حدائق النور

حدائق النور
The Gardens of Light.jpg
المؤلفأمين معلوف
العنوان الأصليLes jardins de lumière
المترجمدوروثي س. بلير
البلدفرنسا
لبنان
اللغةالفرنسية
الناشرلاتس
تاريخ النشر
1991
نـُشـِر بالعربية
1996
الصفحات317
ISBN2253061778

حدائق النور (فرنسية: Les jardins de lumière)، هي رواية لعام 1991، تأليف الكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف. تدور الرواية حول المفكر الديني ماني، مؤسس المانوية، هذا الفارس الحالم بالمساواة بين البشر والطامح إلى عالم خال من الحقد والحرب والبغضاء، عالم يدعو إلى نبذ السلطة بكل أشكالها والانغماس في عالم الفن، الرسام الذي يكتب بريشته لوحات تدعو إلى الحب ويدعو أتباعه إلى التسامح بآلات الموسيقى بدلا من الحرب، يحاول التوفيق بين الإمبراطورية الساسانية الفارسية والإمبراطورية الرومانية فيكون مصيره الموت في النهاية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحداث الرواية

رواية حدائق النور. لتحميل الرواية، اضغط على الصورة.

في حدائق النور يكتب أمين معلوف سيرة خاصة، لنبي عاش في القرن الثاني في بلاد ما بين النهرين، لكنها تتجاوز ذلك لتؤرخ لزمن يتواصل، يزداد فيه العطش إلى التسامح و الجمال بقدر ما تتسع مساحة الدمار. إن الجزء الأعظم من تاريخ البشرية كان ولا يزال تاريخ صراع، لكنه أيضا تاريخ نبوءات، وماني، الذي يحكي الكتاب سيرته أو ما تبقى من سيرته بعد عصور من الكذب والنسيان، واحد من أنبياء الجمال والتسامح والحب.[1]

أدهش ماني جمال الكون، لكن دهشته لم تكن لتجعله يتخلى عن رزانة الحكيم ووثوقيته لصالح تشكك الفيلسوف أو خيالية الفنان .كانت نبوءته دعوة لاكتشاف الجمال الكامن في الإنسان و محيطه الواسع، لهذا كان يشجع "المختارين" ممن اتبعوا دعوته [يَرفُض كلمة أتباع] إلى ممارسة الفنون:"إن الشرارة الإلهية موجودة فينا جميعا... وعلى كل أحد أن يغذوها بالجمال والمعرفة، وبهذا تتمكن من التألق."، وبالإضافة إلى كونه طبيبا بارعا، كان ماني أحسن رسامي عهده والمؤسس الأول للرسم الشرقي، و حين شاء شاهبور امبراطور الشرق وقتذاك أن يخلد صورته جريا على تقاليد الأسرة الإمبراطورية فإنه لم يختر غيره لهذه المهمة:

"-تقضي عاداتنا منذ القدم بأن يطلب كل ملك من أمهر رسامي عهده أن يرسم له صورته. وقد قيل لي بأنه أنت أيها الطبيب البابلي. أفتكون يدك لا تزال ثابثة؟

-تظل يدي طائعة.

-لقد أحضرت إلى هنا الكتاب الذي يضم صور أسلافي لترى أي طريقة ينبغي أن تتبع.

-لي طريقتي الخاصة في الرسم.

-ظننت أني سمعت أن يدك طائعة؟

-رأسي يرسم و يدي تطيع."

وكان عميق الإحساس بالموسيقى؛ يَعتبر أنه في فجر الكون كانت المخلوقات جميعها تسبح في نغم علوي قبل أن ينسينا إياه سديم الخلق. قال مخاطبا رازاف عازف القيصر: " غير أن عودا مدوزنا مع روح الفنان قادر على بعث تلك النغمات الأصيلة...". كان ماني فنانا موغلا في العظمة، وربما أخطأ طريقه نحو النبوءة.

