تشارلز ريتشارد كرين

(تم التحويل من تشارلز ر. كرين)
پورتريه لتشارلز ريتشارد كرين.

تشارلز ريتشارد كرين (Charles Richard Crane ، و. 7 أغسطس 1858 – ت. 14 فبراير 1939[1] هو رجل أعمال أمريكي ثري، وريث لثروة صناعية ضخمة ومتذوق للثقافة العربية، ومستعرب شهير. أتاحت له أصول تجارته المنتشرة الدخول إلى الشئون السياسية الداخلية والدولية حيث تمتع بامتيازات الوصول للكثير من سماسرة السلطة المؤثرين على أعلى المستويات الحكومية. كان مجال اهتمامه الخاص شرق أوروپا والشرق الأوسط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته ونشاطه الدبلوماسي

تشارلز ريتشارد كرين على غلاف مجلة تايم، 9 مارس 1931.

وُلد تشارلز ريتشارد كريون في شيكاغو عام 1858، وكان الابن الأكبر بين تسعة أبناء لقطب مستلزمات السباكة، رجل الصناعة من شيكاغو، ريتشارد كرين. لم تتكن حالته الصحية جيدة في طفولته، لذلك لم يذهب للمدرسة في صغره إلا في أعوام قليلة، وكان والده يعتمد على تعليمه في المنزل. كان والده من كبار أرباب الصناعة في مجال صناعة الأنابيب والتمديدات المنزلية المصنوعة من النحاس، وقد توسعت أعماله كثيراً حتى أصبح مصنعه في فترة من الفترات من أكبر مصانع العالم في هذا المجال.

كان كرين كثير السفر، وقد يكون لإصابته بالملاريا ونصح الأطباء له بضرورة الترحال والانتقال من مكان لآخر دور كبير في ذلك، حتى تتغير البيئة والأجواء بالنسبة له. بدأ رحلاته عام 1877، وذلك حينما زار أوروپا، ومنها زار الدولة العثمانية (إسطنبول والشام)، كذلك قام بزيارة لمصر والقدس والأماكن المقدسة المسيحية. ومما تجدر الإشارة له أن زيارة كرين للدولة العثمانية تزامنت مع الحرب الروسية العثمانية، وقد عبر كرين عن مشاعره الموالية للروس. كانت هذه الزيارة هي الأولى له، وهو قريب من عمر العشرين، وسوف تتكرر زياراته للمنطقة على مر السنين. كما زار روسيا أربع مرات ما بين عامي 1887-1937، وقام بزيارة منطقتي القوقاز وآسيا الوسطى اللتين كانتا تحت الاحتلال الروسي، وقد لبث في بخارى فترة تخللها شهر رمضان، وكذلك زار سمرقند، وقد حضر الدروس العلمية في مدارسهما الضخمة، وزار الأضرحة الكبيرة في هاتين المدينتين. اهتم كرين بالترويج للتاريخ والثقافة الروسية، إذ قام في تسعينيات القرن 19 بالتعاون مع جامعة شيكاغو لدعم برنامج محاضرات عن التاريخ الروسي يلقيها عدد من المتخصصين الروس، حيث دعا توماس ماساريك، مكسيم كوڤالڤسكي وپاڤل ميليوكوڤ لإلقاء محاضرات في جامعة شيكاغو. بعد لقائه بماساريك، أصبح مهتماً بالقومية السلاڤية ورعى لوحات الملحمة السلاڤية، رسم ألفونس موتشا[2] عندما صمم موتشا العملات التشيكوسلوڤاكية الورقية، استخدم الپورتريه السابق لجوسفين كرين برادلي لوضعها على الورقة فئة 100 كرونة.[2]

كان لكرين علاقة مباشرة وغير مباشرة ببعض الجهات الموجودة في الدولة العثمانية، والتي كان يدعمها من ماله الخاص، فقد كان الأمين ورئيس كلية البنات في إسطنبول (تغير اسمها إلى كلية إسطنبول النسائية)، وعضو مجلس أمناء كلية روبرت في إسطنبول التي زارها عام 1911 وتفقد أحوالها، وكذلك رئيساً لخزانة لجنة الإنقاذ للأرمن والألبان عام 1915. من الجدير بالذكر أن كرين كان پروتستانتياً متديناً وناشطاً في التبشير المسيحي، وقد يكون لهذا الأمر دور في نشاطه في المنطقة العربية وعلاقته مع الزعماء والأعيان العرب، خصوصاً المسيحيين منهم.

