تاريخ الرق

Diagram of a slave ship from the Atlantic slave trade. From an Abstract of Evidence delivered before a select committee of the House of Commons of Great Britain in 1790 and 1791.

تاريخ الاستعباد التاريخ المعروف للبشرية يشير إلى أن الرق ظاهرة عريقة في القدم ، تاريخها هو ذاته تاريخ الاستغلال وظلم الإنسان لأخيه الإنسان . وقد نشأت ظاهرة الاستعباد منذ عشرات الألوف من السنين ، وتحديدًا في فترة التحول من الصيد إلى الاعتماد على الزراعة المُنَظّمة كوسيلة لاكتساب الرزق .. يقول المؤرخ الكبير "ول ديورانت" في موسوعته الشهيرة "قصة الحضارة" :

بينما كانت الزراعة تُنْشئ المدنيِّة إنشاءً فإنها إلى جانب انتهائها إلى نظام الملكية ، انتهت كذلك إلى نظام الرق الذى لم يكن معروفًا في الجماعات التى كانت تقيم حياتها على الصيد الخالص، لأن زوجة الصائد وأبناؤه كانوا يقومون بالأعمال الدَّنيَّة , وكان فيهم الكفاية لذلك، وأما الرجال فقد كانت تتعاقب في حياتهم مرحلة تضطرب بنشاط الصيد أو القتال، يتلوها مرحلة من فتور الاسترخاء والدعة بعد الإجهاد والعناء. ولعل ما تنطبع به الشعوب البدائية من كسل قد بدأ – فما نظن – من هذه العادة . عادة الاستجمام البطىء بعد عناء القتال والصيد ، ولو أنها لم تمكن عندئذ كسلاً بمقدار ما كانت راحة واستجامًا ؛ فلكى تحوِّل هذا النشاط المتقطع إلى عمل مطرد ، لابد لك من شيئين : العناية بالأرض عناية تتكرر كل يوم , وتنظيم العمل.

وأما تنظيم العمل فيظل مُنْحلَّ العرى لَدُنِّىَّ النشاط مادام الناس يعملون لأنفسهم، لكنهم إذا كانوا يعملون لغيرهم فإن تنظيم العمل لابد أن يعتمد في النهاية على القوة والإرغام ؛ وذلك أن نشأة الزراعة وحدوث التفاوت بين الناس انتهيا إلى استخدام الضعفاء بواسطة الأقوياء اجتماعيًا ؛ ولم يتنبَّه الظافر في القتال قبل ذلك إلى أن الأسير الذى ينفعه هو الأسير الحى ، وبذلك قلَّت المجازر وقلَّ أكل الناس بعضهم لحوم بعض كلما زاد نظام الرق اتساعًا. وإذن فقد تقدم الإنسان من حيث الأخلاق تقدمًا عظيمًا حين أقلع عن قتل زميله الإنسان أو أكله ، واكتفى من أعدائه باسترقاقهم؛ وإنك لترى تطورًا كهذا يتم اليوم على نطاق واسع ، إذ أقلعت الأمم الظافرة عن الفتك بالعدو المغلوب ، واكتفت باسترقاقهم عن طريق التعويض الذى تكبّدهم إياه . ولما استقر نظام الرق على أسسه . وبرهن على نفعه ، أخذ يزداد نطاقه بأن أضيف إلى الرقيق طوائف أخرى غير الأسرى ، فأضيف إليهم المَدِينُون الذين لا يُوفَون الدَّيْن ، والمجرمون الذين يعاودون الإجرام ، هذا إلى إغارات تُشن عمدًا لاجتلاب الرقيق ؛ وهكذا كانت الحرب بادىء الأمر عاملاً على نشأة الرق ، ثم أصبح الرق عاملاً على شن الحرب.


