الشوبك (بلدة)


تقع الشوبك في الجزء الجنوبي من المملكة الأردنية الهاشمية وفي الجزء الشمالي الغربي من محافظة معان ، وتقدر مساحتها بـ 640 كم2 أي ما يعادل 2% من مساحة محافظة معان ، ويبلغ عدد سكان الشوبك حوالي 16000 نسمة موزعة في 11 قرية هي ( نجل ، الزبيرية ، المقارعية ، حواله ، جهير ، بئر خداد ، المثلث ،الفيصلية ، المنصورة ، بئر الدباغات ، البقعة ).

والشوبك بفتح الشين كلمة آرامية أمورية معناها: (تارك) و (ساكب). ويرى العبّادي أن اسم الشوبك جاء من التشابك، واستدل على ذلك بقول العماد الأصفهاني الذي مر بالقرب من الشوبك في إحدى رحلاته :

وحب مصرٍ صار حُبّاً لمن أوقعه في شبك الشوبك.

وتعني كلمة (شوبك) في اللغات السامية: مكان الشجر الكثيف الملتف. ولكن المرجح أن (الشوبك) سميت باسم عشيرة (الشوبك) وهي من قبيلة (سنجار) إحدى بطون (شمّر) خرجت من شبه الجزيرة العربية في وقت مبكر، وتنتمي إلى السليمان آل علي الذي نزح بعض أولاده إلى مصر، ونزح بعضهم الآخر، وهو سعيد بن سليمان إلى الشام، واستوطن احفاده في منطقة تتبع محافظة معان سميت فيما بعد باسمهم (الشوبك). وهناك اكثر من موقع في مصر يحمل اسم الشوبك باسم أبناء العشيرة الذين نزح بعضهم إلى هناك، منها جزيرة الشوبك وتتبع محافظة الجيزة، وفيها قرية الشوبك الشرقي وقرية الشوبك الغربي، ومنها أيضاً كفر الشوبك وهي منطقة فروجة شبين القناطر . ووصف ابن فضل الله العمري (ت 749 ه 348 ) الشوبك فذكر:

<<أنها مدينة صغيرة ذات أكواب من جداول الأنهار موضوعة، وسُرر من مقاعد الأبراج مرفوعة، وفاكهة كما قال تعالى في الجنة: لا مقطوعة ولا ممنوعة >>.

وقد كان للأيوبيين فضل كبير على الشوبك وخصوصا الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل،

<<إذ جلب إلى الشوبك غرائب الأشجار حتى جعلها تضاهي دمشق في رُوائها، وتدفق مائها، وتزيد بطيب هوائها>>.

لا يعرف أحد تاريخ بناء الشوبك بالضبط. ولكن ورد ذكرها لأول مرة إبان احتلال القائد الفارسي بغدور إذ أوردت كتب التاريخ إنه بنى فيها حصنا.

قلعة الشوبك

غابت الشوبك بعد ذلك وارتفع ذكرها إبان مملكة الأنباط إذ كانت جزءا من العاصمة النبطية البتراء وواجهتها الشمالية. وعاد ذكرها للاندثار مرة ثانية. - بقيت الشوبك بلدة أو قرية صغيرة في العصور الإسلامية، وكان معظم أهلها من المسيحيين واليهود، على رغم قربهم من دارالإسلام المتمثلة في معان والمناطق القريبة، ومع بدء الغزوات الصليبية اتخذها الصليبيون في العام 1115 مملكة أطلق عليها اسم مونتريال أي الجبل الملكي وبنا بلدوين الاول سنة 1116م قلعة الشوبك، وأصبحت بمكانة رأس حربة هي والكرك في وجه المسلمين في الجنوب الحجاز والجنوب الغربي حيث مصر.