في 16 يوليو 1909، قام الرئيس الأمريكي وليام تافت بتعيين كرين وزيراً للصين،[3] لكن لدى مغادرته منصبه في 4 أكتوبر 1909، أُستدعي إلى واشطن وأُجبر على الاستقالة تحت ضغط من وزير الخارجية الأمريكي فيلاندر نوكس،[4] الذي حمله مسئولية ما نشر في صحيفة شيكاغو من اعتراضات الحكومة الأمريكية على المعاهدتين الأخيرتين بين اليابان والصين.[5][6]

تشارلز ر. كرين (يسار) وجيمس فيرلي يقفان خلف فرانكلن روزڤلت في وارم سپرينگز، جورجيا، 7 ديسمبر، 1931.

ساهم كرين بشكل كبير في الحملة الانتخابية للوودرو ويلسون عام 1912. كافئه ويلسون بتعيينه في اللجنة الدبلوماسية الخاصة لدى روسيا، المعروفة بلجنة روت، كعضو في الوفد الأمريكي بمؤتمر سلام باريس، ولجنة ما بين الحلفاء 1919 الخاصة بالانتداب في تركيا والتي أصبحت تعرف باسم لجنة كنگ-كرين. في الوقت الذي كانت فيه اللجنة مقترحة من قبل الولايات المتحدة لتنمية التوافق الدولي حول صنع المستقبل وحالة دول الشرق الأوسط فيما بعد الحرب العالمية الأولى، سرعان ما أصبحت اللجنة مجرد جهد برعاية أمريكية. بتعيين كرين كرئيس مشارك للجنة، أصبحت اللجنة بصدد إصدار تقرير لإبلاغ صانعي السياسة الأمريكية.[7] فيما يخص تأسيس دولة يهودية في الشرق الأوسط، أوضح التقرير "ليس أنت فقط كرئيس لكن الشعب الأمريكي بأكمله يجب عليه التحقق من أنه في حال ما قررت الحكومة الأمريكية دعم تأسيس دولة يهودية في فلسطين، فإن هذا من شأنه أن يلزم الشعب الأمريكي باستخدام العنف في تلك المنطقة، حيث لا يمكن تأسيس دولة يهودية في فلسطين أو الحفاظ عليها إلا بالقوة." عارض كرين تأسيس دولة يهودية في الشرق الأوسط.[8] كان متحدثاً متحمساً عن استقلال الدول العربية.[9]

كما ساهم كرين مساهمة كبيرة في دعم حركات الانفصال في الدولة العثمانية، سواء في ألبانيا أو بلغاريا، وقد زار تلك البلدان عدة مرات وعرض مساعداته على أهالي تلك البلاد من أجل الثورة على الحكم العثماني. كذلك، كان كرين من أوائل المرحبين بثورة مارس في روسيا عام 1917، حتى أنه طلب من الحكومة الأمريكية سرعة الاعتراف بها، وطلب من الرئيس ويلسون أن يسمح له بالذهاب إلى روسيا داعماً للثورة.


لجنة كنگ-كرين

پورتريه جماعي للجنة كنگ-كرين وأشخاص آخرين غير معروفين، في دمشق، 1919. الأشخاص المعروفون يضمون: سامي حداد (واقف، ببذة بيضاء)، المفوضان تشارلز ر. كرين وهنري تشرشل كنگ (جالسان أمام المائدة، من اليسار إلى اليمين)، ألبرت هاو ليباير (جالس، إلى يمين كنگ)، وجورج ر. مونتگمري (جالس، أقصى اليمين). المصدر: كلية أوبرلين.[10]
خط يد كرين، 1932