ولعل نظام الرق حين امتدت به القرون قد أكسب الجنس البشرى تقاليده وعاداته من حيث العمل ، فلن تجد بيننا أحدًا يُقدم على عمل شاق عسير إذا كان في مقدوره أن يتخلص منه بغير أن يتعرض لشىء من العقاب البدنى أو الاقتصادى ، وإذن فقد بات الرق جزءًا من النظام الذى استعد به الإنسان للقيام بالصناعة ، هذا فضلاً عن أنه عمل على تقدم المدنيَّة بطريق غير مباشر ، بأن زاد من الثروة فخلق الفراغ لفئة قليلة من الناس ، ولما مضت قرون على هذا النظام ، جعل الناس ينظرون إليه كأنه نظام فطرى لاغنى عنه ، بهذا قال أرسطو وكذلك بارك القديس بولس : هذا النظام الاجتماعى الذى لابد أن يكون قد بدا لعينيه في عصره نظامًا قضى به الله) !!!.


وقد عرفت كل الحضارات والأمم السابقة على الإسلام ظاهرة الاستعباد للآخرين على أوسع نطاق ممكن .. فالرق كان موجودًا لدى الفراعنة .. إذ كان الملوك والكهنة وقواد الجيش المصرى القديم يتخذون أسرى الحرب عبيدًا لهم ، يستخدمونهم فيما تحتاج إليه الدولة الفرعونية من أعمال كشق الترع وبناء الجسور والمعابد والأهرامات . وعلى خلاف المعروف لدى الأمم الأخرى في تلك الفترة - كما يلاحظ محمد عطية الأبراشى كان عبيد القصور يتمتعون بمعاملة إنسانية في مصر ، وكان مسموحًا للحرّ أن يتزوّج جارية . وكان محظورًا على الملاك قتل الرقيق ، ومن قتل عبدًا فإنه يُقتل به على سبيل القصاص .. وكان الرق موجودًا على أوسع نطاق لدى الآشوريين .. وقد كانت قصورهم مليئة بالعبيد والجوارى للخدمة والمتعة في آن واحد .. ومن أطرف الوثائق والعقود التى عُثر عليها وتعود إلى عهد الملك نبوخذ نصر – كما يقول ول ديورانت – تلك العقود المتصلة بالعبيد. (وكان مصدر هؤلاء العبيد أسرى الحروب ، والغارات التى يشنها البدو الرحل على الولايات الأجنبية، ونشاط العبيد أنفسهم في التناسل . وكان ثمن الأرقاء يختلف من عشرين ريالاً إلى خمسة وستين للمرأة ، ومن خمسين ريالاً إلى مائة ريال للرجل . وكان هؤلاء العبيد هم الذين يؤدون معظم الأعمال العضلية في المدن ، وتدخل في هذه الأعمال الخدمات الشخصية.


وكانت الجوارى ملكًا خالصًا لمن يبتاعهن ، وكان ينتظر منهن أن يمهّدن له فراشه ويطبخن له طعامه ، وكان المعروف أنه سيستولدهن عددًا كبيرًا من الأبناء . وكان العبد وكل ما ملكت يداه ملكًا لسيده : من حقه أن يبيعه أو يرهنه وفاء لدين ، ومن حقه أن يقتله إذا ظن أن موته أعود عليه بالفائدة من حياته . وإذا أبق العبد فإن القانون لا يبيح لأحد أن يحميه وكانت تقدر جائزة لمن يقبض عليه . وكان من حق الدولة أن تجنّده كما تجنّد الفلاح الحرّ للخدمة العسكرية أو تسخّره للقيام ببعض الأعمال العامة كشق الطرق ، وحفر القنوات . وكان أكثر العبيد يقنعون من حياتهم بكثرة الأبناء ، حتى صاروا أكثر عددًا من الأحرار . فكانت طبقة الأرقام الكبيرة تتحرك كأنها نهر تحتى جيَّاش يجرى تحت قواعد الدولة البابلية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عرب الجاهلية

