الصومال قديماً وحديثاً (كتاب)

الصومال قديماً وحديثاً
المؤلفحمدي السيد سالم
اللغةالعربية
الموضوعتاريخ الصومال
الناشرالدار القومية للطباعة والنشر
الإصدار1965

الصومال قديماً وحديثاً، هو كتاب من تأليف حمدي السيد سالم، نشرته الدار القومية للطباعة والنشر في القاهرة، مصر سنة 1965، ويتحدث عن تاريخ الصومال.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عن الكتاب

اقرأ نصاً ذا علاقة في

الصومال قديما وحديثا


يبحث الكتاب في التاريخ الأنثروبولوجي للطلائع الجنسية التي وفدت إلى شبه جزيرة الصومال في هجرات ماردة أو قصيرة، تبعا لضخامة عدد المهاجرين كمية ونوعا، وقوة وضعفا ، وتأخرا وحضارة، حتى أصبحت بلاد الصومال قاعدة التجمع والحشد لأجناس متباينة، وحينما وصلت الموجات الحامية إلى الصومال دفعت أمامها الموجات السابقة وأصبحت البلاد قاعدة انطلاق للعناصر البشرية المتبانية التي أعطتلأفريقيا أغلب أجناسها، كما أسهمت في تعديل الخصائص الجنسيةوالحضارية لكثير من شعوب هذها لقارة وفي الوقت نفسه، استخلصت العناصر الحامية منطقةالصومال للصوماليين فقط، وصهرتهم فيوحدة جنسية ولغوية وثقافية وحضارية، وقد تدعمت هذه الوحدة باعتناق الصوماليين للدين الإسلامي الحنيف.

وهذا الكتاب يحوي سجلا خالدا لأرضكم الطاهرة، وأمجاد أجدادكم الأولين .. لماض مجيد برزت فيه أمة بونت (الصومال) منذ أربعة آلاف عام قبل الميلاد، فعرفت بأرض الآلهة والعطور واللبان وكانت مركز أشعاع لشرق أفريقيا، ومن ثم استطاعت أن تسهم في تمدين وتحضير أمم كثيرة، بالإضافة إلى العلاقات التجارية والثقافية التي ربطتها بمواطن الحضارات القديمة .. كمصر الفرعونية، وبابل، وآشور، وفينقيا، والرومان، واليونان وإمبراطورية بيكين، والهند والمغولستان.

وهذا الكتاب ينفرد بعمل رائع وجهد كبير في إبراز ماهية الصومال الإسلامية، فمن الثابت أن الصومال أول بلد إفريقي دان بالإسلام وامتدت مراكز الدعوة الإسلامية فيه على طول السواحل الصومالية من (براوه) و(مقدشوه) على الساحلا لشرقي إلى (بربرة) و(زيلع) على الساحل الشمالي إلى (هرر) قاعدة الملك في عهد ملوك، عدل – زيلع)، ودول الطراز الإسلامي.

وقد تصدى ملوك الحبشة لتيار الإسلام المتدفق في قلب الحبشة نفسها ، خلال قرنين من الزمن حتى ظهر المجاهد الأول (أحمد جرى) الصومالي في القرن السادس عشر الذي قال عنه المستشرق الفرنسي رينيه باسه: ((أن أشهر دور من أدوار التاريخ الأثيوبي التي بقيت أخبارها محفوظة في أذهان الغربيين هو (أحمد جرى) الصومالي الذي كاد أن يحطم ويسحق النصرانية الحبشية، ويعيدها كبلاد النوبة إلى الإسلام)) فإلى الإمام (أحمد جرى) الصومالي يرجع الفضل في نشر الإسلام في ثلثي الحبشة حتى وصل إلى بلاد النوبة ، حيث حدثت حالات كثيرة في التحول إلى الإسلام.

وتعرضت الصومال للغزو الصليبي من جهة البحر، والغزو الحبشي من جهة ألبر، ولكن حفظ الله أرضنا الطاهرة وخرج الشرف الصومالي مصونا كريما، وأصبحت المدارس القرآنية في كل بقعة من أرض الصومال إلى جانب جهاد أصحاب الطرق الصوفية فيا لزوايا والمساجد لنشر الدعوة وتثبيت العقيدة ومحاربة المبشرين.

