إبراهيم النظام

(تم التحويل من النظّام)
العالم المسلم
إبراهيم بن سيار (إبراهيم النّظام)
اللقبالنظّام
ميلاد185 هـ/777
البصرة، الدولة العباسية
وفاة221 هـ/836
بغداد، الدولة العباسية
الأصل العرقيعربي
الديانةمسلم
المذهبالمعتزلة
تأثيراتالجاحظ
تأثراتالعلّاف - أبو بكر الأصم - الفراهيدي

هو إبراهيم بن سيّار بن هانئ النظّام البصري، وُلد سنة 185 هـ/777م في البصرة، تتلمذ على يد أبي هذيل العلاف في الاعتزال، ثم انفرد عنه وكوّن له مذهباً خاصاً (النظامية)، وكان أستاذ الجاحظ، توفي وهو شاب في نحو السادسة والثلاثين من عمره سنة 221 هـ/836م في بغداد.

کان من الکبار الفقهاء، المثقفین، المفکرین الإسلامی وهو من أکابر المعتزلة. حتی قیل هو اکبر شخصیات المعتزلة. یقول الأستاذ أحمد أمین : «و قد کان المعتزلة بعده عیال علیه»(ضحی الإسلام3/126) قال الجاحظ فی جزء الرابع من (الحیوان): «إنّهُ لولا مكانَ المتكلمين لهلكت العوامّ من جميع الأمم، ولولا مكانُ المعتزِلة لهلكت العَوَامُّ من جميع النِّحل، فإن لم أقل، ولولا أصحابُ إبراهيمَ وإبراهيمُ لهلكت العوامُّ من المعتزلة» ویقول ایضاً: «الاوائل یقولون انه یکون فی کل ألف سنة رجل لا نظیر له، فإن کان ذلک صحیحاً، فهو أبو إسحاق النظّام»(فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة/ص265)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

وهو تلميذ أبي الهذيل العلاف، وكان في زمان شبابه قد عاشر قوماً من الثنوية (القائلين بإلهين اثنين: النور والظلام) وقوماً من السمنية القائلين بتكافؤ الأدلة، وخالط بعد كبره قوماً من ملاحدة الفلاسفة، ثم خالط هشام بن الحكم الرافضي، فأخذ عن هشام، وعن ملاحدة الفلاسفة قولهم بإبطال الجزء الذي لايتجزأ، ثم بنى عليه قوله بالطفرة (الانفجار) التي لم يسبق إليها وهْمُ أحد قبله. وأخذ من الثنوية قولهم إن فاعل العدل لا يقدر على فعل الجور والكذب، وأخذ عن هشام بن الحكم قوله إن الألوان، والطعوم، والروائح، والأصوات أجسام، وبنى على هذه البدعة القول بتداخل الأجسام، وقد اتهم بعض أهل السنة بالزندقة.


نبوغه

بيتين من شعر ابراهيم النظام
بيتين من شعر ابراهيم النظام

كان النظّام آية في النبوغ: حدة ذهن، وصفاء قريحة، واستقلال في التفكير، وسعة اطلاع، وغوص على المعاني الدقيقة، وصياغة لها في أحسن لفظ وأجمل بيان، وكان في ذلك كله أقدر من أستاذه العلاف.

ووصفه الجاحظ بقوة الحجة فقال: كان أبو شمر (أحد المتكلمين) إذا نازع لم يحرك يديه ولا منكبيه، ولم يقلب عينيه، ولم يحرك رأسه، حتى كأن كلامه يخرج من صدع صخرة، وكان يقول: ليس من المنطق أن تستعين عليه بغيره.. حتى كلمه النظّام فاضطره بالحجة وبالزيادة في المسألة، حتى حرّك يديه وحلّ حبوته، وحبا إليه حتى أخذ بيديه، ففي ذلك اليوم انتقل أيوب من قول أبي شمر إلى قول النظّام.

یقول الخطيب البغدادي عنه: «وكان أحد فرسان أهل النظر والكلام على مذهب المعتزلة وله في ذلك تصانيف عدة وكان أيضا متأدبا وله شعر دقيق المعاني على طريقة المتكلمين وأبو عثمان الجاحظ كثير الحكايات عنه»(تاریخ بغداد/ترجمة3131). قال الجاحظ في نعته: «ما رأیت أحداً اعلم بالکلام والفقه من النظّام»(فضل الاعتزال/ص264). وذکر ابن المرتضى انه قد حفظ القرآن والتوراة والانجیل والزبور وتفسیرها، مع الکثرة حفظه للأخبار والاشعار واختلاف الناس فی الفتیا(فضل الاعتزال/الطبقة السادسة ص264).