ولم يختلف الحال لدى العرب قبل الإسلام عن غيرهم من الأمم في ميدان الرق. فقد كان مألوفًا أن تتخذ القبائل المنتصرة من أطفال ونساء القبائل المهزومة عبيدًا وجوارى . وكان بعض مشاهير مكة مثل عبد الله بن جدعان من تجار الرقيق. وتذكر كتب التاريخ أن عددًا من مشاهير الصحابة كانوا عبيدًا قبل الإسلام ، منهم زيد بن حارثة رضى الله عنه الذى اختطف وهو صغير ، وباعه الخاطفون في سوق عكاظ حيث اشتراه أحد أقارب السيدة خديجة رضى الله عنها . وكذلك اختطف بعض قطاع الطرق سلمان الفارسى رضى الله عنه أثناء رحلته إلى الشام ، وباعوه لبعض يهود يثرب قبل هجرة النبى صلى الله عليه وسلم إليها . وكان بلال بن رباح وعمار بن ياسر وذويهما عبيدًا بمكة المكرمة قبل الإسلام ، وتعرضوا لتعذيب مروّع من سادتهم لإجبارهم على ترك الإسلام . وكانت "سميّة" أم عمَّار رضى الله عنها أول شهيدة في الإسلام ، إذا قتلها أبو جهل لعنه الله بطعنة في قُبلها لرفضها الارتداد عن دين الحق . وكانت "ثويبة" إحدى مرضعات الرسول صلى الله عليه وسلم مولاة لعمه أبى لهب .. وكانت حاضنته "أم أيمن" جارية لأبيه عبد الله بن عبد المطلب قبل مولده ، وانتقلت ملكيتها إليه بعد وفاة أبيه .


الرق في فارس

وفى بلاد فارس كان الأرقاء يُتخذون للرعى والزراعة ، ويستخدمون فيما تحتاج إليه البيوت من الزينة والعمل . وإذا ارتكب الرقيق ذنبًا عوقب عقابًا معتدلاً ، فإذا ارتكبه مرة أخرى فلسيده أن يعاقبه بما يشاء ، وله أن يقتله . وكان الأكاسرة ينظرون إلى كل من هو غير فارسى على أنه عبد مملوك لهم ، ولا حق له في أى شىء سوى الطعام والشراب كأى حيوان !! .

الرق عند الهنود القدماء

كان لدى الهنود القدماء طبقات أعلاها : طبقة الأشراف وهم البراهمة ، أما طبقة العمال، فهى الطبقة الدنيا التى تستخدم في الأعمال ، وتعامل معاملة بشعة . وللطبقة الأولى السيادة والسيطرة ، وعلى الطبقة الثانية – وهى طبقة الأرقاء – الطاعة والخضوع . ويستمر الرقيق خادمًا طوال حياته . وكانت القوانين التى يحاكم بها جائرة ، فإذا اعتدى رقيق على بَرهَمى حكم على الرقيق بالقتل . وإذا شتمه بلفظ بذىء قُطع لسانه . وإذا احتقره عُوقب بوضع خنجر محمى بالنار في فمه . وإذا تجرأ ونصح لبرهمى نصيحة تتصل بواجبه أمر الملك بوضع زيت ساخن في أذنه وفمه . وإذا اغتصب برهمى شيءًا من الرقيق حكم عليه بدفع غرامة مالية . وإذا سرق عبد شيءًا من برهمى حكم عليه بالإحراق !!. وكانت الأعمال النجسة تترك للعبيد ليقوموا بها ، والأعمال المقبولة يقوم بها الخدم . وكانت في الهند طائفة أخرى منبوذة تُسَخَّر للخدمة كالعبيد .

الرق عند الصينيين

كان الفقراء من الصينيين القدماء يبيعون أبناءهم وبناتهم لشدة فقرهم وحاجتهم. وكان للسيد الحق في بيع من لديه من الأرقاء وأولادهم . وقد عرف الصينيون بالذكاء والحكمة والرقة والمروءة والإنسانية . فالرقيق في الصين كان يعامل بشكل أفضل كثيرًا من نظرائهم في أوروبا.

الرق عند الإغريق

Ancient Greek art, showing a slave giving a mother her child.

وفى أثينا كانت هناك طبقات ثلاث : طبقات المواطنين والغرباء والعبيد . ويقدر سويداس Suidas عدد العبيد الذكور وحدهم بمائة وخمسين ألفًا ، معتمدًا في تقديره على خطبة معزوة إلى هبيريدس ألقيت في عام 338 ق م، وإن لم تكن نسبتها إليه موثوقًا بصحتها . ويقول أثيديوس : إن تعداد سكان أتكا الذى أجراه دمتريوس فاليريوس- حوالى عام 317- يقدر المواطنين بواحد وعشرين ألف، والغرباء بعشرة آلاف، والأرقاء بأربعمائة ألف. ويقدر تيموس - عام 300- عبيد كورنثة بأربعمائة وستين ألفًا، ويقدر أرسطو- عام 340- عبيد أيجينا بأربعمائة وسبعين ألفًا. ولعل السبب في ضخامة هذه الأعداد أنها تشمل العبيد الذين كانوا يعرضون للبيع عرضًا مؤقتًا في أسواق الرقيق القائمة في كورنثة ، وإيجينا وأثينا .


