جرمانيا

خريطة الامبراطورية الرومانية وجرمانيا، المسماة فيها جرمانيا العظمى Magna Germania، في مطلع القرن الثاني.

جرمانيا Germania كان مصطلحاً لاتينياً[1][2] لمنطقة جغرافية من الأرض على الضفة الشرقية لنهر الراين (جرمانيا الداخلية)، الذي ضم مناطق صرماتيا وكذلك منطقة تحت السيطرة الرومانية على الضفة الغربية للراين. وقد بدأ استخدام الاسم بعد أن استعاره يوليوس قيصر من المصطلح الغالي المعبر عن الشعوب شرق الراين وربما كانت تعني "جار".[3][4]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

توسع القبائل الجرمانية 750 ق.م. – 1 م (حسب أطلس پنگوين لتاريخ العالم 1988):
   مستوطنات قبل 750 ق.م.
   مستوطنات حديثة حتى 500 ق.م.
   مستوطنات حديثة حتى 250 ق.م.
   مستوطنات حديثة حتى 1 م

كان ما قرره أغسطس وتيبيريوس من عدم السماح بفتح ألمانيا من بين الحادثات الهامة في تاريخ أوربا. فلو أن روما فتحت ألمانيا وصبغتها كما صبغت غالة بالصبغة الرومانية، لكان لأوربا الواقعة في غرب الروسيا كلها تقريبا نظام واحد، ولربما قامت أوربا الوسطى في هذه الحالة حاجزاً في وجه تلك الجماعات الكبرى التي كان ضغطها على الألمان سبب غزوهم إيطاليا.

Map showing the distribution of the Germanic tribes in Proto-Germanic times, and stages of their expansion up to 50 BC, AD 100 and AD 300. The extent of the Roman Empire in 68 BC and AD 117 is also shown.

وقد كتب تاكيتوس في 98 م:

For the rest, they affirm Germania to be a recent word, lately bestowed. For those who first passed the Rhine and expulsed the Gauls, and are now named Tungrians, were then called Germani. And thus by degrees the name of a tribe prevailed, not that of the nation; so that by an appellation at first occasioned by fear and conquest, they afterwards chose to be distinguished, and assuming a name lately invented were universally called Germani.[5]


ونحن نسميهم الألمان، وإن كانوا هم أنفسهم لم ينطقوا بهذا الاسم، وليس ثمة من يعرف مصدره ، ولقد كانوا في الأيام القديمة خليطاً من قبائل مستقلة ضاربة في ذلك الجزء من أوربا المحصور بين نهري الرين والفستيولا Vistula؛ وبين الدانوب وبحر الشمال والبحر البلطي. وتبدّلت أحوالهم شيئا فشيئاً في القرنين الواقعين بين حكم أغسطس وحكم أورليوس فانتقلوا من حياة الهجرة للصيد والرعي إلى حياة الزراعة والقرى، ولكنهم كانوا لا يزالون على درجة من البداوة جعلتهم يستنفدون بسرعة خصب الأرض التي يفلحونها، ثم يرحلون ليفتحوا بحد السيف أرضاً جديدة. ومن أجل هذا كانت الحرب طعام الألماني وشرابه إذا جاز لها أن نصدق قول تاكيتوس:

"ليس شعار الألماني هو أن يزرع الأرض وينتظر حتى يجني المحصول في موسمه، بل إنك ليسهل عليك أن تقنعه بأن يهاجم عدوّه ويلقى في جسمه الجراح الشريفة في ميدان القتال، ويرى الألماني أن كسبك بعرق الجبين ما تستطيع أن تشتريه بدمك هو شعار العاجزين الخاملين وأنه لا يليق قد بالجندي"(53).

ولقد تحدّث المؤرخ الروماني عن صفات الألمان الحربية وعن حماسة النساء وهنّ يحرّضنَ الرجال على القتال، ويحاربن إلى جنبهم في كثير من الأحيان. وكان وهو يصفهم يتحسر على تدهور شعبه بفعل الترف والسلم، ويغالي في هذا الوصف مغالاة الواعظ والمعلّم الأخلاقي. ولقد كان الفرار من العدو يسربل من يرتكبه بعار لا يمحى مدى الحياة، ويؤدي في كثير من الأحيان إلى الانتحار. وقد وصف أسترابون الألمان بأنهم "أشد بأساً وأطول قامة من الغاليين"(54). وكأن سنكا قد قرأ تاستس فاستنتج من هذا نتائج منذرة بأسوأ النُذر فقال: "إن الترف والثراء لا يُزيدان هذه الأجسام القوية العنيفة، وهذه التقوى التي لا تعنى قط باللذة، إلا قليلاً من التنظيم والحذق في الحركات العسكرية - وحسبي هذا. ولن تستطيعوا (أيها الرومان) أن تقفوا في وجههم إلا إذا عدتم إلى فضائل آبائكم"(55). ويرى تاستس أن أولئك الأقوام كانوا في أيام السلم كسالى بُلداء، يقضي الرجال أوقاتهم (ولعلّ ذلك بعد الصيد أو موسم الحصاد) في ملء بطونهم باللحم وشرب أنهار من الجعّة، بينما تقوم النساء والأطفال بالأعمال المنزلية(56) وكان الألماني يشتري زوجته من أبيها بهدية من الماشية أو السلاح، وكان له عليها وعلى أبنائهما حق الحياة أو الموت بشرط أن توافق على ذلك جمعية القبيلة. لكن النساء رغم هذا كانت لهم عندهم مكانة عالية، وكثيراً ما كان يُطلب إليهنّ أن يفصلن فيما يشجر بي رجال القبيلة من منازعات، وكان من حقهنّ أن يطلقنّ أزواجهن، كما كان من حق هؤلاء الأزواج أن يطلقوهنّ. وكان لبعض زعماء القبائل عدة أزواج، ولكن الأسرة الألمانيّة العادية لم يكن فيها إلا زوجة واحدة، ويؤكد لنا المؤرخون أنا كانت تراعي مستوى عالياً من الأخلاق الزوجية، "فالزنى قلّما كان يُسمع به عندهم"، وإذا ارتكبته المرأة عوقبت بقص شعرها والحكم عليها بأن تسير عارية في الشوارع وأن تضرب بالسياط، وهي تحاول الفرار. وكان يسمح للزوجة أن تجهض نفسها إذا شاءت(58)، ولكنها كانت في العادة امرأة ولوداً. وكان يندر وجود رجال بلا أبناء ولهذا لم تكن عندهم وصايا، وكان المفروض أن أملاك الأسرة يرثها الولد عن أبيه جيلاً بعد جيل(59).

وكان السكان يتألفون من أربع طبقات: (1) طبقة المقيدين - وبعضهم عبيد وكثرتهم من أفنان الأرض المرتبطين بها. والمفروض عليهم أن يؤدوا التزاماتهم للمالك من غلتها. (2) والمحررين - وهم المستأجرون الذين لا يتمتعون بحقوق سياسية. (3) والأحرار - وهم الملاّك والمحاربون. (4) والأشراف - وهم ملاّك الأراضي الذين تتصل أنسابهم بالآلهة، ولكنهم يقيمون سلطتهم على أساس أملاكهم الموروثة وحرسهم الخاص (Comites أي الرفاق، ومنها اشتقت كلمة كونت). وكانت الجمعية القبلية تتألف من الأشراف، ورجال الحرس، والأحرار، يأتون إليها مسلّحين، ويختارون الزعيم أو الملك، ويوافقون على ما يُعرض عليهم من اقتراحات بضرب الحراب بعضها ببعض، أو يرفضونها بزمجرة كثرة الحاضرين. وكان بعض أفراد الطبقتين الثانية والثالثة يشتغلون بالصناعات اليدوية والمعدنية التي برع فيها الألمان، أما الطبقة الرابعة فكان منها النبلاء والفرسان، وهي التي أنشأت نظام الفروسية في ألمانيا الإقطاعية.

ولم يُضف إلا القليل من البناء الثقافي فوق هذا النظام الاجتماعي الساذج. ولم يكد الدين وقتئذ ينتقل من عبادة الطبيعة إلى عبادة الأرباب المجسّدة في صورة الآدميين. ويسمى تاستس آلهتهم: المريخ Mars، وعطارد Mercury، وهرقل Hercules - والراجح أن الأسماء الحقيقية لهذه الآلهة هي تيو Tiu (تير Tyr) ووودن Woden (أو ودن Odin)، ودونار Donar (تور)، ولا تزال أربعة أيام من كل أسبوع تخلد ذكراها هي وفريا Freya إلهة الحب، على غير علم منا، وكانت لهم إلهة عذراء (هرثا Hertha) (الأم الأرض). التي حملت من أحد أرباب السماء، كما أن كل حاجات الإنسان وكل ما يخطر بباله كانت تؤديه طائفة مختلفة من الجنيات، والعفاريت الصغار والكبار، وجن البحار، والمردة، والأقزام. وكانت الضحايا البشرية تقرب إلى وودن، وربما كانت الحيوانات الألذ طعماً من الآدميين تقرب إلى غيره من الأرباب، وكانت الصلوات تقام في الخلاء في الغابات والغياض، لأن الألمان كانوا يرون أن من السخف حصر روح من أرواح الطبيعة في مسكن تشيّده الأيدي البشرية.ولم يكن عندهم طبقة دينية قوية شبيهة بالدرويد Druids عند الغاليين أو البريطانيين، ولكنهم كان لديهم كهنة وكاهنات، يرأسون الاحتفالات الدينية، ويجلسون للفصل في القضايا الجنائية، ويتنبئون بالمستقبل بدراسة مهبل الجياد البيض وحركاتها. وكان عندهم كما كان في غالة شعراء يتغنون في شعر فج بأقاصيص قبائلهم وتاريخها. وكان منهم أقليّة تعرف القراءة والكاتبة، وكيّفت الحروف الهجائية اليونانية فجعلت منها العلامات التي تطورت منها الحروف القوطية وهي الحروف الألمانيّة الحديثة. وكان الفن عندهم بدائياً، ولكنهم أخرجوا تحفاً جميلة من الذهب.

