الاتحاد الأيبيري

خريطة الامبراطورية الاسبانية البرتغالية في 1598.
  أراضي يديرها مجلس قشتالة
  Territories administered by the مجلس أراگون
  Territories administered by the مجلس البرتغال
  Territories administered by the مجلس إيطاليا
  Territories administered by the مجلس الهند
  أراضي معيَّنة لمجلس الفلاندرز

الاتحاد الأيبيري Iberian union، كان وحدة سياسية تحكم عموم شبه جزيرة أيبريا جنوب البرانس من 1580–1640، عن طريق اتحاد بين ملوك الپرتغال وإسپانيا بعد حرب الخلافة الپرتغالية.[1] بعد أزمة الخلافة الپرتغالية، انضم الاتحاد إلى كلا التاجين، بالإضافة إلى مملتكاتهم الاستعمارية، تحت الإدارة الإسپانية. مصطلح الاتحاد الأيبيري أطلقه المؤرخون المعاصرون.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التأسيس

تميزت هذه السنوات بثلاثة أحداث في البرتغال. فقدت استقلالها، ثم استردته، وكتب كامؤنش اللوسياد. لقد شاركت أسبانيا نشوة وشراسة العقيدة، ثم سبقتها إلى الاضمحلال. وكان من أثر سرعة تطورها الاستعماري أنها استنزفت وراء البحار أكثر ابنائها مغامرة، وأهملت الزراعة أو ترك أمرها للعبيد الخائري الهمة، وفاحت في لشبونة رائحة المرتشين، والتجار الجشعين، والعمال المفلسفين، وكلهم يعيش في النهاية على الاستغلال الامبريالي أو التجارة الخارجية. واقترح الملك الشاب سباستيان، الذي ألهمه اليسوعيون الحماسة الدينية، على ابن عمته فليب الثاني الاشتراك في فتح المغرب وتنصيرها. ولكن فليب تردد لكثرة شواغله، فاقترح سباستيان أن يضطلع بالمغامرة منفردا، وحذره فيلب من قصور موارد البرتغال عن انقاذ هذه الحملة، فلما أصر سباستيان قال فليب لمجلسه، »لو كسب الحرب اصبح لنا صهرا مفلحا، ولو خسرها ىل الينا ملك حسن« وغزا سباستيان المغرب فغلب على أمره وقتل (1578) في معركة القصر الكبير. ولم يعقب سباستيان وريثاً لأنه كان أعزب وفياً لعزوبته، فولى العرش عمه الأكبر الكردينال هنري، ولكن هنري نفسه مات دون عقب عام 1280، فانتهت بذلك أسرة أفيزي التي حكمت البرتغال منذ عام 1385. [2]

هنا واتت فليب الفرصة التي ترقبها. وكان هو و فيليبرت ايمانويل أمير سافوا الوريثين المباشرين للعرش الخالي باعتبارهما حفيدي مانويل ملك البرتغال. واعترف مجلس لشبونة بفليب وريثا، وقاوم بعض المطالبين بالعرش من منافسيه بدخوله، ولكن ألفا الجبار انتصر عليهم، وفي عام 1581 دخل فليب الثاني لشبونة باسم فليب الأول ملك البرتغال. وحاول بالمجاملات والرشا ان يكسب صداقة الأمة. فنهي جيشه عن نهب الريف، وشنق الدوق ألفا من جنوده جزاء جرائم كهذه عددا كبيرا خشي معه نقصا في الحبال، ووعد فليب بابقاء الأملاك البرتغالية في يد حكام من البرتغال، وبعدم تعيين أي اسباني في منصب بالبرتغال، وبصون امتيازات الشعب وحرياته. وأوفت أسبانيا بهذه العهود مادام فليب حياً. وهكذا ورث فليب بسهولة مذهلة البحرية البرتغالية ومستعمرات البرتغال في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. وزال خط الحدود القديم الذي وسمه البابا ليفصل الممتلكات الاسبانية عن البرتغالية، واستعد أقوى ملوك أوربا، الذي ازداد الآن قوة على قوة لتدمير نفسه بغزو إنجلترا.