  • استمر الإحتلال الصليبي لها حتى 1189 إذ حررها صلاح الدين الأيوبي وأصبحت مملكة إسلامية، ولأن سكانها من المسيحيين واليهود وقفوا إلى جانب السلطان المسلم ميزهم بلباس المسلمين تقديرا لهم على جهدهم، بحسب كتب التاريخ.
  • أصبحت الشوبك مركزا مهما ومدينة ضاهت في ذلك الزمان دمشق ببساتينها ومائها، ومع بداية العهد العثماني في العام 1516 بدأ في الإنحدار مرة ثانية، واضحت قرية صغيرة معرضة لهجمات البدو من كل ناحية. - في مطلع القرن الثامن عشر (1700) هاجر إليها أبناء عز الدين أبو حمرا من عائلة الرفاعي في قضاء حمص (السوري)، ونزلوا بوادي موسى أولا ثم بدأوا ارتحالهم إلى الشوبك واستقروا في القلعة بعد أن أعادوا بناءها وحولها، وتكونت منهم عشائر الملاحيم ومنها الشخيبي والبدور والدعاسين والغنميين والرواشدة، ولم يذكر ان الشحيدات من عشيرة الملاحيم او من العشائر القريبة و لكن فيما بعد انضموا لعشيرة الملاحيم ومنهم العواسا*
  • وتقول كتب الأنساب والتأريخ إن عز الدين هذا هو من النسب الشريف للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فهو عز الدين (أبو حمرا) بن إسماعيل (الصالح الأخضر) بن السيد علي (السلطان) بن السيد يحيى بن السيد ثابت بن السيد علي (الحازم أبو الفوارس) بن السيد أحمد (المرتضى) بن السيد علي (المكي المغربي الأشبيلي) بن السيد رفاعه الحسن بن السيد محمد (مهدي المكي) بن السيد محمد (أبو القاسم) بن السيد الحسن القاسم (رئيس بغداد) بن السيد الحسين (المحدث) بن السيد أحمد (الأكبر) بن السيد موسى (الثاني أبوسبحه) بن إبراهيم (المرتضى الأصغر) بن سيدنا موسى (الكاظم) بن سيدنا جعفر (الصادق) بن سيدنا محمد (الباقر) بن سيدنا علي (زين العابدين) بن سيدنا الحسن (السبط الشهيد) بن سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وذكر المؤرخ أبو الهدى الصيادي نسب عزالدين ابوحمرا إلى أنه من الحسنيين (أبناء الحسن بن علي عليهما السلام، وأكد كذلك محمد فاخر فخر الدين بأن عز الدين ونعيم و فرج أبناء أحمد بن اسماعيل الصالح من الحسينية،-
  • وتمازج أبناء ملحام بن خليفة بن نول بن منصور الأعمى بن عز الدين أبو حمرا مع سكان الشوبك الأصليين من عشائر اللواما والشقيرات وغيرهم من مسيحيين ومسلميين، لينضم إليهم فيما بعد عشائر الهباهبة والرفايعة والطورةوغيرهم. - تعرضت الشوبك خلال القرنين 1700 و1800 ومطلع 1900 لغزوات بدوية وظروف مناخيةوطبيعية تسببت في تهجير عدد كبير من سكانها إلى مصر وفلسطين وسورية وإلى شمال المملكة ووسطها طلبا للأمن والعيش بسلام.
  • هذه الطبيعة والظروف علمتهم أبناء الشوبك صفات ما زال أحفادهم يتصفون بها، كالدهاء والذكاء والدبلوماسية وحتى تغيير اللهجة وتقمص الشخصيات للتأقلم مع أي شخص أو مجموعة، فهم مع البدو بدوان ومع الفلاحين فلاحين ومع اهالي المدن مدنيين، وهو ما سمح بتعايشهم مع كل مكان عاشوا سواء في يافا أو الرملة أو غزة أو قلقيلية أو الخليل أو بيت جبرين أو دمشق أو مع قبائل البدو في منطقة مأدبا أو في السلط أو في مصر أو في الحجاز.
  • يردد الشوبكيين مقولة إن "الشراة أي جبال الشراة شرها على أهلها"، وهو ما يتضح من أن أعداد أبناء الشوبك القاطنين فيها لا يتجاوز الـ15 ألفا، في حين أن عدد المهاجرين منها منذ تشكيل الأردن الحديث والموزعين في باقي مناطق الأردن يتجاوز الستين أو السبعين ألفا.
