أريوپاگيتيكا

(تم التحويل من الأريوباجيتيكا)
الصفحة الأولى من طبعة 1644 من كتاب أريوپاگيتيكا Areopagitica

أريوپاگيتيكا: خطبة السيد جون ملتون في حرية الطباعة غير المرخصة، إلى پرلمان إنگلترة Areopagitica; A speech of Mr. John Milton for the Liberty of Unlicenc’d Printing, to the Parlament of England هي ورقة مجادلة نثرية في 1644 كتبها الشاعر والدارس والمؤلف المجادل الإنگليزي جون ملتون معارضاً الترخيص والرقابة على المطبوعات. وتُعـَد أريوپاگيتيكا ضمن أكثر الدفاعات الفلسفية المحركة للعواطف والمؤثرة، على مر التاريخ، عن مبدأ الحق في حرية الكلام والتعبير. وتـُعتبر أحد أبلغ الدفاعات التي كـُتبت عن حرية الصحافة لأن العديد من المبادئ المذكورة فيها تشكل الأساس للتبريرات الحديثة لهذا الحق.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة

"ندم اُرستيز ومطاردة ربات الانتقام له (دون دليل)". بريشة بوگرو. استنجاد اُرستيز دعى الإلهة أثينا لتشكيل مجلس أريوپاگوس للمحاكمات الناجزة، والتي برأت اُرستيز، وهو موضوع مسرحية اليومنيديات لإسخيلوس.
فرايني أمام الأريوپاگوس، يكشف عنها الخطيب هايپريدس في القرن الرابع ق.م.. بريشة جان-ليون جيروم، ح. 1861

أريوپاگيتيكا نُشرت في 23 نوفمبر 1644، في أوج الحرب الأهلية الإنگليزية. العنوان مشتق من أريوپاگيتيكوس (باليونانية: Ἀρεοπαγιτικός)، الخطبة التي كتبها الخطيب الأثيني اسقراط في القرن الخامس ق.م. (أريوپاگوس هي ربوة في أثينا، وكانت موقع محاكمات حقيقية وأسطورية، وكانت اسم مجلس طمح اسقراط لاسترجاع سلطاته). ومثل اسقراط، لم يكن لدى ملتون نيه إلقاء خطبته شفهياً. بل بدلاً من ذلك، فقد وُزِّعت كملزمة، مخالفةُ نفس الرقابة على المطبوعات التي كانت تجادل ضدها. وكپروتستانتي، فقد ساند ملتون المشيخيين في الپرلمان، ولكنه في هذا العمل يجادل بقوة ضد أمر الترخيص عام 1643، والذي يطالب فيه البرلمان المؤلفين أن يحصلوا على رخصة توافق عليها الحكومة قبل أن يُنشر عملهم.

في 13 أغسطس 1644، تحدث القس المشيخي هربرت پالمر أمام مجلس العموم، واقترح علناً حرق رسالة ملتون عن الطلاق. ولم تحرق الرسالة؛ ولكن شكوى بالمر ربما أدت "بشركة المكتبات" التي تضم كل باعة الكتب الإنجليز، إلى لفت نظر مجلس العموم (24 أغسطس) إلى أن الكتب والنشرات تخالف القانون الذي يتطلب تسجيلها وإجازتها بمعرفة الشركة. وكان هذا القانون قد صدر في عهد اليزابث، كما أن البرلمان كان قد جدد العمل به في 14 يونيه 1643، بإصداره أمراً ينص على:

Cquote2.png أنه لا يطبع كتاب أو نشرة أو ورقة، أو أي جزء من شيء من هذا القبيل، أو يعرض للبيع، قبل التصديق على نسخة منه وإجازته، من أشخاص يعينهم لهذا الغرض أحد المجلسين أو كلاهما معاً، وقبل أن يسجل في السجل المعد لذلك في شركة المكتبات، طبقاً لما جرى عليه العرف من زمن بعيد.

ويعاقب أي خرق لهذا القانون بالقبض على من تولوا التأليف والطبع.

Cquote1.png


الكتاب

وكان ملتون يهمل دوماً تسجيل ما ينشره نثراً. وعلى الرغم من أن كتابه "مبدأ الطلاق ونظامه" ظهر بعد صدور الأمر سالف الذكر بشهرين، فإنه تجاهل ما يقضي به. وربما كان شاعرنا ذا حظوة لدى البرلمان لأنه ناصره في صراعه مع الملك، على أن البرلمان على أية حال، تغاضى عنه وحده ولكن الأمر ظل سيفاً مسلطاً على رأسه وعلى رؤوس سائر المؤلفين في بريطانيا. وبدى لملتون ضرباً من المحال أن يزدهر الأدب في ظل مثل هذه الرقابة. فماذا يجدي خلع ملك وتحطيم نظام أسقفي استبدادي قاسٍ، إذا استمر البرلمان والكنيسة على التدقيق والتحقيق في كل كلمة يتفوه بها الإنجليز؟. وفي 24 نوفمبر 1643 أخرج درن تسجيل أو إجازة أروع أعماله النثرية "أريوپاگيتيكا: حديث من جون ملتون عن حرية المطبوعات دون إجازة، إلى برلمان إنجلترا" وليس في هذا الحديث قذف ولا طعن ولا نقد لاذع، بل كان على مستوى عالٍ من اللغة والفكر وفيه يطلب إلى البرلمان بكل إجلال واحترام، أن يعيد النظر في قانون الرقابة، من حيث أنه ينزع إلى "تثبيط الهمم في سبيل العلم والمعرفة، ويعوق بل يقضي على أي إبداع واكتشاف يمكن أن يخرج في المستقبل إلى حيز الوجود في مجال الحكمة الدينية والمدنية كليهما." ثم يستطرد في قطعة مشهورة قيمة:

Cquote2.png لست أنكر أنه من أعظم صلاحيات الكنيسة والدولة أن ترقب بعين يقظة كيف تحط الكتب من قدرها ومن أقدار الناس، ومن ثم يحتجز أو تسجن أو تطبق أقصى ما تقضي به العدالة على عوامل الشر لأن الكتب ليست أشباه ميتة إطلاقاً، بل أن فيها من الفعالية والحيوية ما يجعلها نشيطة في مثل نشاط النفس التي أنتجتها. ليس هذا فحسب، بل أنها كذلك، تحفظ، وكأنما تحفظ في قنينة، أبقى عصارة بدقة مؤثرة للفكر الحي الذي نمّاها وأبدعها. وإني لأدرك أنها نشيطة قوية الإنتاج مثل أسنان التنين الخرافية إذا نثرت على الأرض هنا وهناك انبعث منها رجال مسلحون (هكذا تقول الخرافة). ومن جهة أخرى، فإنه إذا لم يكن ثمة حيطة وحذر، فأن قتل الإنسان يعدل تقريباً قتل الكتاب الجيد. إن من يقتل رجلاً يقتل مخلوقاً عاقلاً على صورة الله، على حين أن من يدمر الكتاب الجيد، يقتل العقل نفسه، بل يقتل صورة الله، في صميمها. وكم من إنسان يعيش حملاً ثقيلاً على الأرض، ولكن الكتاب الجيد هو دم الحياة الغالي للروح السامية يصان ويختزن، قصداً لحياة وراء الحياة. حقاً أن أي عصر لن يستطيع استعادة الحياة، وقد لا يكون في هذا خسارة، ولا تعوض ثورات العصور في الغالب عن فقدان حقيقة منبوذة، ساءت حال أمم بأكملها من أجل افتقارها إليها.

وينبغي لذلك أن نكون حذرين يقظين لأي اضطهاد نصبه على الأعمال الحية لمشاهير الرجال البارزين، وكيف نبدد حياة الرجل الناضج المحفوظة المختزنة في كتاب. فإذا رأينا عملاً من أعمال القتل يرتكب على هذه الصورة، وهو في بعض الأحيان استشهاد، إذا امتد هذا إلى كل الإنتاج حتى ينتهي الأمر إلى مذبحة، فمن ثم لا ينتهي الإعدام عند خنق الحياة الفطرية، بل ينفذ إلى الجوهر السماوي الخامس البالغ الرقة، أي روح العقل ذاته، فيقضي على الخلود أكثر ما يقضي على مجرد حياة.

Cquote1.png

ويستشهد ملتون بالنشاط الفكري في أثينا القديمة، حيث لم تفرض الرقابة إلا على الكتابات التي تتضمن إلحاداً أو قذفاً، وهكذا حكم قضاة محكمة أريوباجوس العليا بإحراق كتب پروتاگوراس، وبنفيه خارج البلاد، لمقالة بدأها بالاعتراف بأنه لا يدري "إذا كان هناك آلهة أم لا". ويمتدح ملتون حكومة روما القديمة لإتاحتها قدراً كبيراً من الحرية للكتاب، ثم يصف نمو الرقابة في روما الإمبراطورية والكنيسة الكاثوليكية. ويحس ملتون بأن قانون الرقابة هذا تشتم من رائحة "البابوية"

Cquote2.png وما فائدة أن تكون رجلاً، لا مجرد تلميذ في مدرسة، إذا كنا فقط هربنا من الدُرة أو العصا لنقع تحت نير الرخصة (للطباعة)؟ إن الحكومات ومراقبيها ليسوا معصومين من الخطأ، فليس لهم أن يفرضوا ما يروق لهم أو ما يفضلونه من آراء ومبادئ على الناس، والأولى أن يتركوا الناس ليختاروا ويتعلموا، حتى ولو كلفتهم التجربة والخطأ أبهظ الثمن.