وبينما كانت إمبراطورية البرتغال تؤول إلى أسبانيا والهولنديين، كان اعظم شعرائها يتغنى بأمجاد فتوحها. هنا أيضا تقوم حواجز القومية واللغة سدا منيعا امام رغبتنا في الفهم. فأنى لقوم لم يربوا على التاريخ البرتغال،. ول أحسوا بمعنى الكلام البرتغالي وموسيقاه، أن ينصفوا لويز فاز دي كامؤيز- المعروف لنا باسم كامؤنش ويوفوه حقه من التقدير.

لقد عاش أغنيته قبل أن يكتبها، كان أحد أجداده جندياً شاعراً مثله، وجدته قريبة لفاسكودا جاما بطل اللوسياد، أما أبوه، القبطان الفقير، فقد تحطمت سفينته قرب جنوه ومات هناك عقب مولد لويز في لشبونة أو كويمبرا. والراجح أن الفتى درس في الجامعة، لأن قصيدته تصدح بأصداء كاتللوس وفيرجل وهوراس وأوفيد. وبدأت تجربته العاطفية في إحدى الكنائس، في لحظة تعبد، إذ تراءت له حسناء »لها وجه ناصع البياض كالثلج، وشعر في صفرة الذهب«، فتحرك فيه هاتف الشعر. ولابد أن بعض شعره ساء القصر، إذ أنه نفي إلى قرية على أعلى نهر تاجه، وهناك حلم بملحمة »تزيد البرتغال فخراً، وتثير حسد أزمير مسقط رأس هومر«(49). ولكن الحكومة التي لم تقدر شعره أرسلته إلى المنفى، أو إلى الخدمة العسكرية في سيته، وهناك فقد احدى عينيه في معركة أو عراك، ولما عاد إلى لشبونة دافع عن بعض أصحابه في مشاجرة، وطعن رجلاً من الحاشية، فزجوه في السجن ثمانية أشهر، ثم أفرج عنه في أغلب الظن بعد تعهده بالانخراط في سلك الجندية خارج البرتغال. وفي 26 مارس 1553 أبحر إلى الهند جندياً عادياً على سفينة أمير الأسطول فرناو ألفاريس كابرال، وكان يومها في التاسعة والعشرين من عمره.

واحتمل ضجر الليالي الرطبة في الرحلة التي استغرقت نصف عام ينظم القسمين الأولين من اللوسياد. وفي سبتمبر رست السفينة على جوا، وهي »سدوم« البرتغالية في الهند. واشترك في حملات كثيرة. على ساحل مليار وتجاه شواطئ جزيرة العرب، وفي ممبسة، وفي جزر الهند الشرقية، في مكاو، »سدوم« البرتغالية في الصين، وهو يصف نفسه ملوحاً بالسيف في يد، وبالقلم في الأخرى، ولقبه رفاقه بـ »ترنكافورتيس«-أي المتفاخر الطائش-ولعلهم احترموا سيفه أكثر من قلمه. وفي مكاو إلى اليوم غار يرى للزائرين على أنه المكان الذي كتب فيه كامؤنش بعض قصيدته. وتروي قصة غير مؤكدة أنه اعيد من مكاو في الأغلال بعد أن قبض عليه لأسباب لا نعرفها. وتذكر قصة أخرى (جردته من أغلاله) كيف تحطمت سفينته تجاه ساحل كمبوديا فسبح لويز إلى الشاطئ وملحمته بين أسنانه(50). على أنه فقد في غرق السفينة خليلته الصينية المحبوبة. وبعد أشهر من الشقاء وجد طريقه إلى جوا، ولكنه طرح في السجن هناك. وأفرج عنه، ثم ردّ إلى السجن بسبب الدين هذه المرة. وأطلق حاكم صديق سراحه، واستطاع الشاعر أن يستمتع برهة وجيزة بالحياة وبشتى الخليلات من كل لون. وفي عام 1567 اقترض بعض المال واستقل مركباً إلى البرتغال، ونفذت نقوده في موزمبيق، فتسكع في الفاقة عامين. ودفع بعض الأصدقاء العابرين ديونه واجرة سفره وعادوا به لشبونة آخر المطاف (1670)، وهو لا يملك من حطام الدنيا غير قصيدته.وأجري عليه الملك سباستيان معاشاً متواضعاً. وأخيراً وصلت القصيدة إلى المطبعة (1572)، واتيح لكامؤنش أن يعيش في الفقر مع السلامة ثماني سنوات. ومات في لشبونة عام 1580، ودفن مع غيره من ضحايا الطاعون في مقبرة مشتركة. وتحتفل البرتغال بذكراه في 10 يونيو، وهو يوم عطلة تذكارية، وتعتز بقصيدته »أوس لوسيادس« ملحمة قومية، وعنوانها معناه »البرتغاليون« وقد اخذ كامؤنش لفظ لوسيا من الاسم الروماني القديم للجزء الغربي من اسبانيا وهو لوزيتانيا.