كانت سماحة ماني إنسانية في عمقها، فما يهمه هو الإله الذي بداخل الإنسان والذي يقويه هذا الأخير بالجمال و المعرفة، فمصير العالم بيد البشر. قوتان أساسيتان في رأيه تحكمان الكون: قوة "ملك حدائق النور" و"قوة سيد الظلمات". لم يَخلق أحدهما الآخر ولا يملك أحدهما مصير الآخر و الإنسان في الأخير هو الطرف الحاسم:"لقد عهد ب"الخلق" إلى الإنسان. وإليه يرجع قبل أي كان أن يجعل الظلمات تتقهقر."، و ما كان يجعله منفتحا على كل الأديان ،حتى الوثنية منها، هو إيمانه بالإنسان، لم يكن يراعي لاختلاف المعتقَد مادام المعتقِد هو نفسه." إن لكل شعب تقاليد دونت في شرائعه ونسبها للمشيئة الربانية".

وبالإمكان القول أنه في إصراره على الإنسان وعلى الجمال فيه، كان ماني قد سبق بأزمان عديدة دعوات النهضة الأوربية والفلسفات المعاصرة، ولو أن هذه طرحت المسألة بشكل مختلف فيه خلو من نزعة الزهد و تحرر من الباطنية المفرطة. كان بهذا المعنى تقدميا إلى حدود بعيدة، متجاوزا عصره ، و لا نعتقد على العموم أن هذه الخصلة الأخيرة محمودة بالنسبة ل"نبي"، إذ لربما كان هذا- كما تساءل الكاتب- أحد أسباب إخفاق دعوته. لقد عُذب ثم قتل مصلوبا.

اختار ماني حياة الزهد. و لم يتخذ امرأة و لو أن علاقته ب"ديناغ" لم تكن واضحة حتى لمناصريه تبعا للكاتب. و كان يحمل موقفا إيجابيا من النساء عكس دعوات عديدة أخرى، "إن الشرارة الإلهية موجودة فينا جميعا... إنها ليست ذكرا و لا أنثى". وقد كان مرافقه الأكثر قربا إليه امرأة هو من طلبها من هرمز ابن الإمبراطور، و وارث العرش بعده، دون أسباب مباح بها. الإلتباس العاطفي حين يتعلق الأمر بحياة نبي هو أمر مثير. و من بين مناصري ماني كانت هنالك كثرة من النساء، منهن من حرقن مع كتاباته لما رفضن البصق على اسمه. و حين استشهد على الصليب، رحن في بادرة جميلة يقبلن شفتيه تباعا.


رفض ماني أن يكون نبي الإمبراطور وأن تسفك باسمه الدماء و لو مقابل تحول ديانته إلى دين البلاد الرسمي بتبني "ملك الملوك" له.و لم يعط رأيا في الحرب حين كان العاهل يستجدي توأمه السماوي. لكنه سعى دائما إلى التدخل لصالح السلام حتى اصطدم مباشرة بالقصر. وفي الوقت الذي كانت فيه جيوش الإمبراطور تحارب، كان هو ينشر دعوته مناديا بالجمال و السلام. اعتقَدَ دائما أن أمور الأرض ليست ما يعنيه بل الأشياء الأخرى الأبدية و الكاملة. كان يبتعد عن ممارسة السياسة في حين يمارس يدري أو لا يدري (تلك السياسة التي يرفضها القصر والتي لم يكن عصره ناضجا لها ماديا. يقول الإمبراطور شاهبور مخاطبا ماني:" إن حبي لك أشد من حبي لولدي أنفسهما. وما دمت حيا فما من يد ستنال منك، لا يدي و لا أية يد غيرها. و لكن لماذا تصر على الحديث عن إلغاء الطبقات؟". يدعو ماني إذن للمساواة، و يرفعها إلى مستويات فوق مادية لكن للواقع مرآته التي تعرف جيدا منطق الإنعكاسات. و ما أثار حفيظة الملاكين ميسوري الحال هو المساواة المادية التي كان يصلهم حَرها و هي لا تزال فكرة في مهد. لكن هذه الدعوة لم تكن صدى لتحولات اجتماعية عميقة في واقع الشرق و لا كان لها صوت سياسي ليشكل امتدادا لإرهاصات تحول مفترض، كانت "خالصة". لهذا لم تكتمل. لم تنضج في صهد الحياة. تماما لأنها كانت بالحاجة إلى الكثير من الواقع..فالجمال الذي كان ينشده ماني كان محتاجا إلى محاربين بنفس حاجته إلى حكماء. لكن ماني لم يفكر هكذا . وحتى لو فعل فهل كان سيسعفه ظرفه التاريخي؟ لقد كان ماني بمنطق أمير مكيافيلي، نبيا أعزلا و كل الأنبياء العزل أخفقوا في حين انتصرت دعوات الأنبياء المسلحين.

كان ماني نبيا قريبا من الأرض. كان الوحي قريبا منه، يأتيه إلا من توأمه أو صنوه الذي رآه أول مرة على صفحة ماء في بستان النخيل . هل سيكون مجرد حذلقة أن نقول أن وحيه يأتيه من نفسه، كما تجيء المبدع لحظات توهجه وقوته؟ ألا نستطيع أن نقول أن لحظات الإبداع عند ماني أو لنقل لحظات الإلهام كانت بالقوة التي جعلته يسمي إلهامه وحيا ويقتنع بذلك. ألم نفترض بداية أنه قد يكون بالأساس فنانا موغلا في العظمة و الإبداعية إلى حد أخطأ طريقه إلى النبوءة؟ ألم تكن قدرته الشخصية تحديدا على استحضار بواطنه و التمكن منها هو ما جعل دعوته تنصب على قوة الإنسان الباطنية؟ المهم هنا هو أنه كان مخلصا لما قاله بشأن "النور" .فنبوءته كانت بداخله، تخرج إليه حين تشاء أو حين يحتاجها و تشاء، و كانت هي نوره الوهاج. حين يُسأل ماني ويُطلب منه أن يعطي رأي صنوه السماوي كان يأخذ وقتا -يختلف كل مرة- في انتظار وحيه ، و كأنه يُلهَم بالمعنى السالف الذكر. كانت نبوءته الإنسان و كان وحيه منه؛ هو الإنسان . إن انسجاما أثيرا يحكم تاريخ و أفكار ماني.

ابتدأت معاناة ماني مع المتطرفين من خلال تجربة " الناصريين" الذين يكثر ذكرهم في الكتاب باسم "أصحاب الملابس البيضاء".كانوا يعتكفون في بستان نخيل بعيدا عن "المدائن" عاصمة الشرق في ذاك العهد ، لا تربطهم بالخارج إلا بعض العلاقات الإقتصادية البدائية المتمثلة في بيع محاصيلهم الزراعية لتوفير العيش في ظل حياة التقشف. معتبرين الناس خارجا كفرة و زناديق، و كان الرهبان الرسميون يبادلونهم التهم ذاتها. قضى ماني في هذا البستان سنين طفولته و مراهقته، قارئا نهما لما يسمح بقراءته، متأملا عميقا لنفسه و ما حوله.حتى جاءه "الوحي" في بدايات شبابه.و ظل ينتظر إذنَ "توأمه السماوي" ليعلن نَبذَه لمِلة أصحاب الملابس البيضاء بالتخلص من ثوبه القديم الأبيض واستبداله بلباس مختلف رسم عليه زهورا ملونة.و خرج من البستان محملا بلعنات رفاقه القدامى.

التجربة الثانية هي مع رهابنة القيصر الذين استقبلوا كلام ماني منذ بداية دعوته بنفس التهم التي حُمِّلها و هو يخطو أولى خطواته خارج البستان. لكن ماني لم يكن يتبادل التهم مع أحد لأنه يحاور "نور" الناس و ليس "ظلماتهم".


انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "حدائق النور لأمين معلوف: حكاية نبي أخطأ الزمن". الحوار المتمدن. 2004-04-04. Retrieved 2012-11-05.