رجاء النقاش

رجاء النقاش

محمد رجاء عبد المؤمن النقاش (سبتمبر 1934 - 8 فبراير 2008 ) كاتب صحفي وناقد وأديب مصري. توفى يوم الجمعة 8 فبراير 2008 الناقد المصري البارز رجاء النقاش بمستشفى بالقاهرة بعد صراع مع مرض السرطان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نشأته

ولد محمد رجاء عبد المؤمن النقاش في سبتمبر 1934 بمحافظة الدقهلية بشمال البلاد وتخرج في قسم اللغة العربية بكلية الاداب بجامعة القاهرة 1956 وقبل تخرجه اتجه الى النقد الادبي وعرف بدراساته التي كان تنشر انذاك في مجلة الآداب البيروتية.

وبدأ رحلة النقاش مع الصحافة في مجلة روز اليوسف عام 1959 ثم تولى بين عامي 1969 و1971 رئاسة تحرير (الهلال) أقدم مجلة ثقافية عربية وانتقل عام 1971 رئيسا لتحرير مجلة (الاذاعة والتلفزيون) وجعل منها مطبوعة ذات توجه ثقافي حيث نشر رواية (المرايا) لنجيب محفوظ مسلسلة قبل صدورها في كتاب.

وسافر الى قطر مديرا لتحرير صحيفة الراية ثم تولى رئاسة تحرير مجلة الدوحة منذ تأسيسها عام 1981 حتى اغلاقها عام 1986. وعاد النقاش الى مصر كاتبا بمجلة المصور في نهاية ثمانينات القرن الماضي ثم تولى رئاسة تحرير مجلة (الكواكب) في التسعينات وفي السنوات الاخيرة أصبح كاتبا متفرغا بصحيفة الاهرام.

وبرز النقاش منذ كان في مطلع العشرينيات ناقدا يعبر من خلاله الادباء العرب الى الحياة الادبية وقدم عددا من أبرز المبدعين الذين يكبره بعضهم سنا ومنهم الروائي السوداني الطيب صالح الذي أعاد النقاش اكتشاف روايته الشهيرة (موسم الهجرة الى الشمال) والشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي الذي كتب له مقدمة ديوانه الاول (مدينة بلا قلب) والشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي أصدر عنه عام 1969 كتاب (محمود درويش شاعر الارض المحتلة).

ونال النقاش جائزة الدولة التقديرية بمصر عام 2000.

وكرم النقاش في يناير كانون الاول 2007 في حفل بنقابة الصحفيين بالقاهرة حيث نال درع النقابة ودرع مؤسسة (دار الهلال) ودرع حزب التجمع.


رجاء النقاش من الرموز التي أسهمت في ارساء حركة النقد العربي، من خلال تناوله للأعمال الإبداعية العربية بالدراسة والتحليل عبر كتاباته في الصحف والمجلات المصرية والعربية وعبر عديد من الكتب النقدية التي أسست لأجيال من الكتاب، فضلا عن تجربته الصحفية حيث ترأس تحرير عدد من المجلات المصرية.


مكتشف المواهب الأدبية

قدّم النقاش عددا من أبرز المبدعين الذين يكبره بعضهم سنا ومنهم الروائي السوداني الطيب صالح الذي أعاد النقاش اكتشاف روايته الشهيرة "موسم الهجرة إلى الشمال"، والشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي الذي كتب له مقدمة ديوانه الأول "مدينة بلا قلب"، والشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي أصدر عنه عام 1969 كتاب "محمود درويش شاعر الأرض المحتلة".

عمل رجاء النقاش بالصحافة منذ عام 1953..عندما اختاره زكريا الحجاوي ليعمل في جريدة كانت تحت الانشاء في ذلك الوقت وهي جريدة الجمهورية. كانت وظيفة متواضعة وهي التصحيح، وكان طالباً في الجامعة في تلك الفترة وبأشد الحاجة لمثل هذا العمل فقد كانت ظروفه الاقتصادية سيئة ولم تساعده على إكمال تعليمه الجامعي، وكان مرتبه بالشهر 10 جنيهات وهذه الجنيهات القليلة كان لها فضل على اكمال تعليمه الجامعي.

أما عن أول صدمة ثقافية في حياته هي عندما فوجئ قبل صدور العدد الاول من الجريدة تم إصدار قرار من السادات بايقاف زكريا الحجاوي عن العمل ومنعه من دخول الجريدة، بناء على ما وصله من تقارير زائفة بالطبع إن الحجاوي يتآمر عليه، وبعد فترة من صدور الجريدة تعرض النقاش أيضاً للفصل، ثم رشحه الاستاذ أنور المعداوي للعمل في المجلة الاسبوعية وكان عمله مراجعاً لكل المادة التي تنشر فيها.

بعد تخرجه من كلية الاداب سنة 1956 عمل في الاذاعة في قسم التمثيليات مع الاستاذ يوسف الحطاب، كان قارئاً للنصوص ثم انتقل للعمل مع الكاتب سعد الدين وهبة في المجلة التي كان يحررها وهي البوليس، إنتقل بعدها للعمل في جريدة الجماهير التي كانت تصدر في دمشق في أيام الوحدة بين مصر وسوريا، ولم تستطع الجريدة بالاستمرار بعد توالي التقارير السرية الامنية ضدها وضد رئيس تحريرها د جمال الاتاسي ، وتوقفت عن الصدور المر الذي اضطره العودة الى مصر في ظروف بالغة الصعوبة، فلم يكن لديه مرتب يتعيش منه.

عمل في مجلة روز اليوسف عام 1959 ثم تولى بين عامي 1969 و1971 رئاسة تحرير "الهلال"، أقدم مجلة ثقافية عربية، وانتقل عام 1971 رئيسا لتحرير مجلة "الاذاعة والتلفزيون"، وجعل منها مطبوعة ذات توجه ثقافي حيث نشر رواية "المرايا" لنجيب محفوظ مسلسلة قبل صدورها في كتاب.

وسافر النقاش إلى قطر مديرا لتحرير صحيفة "الراية" ثم تولى رئاسة تحرير مجلة "الدوحة" منذ تأسيسها عام 1981 حتى إغلاقها عام 1986.

وعاد النقاش إلى مصر كاتبا بمجلة "المصور" في نهاية ثمانينات القرن الماضي ثم تولى رئاسة تحرير مجلة "الكواكب" في التسعينات، وفي السنوات الاخيرة أصبح كاتبا متفرغا بصحيفة الأهرام.

الحب طريقك للنجاح

استهل رجاء النقاش كتابه " أبو القاسم الشابى شاعر الحب والثورة " الذي صدر عام 1965 ، بكلمة للأديب الروسي تشيكوف تقول: "إن كان في وسعك أن تحب، ففى وسعك أن تفعل أى شىء" بهذا المعنى الإنساني العميق ، أدار رجاء النقاش مشروعه الأدبى والثقافى والفنى على مدى نحو خمسين عاما - كما تقول عنه أمينة النقاش - كانت المحبة الغامرة هى إحدى أدواته الأساسية في كل ما يفعل، وكل ما ينتج، وكل ما يكشف عنه الستار من مواهب، أو ما يحتفى به من قيم ومثل ومبادئ، أو ما يبتدع من مشروعات أدبية وفنية وثقافية.

فقد جمع رجاء النقاش بين شغفه بالأدب وشغفه بالصحافة، ولذلك أقام مشروعه الثقافى منذ البداية على فكرة تتخذ من الصحافة وسيلة إلى نشر الذائقة الأدبية والفنية الحديثة على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين، ساعده على ذلك أسلوبه السلس الذي ينتقي مفرداته بعناية فائقة، والذي يقول أعمق الأفكار بأبسط الكلمات.


وقد عزز هذا التوجه لدى رجاء النقاش ، دراسته في قسم اللغة العربية في كلية الآداب، وقراءاته الواسعة التي قادته إلى الانضمام إلى تيار الحداثة في الأدب والفن والثقافة، الذى تخلق في أربعينيات القرن الماضى، حين برز الجيل الرائد منه في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، واتخذ من الصحافة منبرا للتأثير في الحياة الأدبية والفنية والفكرية، وسعى في هذا السياق إلى استكمال ما قامت به الأجيال السابقة عليه في سبيل تحديث الأدب العربى.


دعاه عبدالناصر عام‏1963‏ ضمن أعضاء المؤتمر الأول لكتاب آسيا وإفريقيا فدخل قصر عابدين للمرة الأولي لينبهر بناصر وبعابدين قائلا ‏:‏ وقفنا في صفوف متراصة ومر علينا عبدالناصر وصافحنا واحدا واحدا فرأيناه من قرب وأدركنا صحة ما كان يقال عنه من أن له هيبة وسحرا وجاذبية وعينين مليئتين ببريق استثنائي يأسر القلوب‏

كان هذا كله صحيحا‏,‏ فقد مستنا كهرباء عبدالناصر فاهتزت منا الأعصاب والمشاعر‏,‏ وأدركنا جميعا أننا في حضرة رجل عظيم‏..‏ وبعد أن انتهت المصافحات انتقلنا إلي قاعة العشاء التي تبهر العيون وتخطف الأبصار من فرط جمالها وبهائها‏,‏ وكان سقفها كله مطليا بالذهب‏,‏وكلما نظرنا إلي هذا الجمال وهذا الجلال شعرنا كأننا نعيش ليلة من ليالي ألف ليلة‏,‏ مع فارق واحد‏,

‏هو أننا لم نكن أمراء ولا أصحاب مال أو سلطان‏,‏ بل كنا في معظمنا فقراء أبناء فقراء‏,‏ ومن كان منا أفضل من ذلك فهو في أحسن الفروض من متوسطي الحال‏,‏ وكنا ندرك جميعا أنه لولا عبدالناصر الذي فتح لنا الأبواب وقال لنا‏:‏ ادخلوا‏,‏ ما كان لنا أبدا أن ندخل هذه القاعة الذهبية في قصر عابدين‏,‏ ونحن آمنون بأن الشرطة لن تقبض علينا وتسيء بنا الظنون‏,‏ فقد كان قصاري ما نحلم به هو أن نري الأسوار الخارجية لقصر عابدين ثم نعود إلي بيوتنا سالمين غانمين‏.‏

ثقافة خرافات

من مواقفه الثقافية دعوته لإعادة إحياء الانتاج الثقافي للقرن العشرين ، فهو يرى أنه قرن عبقري في الثقافة العربية، لانه بداية نهضة كبيرة ؛ فهو قرن تجديد اللغة والفكر الديني وفتح الابواب أمام الفكر السياسي الغربي الذي بدون استيعابه والاستفادة منه لا يمكن أن نقيم حياة سياسية سليمة برأيه ، وهو القرن الذي عرفنا فيه المسرح وأصبح فيه كتاب موهوبين وعرفنا القصة والرواية .

أما عن الثقافة الحالية للاسف يقول بانها لا تشغل إلا هامش الحياة العربية. فلا أهل السلطة ينظرون اليها نظرة إهتمام جدي، ولا الجمهور يهتم بها ويقبل عليها، لان السياسة والهموم الاقتصادية ابتلعت دور الثقافة وأعادته كثيراً الى الوراء ، وهو وضع خطير لانه عندما تختفي الثقافة الحقيقية تحل محلها ثقافة زائفة مليئة بالخرافات والانحرافات وتلك هي البيئة التي يظهر فيها التعصب والتطرف وانعدام الحوار والاهتمام بالشكليات والبعد عن جوهر الامر. وهي الثقافة التي تعوق نهضة الامة وتقدمها.


‏أما عن القرآن فيقول :‏ إنني استفدت من القراءة المتأنية للقرآن الكثير من المعرفة باللغة العربية‏,‏ لا من حيث الألفاظ فقط‏,‏ ولكن من حيث التذوق والتصوير الفني القادر علي التأثير الكبير في النفس ، ‏ وكنت شغوفا بحفظ القرآن الكريم في السن المبكرة‏ وقد ساعدني والدي المرحوم عبد المؤمن النقاش علي ذلك لأنني كنت أجد صعوبة في قراءة أي سورة وحدي‏,‏ ولا أتصور أن هناك من يحب الثقافة ويريد أن يكسب لنفسه ذوقا رفيعا سليما يمكنه من أن يصل إلي شيء من ذلك دون أن يقرأ القرآن قراءة فهم واستيعاب من الناحية اللغوية والأدبية والأخلاقية‏,‏ أما الناحية الدينية فمن البديهي أنها واجب علي الجميع‏...‏ ولقد ساعدني علي تذوق القرآن أن جدي كان مقرئا للقرآن في القرية وكان صاحب صوت جميل‏.‏

حرص رجاء النقاش في المسئوليات الثقافية التى تقلدها، وفى كتاباته على حد سواء ، أن يبرز أن هناك ثقافة عربية واحدة، لكن وحدتها تكتسب تفردها من أنها تقوم على التنوع، وكان أول من ألقى الضوء على شعراء المقاومة الفلسطينية، وأول من قدم الأدب السوداني ، كما كان له دوره البارز في تعريف القارئ المصرى بمدرسة الشعر الحر في مصر والعراق ولبنان ، وغيرها من البلاد العربية. لقد نجحت كتابات رجاء النقاش في تحويل النقد الأدبى من علم أكاديمى جاف، إلى مادة سهلة لعموم القراء لقد جعله ميسورًا كالماء والهواء - بحسب النقاد.