وهؤلاء العبيد إما أسرى حرب ، أو ضحايا غارات الاسترقاق ، أو أطفال أنقذوا وهم معرضون في العراء ، أو أطفال مهملون، أو مجرمون . وكانت قلة منهم في بلاد اليونان يونانية الأصل ؛ وكان الهلينى يرى أن الأجانب عبيد بطبعهم لأنهم يبادرون بالخضوع إلى الملوك ، ولهذا لم يكن يرى في استعباد اليونان لهؤلاء الأجانب ما لا يتفق مع العقل؛ لكنه كان يغضبه أن يسترق يونانى !!. وكان تجّار اليونان يشترون العبيد كما يشترون أية سلعة من السلع، ويعرضونهم للبيع في طشيوز، وديلوس، وكورنثة، وإيجينا، وأثينا، وفى كل مكان يجدون فيه من يشتريهم. وكان النخاسون في أثينا من أغنى سكانها الغرباء؛ ولم يكن من غير المألوف في ديلوس أن يباع ألف من العبيد في اليوم الواحد؛ وعرض سيمون بعد معركة يوريمدون عشرين ألفًا من الأسرى في سوق الرقيق. وكان في أثينا سوق يقف فيه العبيد متأهبين للفحص وهم مجردون من الثياب، و يساوم على شرائهم في أى وقت من الأوقات، وكان ثمنهم يختلف من نصف مينا إلى عشر مينات (من 50 ريالاً أمريكيًا إلى ألف ريال) . وكانوا يشترون إما لاستخدامهم في العمل مباشرة، أو لاستثمارهم؛ فقد كان أهل أثينا الرجال منهم والنساء يجدون من الأعمال المربحة أن يبتاعوا العبيد ثم يؤجروهم للعمل في البيوت أو المصانع، أو المناجم. وكانت أرباحهم من هذا تصل إلى 33 في المائة. وكان أفقر المواطنين يمتلك عبدًا أو عبدين. ويبرهن إسكنيز Aeschines على فقره بالشكوى من أن أسرته لا تمتلك إلا سبعة عبيد؛ وكان عددهم في بيوت الأغنياء يصل أحيانًا إلى خمسين ، وكانت الحكومة الأثينية تستخدم عددًا منهم في الأعمال الكتابية وفى خدمة الموظفين، وفى المناصب الصغرى، وكان منهم بعض رجال الشرطة .


أما في الريف فكان العبيد قليلى العدد، وكانت أكثر الرقيق من النساء الخادمات في البيوت . ولم يكن الناس في شمالى بلاد اليونان وفى معظم الپلپونيز في حاجة إلى العبيد لاستغنائهم عنهم برقيق الأرض. وكان العبيد في كورنثا, ومجارا، وأثينا يؤدون معظم الأعمال اليدوية الشاقة، كما كانت الجوارى يقمن بمعظم الأعمال المنزلية المجهدة، ولكن العبيد كانوا فوق ذلك يقومون بجزء كبير من الأعمال الكتابية وبمعظم الأعمال التنفيذية في الصناعة، والتجارة، والشئون المالية. أما الأعمال التى تحتاج إلى الخدمة فكان يقوم بها الأحرار والغرباء، ولم يكن هناك عبيد علماء كما في العصر الهلنستى وفى روما، وقلما كان يسمح للعبد بأن يكون له إناء ، لأن شراء العبد كان أرخص من تربيته. وكان العبد إذا أساء الأدب ضُرب بالسوط، وإذا طلب للشهادة عُذّب، وإذا ضربه حر لم يكن له أن يدافع عن نفسه ، لكنه إذا تعرض للقسوة الشديدة كان له أن يفر إلى أحد الهياكل.