  • ولتأكيد صفات أبناء الشوبك يروي الكبار أن حصارا ضربته القبائل البدوية على الشوبك التي كانت تضم القلعة التي كانت تضم تجارا وسكانا من عائلات الزويري و الشاويش وصلاح والغنميين (الدحيات والخشمان والمقبلييين وأبو زنيمة والغوانمة واسكندر وإنجاد والرقالين ومراحيل والجعيدي والسويركي)، إضافة إلى سكان منطقة الجاية أسفل القلعة وهم الرواشدة وسكان طور أبو راس من عشيرة البدور، واستمر الحصار على أسوار القلعة سنة كاملة، دون أن يستطيع البدو اقتحام القلعة فما كان من الشوبكيين إلا أن قام أحدهم برمي الماء من فوق الأسوار دلالة على كثرته في البئر العميقة الموجودة لديهم ما أصاب البدو بالإحباط وسحبوا رجالهم المتناثرين حول القلعة.
  • كما أن قصة أخرى يرويها الكبار أن أبناء الشوبك ضاقوا ذرعا بهجمات القبائل البدوية مثل الصخور والحويطات والسبعاوية الذين كان يطلق عليهم "الظلام" وغيرهم، خاصة أنهم لم يقبلوا أبدا دفع الخاوة مثل أهالي معان الحجازية أو أهالي العقبة أو فلاحين حوران وفلسطين، كما أنهم رفضوا أبدا التحالف مع البدو مثل أهالي وادي موسى أو الطفيلة وبعض قرى الكرك، فقرروا الحرب بالتحالف مع بعض عشائر معان الشامية وعشيرة المجالي في الكرك، ولما كان المجالية يبعدون كثيرا عن الشوبك، تقرر الشوبكيين الاعتماد على أنفسهم واستخدام أسلوب الحرب والدهاء، فذهب وفود من أبناء الشوبك وأوقعوا بالفتنة بين الحويطات والصخور، وبين الحويطات أنفسهم إذ أقنعوا عشائر من الرشايدة وغيرهم من العمارين والسبعاوية بمنحهم أراض في الشوبك شريطة محاربة القبائل معهم، وهو ما يطلق عليه الآن "الصف" أي البدو الذين انشقوا عن قبائلهم وانضموا إلى الشوبكيين، وتسنى للشوبكيين إبان حروب البدو بين بعضهم البعض إلى الالتفات إلى زراعتهم وتعليمهم بعيدا عن الحروب التي عانوا منها على مدى السنوات الماضية.
  • نتيجة الحروب والظروف أندثرت مدينة الشوبك ونشأ بدلا منها قرى عديدة هي نجل ويقطنها البدور والدحيات والجعيدي والسويريكي والحجاج وعائلات من الطورة والخشمان، وقرية البقعة التي يقطنها الخشمان وأبو زنيمة والغوامنة والشعيبات والحوارثة وعائلات من الشخيبي والجبارات والكردي، وقرى الجهير والحدادة والمنصورة يقطنها الطورة، والزبيرية ويقطنها الهباهبة وقليل من الغنميين، وقرية المثلث ويقطنها الرواشدة والرقالين وعائلات من الشقيرات والطورة واللواما، أما قرية المقارعية فيقطنها ال الزويري وهم يملكون برجين من ابراج قلعة الشوبك وذلك دلالة على مكانتهم الرفيعة والعالية من الناحية الدينية والمشايخ ومعظم عائلات الشقيرات واللواما والرواشدةوالشخيبي، بئر خداد ويقطنها الرفايعة وبئر الدباغات وسكانه بدو من العمارين وحوالة وسكانها بدو أيضا من عشائر الرشايدة. وهناك قرى مهجورة مثل شماخ والفرن وأبو مخطوب والجاية والجنينة والعراق والخريبة هجرها أهلوها إلى عمان والزرقاء والعقبة أو إلى القرى الأخرى في نفس الشوبك.


== ملحوظة: كتب هذا المقال من بعض الكتب الانساب القديمة منها والحديثة جميع الحقوق محفوظة بموجب كتاب وزارة الثقافة السورية رقم 154/584/2000 ابو علي الشيباني(ابو حمرا) سورية

''''