغم أنه لم يجر التقيد بها ، بطبيعة الحال . كما ظهرت هناك النواة الأولى لجيش نظامي ، وافتتحت مدارس ثانوية . وصدرت صحيفة رسمية هي (القبلة) تنم كتاباتها عن دراية بالعالم الخارجي ، وغالبا ما كانت تولي اهتماما كبيرا للأحداث في أوروبا ، وتنشر أنباء عن الأشغال العمومية مثل توسيع شبكة الهاتف وتنظيف الشوارع. وقد استقر رأي عبد العزيز على إبقاء الهيكل الإداري الذي أقامه الحسين وإبنه علي كما هو ، على أن يوظفه لخدمته.

الهاتف والمذياع والسيارة والطائرة رجس من عمل الشيطان

لدى دخول الإخوان وآل سعود الحجاز، اعتبر العلماء السلفيون التلفون والراديو منكرا من عمل الشيطان. وقد حل هذا الإشكال بعد أن تليت عبر التلفون ، ثم من الراديو آيات من القرآن . كما اعتبر الإخوان السيارة من بدع المشركين، إن لم تكن من عمل الشيطان. وقد أحرقت أول شاحنة ظهرت في مدينة الحوطة، وكاد سائقها يلقى المصير ذاته. ولم تكن الطائرة أوفر حظا .

عين إبنه فيصل نائبا للملك في الحجاز (آب – أغسطس 1926) أصدر في الوقت ذاته (التعليمات الأساسية للملكة الحجازية) بمثابة دستور .

هدم المعالم الإسلامية

كان الإخوان قد عقدوا الهزم على تطهير الحجاز من البدع المنكرة وهدم القباب التي اعتبروها مخالفة للإسلام . ويذهب حافظ وهبة إلى أن حماس الإخوان الجهلة للوهابية كان أكبر ما ابتليت به هذه الدعوة الإصلاحية على حد قوله . وقد واجه الملك الإقطاعي عبدالعزيز ، إثرة غزوة الحجاز مشكلة التعامل مع الإخوان .

إذ أن الإخوان أزالوا في مكة الشاهد المقام عند موضع ولادة النبي وهدموا منزلي خديجة وأبي بكر . وأشار فيلبي الذي حضر موسم الحج عام 1931 إلى هدم كل الأضرحة والقباب في الحجاز وذكر أن ذلك سيجعل الأجيال القادمة تنسى الوقائع التاريخية المرتبطة بهذه الأماكن . وإلى جانب الدافع الأخلاقي الديني ، تأصل لدى الإخوان العداء البدوي لكل مايجعله ويستأنس به الحضر في مدن الحجاز الذين اعتبروهم متنكرين للإسلام . ولما احتل الإخوان الطائف ومكة أخذوا يهشمون المرايا ويستخدمون أطر الأبواب والنوافذ كوقود للنار . ورغم أن هذا واحد من طباع الغزاة المعتادة ، إلا أنه كان تعبيرا عن حقد البدو الدفين على ترف المدن . وقد اقترنت نزعة الإخوة لدى الإخوان بالتعصب الديني والعادات البدوية .

في عام 1924 أمر خالد بن لؤي بإحراق كمية كبيرة من التبوغ العائدة ملكيتها لمستوردين مكيين أثرياء ، فشكوه لعبدالعزيز الذي ألغى الأمر الصادر عن إبن لؤي ولكنه حرم استيراد التبغ مستقبلا . وفيما بعد سمح ثانية باستيراد التبغ . ولكن استمر إيقاع العقوبة بالمدخن.

