الغموض المثرائي

Double-faced Mithraic relief. روما، القرن 2-3م، (متحف لوڤر)

الغموض المثرائي Mithraic Mysteries، هي ديانة غامضة كانت تمارس في الامبراطورية الرومانية منذ حوالي القرن 1 حتى القرن 4 الميلادي. اسم الإله الفارسي مثرا ( مترا الهندية الإيرانية الأولية)، دخلت اليونانية باسم مثراس، وارتبطت بالتماثيل الجديدة والمميزة. أشار كتاب من عهد الامبراطورية الرومانية لهذا الدين الغامض بعبارات يمكن تعريبها على أنها غموض مثراس أو غموض الفرس؛[1][2] يشير إليها المؤرخون المعاصرون بالمثرائية،[1] أو في بعض الأحيان المثرائية الرومانية.[3][4] كان هذا الغموض شائعاً في العسكرية الرومانية.[5]

كان المتعبدون المثرائيون لهم نظام معقد من سبع درجات من طقس العبور، بوجبات طقسية. العابرون يطلقون على أنفسهم اسم syndexioi، هؤلاء "يتحدون عن طريق المصافحة".[6] يلتقون في معابد تحت الأرض (يطلق عليها مثرايا)، ويعيشون في أعداد كبيرة. يبدو أن مركز التعبد كان في روما.[7]

Mithras killing the bull. (Louvre-Lens)
Rock-born Mithras and Mithraic artifacts. (Diocletian Baths Museum)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسم مثراس

Bas-relief of the tauroctony of the Mithraic mysteries, Metz, France.

كانت عبادة مثراس الإله الذكر تنتقل في هذه الأثناء من فارس إلى أقصى تخوم الإمبراطوريّة الرومانية؛ وكان مثراس هذا في المراحل المتأخرة من الدين الزرادشتي إبن أهورا- مزدا إله النور، وكان هو أيضاً إلهاً للنور، والحق، والطُهر، والشرف؛ وكان يُقال أحياناً إنه هو الشمس، وإنه يقود الحرب العالمية ضد قوى الظلمة، وإنه يشفع على الدوام لأتباعه عند أبيه، ويحميهم، ويُشجّعهم في كفاحهم الدائم للشر والكذب، والدَنَس، وغيرها من أعمال أهرمان أمير الظلام. ولمّا أن نقل جنود بمبي هذا الدين من كبدوكيا إلى أوربا صوّر فنان يوناني مثراس راكعاً على ظهر ثور يطعنه في خنجر في عنقه، وأضحت هذه الصورة هي الرمز الرسمي لذلك الدين.

وكان اليوم السابع من كل أسبوع يوماً مقدساُ لإله الشمس، وكان أتباعه يحتفلون في الأيام الأخيرة من ديسمبر بمولد مثراس "الشمس التي لا تُغلَب" والإله الذي نال نصره السنوي على قوى الظلمة في يوم الانقلاب الشتائي، والذي بدأ من ذلك اليوم يفيض على العالم ضياء يزداد يوماً بعد يوم. ويحدّثنا ترتليان Tertullian عن كهنة مثراسيين على رأسهم "حبر أكبر"، وعن عزّاب وعذارى في خدمة الإله؛ وكانت القرابين تقرب إليه على مذبحه في كل يوم، كما كان عباده يشتركون في تناول طعام مقدّس من الخبز والنبيذ؛ وكانت الإشارة التي يختتم بها عيده هي دقّات ناقوس. وكان يُحتفظ على الدوام بنار متّقدة أما القبو الذي يمثل فيه الإله الشاب يطعن الثور بخنجره. وكان الدين المثراسي يحضَ على الخلق الكريم، ويطلب إلى "جنوده" ألا ينقطعوا طول حياتهم عن محاربة الشر في جميع أنواعه. ويقول كهنته أن الناس كلّهم سيحشرون لا محالة أمام مثراس ليحكم بينهم، ثم تسلّم الأرواح الدنسة إلى أهرمان لتعذب على يديه عذاباً أبدياً، أما الأرواح الطاهرة فترتفع خلال طباق سبعة حتى تصل إلى بهاء السماء حيث يستقبلها أهورا-مزدا نفسه. وانتشرت هذه الأساطير التي تبعث في نفس أصحابها الأمل والقوة في القرنين الثاني والثالث من التاريخ الميلادي في غربي آسية، وانتقلت منه إلى أوربا (متخطّية بلاد اليونان)، وشادت معابدها متجهة نحو الشمال حتى وصلت إلى سور هدريان. [8]


أوجه الشبه مع المسيحية

وروع الآباء المسيحيين ما وجدوه من أوجه الشبه بين دينهم وبين المثراسية، وقالوا إن الثانية قد سرقت هذه العبادات عن المسيحية، أو أنها في المثرائية حيل مضللة احتال بها عليهم الشيطان (صورة من أهرمان). وليس من السهل أن تعرف أي الدينين أخذ عن الآخر، ولعل الاثنين قد تسربت إليهما أفكار كانت وقتئذ منتشرة في جو بلاد الشرق.

