آية التطهير



آية التطهير هي الآية الثالثة والثلاثين من سورة الأحزاب في القرآن الكريم؛ وهي التي يستدل بها الشيعة على عصمة أئمتهم من أهل البيت. والآية هي:

إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيرا سورة الأحزاب : آية 33

.

وقد ذكرهم الرسول في عدة نصوص واردة عنه، واكتسب هذا المصطلح اهميته وشهرته نتيجة اختلاف المذاهب الإسلامية في تفسير ماهية اهل البيت الذين ذكرهم القرآن وبينهم الرسول.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ماهو التطهير ؟

الطهارة التي ذكرها الله لا تنصرف فقط إلى التطهير العرفي - بحيث يكون المقصود هو تطهير اجسام اهل البيت من النجاسات المادية والامراض ومسبباتها وما ينتج عنها - وان كان يدخل في مصداق التطهير الا انه من المؤكد ان المراد من التطهير الذي نصت عليه الاية هو في الدرجة الأولى التطهير مما ذكره القرآن نفسه بعنوان كونه رجسا، فـالرجس في القرآن يشمل كل ما نهى عنه القرآن وصنفه ذنباً سواء كان فعلا أو معتقدا أو خُلقاً أو حتى شعوراً سكن القلب ولم تجرؤ عليه بقية الجوارح، فهذه جميعها رجس وتأكيد الاية على التطهير بالتأكيد يشملها جميعها. و هذا هو المعنى الظاهر للعصمة، أي التنزه عن جميع اشكال الرجس والموبقات وهي اختصت فقط باهل البيت وبنص القرآن. وقد اتفقت الشيعه في أهم كتبها المعتبرة على أن الآية جاءت في وصف أهل بيت النبي، وأنها نزلت في سياق تلك الواقعة المعروفة التي اجتمع فيها رسول الله (صلى الله علية وآله) مع علي والزهراء والإمام الحسن والإمام الحسين .[1]


ام سلمة ليست من اهل البيت

يروي أهل السنة أن الآية حين نزلت سـألت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه واله فيما إذا كانت من جملة أهل البيت أم لا، فأجابها النبي: لا، ولكنك على خير. وام سَلمة هي إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وآله ولها مكانة جليلة عند جميع المسلمين حيث تعد في مركزها عند اهل السنّة بعد خديجة وعائشة وهي عند الشيعة من أجل زوجات النبي بعد خديجة.

اما مصادر هذا الحديث لا تقتصر على كتاب أو اثنين، بل هي كثيرة في روايات أهل السنة.).[1] من ذكر الحديث وباى كتاب

كيف وردت هذه الاية؟

ولكن هذه الآية [رغم أن الحديث الشريف قد بينها] تأتي في سياق آيات أخرى، تتحدث قبلها وبعدها عن نساء النبي : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا، يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا، يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا، وَإذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)) (الاحزاب: 28-34)

و الملاحظ في الايات ان الضمير في جميعها مؤنث (إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ)، (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ)، (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ)، (وَإذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ) وهو يدل على ان المخاطب فيها هنّ زوجات النبي. لكن الذي يحدث بعد عدة ايات هو ظهور الضمير المذكر في النص حين نصل إلى قوله تعالى (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) .[1]

ما الذي حصل ؟

ولمّا كان القرآن لا يأتي بشيء جزافا، فإن ما حصل يتمثل بما يلي:

  • لقد تم الحديث هنا عن "أهل البيت" في حين كان السياق قبل ذلك منصرفا إلى نساء النبي (يا نساء النبي). وبذلك تبدل عنوان - الخطاب - من "نساء النبي" إلى" أهل بيت النبي".
  • تغير الضمير تبعا لذلك من التأنيث إلى التذكير. ولم يحصل ذلك عبثا أو اعتباطا ولم يأت على سبيل اللغو، بل لا بد أن تكون هناك قضية أخرى يريد أن يتحدث عنها النص، غير تلك التي تضمنتها الآيات السابقة.
  • لقد تضمنت الآيات قبل آية التطهير وبعدها، معاني التكليف والأمر لنساء النبي، فالنص يأمر نساء النبي ويضعهن بين حال الخوف والرجاء، فيرجيهن بالثواب على فعل الخير، ويخوفهن بالعقاب من فعل الشر.

أما مفاد آية التطهير فهو غير مفاد الآيات التي سبقتها والتي تلتها، وآية التطهير جاءت تتجاوز المدح لتتحدث عن التنزيه عن الذنوب والمعاصي، والتطهير من الموبقات. فالمخاطب في آية التطهير هم "أهل البيت" أما في الآيات التي سبقتها وتلتها، فالمخاطب "نساء النبي". والضمير يختلف تبعا لذلك، فقد جاء بصيغة التذكير في آية التطهير، فيما جاء بصيغة التأنيث في بقية السياق. بيدَ أن الذي حصل مع ذلك أن هذه الآية التي جاء مفادها مختلفا عما قبلها وبعدها، دُرِجت ضمن تلك الآيات وقطع بها سياقها، تماما كالجملة المعترضة التي ينطق بها متحدث ثم يعود لسياق موضوعه.).[1]


تُسمى الآية ( 33 ) من سورة الأحزاب بآية التطهير و هي قول الله عز و جل : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [1] . قصة نزول آية التطهير :

تؤكد مصادر الحديث و التفسير على أن هذه الآية قد نزلت في خمسة هم :

1. النبي محمد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) .

2. الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .

3. السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) .

4. الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .

5. الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .

ففي صحيح مسلم بالإسناد إلى صفية بنت شيبة قالت : خرج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) غداة و عليه مِرْط [2] مرحّل [3] من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [4] ، [5] .

و في مسند أحمد بن حنبل ، عن أم سلمة أن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة .

  • [6] فدخلت بها عليه فقال لها : إدعي زوجك و ابنيك ، قالت : فجاء علي و الحسن و الحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة و هو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري ـ قالت ـ و أنا أصلي في الحجرة ، فأنزل الله عَزَّ و جَلَّ هذه الآية : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ .
  • [7] قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال :

اللهم إن هؤلاء أهلُ بيتي و خاصتي فأًذهِب عنهم الرجسَ ، و طَهِّرهم تطهيراً ، اللهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي فأذهِب عنهم الرجسَ و طَهِّرهُم تطهيراً . قالت : فأدخلتُ رأسي البيت فقلت : و أنا معكم يا رسول الله ؟ قال : " إنك إلى خير إنك إلى خير " .

  • [8] و هناك أحاديث عديدة بصيغٍ مختلفة بهذا المضمون حول آية التطهير ذكرها العلماء في ما يتجاوز عن الخمسين كتابا من كتب التفسير و الحديث ، نذكر منهم على حسب المثال :

1. الترمذي : أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة المتوفى سنة : 279 هجرية في صحيحه : 4 / 351 حديث 3205 ، طبعة : دار الكتاب العربي/ بيروت .

2. الحاكم الحسكاني : عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ، من أعلام القرن الخامس الهجري ، في كتابه شواهد التنزيل : 2 / 13 ، طبعة : منشورات الأعلمي بيروت .

3. الحاكم النيسابوري : أبو عبد الله محمد بن محمد المتوفى سنة : 405 هجرية في كتابه المستدرك على الصحيحين : 3 / 146 و 147 ، طبعة : دار المعرفة / بيروت .

4. ابن الأثير : عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري المتوفى سنة : 630 هجرية في كتابه أسد الغابة : 7 / 343 ، طبعة دار الكتب العلمية / بيروت .

5. الواحدي : أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري المتوفى سنة : 468 هجرية في كتابه : أسباب النزول : 203 ، طبعة المكتبة الثقافية / بيروت .

6. العسقلاني : ابن حجر المتوفى سنة : 852 هجرية في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة : 4 /568 ، طبعة دار الجيل / بيروت .

نقاط ذات أهمية :

و لا بُدَّ هنا من الإشارة إلى نقاط ذات أهمية هي :

1. إن الآية تدلّ على عصمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) إذ المقصود من الرجس مطلق الذنوب و الآثام و الأدناس ، كما أن المقصود من التطهير هو التنزيه من كل ألوان المعاصي و الذنوب ، و التزكية من جميع أنواع الأدناس و الأقذار.

  • [9]

2. إن إرادة التطهير في الآية تختص بأهل البيت ( عليهم السَّلام ) دون غيرهم و ذلك لأن الآية صدّرت بأداة الحصر " إنما " .

3. إن تخصيص هؤلاء الخمسة دون غيرهم بهذه المكانة العالية الرفيعة ليس عفويا ، بل هو تعبير عن إعداد إلهي هادف لبيان الوجود الإمتدادي في حركة الرسالة ، و هذا الوجود لا يمثله إلا أهل البيت ( عليهم السَّلام ) لإمتلاكهم جميع الخصائص و الكفاءات التي تؤهلهم لذلك .

[1] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .

[2] المِرْط : كساء من صوف أو خزّ أو كتان يؤتزر به .

[3] مُرَحَّل : ضرب من برود اليمن .

[4] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .

[5] صحيح مسلم : 4 / 1883 حديث : 2424 ، طبعة بيروت .

[6] الخَزِيرَة : حساء من لحم ودقيق .

[7] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .

[8] مسند احمد بن حنبل : 6 / 292 ، طبعة : بيروت .

[9] راجع تفسير الدر المنثور و تمعَّن في الأحاديث التي أوردها المؤلف الجليل عند ذكره لهذه الآية

سرّ المسألة

مواضيع ذات علاقة

مراجع

  1. ^ أ ب ت ث الإمامة، الشهيد مرتضى المطهري.