حينما أقصى خالد بن لؤي عن منصب حاكم مكة ، عقب سقوط جدة في كانون الأول (ديسمبر) 1925 ، كان هذا يعني تصميم عبدالعزيز على عدم إبقاء المناصب الإدارية في الحجاز بيد قادة الإخوان وقبل ذلك ، في أيلول (سبتمبر) من العام ذاته ، حظر رسميا في مكة حمل الأسلحة النارية لتقييد تحركات الإخوان. كان عبدالعزيز يخشى تعدي الإخوان على الحجاج المسلمين وبالفعل فقد جرحوا عددا من الحجاج مما أثار احتجاج القناصل الأجانب ، وحاولوا قتل عدد من المسلمين العاملين في القنصليات الأجنبية . وسعى الملك لتوجيه طاقة الإخوان نحو غزو المدن والموانئ الواقعة بين جدة وخليج العقبة ، ولكن سرعان ما أصبح الحجاز كله تحت سيطرته فلم يعد لجنوده عمل يؤدونه .

المحمل المصري بداية الخلاف

في مطلع موسم الحج صيف عام 1926 وصل مكة المحمل المصري تصحبه الموسيقى ، وعند اقترابه سمع الإخوان الذين كانوا بدون سلاح وليس عليهم سوى الإحرام ، الموسيقى لأول مرة فاعتبروا ذلك ضربا من الزندقة واستبد بهم الغذب فهبوا ليمنعوا تقدم الجمل الذي يقل المحمل . وهنا أعطى ضابط مصري أمرا بإطلاق النار فقتل زهاء 25 شخصا . وعلى الفور أرسل عبدالعزيز الذي كان قريبا من المكان ولديه فيصل وسعود لتهدئة ثائرة الإخوان . وأمر الملك باحتجاز الضابط المصري ومنعه من مرافقة الحجاج علاوة على منع المحمل من دخول مكة ، ولكنه لم يقدم على إيقاع عقوبة شديدة نظرا لانعقاد المؤتمر الإسلامي في مكة آنذاك . وقد انقطعت العلاقات مع مصر إثر ذلك . غير أن الإخوان ظلوا أمدا طويلا يلومون عبد العزيز لأنه لم يعاقب (المشركين) المصريين على قتلهم 25 من الإخوان ، وفيما بعد تذرع كل من فيصل الدويش وسلطان بن بجاد بهذا الحادث معتبرينه السبب الأول للخلاف مع الملك ، وأكدا على أن إبن سعود لم يسمح للإخوان بهدم المحمل بل وبسط حمايته على (الصنم).

الأمر بالمعروف بديلاً عن الإخوان

أراد عبد العزيز أن يؤكد حرصه على نقاء الدين ، ويحد في الوقت نفسه من تعسف الإخوان ، فأسس صيف 1926 جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحت إشراف عالمين من آل الشيخ . وأمر إبن سعود الإخوان بأن يبلغوا الجماعة بكل منكر يرونه على ألا ينزلوا العقاب بالناس وفق هواهم .


انتفاضة الإخوان على عبد العزيز ومصرع بجاد

بعد احتلال عبد العزيز آل سعود الحجاز، بدأت صداماته مع الإخوان الذين لم يريدوا وقف القتال حتى يفرضوا المذهب الوهابي، بينما أوقف عبد العزيز القتال حسب الاتفاقيات التي وقعها مع الحكومة البريطانية، ووصفها الإخوان بأنها خطيئة حسب الوهابية. فدخل بجاد في معارك عديدة ضد الملك عبد العزيز حتى لقي مصرعه عام 1931 في العرطاوية، على حدود الكويت.

شخصيته

كان -رحمه الله- على قدر كبير من التدين والتقرب إلى الله, مخلصاً لمبادئه التي سار عليها إلى أن وافته المنية. يقول عنه جون س. حبيب في كتابة الإخوان السعوديون في عقدين : "ومما لا شك فيه ، أن ابن بجاد كان مسلما أمينا مخلصا, يشعر بالقلق البالغ ازاء اتجاه البلاد نحو التعاون الوثيق مع النصارى".

المصادر

قالب:تاريخ العربية السعودية

Crystal Clear app Community Help.png هذه بذرة مقالة عن حياة شخصية تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.