أحمد وعمر ابنا يونس بن أحمد الحراني

أحمد وعمر ابنا يونس بن أحمد الحراني طبيبان من بلاد المغرب ، رحلا إلى المشرق في دولة الناصر في سنة330 هـ ، وأقام هنالك عشرة أعوام ودخلا بغداد ، وقرأا فيها على ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الصابئ كتب جالينوس عرضاً وخدما ابن وصيف في عمل علل العين وانصرفا إلى الأندلس في دولة المستنصر باللّه وذلك في سنة 351 هـ ، وغزوا معه غزواته إلى سنة اثنتين وانصرفا وألحقهما في خدمته بالطب واسكنهما مدينة الزهراء واستخلصها لنفسه دون غيرهما ممن كان في ذلك الوقت من الأطباء ، ومات عمر بعلة المعدة ورمت له فلحقه ذبول من أجلها ومات وبقي أحمد مستخلصاً وأسكنه المستنصر في قصره بمدينة الزهراء وكان لطيف المحل عنده أميناً مؤتمناً يطلعه على العيال والكرائم وكان رجلاً حليماً صحيح العقل عالماً بما شاهد علاجه ورآه عياناً بالمشرق ، وتوجه عند المستنصر باللّه لأن المستنصر كان نهماً في الأكل وكان يحدث له في أكله تخمة لكثرة ما كان يتناول من الأكل وكان صنع له الجوارشنات الجادة العجيبة وكان وافقه في ذلك موافقة وأفاد مالاً عظيماً وكان ألكن اللسان رديء الخط لا يقيم هجاء حروف كتابه وكان بصيراً بالأدوية المفردة وصانعاً للأشربة والمعجونات ومعالجاً لما وقف عليه‏.‏ قال ابن جلجل ورأيت له اثني عشر صبياً صقالبة طباخين للأشربة صنّاعين للمعجونات ما بين يديه وكان قد استأذن أمير المؤمنين المستنصر أن يعطي منها ما احتاج من المساكين والمرضى فأباح له ذلك وكان يداوي العين مداواة نفيسة وله بقرطبة آثار في ذلك وكان يواسي بعلمه صديقه وجاره والمساكين والضعفاء وولاه هشام المؤيد باللّه خطة الشرطة وخطة السوق ومات بحمى الربع وعلة الإسهال وخلف عما قيمته أزيد من مائة ألف دينار.