عقليته

كتاب "إبراهيم بن سيار النظام وآراؤه الكلامية الفلسفية" لمحمد عبد الهادي أبو ريدة
كتاب "إبراهيم بن سيار النظام وآراؤه الكلامية الفلسفية" لمحمد عبد الهادي أبو ريدة (للقراءة انقر الصورة)

كان النظّام يمتلك عقلية قوية سابقة لزمانها، فيها الركنان الأساسيان الذان سببا النهضة الحديثة في أوروبا، وهما الشك والتجربة، أما الشك فقد كان النظّام يعتبره أساساً للبحث، فكان يقول: ((الشاكّ أقرب إليك من الجاحد، ولم يكن يقين قط حتى صار فيه شك، ولم ينتقل أحد من اعتقاد إلى اعتقادٍ غيره يكون بينهما حال شك))، وأما التجربة فقد استخدمها كما يستخدمها الطبيعي أو الكيماوي اليوم في معمله، فيروى عنه أنه اتصل بمحمد بن علي بن سليمان (أحد أمراء البيت العباسي) وشاركه في تجربة علمية، وهي أن يسقي الخمر لعدد من الحيوانات المختلفة ليرصد أثره عليها.

ثم هو أبعد ما يكون عن الخرافات، يبحث الأمور بعقله في هدوء وطمأنينة، ويحارب أوهام العوام، ويقيم على ذلك الأدلة، فتراه مثلاً يحارب التطير والتشاؤم، فيقص لذلك قصة لطيفة، ذكرها الجاحظ في الحيوان.

أدبه

و كان له ناحيتان بارزتان: ناحية أدبية، وناحية كلامية أو لاهوتية، وقد روي عنه الكثير مما يبين ذلك..

من ذلك ما رواه ابن نباتة في سرح العيون، والجاحظ في الحيوان: أنه دخل وهو صغير على الخليل بن احمد، وفي يد الخليل قدح زجاج، فقال له الخليل: صف هذه الزجاجة، قال: أبمدح أم بذم؟ قال:بمدح، قال: تريك القذى، ولا تقبل الأذى، ولا تستر ما وراءها، قال: فذمها، قال: يسرع إليها الكسر ولا تقبل الجبر، قال فصف إليّ هذه النخلة - وأومأ إلى نخلة في داره - قال: بمدح أم بذم؟ قال: بمدح، قال: حلوٌ جناها، باسق منتهاها، ناضر أعلاها، قال: فذمها، قال: صعبة المرتقى، بعيدة المجتنى، محفوفة بالأذى، فقال الخليل: يا بُني، نحن إلى التعلم منك أحوج.

و أُثرت عنه الجُمل القصيرة اللطيفة، كقوله - وقد ذُكر عنده عبد الوهاب الثقفي -: ((هو أحلى من أمن بعد خوف، وبرء بعد سقم، وغنى بعد فقر، ومن طاعة المحبوب، وفرح المكروب، ومن الوصال الدائم، والشباب الناعم)). ومن كلامه: ((العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلَّك، فإذا اعطيته كلك فأنت من إعطائه لك البعض على خطر)). وسمع يوماً وقع الصواعق ودويّ الريح فقال: ((اللهم إن كان عذاباً فاصرفه، وإن كان صلاحاً فزد فيه، وهب لنا الصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، اللهم إن كانت منّحة فمن علينا بالعصمة، وإن كان عقاباً فمن علينا بالمغفرة)). كما أن له شعر رقيق مبثوث في كتب الأدب.

آراؤه

هو من أئمة المعتزلة الكبار المشهورين المتميزين في بعض قضايا العقيدة وأصول الفقه. وهو زعيم فرقة «النظّامية» الاعتزالية إذ انفرد عن أصحابه بآراء خاصة، ومن أصحابه: الفضل الحَدْثي وأحمد بن خابط، قال الراوندي: إنهما كانا يزعمان أن للخلق خالقين: أحدهما قديم وهو الباري تعالى، والثاني: مُحْدَث وهو المسيح، عليه السلام، لقوله تعالى: "وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ" (المائدة 109) وكذّبه الكعبي في رواية الحدثي خاصة لحسن اعتقاده فيه.

وأهم آرائه الخاصة ثلاثة عشر رأياً، موجزها:

الأول ـ أنه زاد على القول بالقدر خيره وشره من البشر قوله: إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي، وليست هي مقدورة للباري تعالى، خلافاً لأصحابه، فإنهم قضوا بأنه قادر عليها، لكنه لا يفعلها لأنها قبيحة.

ورأى النظّام أن في تجويز القبيح منه تعالى قبحاً، فيجب أن يكون مانعاً، ففاعل العدل لا يوصف بالقدرة على الظلم.

الثاني ـ في الإرادة قال: إن الباري تعالى ليس موصوفاً بها على الحقيقة، لأنه خالقها ومنشئها على حسب ما علم، وإذا وصف بكونه مريداً لأفعال العباد فالمعنى أنه آمرٌ بها وناهٍ عنها.

