الإنية

الإنية inniyah ذات صلة بالأصل اليوناني Eina، وهي ثبوت الوجود ودوامه وتميزه، وهي عند الشريف الجرجاني: «تحقق الوجود العيني من حيث رتبته الذاتية». وعند صدر الدين الشيرازي: «الإنية للشيء: حقيقته بلحاظ كونه ثابتاً حافاً».[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التسمية

يقتضي الأمر هنا التفريق بين استخدامين مختلفين لهذه الكلمة: الأول وهو ما تواضع عليه المتصوفة نسبة إلى الأنا، ويرسم بفتح الهمزة: «الأنية»، وقد تكون النسبة إلى الأنا: «الأنانية» أو «الأنائية». أما الاستخدام الثاني فهو ما دُرج على عدِّه ترجمة لمصطلح من مصطلحات أرسطو وأتباعه في الفلسفة اليونانية التي نقلت إلى العربية في نهاية العصر الأموي وبداية العصر العباسي، فالكلمة إذن تسمية غير عربية الأصل بل تعد في الكلمات المولدة أو المحدثة.


النشأة

حاول الفارابي في كتاب الحروف أن يقيم تشابهاً بين الأصل اليوناني للكلمة وحرفي التوكيد: «إِنَّ» أو «أَنَّ». ويبدو أن هذا هو السبب الذي جعل المؤلفين يكتبون الهمزة بالكسرة أو بالفتحة منذ عهد بعيد وبإهمال الهمزة وحركتها. ورد مصطلح الإنية في كتاب أرسطو ما بعد الطبيعة واستخدم مبكراً بين المتكلمين والفقهاء. قال ضرار بن عمرو (ت نحو 190هـ) وأبو حنيفة (ت 150هـ): «لا يكون شيء موجود إلا وله إنية ومائية».

وهذه التفرقة بين الإنية والمائية أو الماهية تساعد في رصّ معنى الكلمة؛ وذلك لأن الإنية تفيد، كما تقدم، التوكيد والثبات، ولا تستعمل إلا في الإخبار دون السؤال. أما الماهية، فإنها تفيد ما يعقل من الشيء: «المفهوم» أو: «المعنى المجرد»، وخاصة في الإجابة عن سؤال: «ما هو؟» أو«ما؟»، سواء وجد الشيء حقاً في الخارج أم لم يوجد وكان مما يستقل به الذهن.

كذلك فإن مصطلح الإنية الذي ورد لدى الكندي والفارابي وابن سينا قد أطلق على الله بوصفه الصفة الأولى لواجب الوجود. فالله كما يقول الكندي «هو الإنية الحق». وحين أصاب الفلسفة ما أصاب الثقافة العربية الإسلامية من جمود آل هذا المصطلح مع طائفة من مصطلحات مبحث الوجود (الأنطولوجية) إلى مؤلفات علم الكلام (وخاصة مع الإيجي والجرجاني والتفتازاني). وحديثاً عاد الاهتمام بهذا المصطلح لدى تحقيق النصوص العربية الفلسفية تحقيقاً علمياً. فقد رأى عبد الرحمن بدوي أن رسم هذه الكلمة يجب أن يكون كالتالي: «آنية»، على أنها ترجمة صوتية للأصل اليوناني وذلك مراعاة منه، على ما يبدو، للكيفية التي قرأها بها طه حسين، وقد رفض محمد عبد الهادي أبو ريدة هذا الرسم الذي يمكن أن يكون نسبة لكلمة «آن» الزمانية. كما انتقد أبو ريدة الرأي الذي أدلى به بطريرك أنطاكية وسائر المشرق أغناطيوس يعقوب الثالث الذي اعتقد أن اشتقاق الكلمة مأخوذ من اللغة السريانية.

وما تزال المشكلة قائمة حتى اليوم بين المشتغلين بالتراث وفي أوساط المستشرقين سواء في رسم الكلمة أم في معانيها ومن معاني الكلمة الأخرى، الوجود أو الكينونة، وتأتي كذلك بمعنى الهوية. وهذا التوسع أو عدم الدقة في معناها يعود إلى الفلسفة اليونانية التي استعملت هذا المصطلح وسواه لمعان مختلفة.

المصادر

  1. ^ بكري علاء الدين. "الإنية". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-06-19.