عام 1919 زار كرين الشام، حينما قام الرئيس ويلسون بتكليفه وهنري كنگ لرئاسة لجنة تقصي حقائق للتأكد من قدرة الشعوب على حكم نفسها، سُميت بلجنة كنگ-كرين. وهي لجنة تحقيق عيّنها الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في أثناء انعقاد مؤتمر الصلح في باريس صيف 1919 للوقوف على آراء أبناء المناطق غير التركية في الدولة العثمانية المنفرطة، تحديداً سورية وفلسطين والأرمن في مستقبل بلادهم. وقد شُكلت اللجنة لإخبار السياسة الأمريكية بشعوب المنطقة وآرائهم بشأن مستقبل الذي يرغبون به في سياق ما سبق تقريره من تجزئة الدولة العثمانية ونظام الانتداب من عصبة الأمم. وقد اختار ولسون لرئاسة هذه اللجنة هنري كنگ، رئيس كلية اوبرلن بولاية اوهايو وتشارلز كرين، وهو رجل أعمال بارز من شيكاغو. وبعد أن طافت هذه اللجنة في مختلف المدن السورية والفلسطينية، ما بين 10 يونيو و21 يوليو وضعت تقريراً أعلنت فيه أن الكثرة المطلقة من العرب تطالب بدولة سورية مستقلة استقلالاً كاملاً، وترفض فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

مرت اللجنة في طريقها بتركيا، وقد قابل كرين في بورصة الشيخ أحمد السنوسي زعيم الحركة الليبية المطالبة بالتصدي والنضال ضد الاستعمار الإيطالي، وقد استمرت علاقتهما لسنين طويلة، وكان معجباً بشخصية الشيخ أحمد. كما زار دمشق عام 1922، وقد اتهم خلال تلك الزيارة بتمويل الثورة السورية، وحكمت عليه السلطات الفرنسية بالسجن عشرين عاماً، لكن أحداً لم يعتقله. خلال فترة وجوده في سوريا عام 1922، تلقى كرين دعوة من الأمير عبد الله بن الحسين أمير إمارة شرق الأردن لزيارة والده الشريف الحسين في جدة. وقد زارها عام 1923 وقابل الشريف الحسين الذي عرض عليه مراسلاته مع المندوب البريطاني في القاهرة السير آرثر هنري مكماهون.

في تقريرها، ذكرت اللجنة أن العداء للصهيونية لا يقتصر على فلسطين فحسب بل يشمل المنطقة كلها، وأن هناك إجماعاً على رفض البرنامج الصهيوني تماماً، وأضافت أن اليهود ـ الذين يشكلون نحو 10% من سكان فلسطين ـ هم وحدهم الذين يؤيدون الصهيونية وإن كانوا يختلفون في بعض التفاصيل والوسائل المتعلقة بإقامة الدولة اليهودية ومدى تَوافُقها مع تعاليم الدين اليهودي، كما أنهم وحدهم الذين يطالبون بفرض الانتداب البريطاني على فلسـطين لأنه سـيساعدهم على تحقيق مشـروعهم. واعترفت اللجنة بأنها لمست بوضوح إصرار الصهاينة على تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على الأراضي بالقوة. ووصف التقرير المزاعم الصهيونية بشأن "الحقوق التاريخية" لليهود في فلسطين بأنها لا تستوجب الاكتراث ولا يمكن النظر إليها جدياً بعين الاعتبار. وبيَّنت اللجنة ما في تعهدات وعد بلفور من ازدواجية وتناقض إذ "لا يمكن إقامة دولة يهودية دون هَضْم خطير للحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية في فلسطين". وكانت أهم توصيات اللجنة:

1 ـ ضرورة تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين والعدول نهائياً عن الخطة الرامية إلى جعلها دولة يهودية.

2 ـ ضم فلسطين إلى دولة سوريا المتحدة لتكون قسماً منها.

3 ـ وضع الأماكن المقدَّسة في فلسطين تحت إدارة لجنة دولية تشرف عليها الدولة المنتدبة وعصبة الأمم، ويمثِّل اليهود فيها بعضو واحد.

وقد قوبل تقرير اللجنة بالرفض التام من جانب فرنسا وبريطانيا والحركة الصهيونية. أما الولايات المتحدة ـ التي كان رئيسها صاحب فكرة إرسال اللجنة ـ فلم تُعر انتباهاً هي الأخرى لتوصيات اللجنة، رغم ما نص عليه تقريرها من أن المشروع الصهيوني يناقض مبدأ الرئيس ويلسون بشأن حرية الشعوب في تقرير مصيرها. وإذا وضعنا في الاعتبار أن ويلسون نفسه كان قد وافق على وعد بلفور قبل إعلانه، فستتضح على الفور حقيقة الموقف الأمريكي وحقيقة أن تلك المبادئ لم تكن في الواقع إلا ستاراً للمصالح الاستعمارية.

سفيراً لدى الصين

عُين كرين سفيراً للولايات المتحدة لدى الصين بأمر من الرئيس ويلسون وخدم من 22 مارس 1920 حتى 2 يوليو 1921.

في 1925 أسس كرين معهد شؤون العالم في الوقت الراهن ومقره نيويورك. وظف المعهد مندوبين ميدانيين في المكسيك، القدس، وأحياناً في موسكو. يقدم هؤلاء المندوبين تقارير منتظمة عن التطورات في منطقتهم، ويتشاركون خبراتهم في جولات محاضرات برعاية الجامعات الأمريكية الكبرى-ICWA. كانت هذه التقارير متاحة أيضاً لوزارة الخارجية الأمريكية.

كان أيضاً عضواً في نادي جيكل آيلاند الشهير (نادي المليونيرات) في جيكل آيلاند، جورجيا.

جولة موسعة في الشرق الأوسط

قام كرين بعد ثلاث سنوات بزيارة تركيا، وزار قبر الفكاهي نصير الدين خوجة (جحا)، وكان مغرماً بقصصه، وكأن تلك الزيارة بدأت تطلق العنان لأفكاره بزيارة بلاد العرب القديمة. عام 1926 زار كرين القدس، وقابل السيد عبد الرحمن الشهبندر، وتحدثا عن الملك عبد العزيز الذي كان قد استضاف الشهبندر خلال فترة لجوئه السياسي لديه. قام الشهبندر بتقديم كرين إلى مفتي القدس الشيخ أمين الحسيني، وقاما كلاهما بالكتابة إلى الملك عبد العزيز للتعريف بتشارلز كرين ورغبته بزيارة الملك عبد العزيز، وأخبراه بأنه (صديق العرب). تحمس كرين لتلك الزيارة، وكان قد رتب زيارة لليمن، فركب السفينة من مصر وأبحر إلى جدة لمقابلة الملك عبد العزيز، ولكنه حينما وصل إليها علم أن الملك قد عاد إلى عاصمته الرياض. قابل كرين نائب الملك في الحجاز الأمير فيصل بن عبد العزيز، ولبث في ضيافته مدة من الزمن، ثم أبحر بعدها من جدة إلى عدن قاصداً زيارة الإمام يحيى حميد الدين إمام الدولة المتوكلية في صنعاء. قام كرين بالكتابة عن رحلته التي عبر خلالها البحر الأحمر. وما يهمنا هنا هو وصفه لجدة وأهلها التي رآها مدينة ضاربة في أعماق التاريخ، ولم تتأثر كما تأثرت غيرها من المدن بأشكال البناء الغربي وميادينه، وأنها مدينة نشطة تجارياً، يتوافد عليها الحجاج في طريقهم باتجاه مكة المكرمة. كذلك تحدث كرين عن أسواقها وطرق أهلها الحياتية والأعراق الموجودة فيها وأعيانها، وبالأخص محمد نصيف الذي كان منزله ملتقى أعيان المدينة.[11]

لم تكن رحلة كرين إلى اليمن سهلة، فقد لاقى العديد من الصعاب، منذ وصوله إلى عدن ثم مسيره للحديدة من أجل الصعود إلى صنعاء. وقد وصف رحلته إلى اليمن وصفاً مختصراً، بينما وصفها مرافقه في تلك الرحلة نزيه مؤيد العظم وصفاً مسهباً، إذ كتب كتاباً أسماه "رحلة في بلاد العربية السعيدة". قابل كرين الإمام يحيى، وقد كان مسروراً بزيارته لصنعاء التي رأى فيها مدينة تعود إلى العصور الإسلامية الأولى. عرض كرين خدماته على إمام اليمن الذي أراد أن يساعده كرين في التنقيب عن المعادن الثمينة في بلاده. تواصل كرين مع الممثل السياسي الأمريكي في عدن لودر پارك حتى يستطيع مساعدته في البحث عن جيولوجي يقدم خدماته للدولة المتوكلية في اليمن. لحسن الحظ، كان هناك جيولوجي أمريكي شاب قد وصل للتو لعدن بعد انتهاء عقد عمله في الحبشة، وكان في طريقه إلى الولايات المتحدة، وهو كارل تويتشل. قام كرين بتوظيف تويتشل لمساعدة إمام اليمن في البحث عن الثروات الموجودة بها، وقد قام تويتشل بالعمل في اليمن مدة خمسة أعوام، وكان له دور كبير في حفر العديد من آبار المياه الصالحة للشرب. عام 1929 قام كرين بزيارة فيصل بن الحسين ملك العراق في بغداد، وخلال وجوده في العراق خطط أن يسير من بغداد عبر الصحراء إلى الرياض عاصمة الملك عبد العزيز. بدأ كرين رحلته من البصرة إلى الكويت مصطحباً ابنه جون وبعض الأصدقاء، وقد تعرضت مجموعته لهجوم من رجال القبائل الهاربة من الجيش السعودي، وتم إطلاق النار على سيارتي المجموعة، وقد قتل خلال ذلك الهجوم المنصر هنري بيلكرت، أما كرين فقد كاد يقتل ومن معه ولكنه استطاع الهرب مستغلاً أفضلية السيارة وسرعتها. وقد تلقى كرين رسالة من نائب الملك في الحجاز الأمير فيصل يعبر فيها عن غضبه من الهجوم الذي جرى عليه ومن معه. بعد عودته إلى البصرة، سار كرين منها في زيارة لسواحل الخليج العربي، وزار بعض موانئ الخليج العربي مثل بوشهر ودبي، وعندما وصل مسقط لبث فيها حوالي أسبوعين، وقابل فيها السلطان تيمور بن فيصل، وتبادل معه الهدايا، إذ أهداه سيارة فورد قدمت إلى مسقط بعد عدة أشهر، وتلقى من السلطان قارباً صغيراً (هوري).