جائزته الأخيرة

نال النقاش جائزة الدولة التقديرية بمصر عام 2000 وكرم في يناير السابق في حفل بنقابة الصحفيين بالقاهرة حيث نال درع النقابة ودرع مؤسسة "دار الهلال" ودرع "حزب التجمع".

وبهذه المناسبة بعث محمود درويش برسالة إليه عبر فيها عن حبه معترفا له بالفضل.

وقال درويش في رسالته "عزيزي رجاء النقاش .. كنت وما زلت أخي الذي لم تلده أمي منذ جئت إلى مصر أخذت بيدي وأدخلتني إلى قلب القاهرة الإنساني والثقافي."

وتابع درويش قائلا "وكنت من قبل قد ساعدت جناحي على الطيران التدريجي فعرفت قراءك علي وعلى زملائي القابعين خلف الأسوار عمقت إحساسنا بأننا لم نعد معزولين عن محيطنا العربي."

واعتبر درويش أن النقاش كان له دور "في تطوير وعي المسؤولية وفي تعميق العلاقة بين حرية الشعر وشعر الحرية".

وأضاف "نحن مدينون لك لأنك لم تكف عن التبشير النبيل بالمواهب الشابة وعن تحديث الحساسية الشعرية والدفاع عن الجديد الابداعي في مناخ كان ممانعا للحداثة الشعرية ومدينون لك لأنك ابن مصر البار وابن الثقافة العربية الذي لم تدفعه موجات النزعات الإقليمية الرائجة إلى الاعتذار عن عروبته الثقافية."

وعلي صعيد آخر قرّر المجلس الأعلى للثقافة إهداء الدورة المقبلة من مؤتمر الرواية الذي سيُفتتح في 14 من الشهر الجاري لرجاء النقاش وإطلاق اسمه على فاعليات الدورة، وهو ما صرّح به عماد أبو غازي رئيس الشعب واللجان في المجلس.

قالوا في حبه

الشاعر فاروق جويدة "لقد جاء النقاش بين جيلين، الأول انبهر بالحضارة الغربية وسار في نهجها، والآخر سار في طريق آخر وتقوقع على نفسه، أما النقاش فقد كان قلماً مبهراً ولم ينشيء مدرسة جديدة أو يخترع ألفاظاً جديدة، و ظل ناقداً عربياً غاص في أعماق هذه الثقافة، لم يكن يسارياً ولا يمينياً، ولا ليبرالياً، ولكن كان إنساناً في كل ما كتب".

الكاتبة سلوى بكير في كلمة لها عنوانها "من جيل العظماء": "هو من النقاد الذين يتقون الله فيما يكتبون"، فهو لا يستهين بقارئه أبدا ، ولا يجعل ميزانه يميل عن الحق والإتقان والجمال .

فكري النقاش: إن موهبة رجاء النقاش النقدية تجلت أكثر ما تجلت في نقده للشعر، ثم المسرح ، وقد كان من حسن حظي أن هذا الرجل هو أخي الأكبر، ولذلك فقد عرفت فن المسرح من مكتبته وأنا صبي صغير، كما بدأت أتذوق هذا الفن من خلال مقالاته هو وزملائه من كبار النقاد وأنا شاب يافع .

ولرجاء النقاش - بوصفه ناقدًا للمسرح - كتابان في النقد المسرحي والمتابعات المسرحية التي غطت مواسم المسرح المصري في الستينيات ، كما احتوت مقالات في المسرح العالمي فيها آراء قيمة تقدم قاعدة معرفية مهمة لكل عشاق المسرح، وهذان الكتابان هما " في أضواء المسرح "، و" مقعد صغير أمام الستار"، وله كتاب آخر هو " نساء شكسبير " اختار فيه بعض الشخصيات النسوية من مسرح شكسبير ، وتعامل معها كنماذج بشرية تستحق التوقف أمامها، وهو يتبع هذا المنهج كثيرًا في كتاباته عندما ينتقي شخصيات تاريخية ليكتب عنها .

وتصفه سناء البيسي قائلة: "..لمست فيه الحكاء الذي يجيد السرد ويمتلك ذاكرة تحتشد بحكايا الثقافة وطرائف المبدعين عبر الزمان‏,‏ ويسيل منه عذب الكلام عن الذين يملأون حياتنا أدبا وشعرا أمثال نجيب محفوظ ويوسف إدريس ونزار قباني وكامل الشناوي وزكي نجيب محمود‏..‏ وغيرهم‏..‏ وغدونا أصدقاء‏,‏ فرجاء هو من يصادق ولا يعرف العداء‏.‏ من يثق في نفسه فيمجد مواهب الآخر‏.‏ من ينقد ولا يجرح‏.‏ من كلامه الهمس وصوته رنين العقل‏.‏ من يصيبك بالفرح كلما التقيت به ويترك لك أغلي الذكريات كلما غاب عنك"‏.‏

وينتمي النقاش الى أسرة ضمت مثقفين بارزين فكان أخوه الراحل وحيد النقاش مترجما وناقدا وأخوه فكري النقاش مؤلفا مسرحيا وتولت أخته الناقدة فريدة النقاش رئاسة تحرير مجلة أدب ونقد لنحو عشرين عاما ثم أصبحت منذ نهاية 2006 رئيسة تحرير صحيفة (الاهالي) لسان حال حزب التجمع اليساري.

ولا نملك في النهاية إلا أن الدعاء لكاتبنا الكبير بالرحمة وأن نتذكر عبارته: "افتح عينيك لتري الحياه من حولك، و اغلب الظن انك لا تري الا ما تفكر فيه و يسيطر علي عقلك و حياتك".

من أشهر مقالاته

تعليق

فضائح سينمائية بقلم‏:‏ رجاء النقاش

نحن نشكو إلي حد الصراخ من السياسة الأمريكية وموقفها السلبي من قضايانا الرئيسية‏,‏ وفي أي تحليل دقيق لهذه السياسة المنحازة ضدنا سوف نجد أن السياسة الأمريكية إنما تستمد رؤيتها للأمور من اتجاهات الرأي العام‏,‏ أي من مواقف المواطنين الأمريكان وماهو ثابت فيها من أفكار واعتقادات‏.‏

ومعني ذلك أن السياسة الأمريكية لن تتغير إلا إذا تغير الرأي العام وأصبح علي معرفة بالحقائق علي قدر الإمكان‏.‏

والرأي العام في أمريكا يتعرض لمؤثرات كبري عديدة‏,‏ علي رأسها تلك الصناعة الجبارة في هوليوود وهي صناعة السينما‏,‏ وقد تحولت صناعة السينما في هوليوود إلي سلاح خطير في يد أعداء العرب وفي مقدمتهم الحركة الصهيونية التي تنطوي علي كثير من الشر ضدنا‏.‏ ويتصدر المصريون والفلسطينيون رأس القائمة بين من يتعرضون لهذه الحرب‏,

بل هم في مقدمة العرب الذين تحاربهم الصهيونية بسلاح هوليوود‏.‏ ومنذ أقدم العصور قال أفلاطون‏427‏ ــ‏347‏ قبل الميلاد‏:‏ إن هؤلاء الذين يروون القصص هم الذين يحكمون المجتمع‏.‏ وإذا حاولنا تطبيق فكرة أفلاطون علي الواقع فإننا سوف ندرك أن قصص الأفلام التي تقدمها هوليوود بشكل جذاب إنما هي التي تتحكم في عقل أمريكا‏.‏

وهنا تتوالي الأسئلة المؤلمة‏.‏

فلماذا نحن صامتون أمام هذه الحرب السينمائية العنيفة؟

ولماذا لانحاول أن نبحث عن أساليب مناسبة للرد علي ماتفعله هوليوود بنا‏,‏ حيث أنها تعمل علي تثبيت صورة لنا في العقل الأمريكي لايمكن أن ينتج عنها إلا سياسة منحازة ضدنا إلي أبعد الحدود؟‏.‏ إن ماتقدمه هوليوود من صور متتالية ومستمرة للعرب في أفلامها منذ نحو مائة سنة إلي الآن معناه أن المواطن الأمريكي العادي ليس أمامه إلا أن يكرهنا ويعادينا‏,‏ وما تفعله هوليوود ضدنا لايمكن وصفه إلا بأنه فضائح سينمائية‏,‏ وهي فضائح قائمة علي مخالفة الحقيقة وتزوير الواقع وسوء النية وخدمة أهداف تسعي إلي تدميرنا علي أوسع نطاق‏.‏

لماذا نحن صامتون إلي هذا الحد أمام هذه الظاهرة؟

ولماذا لانمد عيوننا وجهودنا إلي الجذور التي تعتمد عليها المواقف السياسية الأمريكية ونحاول أن نعالج هذه الجذور؟

لا أحد يطلب من السياسيين أو الذين يقاتلون من أجل حقوقنا أن يتوقفوا عن عملهم حتي نصفي حسابنا مع هوليوود‏.‏ ولكن المطلوب في بساطة هو المعرفة بأن ميادين معركتنا مع أعدائنا هي ميادين متعددة‏,‏ وهذه الميادين تشمل السياسة والاقتصاد والإعلام والثقافة والفنون‏,‏ وأي إهمال لميدان من هذه الميادين إنما يعود بنتائج سلبية مؤثرة علي الميادين الأخري‏.‏ وقد تكون هذه النتائج السلبية خافية علي العيون‏,‏ وقد تحتاج في مقاومتها إلي جهد وصبر وإرادة ونفس طويل‏.‏

المحارب الحقيقي يدرك أن أي قوة ظاهرة لها إمداد وتموين‏,‏ وأن التحكم في خطوط الإمداد والتموين بقدر الإمكان هو الذي يمكن أن يحقق التوازن في القتال‏,‏ أما إذا تركنا خطوط الإمداد والتموين قوية متينة فلن يكون نصيبنا إلا الخروج من المعركة خاسرين‏.‏ والسينما في هوليوود هي خط إمداد وتموين قوي جدا لكل السياسات المعادية لنا علي ساحة الصراع السياسي والحضاري‏,.‏وليس من الحكمة أو الصواب أن نتوقف في اهتمامنا بالصراع بيننا وبين أعدائنا علي الجزء الظاهر من هذا الصراع بينما يكمن جانب كبير من الخطر الحقيقي في الجزء الخفي‏,‏ ونحن للأسف لانبذل جهدا كافيا في مواجهة الخطر الخفي‏,‏ بل لعلنا لانبذل أي جهد علي الإطلاق‏.‏


ولندخل في صميم الموضوع‏,‏ ولايزال المرجع الأساسي فيه هو الكتاب العظيم الذي قام بتأليفه الدكتور جاك شاهين‏,‏ الباحث الأمريكي من أصل عربي وعنوانه تشويه صورة العرب في هوليوود‏.‏ وأمامي وأنا أكتب هذه الكلمات نص الطبعة الإنجليزية الأصلية لهذا الكتاب والصادرة سنة‏2001‏ عن مؤسسة اسمها غصن الزيتون في نيويورك‏,‏ وأمامي أيضا ترجمة مختصرة أعدها الأستاذ عادل خليفة من الهيئة العامة للاستعلامات في مصر‏,‏ وهذه الترجمة المختصرة مطبوعة علي الرونيو‏.‏ يقول الدكتور جاك شاهين في كتابه الرائع‏:‏إن صناع السينما الأمريكية في هوليوود يكيلون الضربات إلي العرب ويصفونهم بأنهم أعداء للإنسانية وأشرار ودعاة خراب ودمار‏.‏ وتقوم صناعة السينما في هوليوود بتقديم ذلك كله بمنتهي الحرية ودون أن يتحمل المسئولون عنها أي ثمن يدفعونه مقابل ذلك‏.‏

ومن الطريف هنا أن نجدكيسنجر المشهور بكراهيته للعرب وعدائه لهم يصل به الحال إلي حد استنكار ماتقوم به هوليوود ضدنا حيث يقول في تصريح له سنة‏1995:‏ إننا نعيش في عصر يتلقي فيه الناس معلوماتهم وفهمهم للأمور عن طريق السينما وليس عن طريق الكلمة المكتوبة‏,‏ ولذلك فإن تقديم الحقائق هو مسئولية لايستطيع القائمون علي صناعة السينما في هوليوود أن يتهربوا منها‏,‏ والعديدون من المواطنين الأمريكيين الذين يشاهدون السينما يعتقدون أن الشخصيات الخيالية التي تقدمها السينما للعرب تمثل عربا حقيقيين‏.‏ أي أنه حتي عدونا كيسنجر يري أن ماتفعله بنا هوليوود إنما يقوم علي مخالفة للواقع والحقيقية‏.‏


ولنتوقف أمام بعض الحقائق الواردة في هذا الكتاب المهم‏,‏ فالحقائق أكثر تنبيها للإنسان من أي تحليل نظري‏,‏ وهذا بعض ماجاء في الكتاب‏:‏ في عام‏1982‏ ظهر في هوليوود منتجان سينمائيان من أصل يهودي كانا مدفوعين بصورة واضحة بأهداف سياسية‏.‏ هذان المنتجان هما مناحم جولان و دورام جلوباس‏,‏ وكان جلوباس قد تم تعيينه في نفس العام مديرا لإدارة صناعة السينما في إسرائيل‏,‏ ولكن جاباس عاد إلي هوليوود مرة أخري وأسس مع جولان شركة إنتاج سينمائية أمريكية‏,‏ ومن خلال هذه الشركة واسمها كانونعمل الشريكان كما لو كانا


جنديين في فرق العاصفة النازية حيث أمطرا العالم بستة وعشرين فيلما تدعو إلي كراهية العرب وإبادتهم جميعا‏.‏ ومن أفلام شركة كانون هذه فيلم فرقة الجحيم الذي تم عرضه سنة‏1986,‏ وفيلم شوارع القتل الذي تم عرضه سنة‏1991,‏ وفي هذه الأفلام تظهر فتيات الاستعراضات إلي جانب مشاة البحرية وجنود القوات الخاصة الأمريكية وهم يحصدون الفلسطينيين في شوارع مدينة لاس فيجاس‏.‏


وهوليوود تشن حربا علي العرب جميعا وعلي رأسهم المصريون‏.‏ يقول الدكتور جاك شاهين‏:‏ تظهر الشخصيات المصرية التي تغالي هوليوود في السخرية منها في أكثر من مائة فيلم وتدور هذه الأفلام حول مصر من أقدم العصور إلي الآن‏,‏ فتتناول أساطير المومياوات والفراعنة والملكات‏,‏ وتتناول أيضا مصر الحديثة المعاصرة‏,‏ وتحرص هذه الأفلام جميعا علي إظهار المصريين في صورة نجارين محتالين وأطفال شحاذين يتوسلون إلي الأجانب من أجل الحصول علي البقشيش‏.‏

وهناك فكرة أخري رئيسية تحاول هذه الأفلام المائة أن تروج لها وهي أن المصريين منحرفون يعملون دائما علي تشويه سمعة النساء الغربيات‏.‏ وهناك مجموعة من الأفلام أعد السيناريو لها المخرج اليهودي الشهير سبيلبرج تدور كلها عن المصريين ومنها فيلم شارلوك هولمز الصغير الذي تم عرضه سنة‏1986,‏ وفيلم الحملة الصليبية الأخيرة الذي تم عرضه سنة‏1989,‏ وكل هذه الأفلام التي أشرف علي إعدادها سبيلبرج تؤكد الصورة غير الأخلاقية للمصريين‏.‏

وهناك فيلم الوصايا العشر الشهير الذي أخرجه سيسيل دي ميل سنة‏1923‏ ثم أعاد إخراجه في نسخة جديدة معدلة سنة‏1956,‏ وفي هذا الفيلم يظهر المصريون وهم يضربون اليهود ويطلقون عليهم اسم كلاب إسرائيل‏,‏ بينما يظهر ابن فرعون وهو يجلد النبي موسي عليه السلام‏.‏ ولاتزال هذه الموجة من عداء هوليوود للمصريين قائمة إلي اليوم‏,‏ ففي سنة‏1999‏ قدمت هوليوود فيلما اسمه المومياء وفي أوائل سنة‏2001‏ قدمت فيلما آخر اسمه عودة المومياء وفي هذين الفيلمين ظهرت صورة المصريين سيئة إلي درجة لا يمكن تصديقها أو تصورها‏.‏


أما فلسطين والفلسطينيون فقد كانا موضوعا أساسيا للحرب التي شنتها هوليوود علي العرب‏,‏ وفي أول فيلم ظهر سنة‏1949,‏ أي بعد إعلان قيام إسرائيل بعام واحد‏,‏ قدمت هوليوود فيلما اسمه سيف الصحراء وأظهرت فيه فلسطين بصورة تتفق مع الشعار الصهيوني الكاذب والخادع للعالم كله وهو الشعار الذي يقول إن فلسطين هي أرض بلا شعب‏,‏ وتوالت بعد ذلك أفلام هوليوود التي تؤكد نفس المعني أو نفس الشعار الصهيوني‏.‏