وكان في كلا الدينين العظيمين اللذين يسودان إقليم البحر الأبيض المتوسط "طقوس خفية" تتخذ عادة صورة احتفالات تطهير، وتضحية، وتثبيت، ووحي، تدور كلها حول موت الإله وبعثه. وكان الأعضاء الجدد يدخلون في دين سيبيل بوضعهم عراة في حفرة يُذبح فوقها ثور، فيسقط دم الحيوان الذبيح على الطالب الجديد ويطهره من خطاياه ويهبه حياة روحية جديدة خالدة إلى أبد الدهر. وكانت أعضاء التذكير في الثور، وهي التي تمثل الخصوبة المقدسة، توضع في إناء خاص، وتُهدى إلى الإلهة. وكان في المثراسية طقس شبيه بهذا يعرفه العالم اليوناني والروماني القديم باسم الثوربليوم Taurobolium أو رمى الثور. ويصف أبوليوس في عبارات جزلة رائعة المراحل التي يمر خلالها خادم إيزيس- فترة الصوم المبدئية الطويلة، والورع والتقشّف، والتطهير بالانغماس في الماء المقدس، ثم تظهر له في آخر الأمر الرؤيا الصوفية للإلهة لتهبه النعيم الأبدي. ويلتزم الطالب في إلوسس أن يعترف بخطاياه (وقد كان هذا مما أخاف نيرون وأفقده شجاعته)، وأن يصوم بعض الوقت عن أنواع خاصة من الأطعمة، ويستحم في الخليج ليتطهر من الدَنَس الجسمي والروحي، ثم يقرّب القربان، وهو في العادة خنزير. وفي عيد دمتر كان الطلاب المبتدئون يندبون معها اختطاف ابنتها إلى الجحيم، ويختصرون في أثناء حزنهم هذا على تناول الكهك المقدس، وخليط رمزي من الدقيق والماء والنعناع. وفي الليلة الثالثة تعرض مسرحية دينية تمثّل بعث برسفوني، ويعد الكاهن الذي يقوم بالخدمة الدينية كل من تطهرت روحه بأن يبعث كبرسفوني بعثاً جديداً. وقد صوّرت الطائفة الأرفية، متأثرة بالآراء الهندوكية أو الفيثاغورية، موضوع هذه الطقوس في جميع الأراضي اليونانية، فقالت ان الروح تحبس في طائفة متسلسلة من الأجساد المذنبة، وإن في مقدورها أن تنطلق من هذا التجسد الثاني المشين بأن تسمو حتى تتحد اتحاداً هيامياً بديونيشس. وكان الإخوان الأرفيون في اجتماعهم يشربون دم ثور يضحّون به للمنقذ الميّت الذي يكفّر عن خطاياهم ويوحّدون بينه وبين هذا المنقذ. وكان الاشتراك الجماعي في تناول الطعام والشراب المقدّسين من المظاهر الكثيرة الحدوث في أديان البحر الأبيض المتوسط، وكثيراً ما كان أهل هذه الأديان يعتقدون أن هذا الطعام ستحل فيه بهذا التقديس قوى الإله، ثم تنتقل منه بطريقة سحرية خفية إلى المشتركين في تناوله.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أ ب Beck, Roger (2002-07-20). "Mithraism". Encyclopaedia Iranica, Online Edition. Retrieved 2011-03-24. The term "Mithraism" is of course a modern coinage. In antiquity the cult was known as "the mysteries of Mithras"; alternatively, as "the mysteries of the Persians."…The Mithraists, who were manifestly not Persians in any ethnic sense, thought of themselves as cultic "Persians." …the ancient Roman Mithraists themselves were convinced that their cult was founded by none other than Zoroaster, who "dedicated to Mithras, the creator and father of all, a cave in the mountains bordering Persia," an idyllic setting "abounding in flowers and springs of water" (Porphyry, On the Cave of the Nymphs 6).
  2. ^ Origen, Contra Celsus, Book 6, Chapter 22. "After this, Celsus, desiring to exhibit his learning in his treatise against us, quotes also certain Persian mysteries, where he says: 'These things are obscurely hinted at in the accounts of the Persians, and especially in the mysteries of Mithras, which are celebrated among them...' " Chapter 24 "After the instance borrowed from the Mithraic mysteries, Celsus declares that he who would investigate the Christian mysteries, along with the aforesaid Persian, will, on comparing the two together, and on unveiling the rites of the Christians, see in this way the difference between them."
  3. ^ "Electronic Journal of Mithraic Studies". Retrieved 2011-03-28. The Electronic Journal of Mithraic Studies (EJMS) is a revival of the Journal of Mithraic Studies edited by Dr. Richard Gordon. It is a place where researchers on Roman Mithraism can publish the product of their research and make it freely available for other interested people. {{cite web}}: Text "Electronic Journal of Mithraic Studies" ignored (help)
  4. ^ Beck, Roger (2002- 7 -20). "Mithraism". Encyclopaedia Iranica, Online Edition,. Retrieved 2011-03-28. For most of the twentieth century the major problem addressed by scholarship on both Roman Mithraism and the Iranian god Mithra was the question of continuity. {{cite web}}: Check date values in: |date= (help)CS1 maint: extra punctuation (link)
  5. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة geden 1
  6. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة claussonhandshake
  7. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة hopfe-5
  8. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

وصلات خارجية