إني لا أستطيع أن امتدح فضيلة مفروضة عليها الحماية والرقابة، لا يمارسها أحد ولا ينشق عبيرها أحد، لا تنطلق قط لترى خصومها، بل تتسلل بمعزل عن الناس. أعطني الحرية لأعرف وأتحدث وأناقش، بلا قيد، وفقاً لما يمليه الضمير، فوق كل الحريات..ومع أن كل رياج المذاهب والمبادئ أطلقت لتهب على الأرض، حتى إذا دخلت الحقيقة إلى الميدان، أسأنا إليها بالرقابة والحظر، لنشكك في قوتها، فلنتركها مع البهتان يتصارعان، فمن ذا الذي رأى يوماً أن الحقيقة تنهزم في معركة حرة مفتوحة؟

Cquote1.png

ومهما يكن من أمر فإن ملتون لا يطالب بالحرية المطلقة للمطبوعات، فهو يؤمن بأن الإلحاد والتشهير والفحش يجب أن يحرمها القانون، ويرفض التسامح مع الكاثوليكية لأنها عدو للدولة، ولأنها هي نفسها موصومة بالتعصب. وفيما عدا ذلك، فإن الدولة التي تسود فيها حرية الفكر والكلام لابد أن ترقى وتنمو فيها سائر الأشياء سواء بسواء.

Cquote2.png يخيل إلي أني أرى بعين البصيرة أمة كريمة قوية تستيقظ وتنفض النوم عن جفونها، مثل رجل قوي يفيق من سباته، وتهز خصلات شعرها. ويبدو لي أني أراها مثل نسر، يجدد شبابه ويفتح عينيه الحادتين في وقت الظهيرة. Cquote1.png

رفض البرلمان للرسالة

ولم يلتفت البرلمان لدفع ملتون أو حجته، بل على النقيض من ذلك، سن قوانين تصاعدت صرامتها (1647، 1649، 1653) ضد إصدار مطبوعات غير مرخصة. وشكا أعضاء شركة المكتبات من أن ملتون لم يكن قد سجل "الأريوباجيتيكا". وعين مجلس اللوردات اثنين من رجال القضاء لمساءلته، ولسنا نعرف النتيجة. ولكن من الواضح أنهم لم يزعجوه، لأنه كان صوتاً ذا نفع وقيمة للبيوريتانيين المنتصرين.

رفضه الحق الإلهي للملوك

وفي فبراير 1649، أي بعد إعدام تشارلز الأول بأسبوعين اثنين، نشر ملتون رسالة عن "ولاية الملوك والحكام"، ارتضى فيها نظرية العقد الاجتماعي التي تقول بأن سلطة الحكومة مستمدة من سيادة الشعب، وأنه من حق من يملكون السيادة أن يحاسبوا أي طاغية أو ملك شرير، وعزله وإعدامه، بعد إدانته إدانة عادلة". وبعد شهر واحد دعاه مجلس الدولة في الحكومة الثورية ليكون "سكرتير المجلس للغات الأجنبية". فنحي ملحمته جانباً، ليتفرغ لمدة أحد عشر عاماً، لخدمة جمهورية البيوريتانيين وحكومة "الحماية" على عهد كرومول.

مقتطفات

فالكتب ليست أشياءً ميتة تماماً، بل تحتوي على امكانية الحياة داخلهم، لأن يكونوا نشطين كالروح التي يخلقونها؛ فهم يحتفظون بالأفكار، كما لو كانت في أنبوب، في أنقى صور ومستخلصات الفكر الحي الذي أنجبهم.

... as good almost kill a Man as kill a good Book; who kills a Man kills a reasonable creature, Gods Image; but hee who destroyes a good Booke, kills reason it selfe, kills the Image of God, as it were in the eye. Many a man lives a burden to the Earth; but a good Booke is the pretious life-blood of a master spirit, imbalm'd and treasur'd up on purpose to a life beyond life.

And though all the windes of doctrin were let loose to play upon the earth, so Truth be in the field, we do injuriously, by licencing and prohibiting to misdoubt her strength. Let her and Falshood grapple; who ever knew Truth put to the wors, in a free and open encounter.

He that can apprehend and consider vice with all her baits and seeming pleasures, and yet abstain, and yet distinguish, and yet prefer that which is truly better, he is the true warfaring Christian.

I cannot praise a fugitive and cloister'd vertue, unexercis'd & unbreath'd, that never sallies out and sees her adversary, but slinks out of the race, where that immortall garland is to be run for, not without dust and heat.

Lords and Commons of England, consider what Nation it is whereof ye are, and whereof ye are the governours: a Nation not slow and dull, but of a quick, ingenious, and piercing spirit, acute to invent, suttle and sinewy to discours, not beneath the reach of any point the highest that human capacity can soar to.

اعطني حرية أن أعرف، أن أتكلم، أن أناقش بحرية بما يرتضيه ضميري، قبل كل الحريات الأخرى.

الاشارات المعاصرة إلى أريوپاگيتيكا

انظر أيضاً

الهامش

للاستزادة

  • Edited by Rosenblatt, Jason P. (2011). Milton's Selected Poetry and Prose : authoritative texts, biblical sources, criticism. New York: W.W. Norton & Co. pp. 337–380. ISBN 9780393979879. {{cite book}}: |last= has generic name (help)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية