حرب التحالف الثالث

حرب التحالف الثالث
جزء من الحروب النابليونية
Austerlitz-baron-Pascal.jpg
ناپوليون في معركة أوسترليتز، رسم فرانسوا پاسكال سيمون، بارون گيرار
التاريخ1803–1806
الموقع
النتيجة

انتصار الفرنسيين، معاهدة پرسبورگ

المتحاربون
 الإمبراطورية الرومانية المقدسة
 الإمبراطورية الروسية
 المملكة المتحدة
مملكة الصقليتان مملكة ناپولي
مملكة الصقليتان مملكة صقلية
مملكة الپرتغال
 السويد
فرنسا الامبراطورية الفرنسية
 جمهورية باتاڤيا
مملكة إيطاليا (الناپليونية) إيطاليا
مملكة إيطاليا (الناپليونية) إتروريا
 إسپانيا
باڤاريا باڤاريا
ڤورتمبرگ ڤورتمبرگ
القادة والزعماء
الإمبراطورية الرومانية المقدسة فرانسيس الثاني
الإمبراطورية الرومانية المقدسة كارل ماك فون لايبرخ
الإمبراطورية الرومانية المقدسة أرشدوق كارل
روسيا ألكسندر الأول
روسيا ميخائيل كوتوزوڤ
الامبراطورية البريطانية هورتايو نلسون
مملكة الصقليتان فرديناند الخامس
فرنسا ناپوليون الأول
فرنسا أندريه ماسينا
فرنسا جواكيم مورا
فرنسا Pierre-Charles Villeneuve

حرب التحالف الثالث War of the Third Coalition، كانت نزاع استمر من 1803 حتى 1806. شهدت الحرب هزيمة تحالف النمسا، الپرتغال، روسيا، وآخرون من فرنسا ودول موالية لها تحت قيادة ناپوليون الأول. بريطانيا العظمى كانت في الفعل مشتركة في الحرب مع فرنسا في أعقاب إستئناف الأعمال العدائية التي أدت إلى إنتهاء سلام أميان وظلت هي البلد الوحيد المشتركة في الحرب مع فرنسا بعد توقيع پرسبورگ. من 1803-05، كانت برلين تحت تهديد الغزو الفرنسي. إلا أن البحرية الملكية، قد إحتفظت بسيادتها على البحار وألحقت دماراً حاسماً بالأسطول الفرنسي الإسپاني في معركة ترافالگار في أكتوبر 1805.

التحالف الثالث نفسه أصبح أتى ثماره كاملة في الإجراءات الإستفزازية لناپوليون في إيطاليا، وتتويج نفسه ملكاً وألمانيا الدفع بالنمسا للإنضمام إلى بريطانيا وروسيا ضد فرنسا. أُخذ القرار بالحرب في القارة، والعمليات البرية الرئيسية التي إنتهت بإنتصار سريع للفرنسيين في حملة أولم، المناورة الكبرى للجيش الكبير والتي إستمرت من أواخر أغسطس حتى منتصف أكتوبر والتي أسقطت الجيش النمساوي بالكامل، والإنتصار الفرنسي الحاسم على القوات الروسية-النمساوية المشتكرة بقيادة ألكسندر الأول في معرك أوسترليتز في أوائل ديسمبر. أنهت أوسترليتز بحسم التحالف الثالث، بالرغم من أنه فيما بعد كانت هناك حملة صغيرة ضد ناپولي، والتي أسفرت أيضاً عن الانتصار الفرنسي الحاسم في معركة كامپو تنسه.

في 26 ديسمبر 1805، وقعت النمسا وفرنسا معاهدة پرسبورگ، والتي أخرجت النمسا من الحرب والتحالف، بينما أعيد إنفاذ المعاهدات المبكرة بين القوتين المتقاتلين في كامپو فورميو ولونڤيل. المعاهدة صدق عليها التنازل النمساوي عن أراضي في إيطاليا وباڤاريا لفرنسا وفي ألمانيا لحلفاء ناپوليون الألمان، فرض تعويض قيمته 40 مليون فرانك للهابسبورگين المهزومين، والسماح للقوات الروسية المهزومة بالمرور المجانين بأسلحتها وعتادها، عبر أراضي العدو والعودة لوطنها. الانتصار في أوسترليتز سمح كذلك بتأسيس كونفدرالية الراين، اتحاد للولايات الألمانية الذي كان بمثابة منطقة عازلة بين فرنسا ووسط أوروپا النتيجة المباشرة لهذه الأحداث، الامبراطورية الرومانية المقدسة اندثرت، عام 1806، عندما تنازل الامبراطور الروماني المقدس فرانسيس الثاني عن العرش الامبراطوري، ليظل فرانسيس الأول من النمسا من يحمل العرش الرسمي بمفرده. بالرغم من هذا، فهذه الإنجازات لم تؤسس سلام دائم في القارة. أوسترليتز لم تدفع روسيا ولا بريطانيا، الذين تحمي جيوشهم صقلية من الغزو الفرنسي، للتسوية. في الوقت نفسه كانت پروسيا تخشى من النفوذ الفرنسي المتنامي في وسط أوروپا الذي أدى لإندلاع حرب التحالف الرابع عام 1806.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

بحلول سنة 1804 كانت كل الحكومات الأوروبية - باستثناء إنگلترا والسويد وروسيا - قد اعترفت بناپليون كإمبراطور للفرنسيين وخاطبه بعض الملوك بكلمة أخي وفي الثاني من شهر يناير سنة 1805 عرض ناپليون - مرة أخرى - السلام على جورج الثالث وخاطبه هذه المرة بعبارة (أخي)[1]:

«سيدي وأخي

أما وقد دعاني الله وأصوات مجلس الشيوخ والشعب والجيش لأتبوأ عرش فرنسا فقد تأكَّد لي شعوري بالرغبة في السلام• إن فرنسا وإنجلترا تُهدران ثرواتهما. ربما ناضلا طوال قرون، لكن هل أدّت حكوماتهما - بشكل صحيح - واجباتهما الأكثر قداسة لكفِّ هذه الدماء الغزيرة التي أُريقت عبثاً بغير هدف محدد؟ إنني لا أجد حرجاً في أن آخذ بزمام المبادأة في هذا الأمر (طلب السلام) ولديَّ فيما أظن براهين كافية.. فأنا لا أخاف الحرب إذا حَلَّت.. لكن السَّلام هو رغبتي الكامنة في قلبي ولم تكن أبداً بعيدة عن شهرتي. إنني أُناشد جلالتكم ألاَّ تحرموا أنفسكم من السعادة بإقرار السلام في العالم.. ولن تكون هناك فرصة أفضل لكبح الغضب والاستماع لصوت الإنسانية والعقل، فإذا ضاعت هذه الفرصة فأى أجل يمكن أن يُحدَّد لحرب قد لا أستطيع وقفها بكل مساعِيَّ؟

ماذا تأمل أن تكسب من الحرب؟ تكوين ائتلاف من بعض القوى في القارة (الأوروبية)؟ انتزاع مستعمرات من فرنسا؟ إن المستعمرات هدف لفرنسا، لكنه هدف ثانوي ثم ألا تحتفظ جلالكتم بالفعل بمستعمرات أكثر مما تستطيع الاحتفاظ به؟

إنَّ العالم رحب واسع بدرجة تكفي لتعيش أمَّتانا فيه• وقوة العقل كافية لتمكيننا من تجاوز كل الصّعاب إذا توفرت الإرادة من الجانبين. وعلى أية حال فقد قُمت بواجبي لما أعتقد فيه الصلاح وما هو قريب إلى قلبي. إنني واثق من أن جلالتكم ستُصَدِّقون إخلاص مشاعري التي عبّرتُ عنها وعن توقي الشديد لتقديم ما يُثبتها لكم.

نابليون»

ولا ندري ما هي التأكيدات الخاصة لنوايا السلام والتي ربما تم إرفاقها بهذا الاقتراح. وعلى أية حال فإن ذلك لم يُثْنِ انجلترا عن إقامة أمنها على مبدأ توازن القوى في القارة، والحفاظ على هذا المبدأ بتشجيع الضعيف ضد القوى• بل إن جورج الثالث لم يقبل مخاطبة نابليون له بكلمة أخي فلم يُرسل له رداً، لكن في 14 يناير سنة 1805 أرسل وزير الخارجية اللورد ملجريف إلى تاليران خطابا ذكر له فيه بَشكْل ودي شروط إنجلترا للسلام: ليس لدي صاحب الجلالة رغبة أعز من انتهاز أول فرصة تُتيح لرعاياه مزايا السلام الذي سيُقام على أُسس غير مزعزعة لأمنٍ دائم ولتحقيق المصالح لطبقات الأمة، إنّ جلالته مُقتنع أنه لا يمكن الوصول لهذه النتيجة إلاَّ بترتيبات تؤدِّي أيضاً إلى مستقبل آمن وهدوء واستقرار في أوروبا لمنع تجدّد الأخطار والكوارث التي أَقْلقت القارة.

وعلى هذا فصاحب الجلالة يرى أنه من غير الممكن أن يجيب بشكل حاسم على الأسئلة التي طُرحت عليه إلاّ بعد أن يتصل بالقوى الأوروبية المُتحالفة معه خاصة إمبراطور روسيا الذي قدَّم أقوى الأدلة على حكمته ومشاعره الطيبة واهتمامه العميق بأمن أوروبا واستقلالها.

وتولى وليام پت الأصغر رياسة وزراء إنگلترا في الفترة من (مايو 1804 إلى يناير 1806) وكان يُمثل - كَمَعْقل مالي جديد لبريطانيا - طبقة أصحاب المصالح التجاربة التي كادت تكون هي الرابح الوحيد من الحرب• وقد عانت الطبقة ذات المصالح التجارية خسائر حقيقية من سيطرة الفرنسيين على مصبّات الراين ومجراه لكنها استفادت من السيطرة البريطانية على البحار. ولم يخنق هذا غالب الجهد الحربي الفرنسي فحسب بل مكَّن بريطانيا من الاستيلاء على المستعمرات الفرنسية والهولندية ساعة تشاء، وعلى السفن الفرنسية حيثما وُجدت• وفي الخامس من أكتوبر سنة 1804 استولت السفن الإنجليزية على عدّة سفن اسبانية (شراعية حربية من نوع الغليون) متجهة إلى اسبانيا محملة بالفضة التي قد تمكنها من دفع كثير من ديونها لفرنسا. وفي ديسمبر سنة 1804 أعلنت إنجلترا الحرب على اسبانيا ووضعت أسبانيا أسطولها تحت أمر فرنسا. وبصرف النظر عن هذا الاستثناء فإن البريطانيين استطاعوا بالتدريج عن طريق دبلوماسييهم البارعين وإعاناتهم المالية التي تقدم بحكمة - أن تكسب إلى جانبها القوى الأوروبية الأغنى بالرجال وإن كانت أقل حظاً في الذهب (المال).

ولم يستطع اسكندر الأول أن يحسم أمره: أيكونُ مصلحاً ليبرالياً وقائدا خيِّراً أم فاتحاً عسكرياً دعاه القدرُ للسيطرة على أوروبا؟• وعلى أية حال فإنه كان واضحاً في عدة نقاط: لقد أراد أن يَمُدَّ حدوده الغربية بضم فاليشيا ومولدافيا التابعتين لتركيا. ورنا بالتالي - مثل كاترين المتوسّعة - إلى اجتياح تركيا (الدولة العثمانية) أن يستولى على البسفور والدردنيل جاعلاً قدماً في آسيا وأخرى في أوروبا، ليسيطر في الوقت المناسب على البحر المتوسط، وكان بالفعل قد استولى على الجزر الأيونية. لكن نابليون كان قد استولى فجأة على هذه الجزر وهي الآن تابعة له. ولا زال - أي نابليون - يتوق شوقاً للاستيلاء على مصر وهو ظمآن للسيطرة على البحر المتوسط، بل كان قد تحدث بشأن ابتلاع تركيا ونصف الشرق. هنا كان يوجد منافس نَهِم، ولابد أن يستسلم واحدٌ منهما (اسكندر الأول أو نابليون). لكل هذا ولأسباب أخرى لم يكن اسكندر الأول راغباً في أن يرى انجلترا تُقيم مع فرنسا سلاماً• ففي يناير سنة 1805 وقع معاهدة تحالف مع السويد التي كانت بَدَوْرها متحالفة مع إنجلترا. وفي 11 يوليو أكمل أمره بعقد تحالف مع إنجلترا التي تعهدت أن تدفع لروسيا إعانةً مالية سنوية مقدارها 1.250.000 جنيه استرليني لقاء كل 100.000 مُقاتل يشتركون في المعارك ضد فرنسا.

وتفاوض فريدريك وليم الثالث البروسي مع نابليون طوال عام على أمل أن يُضيف إلى مملكته مقاطعة هانوفر التي كان الفرنسيون قد استولوا عليها في سنة 1803. وعرضها نابليون بشرط عقد تحالف تتعهد فيه بروسيا بدعم فرنسا في إقرار الوضع الجديد. ولم يستسغ فريدريك الفكرة خوفاً من الأسطول الحربي البريطاني الغاضب على طوال سواحله، وفي 24 مايو سنة 1804 وقَّعت بروسيا تحالفاً مع روسيا للقيام بعمل مشترك ضدَّ أي تقدم فرنسي إلى الشرق من وِزَر.

وترددت النمسا أيضاً. إنها إن انضمت للائتلاف الجديد فستكون أول من يُكوى بنيران الهجوم الفرنسي• لكن النمسا - وهي الأقرب إلى فرنسا من إنجلترا - كانت قد شعرت بالاندفاعات المتوالية للقوات الفرنسية المتوسّعة: توجيهها وإشرافها على الجمهورية الإيطالية في يناير سنة 1802، وإلحاقها لبيدمونت في سبتمبر سنة 1802، وإخضاع سويسرا كمحمية فرنسية في فبراير سنة 1803، وادعاؤها (أي فرنسا) لقباً إمبراطورياً في مايو سنة 1803، واستمرت الاندفاعات الفرنسية: في 26 مايو 1805 تلقَّى نابليون في ميلان التاج الحديدي من لومبارديا وفي 6 يونيو قبل طلب دوق جنوا بدمج الجمهورية الليجورية في فرنسا• وتساءل النمساويون متى سيتوقَّف شارلمان الجديد هذا؟ أليس هو بقادر بسهولة - إذا لم تتحد معظم أوروبا لإيقافه - على ابتلاع الولايات الباباوية أولاً ثم مملكة نابلي؟ ما الذي يمنعه من الاستيلاء على فينيسيا (البندقية) وكل زمامها المغري الذي كان يُسهم بعوائد مالية في دخل النمسا؟ لقد كان هذا هو تفكير النمسا القلق عندما عرضت إنجلترا عليها مساعدات مالية ووعدتها روسيا بمئة ألف مقاتل شديد المراس في حالة هجوم فرنسا عليها. وفي 17 يونيو سنة 1805 انضمت النمسا إلى كل من إنجلترا وروسيا والسويد وبروسيا، وبذا اكتمل الائتلاف الثالث ضد فرنسا.


انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

الهامش