وكان فلاسفة اليونان يجاهرون بتأييدهم للرق !! ويرى أفلاطون أن العبيد لايصلحون لأن يكونوا مواطنين !! وعليهم فقط لزوم الطاعة العمياء لسادتهم أحرار أثينا !!. ولا ندرى أى مدينة فاضلة تلك التى يكون ثلاثة أرباع أهلها من العبيد !!أما تلميذه أرسطو فهو يرى أن بعض الناس خُلِقُوا فقط ليكونوا عبيدًا لآخرين!!! ليوجهوهم كما يريدون، وبعضهم خُلِقُوا ليكونوا سادة، وهم الأحرار ذوو الفكرة والإرادة والسلطان. فالعبيد خلقوا ليعملوا كأنهم آلات، والأحرار خُلِقُوا ليفكروا ويلقوا الأوامر لينفذها العبيد !! ويجب في رأى أرسطو أن يستمر هذا الاستعباد حتى يتوصل الإنسان إلى صنع آلات معدنية تحل محل الرقيق !!


وفى بلاد اليونان كان العبيد يعملون خدمًا في البيوت، ولا يسمح لهم بأن يكونوا كهنة في المعابد كما يؤكد بلوتارك المؤرخ اليونانى المعروف . وقد اعتاد قدماء الإغريق السير في البحار، وخطف من يجدونه من سكان السواحل. وكانت قبرص وصاقس وسامس والمستعمرات اليونانية أسواقًا كأثينا يباع فيها الأرقاء ويشترون. وكان العبيد يعملون لمواليهم ولأنفسهم، ويدفعون لسادتهم مقدارًا محددًا من المال كل يوم . وكان في كل منزل بأثينا عبد للقيام بالخدمة ، مهما كان صاحبه فقيرًا ، وكان المولى حر التصرف فيمن يملكهم من عبيد . وكان الرقيق إذا أخطأ عوقب بالجلد بالسوط وكلف القيام بطحن الحبوب على الرحى ، وإذا هرب كوى على جبهته بالحديد المحمى في النار .


الرق عند الرومان

إن تاريخ العبودية لدى الرومان هو بحق صفحات حالكة السواد في سجل الرق، ولا سبيل أمام المستشرقين سوى الاعتراف به بدلاً من الافتراء على الإسلام. فقد كان الرومان يحصلون عادة على الأرقاء من أسرى الحروب، وأولاد العبيد، وأولاد الأحرار الذين حكم عليهم القانون بأن يكونوا عبيدًا ، كالمدينين الذين صعب عليهم الوفاء بديونهم. وكان ثلاثة أرباع سكان الامبراطورية الرومانية من الرقيق! وفى أثناء الحرب كان النخّاسون الذين يتجرون في الرقيق يلازمون الجيوش، وكان الأسرى يباعون بأثمان زهيدة. وأحيانًا كان النخّاسون من الرومان يسرقون الأطفال ويبيعونهم ، ويسرقون النساء للاتجار بأعراضهن . وكان الرقيق في روما يقف على حجر في السوق، ويدلل عليه البائع، ويباع بالمزايدة. وكان الراغب في الشراء يطلب أحيانًا رؤية العبد وهو عريان لمعرفة ما به من عيوب !! وكان هناك فرق كبير في الثمن بين العبد المتعلم والعبد الجاهل، وبين الجارية الحسناء والجارية الدميمة. وكانت الجارية الحسناء تباع بثمن غال، ولهذا انتشر الفساد الخلقى، وانتشرت الرذيلة في روما. وكان الاتجار بالجوارى الجميلات من أسباب الثراء. وكان الأرقاء قسمين : قسم ينتفع به في المصالح العامة كحراسة المبانى، والقيام بأعمال السجّان في السجن، والجلّاد في المحكمة للمساعدة في تنفيذ حكم القاضى. وحال هذا النوع أحسن من سواهم، وقسم ينتفع به في المصالح الخاصة كالعبد الذى يتخذه مولاه لقضاء الأعمال في البيت والحقل، والجارية التى يجعلها سيدها لتربية الأولاد .