وقد تضمن الكتاب دراسات مشوقة ممتعة عن خبايا تاريخنا الحديث منذ امتداد الإدارة المصرية على ساحل الصومال الشمالي، وظهور عهد السلاطين، والانفصال، وحركة الكشف والارتياد الأوروبي للصومال، وما تلاه من تنافس وتطاحن ومناورات دولية من أجل السيطرة وبسط النفوذ، ودخلت الحبشة في ميدان الاستعمار معتمدة على قوى الاستعمار الغربي ، وتم تقسيم الوطن الصومالي إلى خمس وحدات سياسية تئن تحت وطأة الاستعمار.

وهذه الدراسات تحتوي على أكثر من سبعين اتفاقية ومعاهدة ووثيقة، سواء أكانت فردية أم ثنائية أو جماعية بشأن الحماية والاستعمار، والتفاوض والتنازل عن ممتلكات صومالية من جانب بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والحبشة، وهذه الوثائق تعتبر ثروة عظيمة تظهر لأول مرة مجتمعة في كتاب واحد وهي وثائق فيها إدانة للاستعمار، وتكشف بجلاء عما فعله في أرضنا الطيبة المسالمة من محاولات استعمارية يحطم فيها المقومات المادية والمعنوية لدى شعبنا الحر الكريم، ليظل حكمه على البلاد، ولكن سرعان ماقامت ثورات شعبية في الصومال الخمس ضد الظلم والطفيان لتحطيم الأغلال والقيود، فتجمعت الأفئدة والقلوب متجهة نحو النضال المشترك ضد الاستعمار وعملائه من رجال التبشير وأعلن ((السيد محمد عبدالله حسن)) الحرب المقدسة ضد المستعمرين والدخلاء، ودخلنا معارك الثأر والانتقام وانتصرنا في كل المعارك التي خضناها خلال الربع الأول من القرن الحالي.

ومما تجدر الإشارة إليه تناول الكتاب للمؤامرات التي عقدت وتعقد من جانب واحد – بعد الحرب العالمية الثانية – وأهمها مؤتمر سان فرانسيسكو الذي تم فيه تقسيم البلاد غير المستقلة إلى نوعين لينفذ الاستعمار إلى غرضه وهو وضع بعضها تحت الوصاية وإشراف هيئة الأمم المتحدة ((مجلس الوصاية))، كما نوه الكتاب عن طريقة تشكيل للمناورات ومسرحا لبلبلة الأفكار، ولكن خاب ظنهم لأنهم يعمدون إلى الشر، فعادوا يتخبطون في دياجير الظلام، ويأكل بعضهم بعضا. كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله . وسأترك الحديث لمن رأى الأحداث رؤية العين (( فما راء كمن سمعا ..)).

وفي الجزء الختامي من الكتاب ما أجل ما تناوله المؤلف عنحياة المجتمع من عادات وتقاليد وآداب ولغة ودين، ولم تفته الإشارة إلى الحياة الديمقراطية التي نعيشها بعد الاستقلال، فقد آرخ لحياتنا النيابية، ونظم الحكم، وسياستنا الخارجية، بالإضافة إلى التاريخ لأعمال الحكومة منذ الاستقلال في جميع المجالات الاجتماعية والثافية والاقتصادية والصحية والإعلامية ... إلخ.

ومما يسترعي النظر إشارته إلى الحركة القومية الصومالية، ودورها في تغيير مجرى الأحداث بعد الحرب العالمية الثانية، وقد حمل راية الدعوة الوطنية وعمل على إظهار القومية الصومالية إلى حيز الوجود حزب وحدة الشباب الصومالي الذي أعلن منذ مولده كحزب سياسي في عام 1947 أنه قام تحقيقا لرغبة الشعب في الاستقلال والوحدة. وقد تمكن بفضل قوته الشعبية من أن يؤلف أول وزارة صومالية في عام 1956، ومازال الحزب محتفظا بزعامته الشعبية بفضل ما يتحلى به من مبادئ وطنية ولعمله الدائب في سبيل إنعاش الحركة القومية الصومالية، والسهر على مصالح الأمة، والسعي في غير هوادة نحو الاستقلال والوحدة. كما يمكننا أن نتعرف من هذا الكتاب على النشاط العظيم لمختلف الأحزاب السياسية في الصومال من أجل الاستقلال والوحدة، وإقامة الحياة الديمقراطية السليمة في البلاد.