أما القصة الكبيرة التلافيف فتدور حول رحلة فاسكو داجاما التاريخية (1497-99) من البرتغال إلى الهند دورانا حول راس الرجاء الصالح. وقد استهلها الشاعر بدعاء للملك سباستيان و »حوريات نهر تاجه«. ثم تمضي الفضة مع أسطول دا جاما صعدا على الشاطئ الشرقي لأفريقيا. ويرى الشاعر لزاماً عليه أن يقلد هومر وفيرجل، فترا، يصور اجتماعاً للأرباب يتناقشون فيه حول البعث، وهل يسمحون لها بالوصول إلى الهند، أما باخوس فيقولا لا، ويؤلب مسلمي موزمبيق ليهاجموا البرتغال، الذين يرسون على البر بحتاً عن الماء. وأما فينوس فتتشفع للملاحين عند جوبيتر. ويرد المغاربة على اعقابهم، ويأمر جوبيتر داجاما بالمضي قدماً. ويرسو الأسطول على شاطئ كينيا فيستقبله الأهالي بالترحاب. ويسلك الملك الوطني وفق خطة الشاعر، فيطلب إلى فاسكو أن يقص عليه تاريخ البرتغال. وبعد لأي يستجيب أمير الحبر للطلب، قيروي ماساة اينيس دي كاسترو، ويصف معركة الجبروتة الحاسمة (1385)، حيث انتزع البرتغال أولا حريتهم من اسبانيا، ويختم بإقلاع بعثته هو من لشبونة. وبينما يعبر هؤلاء المغامرون الجدد المحيط الهندي يبتليهم باخوس ونبتون بعاصفة هوجاء، وهنا يرى الشاعر الذي جاز يمثل هذه العاصفة، متجلياً في وصف مثير. ولكن فينوس تهدئ ثائرة الأمواج، ويصل الأسطول ظافراً إلى كاليكوت.

وفي رحلة العودة تعد فينوس وابنها كيوبيد وليمة للبحارة الذين نال منهم التعب، فتخرج بأمرها »ناريدات« حسان من البحر، يكدسن موائد القصر بأطايب الطعام والزهر، ويذهبن تعب البحارة بالطعام والشراب والحب:

«أي قُــبــَــل جائعة تلك التي بودلت في الغاية! وأي صوت رقيق علا بالشكوى الحنون! أي عناق لذيذ وكم من طبع حين غضوب تحول، تحولا لطيفاً بفضل هذا اللهو المرح! لقد ظلوا من مطلع الفجر حتى الظهيرة ينهلون من هذه المتع التي أحجبت فينوس فيها، والتي يؤثر الرجال أرتشافها على ذمها، بل يؤثرون ذم الذين لا يستطيعون تذوقها.»

ومخافة أن يشكو بعض البرتغاليين من أن في هذه الأبيات إهانة لمبدأ الزواج بامرأة واحدة أكد لنا كامؤنش أن هذا الغرام ليس إلا رمزاً، وأن الحوريات »لسن إلا جوائز... ترفع بها الحياة وتهذب« أيا كان الأمر، فإن البحارة يتعثرون رمزيا عائدين إلى سفنهم، ويجد الأسطول طريقه عوداً إلى لشبونة. وتختم القصيدة يتوسل إلى الملك أن يحسن جزاء الكفايات أينما كانت، وليس اقلها جدارة بالمكافأة هذه الأغنية الوطنية.