وكان القانون ينظر إلى الرقيق كأنه لا شىء ، فهو ليس له أسرة، ولا شخصية، ولا يملك شيءًا. والعبد وما ملكت يداه لسيده . ويتبع الرقيق أمه حين الوضع، فإذا كانت حرّة كان حرًّا ، وإذا كانت رقيقة كان رقيقًا . وكان لمالك الرقيق الحرية المطلقة في التصرف مع عبده كما يتصرف في الحيوانات التى يملكها فإذا أخطأ العبد عاقبه سيده كيفما شاء ، أو بأية وسيلة شيطانية تخطر له على بال !! فكان يقيده بالسلاسل ويكلفه مثلاً بحرث الأرض وهو مكبل بالحديد، أو يجلده بالسياط حتى الموت ، أو يعلقه من يديه في مكان مرتفع عن الأرض بينما يربط أثقالاً برجليه حتى تتفسخ أعضاء جسمه !! أو يحكم عليه بمصارعة وحوش كاسرة – كالأسود والنمور – تم حبسها وتجويعها أيامًا طوال كى تكون أشد افتراسًا وفتكًا بالعبيد البائسين الذين قُدّر عليهم أن يلقوا حتفهم بهذا الأسلوب الذى يقشعر له بدن الشيطان !!


ولم تكن هناك أية عقوبة في القانون الرومانى تُطبق على السيد الذى يقتل عبده أبدًا، فالقانون الرومانى كان ينص على أن العبد هو أداة ناطقة !! وكانوا يعتبرون الرقيق مجرد "أشياء" وليسوا بشرًا ذوى أرواح وأنفس !! وكان منظرًا عاديًا لديهم أن يشاهدوا جثثًا مصلوبة على جذوع الأشجار لعبيد شاء سادتهم المجرمون شنقهم، أو تعليقهم هكذا بلا طعام ولا شراب حتى الموت ، أو حرقهم أحياء ، أو إجبارهم على العمل الشاق وأرجلهم مقيدة بالسلاسل عراة تحت أشعة الشمس الحارقة !! وكانت الفقرة المحببة لدى الرومان في الأعياد والمهرجانات هى المبارزات الحية بكل الأسلحة الفتَّاكة بين العبيد حتى يهلك الأعجل من الفريقين !! وتتعالى صيحات المجرمين الرومان إعجابًا أو تلتهب الأكف من التصفيق الحاد حين يتمكن أحد العبيد من تسديد طعنة نافذة في جوف القلب تقضى على غريمه !!

ويقول م.ب تشارلز ورث في كتابه "الامبراطورية الرومانية" : (كان هناك - دون شك – الحاكمون بأمرهم ، فقد أصر سيد على أن يقف العبيد حول المائدة صامتين ، وكان يعاقب من يسعل منهم أو يعطس بالجلد !! واعتادت إحدى السيدات أن "تعض" جواريها في نوبات غضبها ، وكانت أخريات يأمرن بجلد الجارية إذا لم تُحسن تصفيف شعر سيدتها !! وألقى أحد العبيد المعذبين بنفسه من فوق سطح المنزل فخر صريعًا هربًا من السباب وإهانات سيده المتوحش، وطعن أحد العبيد الهاربين من الجحيم نفسه حتى الموت حتى لا يعود إلى الرق مرة أخرى. ومثل هذه الحوادث كثير). وكان من الطبيعى أن تندلع ثورات عارمة احتجاجًا على وحشية السادة الرومان تجرى فيها دماء الطرفين أنهارًا ، لكنها للأسف كانت تنتهى بمقتل جميع العبيد الثائرين، والويل لمن يبقى حيًا حتى ممن لم يشاركوا في التمرد !! ومازلنا نذكر الأعمال الفنية الرائعة التى خلدت ثورات العبيد المطحونين ، ومن أشهرها فيلم "سبارتاكوس محرر العبيد" وغيرها، وكذلك العشرات من الكتب والأبحاث العلمية والتاريخية التى دونت فظائع الاستعباد في أوروبا. والعجيب أن أولئك الذين يتطاولون على الإسلام يعتريهم الخرس التام ، ولا يعلقون ببنت شفة على تاريخ آبائهم الأسود بهذا الصدد !! .

