تتراكوردون

تتراكوردون Tetrachordon (من اليونانية τετράχορδον "four stringed")، نشرها جون ميلتون مع كولاستريون في 4 مارس 1645. بهذا العنوان الرمزي يحاول ميلتون الربط بين المقاطع الأربعة في الكتاب المقدس لترشيد إباحة الطلاق.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

في "الحجة الداحضة المتواضعة" كان الأسقف هول قد اتهم ملتون بأنه يسعى لشهرة أدبية، ويعلن عن مواهبه وقدراته وتجاربه وثقافته وبيئته السابقة، أملاً في الفوز "بأرملة ذات ثراء" أو أية جائزة أخرى. وفي "الرد" عليه عمد ملتون إلى تسفيه هذه الفكرة والتنديد بها، وقال أنه على النقيض من ذلك، "نشأ في بحبوبة من العيش" واتفق في الرأي مع "أولئك الذي يؤثرون في حكمه وتبصر وبروح طيبة، عذراء غير ذات ثراء عريض، وذات أصل كريم، على أغنى الأرامل". وبينما انساقت إنجلترا إلى الحرب الأهلية (1642)، انطلق ملتون إلى الزواج (1643).

لم ينضم ملتون إلى جيش البرلمان، وعندما اقتربت القوات الملكية من لندن (12 نوفمبر 1642) نظم قصيدة (سونيت) يشير فيها على قادتها أن يحموا بيت الشاعر وشخصه؛ كما فعل الإسكندر الأكبر مع الشاعر بندرا من قبل، واعدا إياهم بأن ينشر على الملأ شعراً "حسن صنيعهم". على أن القوات الملكية ردت على أعقابها. ولم يمس بيت ملتون بأذى، وبقي ليستقبل زوجته.

وكان ملتون قد التقى بماري باول في فورست هل في أكسفوردشاير، حيث كان والدها قاضي الصلح. وهذا الوالد، ريتشارد باول كان قد اعترف من قبل، في 1627، بأنه مدين لملتون، وكان آنذاك في كمبردج، بمبلغ 500 جنيه، خفف فيما بعد إلى 312، ولكن لم يسدد بعد. والظاهر أن الشاعر قضى عند أسرة باول شهراً (مايو-يونية 1643) ولسنا ندري ليسترد الدين أو يحظى بزوجة. وربما أحس جون وهو في الرابعة والثلاثين، بأنه قد آن الأوان للزواج والنسل، وواضح أن ماري كانت تتحلى بالعذرية التي ينشدها. وفاجأ أبناء أخته بعودته إلى لندن متأبط ذراع زوجته.

ولم تدم السعادة طويلاً لأحد. فقد كره أبناء الأخت ماري كدخيلة عليهم، وكرهت هي كتب ملتون، وافتقدت أمها و "القدر الكبير من الصحبة والأنس والبهجة والرقص..." الذي كانت تنعم به في فورست هل. ويقول أوبري:

Cquote2.png "كثيراً ما كانت تسمع أبناء الأخت هؤلاء يضربون فيتعالى صراخهم مذ رأى ملتون أن ماري محدودة التفكير ضيقة الأفق ليس لديها سوى النزر اليسير من الأفكار، التي هي في جملتها ملكية، فإنه انصرف ثانية إلى كتبه. وتحدث فيما بعد عن "شريكة حياة بكماء جامدة كئيبة لا روح فيها"، ورثى "للإنسان الذي يجد نفسه مرتبطاً بأوثق رباط بهيكل من طين وبلغم، كان يأمل منه أن يكون شريك مجتمع تملؤه السعادة والبهجة والسرور." Cquote1.png

ويعتقد بعض الباحثين في الزواج غير المتكافئ أن ماري أبت عليه البناء بها. وبعد شهر طلبت السماح لها بزيارة والديها، فوافق ملتون، مع التفاهم بينهما على عودتهما. ولكنها ذهبت ولم ترجع. وبعث إليها برسائل تجاهلها، ولما لم يجد أي متنفس آخر لمشاعره، كتب ونشر دون توقيع "مبدأ الطلاق ونظامه" (أغسطس 1643)، وأهداه إلى "برلمان إنجلترا والجمعية" أي جمعية وستمنستر التي كانت تصوغ آنذاك اعترافاً بالمذهب المشيخي. وتقدم إلى البرلمان برجاء أن يتحلل من أغلال التقاليد، ويسير بالإصلاح قدماً، بإقرار أسس أو شروط أخرى للطلاق، غير الزنى، وعرض أن يوضح:

Cquote2.png أن التصور، وعدم الأهلية أو تنافر العقول الناشئ عن سبب طبيعي لا يتسنى تغييره، مما عوق، والأرجح أنه كثيراً ما يعوق إلى الأبد، مزايا الحياة الزوجية، وهب السلوى والبهجة والهدوء والطمأنينة، نقول أن هذا سبب للطلاق أقوى من البرودة الزوجية الطبيعية، لا سيما إذا لم يكن هناك أطفال، وكانت هناك موافقة من الطرفين. Cquote1.png

واقتبس ملتون القانون اليهودي القديم الذي ورد في التوراة (سفر التثنية 24-1) "إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها، فإن لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيء. وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته". وأوضح أن السيد المسيح رفض هذا الجزء من شريعة موسى. فقد جاء في إنجيل متي (5-31،32) "وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم أن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني"، واحتج ملتون بأنه "المسيح لم يقصد أن يؤخذ كلامه بمعناه الحرفي، كلمة بكلمة"، وكثيراً ما أعلن أنه لم يأت ليغير مقدار ذرة من شريعة موسى. وكافح ملتون حتى يجعل تفسيره الواسع يشمل قضيته الشخصية، حتى أنه ذهب إلى حد تبرير الطلاق لعدم القدرة على الإسهام في حديث مناسب معقول. "لأن عدم الصلاحية والتخلف في العقلية التي تنفر من الزواج، يمكن أن تهبط بالزواج إلى "حالة أسوأ من حياة الوحدة الموحشة" حيث تكون النفس النابضة بالحياة مربوطة إلى مجرد جثة.[1]

ونفد الكتاب الصغير بسرعة، لأنه قوبل باستنكار عام. وفي فبراير 1644 نشر ملتون طبعة مزبدة منقحة ظهر اسمه في جرأة وشجاعة.


الورقة

ورد على ناقديه في أسلوب العالم المتفقه، في تتراكوردون، ثم في أسلوب أخف في كولاستريون (صدر كلاهما في 4 مارس 1645)، تناولهم فيهما بأقسى القدح والألفاظ المقذعة-كتلة من الطين، خنزير، خنزير بري، ذو أنف بشع، محام له مخ الديك، حمار صفيق، بغيض، كريه الرائحة لقد استطاع ملتون في الصحيفة الواحدة أن يقفز من مرتفعات بارناسوس إلى أحط مهاوي السفاهة والبذاءة.

وحيث أخفق في أن يحصل من البرلمان على تعديل في قانون الطلاق، اعتزم أن يتحدى القانون، ويتخذ زوجة ثانية، وكان يفضل مسن دافيز التي لا يعرف عنها شيئاً إلا أنها رفضته. ولما ترامت شائعات هذه الخطبة إلى مسامع ماري باول قررت أن تستعيد زوجها ، على أي الأحوال، حلوها أو مرها، قبل فوات الأوان. وذات يوم بينما كان ملتون في زيارة لصديق فاجأته ماري وجثت بين يديه وتوسلت إليه أن يعيدها إلى مخدعه وبيته. وتردد هو، ولكن أصدقاءه ناصروا قضيتها، فقبل عودتها إليه. وانتقل الآن إلى بيت أوسع في باربيكا ستريت، ضمها كما ضم أباه وتلاميذه. وسرعان ما جاء أبواها أيضاً مع الشاعر، بعد أن تدهورت حالهما بهزيمة الملكية، مما جعل هذا البيت أقرب ما يكون إلى دار للمجانين، أو الفلاسفة. وزاد الأمر ضغثاً على أبالة في 1646، مولد طفلة ملتون الأولى آن. وخفف من هذه الفوضى موت ريتشارد پاول في يولية، كما أن جون ملتون الأكبر (الوالد) اختتم حياته المديدة الكريمة في مارس التالي. ومن ثم أصبح الشاعر وريثاً لمنزلين أو ثلاثة في لندن، ولبعض المال، وربما لبعض العقارات في الريف. وفي 1647 فض ملتون مدرسته وانتقل مع زوجته وابنته واثنين من أبناء أخته إلى "هاي هلبورن ستريت" وفي 1648 ولدت له ابنته الثانية ماري.

آراء نقدية

الهوامش

  1. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

المصادر

  • Miller, Leo. John Milton among the Polygamophiles. New York: Loewenthal Press, 1974.
  • Milton, John. Complete Prose Works of John Milton Vol II ed. Don Wolfe. New Haven: Yale University Press, 1959.
  • Patterson, Annabel. "Milton, Marriage and Divorce" in A Companion to Milton. Ed. Thomas Corns. Oxford: Blackwell Publishing, 2003.