ويستطيع القارئ الاجنبي، ولو خلال ضباب الترجمة، أن يشعر بما في هذه القصيدة الرائعة من موسيقى رقراقة ونشوات غنائية، ويحس بالدم الدافئ الذي يجري في عروق جندي شاعر ينقل لنا صلابة البرتغاليين وتاريخهم الحافل بالمغامرات في أيام التوسع تلك. ويروى أن تاسو قال إن كامؤنش هو الشاعر المعاصر الوحيد الذي لا يقيس نفسه به قياس بالمطمئن الواثق؛ وقد فضل لوبي دي فيجا القصيدة على الإلياذة والأنيادة، يوم لم يكن بين الأسبانية والبرتغالية ما بينهما الآن من بون شاسع. واليوم تعد القصيدة رباط وحدة، وراية فخر ورجاء، أينما نطق الناطقون بلغة كامؤنش-في لشبونة الجميلة، وفي جوا ومكاو المنحطتين، وفي البرازيل النشيطة، المتفتحة، الرخية.


وروى أن كامؤنش قال حين نمى إليه استيلاء فليب على البرتغال، وكانت هذه آخر كلماته قبل أن يلفظ انفاسه الأخيرة »لقد أحببت وطني حبا يجعلني أموت معه. لقد سارت أمور هذا الوطن الأسير سيراً لا بأس به في حياة فليب، ولكن خلفاءه حنثوا بعهوده. واقترح أوليفارس توحيد الأمتين واللغتين، واستولت أسبانيا على معظم المكاسب. التي غلتها مستعمرات البرتغال وتجارتها، أما الإنجليز والهولنديون، الذين كانوا في حرب مع أسبانيا، فقد اسروا البرتغاليين، كما أسروا الأسبان، أو نهبوا ممتلكاتهم وأسواقهم وأساطيلهم. وملأ الأسبان المناصب البرتغالية، وملأ الأسبان الكراسي الدينية البرتغالية، وألقت محكمة التفتيش حجاباً كثيفاً على الأدب والفكر البرتغاليين.

وكان سخط الشعب يزداد كلما هبط الدخل القومي، حتى انتهى الأمر بأن قاد الأشراف والأكليروس الأمة المحنقة إلى الثورة. وأعلن الوطنيون بتشجيع من إنجلترا وريشليو، يوحنا دوق براجانزا ملكاً على البرتغال (1640). وارسلت فرنسا والهولنديون أساطيل إلى نهر تاجه لتحمي البرتغال. وكانت الحرب الخارجية قد أرهقت أسبانيا إلى حد أعجزها عن تدبير المال أو الرجال لقمع انتفاضة جارتها، ولكن حين خفت الضغوط الأخرى عليها، جردت على الحكومة الجديدة جيشين عدتهم35.000 مقاتل (1661). ولم يكن في طاقة البرتغال أن تحشد أكثر من 13.000 جندي، ولكن تشارلز الثاني ملك إنجلترا أرسل إلى البرتغال قوة يقودها القائد الألمعي فريدريك شومبيرج، وذلك لقاء عروس هي كاترين أميرة براجانزا، ولقاء مهر أجمل من العروس، ومعاهدة رابحة تبيح التجارة الحرة مع الموانئ البرتغالية في جميع القارات. وهزم الغزاة الأسبان في أيفورا (1663) ومونتس كارلوس (1665)، وفي عام 1668 اعترفت أسبانيا المنهوكة القوى باستقلال البرتغال.


تحديات الإمبراطورية الپرتغالية

تراجع الاتحاد وثورة الپرتغال

استئناف الحرب ونهاية الاتحاد


نشأة آل براگنزا

طالع أيضاً

الهامش

  1. ^ António Henrique R. de Oliveira Marques, History of Portugal. 1972, page 322. Boris Fausto, A Concise History of Brazil, page 40.
  2. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

المراجع