وفي عام 1931، التقى كرين بالملك عبد العزيز، إثر وصوله إلى جدة في فبراير 1931 قادماً من القاهرة، بعد التنسيق بين فوزان السابق وكيل الملك عبد العزيز في القاهرة. نزل كرين في الميناء وتم استقباله استقبالاً رسمياً، وكان معه الكاتب الفلسطيني جورج أنطونيوس مترجماً. لبث كرين في جدة أسبوعاً، كان يقابل فيها الملك عبد العزيز ثلاث مرات يومياً، وقد تبادلا خلالها الأحاديث الرسمية وغير الرسمية. تحدث كرين مع الملك عن أصول الحركة الإصلاحية في الجزيرة العربية، وكذلك عن توطين البدو والزراعة، إذ عرض عليه أن يرسل له -على حسابه- مختصاً بالنواحي الزراعية، وهو السوري راشد زيك الذي كان يعمل في اليمن لصالح الإمام يحيى حميد الدين، وقد وافق الملك على ذلك العرض. كذلك قام كرين بالعرض على الملك عبد العزيز أن يرسل له كبير الجيولوجيين كارل تويتشل، والذي كان يعمل في اليمن للمساعدة في إصلاح نظام الري في السعودية وحفر الآبار ومعرفة المعادن الموجودة والكشف عنها. بعد انتهاء زيارته أهدى الملك عبد العزيز لكرين جوادين أصيلين.

ساهم كرين بشكل كبير في مساندة الشعوب العربية، واستقطاب عدد منهم للدراسة في الولايات المتحدة، حتى أنه عرض على الملك عبد العزيز أن يرسل معه أحد أبنائه للدراسة في الولايات المتحدة، ولكنه رفض ذلك العرض. ساهم كرين في استقطاب عدد من العرب للعمل في المعهد الذي قام بإنشائه، وهو معهد شؤون العالم في الوقت الراهن. كان دور هذا المعهد هو تعيين موفدين في مناطق كثيرة من العالم لكتابة الأحداث الخاصة بها، وإرسال ذلك إلى مقر المعهد في واشنطن، وقد استفادت وزارة الخارجية الأمريكية من تقارير موفدي هذا المعهد، وقد كان من بينهم جورج أنطونيوس. كما قام كرين قبيل وفاته، بعد أن خطى المشروع الأمريكي للتنقيب عن النفط في المملكة خطوة كبيرة، وذلك باكتشاف النفط بكميات تجارية، وبعد أن بدأت سحب الحرب بالتلبد في الأفق؛ قام بالكتابة إلى الرئيس الأمريكي روزڤلت يخبره عما يعرفه عن الملك عبد العزيز وصفاته القيادية، وأنه الشخصية المهمة الوحيدة في الجزيرة العربية، وينصحه بالتعامل معه.