الثالث ـ إن أفعال العباد كلها حركات فحسب، والحركة عنده مبدأ تغير ما، لا حركة النقلة.

الرابع ـ إن الروح جسم لطيف مشابك للبدن مداخل للقلب بأجزائه مداخلة المائية في الورد، والدهنية في السمسم، والسمنية في اللبن.

الخامس ـ إن كل ما جاوز حد القدرة من الفعل فهو من فعل الله تعالى، أي بخلق الله تعالى بإيجاب الخلقة، أي بما طبع الله تعالى الشيء عليه كالحجر ونحوه.

السادس ـ وافق الفلاسفة في نفي وجود الجزء الذي لا يتجزأ، سابقاً في هذا اكتشاف نظرية الذرة، وأن كل شيء قابل للتجزئة ما عدا الإلكترون.

السابع ـ إن الجواهر (مفردها: جوهر وهو ما خلقت عليه جبلّته، وهو في علم الفلسفة: ما قام بنفسه، ويقابله العَرَض: وهو ما يقوم بغيره) مؤلفة من أعراض اجتمعت، فالألوان والطعوم والروائح في رأيه أجسام، وفي رأي غيره أعراض.

الثامن ـ إن الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه اليوم، معادن، ونباتاً، وحيواناً، وإنساناً، ولم يتقدم خلق آدمu خلق أولاده.

التاسع ـ يقول في إعجاز القرآن بالصِّرْفة، أي إن الله تعالى منع العرب جبراً وتعجيزاً عن مضاهاة القرآن، حتى لو خلاهم لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله بلاغة وفصاحة ونظماً.

العاشر ـ يقول في الإجماع (اتفاق المجتهدين بعد النبيr في عصر من العصور على مسألة شرعية) ليس بحجة في الشرع، وكذلك القياس (إلحاق أمر بأمر لعلة مشتركة) في الأحكام الشرعية لا يجوز أن يكون حجة، وإنما الحجة في قول الإمام المعصوم أي كالشيعة.

الحادي عشـر ـ يميل إلى مذهب الروافض في التشـنيع على كبار الصحابة، ويقول: لا إمامة إلا بالنص والتعيين ظاهراً مكشوفاً، وقد نص النبيr على إمامة عليt في مواضع. وانتقد عثمانt، وعاب علياً وعبدالله بن مسعودt وغيرهما، وافترى على عمرt بأنه ضرب فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها.

الثاني عشر ـ يقول بالتحسين والتقبيح العقلي قبل ورود الشريعة، فعلى كل عاقل أن يعمل بما يستحسنه العقل، وترك ما يستقبحه العقل.

الثالث عشرـ قال في مسائل الوعد والوعيد زاعماً أن من خان في مائة وتسعة وتسعين درهماً بالسرقة أو الظلم لم يفسق بذلك حتى تبلغ خيانته نصاب الزكاة وهو مائتا درهم فصاعداً.

یقول الأستاذ أحمد أمين: «فکان لایؤمن بالإجماع وکان قلیل الایمان بالقیاس وقلیل الایمان بصحة روایة الحدیث، ویکاد لا یؤمن بأصل إلا القرآن والعقل»(ضحی الإسلام3/126). والنظّام کسائر المعتزلة ینتقد أهل الحديث والحشویة وتبعاً لذلك اکثر المحدثین هجموا وافتروا علیه وینسبون الیه الاکاذیب.

ینقل عنه المتکلمین آراء المختلفة فی علم الكلام والفلسفة والفقه. مثلا: بطلان حجیة الاجماع ونفی حد الرجم(انظروا: إكمال المعلم شرح صحيح مسلم لالقاضي عياض/کتاب الحدود ـ باب حد الزنی)، بلاشک انکار حدالرجم هو موقف الاکثر المتقدمین من الفقهاء المعتزلة الذین انکروا تخصیص القرآن بخبر الواحد(انظروا: المحصول فی اصول الفقه لقاضی ابن العربي المالکی/کتاب التأویل ـ مسألة الثالثة)(ایضاً: فقه الاستدلالی فی الخلافیات للعلامة الغروی الاصفهانی).

وفاته

يقول الخياط: «ولقد أخبرنی عدّة من أصحابنا أن إبراهیم قال وهم یجود بنفسه: اللهم إن کنت تعلم أني لم أقصّر فی نصرة توحیدك ولم أعتقد مذهباً من المذاهب اللطیفة إلّا لأشد به التوحید، فما کان منها یخالف التوحید فأنا منه بريء. فاغفر لي ذنوبي وسهّل عليّ سکرة الموت.» (الانتصار/ص41،42)(فضل الاعتزال و../ص264)

انظر أيضاً

المصادر

اقرأ نصاً ذا علاقة في

النظام