ولما أن سحبت روما فيالقها من ألمانيا احتفظت بسيطرتهم على نهر الرين من منبعه إلى مصبه، وقسّمت هذا الوادي الفخم ولايتين - ألمانيا العليا وألمانيا السفلى. وكانت ثانيتهما تشمل هولندة وأرض الرين الممتدة جنوباً إلى كولوني. وكانت هذه المدينة الجميلة المعروفة عند الرومان بإسم كولونيا أجربننسس Colonia Agirpdinansis قد جعلت ولاية (50م) تكريماً لأم نيرون التي ولدت فيها؛ ولم يمضِ عليها أكثر من خمسين عاماً حتى كانت أغنى المحلات القائمة على نهر الرين. أما ولاية ألمانيا الشمالية فكانت تمتد على نهر الرين نحو الجنوب مخترقة مجنتياكم Maguntiacum (ماينس Mayence)، وأكوا أوريليا Aquae Aureliae (بادن - بادن Baden. Baden) وأرجنتراتم Argentoratum (ستراسبورج Strsbourg) وأغسطا روركورم Ausgusta Rauricorum (أوغسط August) وتنتهي عند فندونسا Vindonissa (فندش Windisch). وكان في هذه المُدن جميعها تقريباً ما في غيرها من الهياكل والباسقات، والملاهي، والحمّامات، والتمايل العامة. وكانت كثير من الفيالق التي ترسلها روما لحراسة الرين تجيش خارج معسكراتها، ويتزوج رجالها بفتيات ألمانيّات، ويعيشون مواطنين في تلك البلاد بعد أن تنتهي مدة خدمتهم العسكرية. والراجح أن بلاد الرين لم تكن في أيام الرومان أقل سكاناً أو غنى منها في أي وقت قبل القرن التاسع عشر.

ولقد سبق القول إن مهندسي روما العسكريين قد أنشئوا بين نهري الرين والدانوب طريقاً محصناً، وأقاموا على جانبيه قلاعاً تبعد كلٌّ منها عن الأخرى تسعة أميال، كما أقاموا عليه سوراً يبلغ طوله ثلاثمائة ميل. وأفاد هذا الطريق المحصن روما مائة عام، ولكنه لم يفدها شيئاً حين نقصت نسبة المواليد بين الرومان نقصاً كبيراً عمّا كانت عليه عند الألمان. وكان نهر الدانوب الذي يعدّه الأقدمون أطول أنهار العالم أضعف من نهر الرين حداً فاصلاً بين الدولة الرومانية والقبائل الألمانيّة. وكان إلى جنوبه الولايات النصف الهمجية ريتيا، ونوركم، وبنونيا، وهي الولايات التي تتكوّن منها البلاد التي كُنّا نعرها في شبابنا بإسم دولتي النمسا والمجر والصرب. وقد أنشأ الرومان في موضع أجزبرج Augsburg (أي بلطة أغسطس الحديثة) مستعمرة رومانية هي مستعمرة أغسطا فندلكورم Augusta Vindelicorum كان هي المحطّة الرئيسية على الطريق الممتد من إيطاليا فوق ممر برنر Brenner إلى نهر الدانوب.


انظر أيضاً

الهامش

  1. ^ Stümpel, Gustav. Name und Nationalität der Germanen. Eine neue Untersuchung zu Poseidonios, Caesar und Tacitus (in German). Leipzig: Dieterich. p. 60.{{cite book}}: CS1 maint: unrecognized language (link)
  2. ^ Feist, Sigmund. Germanen und Kelten in der antiken Überlieferung (in German). Baden-Baden. {{cite book}}: Check |first= value (help)CS1 maint: unrecognized language (link)
  3. ^ Schulze, Hagen. Germany: A New History. Cambridge, MA: Harvard University Press. p. 4. {{cite book}}: Check |first= value (help)
  4. ^ "German", The Concise Oxford Dictionary of English Etymology. Ed. T. F. Hoad. Oxford: Oxford University Press, 1996. Oxford Reference Online. Oxford University Press. Accessed March 4, 2008.
  5. ^ Tacitus, Germania 2.

للاستزادة

  • Malcolm Todd (1995). The Early Germans. Blackwell Publishing.
  • Peter S. Wells (2001). Beyond Celts, Germans and Scythians: Archaeology and Identity in Iron Age Europe. Duckworth Publishers.

وصلات خارجية