مزاعم حول معاداة السامية

كان كرين معادياً شرساً للسامية.[بحاجة لمصدر] وقد عبر عن عدائه لليهود في لقاءات مع دبلوماسيين ورجال أعمال فضلاً عن المواقف الاجتماعية.[بحاجة لمصدر] عندما قام فرانكلين روزڤلت بتعيين وليام دود سفيراً للولايات المتحدة لدى ألمانيا عام 1933، كتب كرين خطاب تهنئة لدود يه قال فيها:[12]

اليهود، بعد الفوز بالحرب، يعادون السلام السريع، يستولون على روسيا، إنگلترة وفلسطين، تم ضبطهم في محاولة الاستيلاء على ألمانيا النازية، أيضاً، وتلبية لأول رفض حقيقي لهم، لقد أصيبوا بالجنون.. إنهم يغرقون العالم - خاصة أمريكا السهلة - بالدعاية المناهضة لألمانيا. أنصحك بشدة برفض أي دعوة اجتماعية.

حسب لارسون، في حفل عشاء، سمع السفير دود إعجاب كرين الشديد بهتلر وعرف أيضاً أن ليس لدى كرين أي اعتراض على كيفية معاملة النازيين لليهود الألمان (لم ترد هذه التعليقات في اقتباس أو مرجع يعود للارسون) بالرغم من أنه لم يعلن صراحة عما يشير إليه، فقد أخبر كرين تود: "دع هتلر يستخدم طريقته."[12]

وفاته وذكراه

في 15 فبراير 1939، توفى كرين بمضاعفات الإنفلونزا في منزله الشتوي في پالم سپرنگز، كاليفورنيا.[13]

في 24 أبريل 2006 بيعت مجموعة كرين الفنية في صالة كرستيز للمزادات.[14]

الهوامش

  1. ^ تشارلز ريتشارد كرين at Find A Grave
  2. ^ أ ب An Introduction to the Work of Alphonse Mucha and Art Nouveau, lecture by Ian Johnston of Malaspina University-College, Nanaimo, British Columbia (March 2004).
  3. ^ New York Times: "Crane Takes Post as Envy to China," Juluy 17, 1909, accessed February 3, 2012
  4. ^ New York Times: "Call Back Minister Crane," October 5, 1909, accessed February 3, 2012
  5. ^ New York Times: "State Secrets Out; Crane Questioned," October 11, 1909, accessed February 3, 2012
  6. ^ David Philipson, My Life as an American Jew: An Autobiography (1941), 32-33, wrote that President Taft told him in November 1909 that he asked for Crane's resignation after hearing Crane responded to his election by saying: "Well, now that Taft is President, I suppose that Jake Schiff and his Jew crowd will have a great deal to say in our national affairs."
  7. ^ "The King-Crane Commission Report, August 28, 1919". Hellenic Resources Network. Retrieved 2010-08-03.
  8. ^ F.W. Brecher, "Charles R. Crane's Crusade for the Arabs, 1919-39," Middle Eastern Studies, XXIV, January 1988; pp 46-47. Elliott A Green, "The Curious Careers of Two Advocates of Arab Nationalism," Crossroads no. 33 [1992]
  9. ^ Beecher, Frank W. Reluctant Ally: United States Foreign Policy toward the Jews from Wilson to Roosevelt (NY: Green-wood Press, 1991), pp. ??
  10. ^ "King-Crane Commission Digital Collection". كلية أوبرلين.
  11. ^ "تشارلز ريتشارد كرين.. صديق العرب". المجلة العربية. 2020-02-29. Retrieved 2024-03-10.
  12. ^ أ ب Larson, Erik, In The Garden of Beasts (Crown Publishers, 2011), 38-9
  13. ^ TIMES, Special to THE NEW YORK (1939-02-16). "CHARLES R. CRANE, EX-ENVOY, 80, DIES; Named Minister to China by Taft, but Recalled, He Was Sent There by Wilson ALSO ON RUSSIAN MISSION Retired Head of Chicago Firm Making Bathroom Fixtures Gave Much to Charity". The New York Times (in الإنجليزية الأمريكية). ISSN 0362-4331. Retrieved 2023-10-15.
  14. ^ "Property from the Collection of Ambassador Charles R. Crane". Christie's. April 24, 2006. Retrieved October 16, 2023.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قراءات إضافية

  • Norman E. Saul, The Life and Times of Charles R. Crane, 1858-1939: American Businessman, Philanthropist, and a Founder of Russian Studies in America. Lanham, MD: Lexington, 2013.

وصلات خارجية