القرون الوسطى

في القرون الوسطى كان الأرقاء في فرنسا وإيطاليا والجزر البريطانية وأسبانيا القديمة يكلفون بالأعمال الزراعية من حرث وزرع وحصد؛ لأن الأعمال اليدوية في نظرهم كانت محتقرة لا يقوم بها الأحرار !! وكان الأرقاء في ألمانيا يقدمون إلى سادتهم مقادير معينة من القمح أو الماشية أو الملابس . وكان لكل عبد مأوى يقيم فيه ، ويدبّر أحواله كما يريد . وكان الفرنج – وهم الألمان الذين يقيمون على جانبى نهر الراين الأسفل – يعاملون الأرقاء أقسى معاملة ، فإذا تزوج حرّ رقيقة أجنبية صار رقيقًا مثلها، وإذا تزوجت حرّة رقيقًا أصبحت رقيقة، وفقدت الحرية التى كانت تتمتع بها . وفى لمبارديا كانت الحرّة إذا تزوجت رقيقًا حكم عليهما بالإعدام .

ولدى الأنجلوسكسون – وهم الأمم الجرمانية التى تناسل منها الإنجليز – كان الأرقاء ينقسمون قسمين : قسم كالمتاع يجوز بيعه ، وقسم كالعقار يقوم بحرث الأرض وزرعها ، ويباح لهم جمع مال يدفعونه لسادتهم . وكانت نظرة الأوروبيين إلى العبيد حتى القرن التاسع عشر أنهم لا روح لهم ولا نفس ، ولا إرادة . فإذا اعتدى زنجى على سيده أو على حر من الأحرار ، أو سرق أى شىء كان القتل جزاء له . وإذا هرب عوقب بقطع أذنه في المرة الأولى، وكوى بالحديد المحمىِّ في المرة الثانية ، وقتل في الثالثة . وإذا قتل المالك رقيقه فللقاضى الحق في أن يحكم ببراءة المالك ! ولا يجوز لغير البيض اكتساب العلم والمعرفة . وكان القوط وغيرهم من القبائل في أوروبا يحكمون على الحرّة التى تتزوج من عبد بالحرق معه !! وفى قوانين قبائل الأسترغوط يحكمون بالقتل على الحرّة التى تتزوج بعبد وأولادهم جميعًا يسترّقون إن حدث إنجاب قبل قتلهم .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الرق في الإسلام

13th century slave market in Yemen
Capt. William Bainbridge paying tribute to the Dey of Algiers. Gradually in the 18th century slave raids became less frequent, but the Barbary pirates continued to enslave captured crews. Payments in ransom and tribute to the Barbary states amounted to 20% of United States government annual revenues in 1800.[1]

في العصور الحديثة

Child Slavery: Trafficked children as young as 2 years old are forced to work up to 18 hours a day as camel jockeys across the Arab countries of the Middle East


أفغانستان

A Persian-speaking Hazara slave in the court of Pashtun king Abdur Rahman

شمال أفريقيا

قراصنة الساحل البربري

The Slave Market (c. 1884), painting by Jean-Léon Gérôme


أفريقيا جنوب الصحراء

Slaves being transported in Africa, 19th century engraving.


Brazil

A Guaraní family captured by Indian slave hunters. By Jean Baptiste Debret


أمريكا الشمالية

Slavery in American colonial law

الحرب الأهلية

Peter, a slave from Baton Rouge, Louisiana, 1863. The scars are a result of a whipping by his overseer, who was subsequently discharged. It took two months to recover from the beating.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

آسيا

شبه القارة الهندية


حركات إلغاء الرق

Proclamation of the abolition of slavery by Victor Hughes in the Guadeloupe, 1 November 1794


انظر أيضاً

عام
شخصيات
مثل عليا ومنظمات
غيرهم

المصادر

  • التاريخ الأسود للرق في الغرب لحمدي شفيق
  1. ^ Oren, Michael B. (2005-11-03). "The Middle East and the Making of the United States, 1776 to 1815". Retrieved 2007-02-18.
  2. ^ McElrath, Jessica, Timeline of Slavery in America-African American History, About.com, URL last accessed 2006-12-06.

وصلات خارجية