ويتلاقى أبناء الوطن على هدف واحد تم إعلان الجمهورية الصومالية في أول يوليو عام 1960، وبذلك انتهى عهد المناورات والمؤامرات والدسائس وظهر عهد التآخي والمحبة، فقد أصبحت البلاد في يد أبنائها، وفي ذلك قوة بعد ضعف ، وفيه تضحية وبذل، بعد أثرة، وفيه بناء ومجد بعد سلب وتحطيم، إذ دبت الحياة في الجذور وسرت في الفروع ونادي الشعب في الصومال الفرنسي، وفي الأراضي التي تحتلها الحبشة، وفي (أنفدى) بالعودة إلى الوطن الأم. فكان لابد لنا أن تستجيب لمطالب أخواننا فدخلنا في مفاوضات مع المستعمرين، وطالبنا بحق تقرير المصير، وأنكرت بريطانيا مطالب شعب (أنفدى) في الانضمام إلى الوطن الأم، فكان لابد لنا من قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع بريطانيا في مارس 1963، واضطررنا أن ندافع ببسالة عن كيان وطننا ضد الاعتداءات الحبشية في أوائل عام 1964، وأن تندد بسياسة الحبشية ضد إخواننا الصوماليين في الأراضي التي احتلتها، واستنكرنا الحلف الحبشي الذي أنشئ ضد جمهوريتنا، وكان لابد لنا من أن نعلن في كل المؤتمرات العالمية والإقليمية مشكلاتنا مع جيراننا، ورغبة شعبنا في حق تقرير المصير، وجمع شمل الأراضي الصومالية.

غير أنه اتضح لنا بعد الاتصالات التي أجريناها أخيرا مع الوفود المشتركة في مؤتمر دول عدم الانحياز الذي عقد في القاهرة في 5 أكتوبر عام 1964، أن أكثر الدول تجهل جهلا تاما أغلب القضايا الصومالية، ولا يعلم أحد بمشكلات حدودنا إلا عن طريق ما تتناقله وكالات الأنباء العالمية من مقتطفات عن حوادث الحدود، وربما تكون مشوهة لا تظهر الحقيقة. ومن ثم أدركنا أن قضايانا تتطلب توضيحات ثابتة وسمتمرة للرأي العام العالمي.

لهذا باركت هذا العمل الضخم الجبار الذي قام به الأستاذ (حمدي السيد سالم) الخبير العربي بوزارة الاستعلامات الصومالية، فأعد هذا الكتاب عن تاريخ الصومال قديما وحديثا وجاء في معظم تفاصيله الدقيقة بيان واضح عن التنافس الدولي في تقسيم أراضي الصومال وكل ذلك في أسلوب سلس متماسك، وعرض رائع في تحليله الأحداث وحقائق مدعمة بالأدلة الثابتة، ويمكنني أن أقرر أن هذه المعاهدات والاتفاقات التي وردت في كتاب تعتبر ثروة عظيمة في معرفة ألاعيب الاستعمار وتفهم مشكلة الحدود الراهنة على حقيقتها.

ولايسعني إلا أن أقدم التهنئة الحارة للمؤلف على ما بذله من جهد في خدمة قضايانا الوطنية بوضعه لهذا الكتاب. ونرجو أن يتابع أعماله المجيدة بكشف النقاب عن خبايا كنوز وطننا العزيز.

واختتم هذه المقدمة القصيرة راجيا أن أرى قريبا إخواننا وأبناءنا الصوماليين قد طرقوا ميدان التأليف والتدوين لتراثنا الخالد، ومشكلاتنا، وقضايانا، لإظهار المسألة الصومالية خالية من كل زيف فهي أمانة في أعناقنا جميعا تحاسبنا على تضييعنا الأجيال المقبلة. وفي مثل هذا العمل الجليل فليتنافس المتنافسون.


انظر أيضاً

المصادر