والحقيقة الثابتة التي يعلمها الجميع بمن فيهم اليهود أنفسهم هي أنه عندما قامت إسرائيل سنة‏1948‏ كان في فلسطين مليون وربع المليون من عرب فلسطين‏,‏ مسلمين ومسيحيين‏,‏ بينما لم يكن فيها سوي ستمائة وخمسين ألفا جاءوا إليها في النصف الأول من القرن العشرين من خارج فلسطين‏,‏ ومن شتي أنحاء العالم خاصة من أوروبا الشرقية‏,‏ أي أن هؤلاء اليهود لم يكونوا من سكان فلسطين الأصليين بل هم سكان مستوردون‏,‏ ولكن كان لابد من ترويج الأكذوبة التي تقول إن فلسطين هي أرض بغير شعب حتي يمكن للمؤامرة الصهيونية الاستعمارية أن تنجح وتتم‏.‏

وقد بلغ عدد الأفلام التي أنتجتها هوليوود ضد الفلسطينيين ‏28‏ فيلما‏,‏ وأكثر من نصف هذه الأفلام تم تصويره داخل إسرائيل‏.‏ وقد خلت كل الأفلام التي أنتجتها هوليوود عن الفلسطينيين من أي تصوير ولو يسير لآلام الفلسطينيين وألوان العذاب التي تعرضوا لها منذ بداية المشروع الصهيوني في القرن الماضي وحتي الآن‏,‏ وفي هذه الأفلام جميعا يظهر الفلسطينيون في صورة أشخاص مصابين بالهوس الجنسي وبأنهم سفلة وحيوانات يقاتلون الغربيين والاسرائيليين بل وحتي إخوانهم العرب‏.‏

وهي صورة كاذبة وملفقة والمقصود منها إقناع الأمريكيين والغربيين عموما بأن الفلسطينيين ليس لهم أي قضية وأنه من الواجب القضاء عليهم والتخلص منهم‏.‏

هل هناك حلول يطرحها الدكتور جاك شاهين في كتابه المهم؟

نعم‏..‏ ويكفي أن نقرأ ما يرويه المؤلف عن شعوب أخري تعرضت في السابق لحرب من جانب هوليوود‏,‏ ومن ذلك تلك الحادثة التي وقعت في أوائل القرن العشرين حيث أنتجت هوليوود فيلما كوميديا يدور موضوعه حول شخص أيرلندي مدمن للخمر‏,‏ وبعد عرض الفيلم اشتعل السخط والغضب في نفوس الأمريكيين من أصل أيرلندي لدرجة أنهم هددوا بإحراق أي دار للعرض تقوم بتقديم هذا الفيلم‏.‏

وقد قام عمدة مدينة بروفنس وهي المدينة التي تم عرض الفيلم فيها بمشاهدته ثم أصدر قرارا بحظر عرض الفيلم‏,‏ وقال العمدة الأمريكي‏:‏ إن هذا الفيلم يلحق إهانة متعمدة بشعب يستحق الاحترام‏.‏

والغريب أن اليهود أنفسهم تعرضوا في بدايات القرن العشرين لحرب شنتها عليهم هوليوود‏,‏ ولكنهم قاوموها بعنف‏,‏ وفي سنة‏1927‏ أعلن رئيس هيئة الرقابة الأمريكية أنه سوف يتم استشارة اليهود الأمريكان في كل ما يتعلق بالأفلام التي تتضمن مشاهد عن اليهود‏.‏ ثم تجاوز اليهود هذا الأمر فسيطروا بعد ذلك سيطرة كاملة علي صناعة السينما في هوليوود‏.‏


وكثيرون آخرون قاوموا حرب هوليوود عليهم مثل اليابانيين والزنوج والهنود وغيرهم حتي توقفت هوليوود تماما عن أي عدوان سينمائي عليهم‏,‏ وبقيت فريسة وحيدة هي العرب والمسلمون حيث قدمت هوليوود تسعمائة فيلم ضدهم منذ ظهور فن السينما حتي الآن‏,‏ أي بنسبة حوالي عشرة أفلام كل عام‏,‏ ونحن لا نفعل شيئا لمواجهة هذه الحرب أو هذه الفضائح السينمائية‏.‏ ولعلنا ننتبه‏,‏ فحرب هوليوود ضدنا تؤثر كثيرا علي الرأي العام الأمريكي الذي يسهم بنصيب وافر في صناعة السياسة الأمريكية‏.‏


http://www.ahram.org.eg/arab/ahram/2002/6/23/WRIT1.HTM


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

من كتبه النقدية

أعمالة الادبية

تأملات إنسان

المصادر

http://www.egyptiantalks.org/invb/index.php?showtopic=1470

http://www.copts-united.com/wrr/go1.php?subaction=showfull&id=1195067614&ucat=2&archive=1196458915

http://moheet.com/show_news.aspx?nid=20532&pg=1

http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=86429&pg=1