العمر النسبي

(تم التحويل من Relative dating)
Permian through Jurassic stratigraphy of the Colorado Plateau area of southeastern Utah is a great example of Original Horizontality and the Law of Superposition, two important ideas used in relative dating. These strata make up much of the famous prominent rock formations in widely spaced protected areas such as Capitol Reef National Park and Canyonlands National Park. From top to bottom: Rounded tan domes of the Navajo Sandstone, layered red Kayenta Formation, cliff-forming, vertically jointed, red Wingate Sandstone, slope-forming, purplish Chinle Formation, layered, lighter-red Moenkopi Formation, and white, layered Cutler Formation sandstone. Photo from Glen Canyon National Recreation Area, Utah.

Relative dating is the science of determining the relative order of past events (i.e., the age of an object in comparison to another), without necessarily determining their absolute age (i.e., estimated age). In geology, rock or superficial deposits, fossils and lithologies can be used to correlate one stratigraphic column with another. Prior to the discovery of radiometric dating in the early 20th century, which provided a means of absolute dating, archaeologists and geologists used relative dating to determine ages of materials. Though relative dating can only determine the sequential order in which a series of events occurred, not when they occurred, it remains a useful technique. Relative dating by biostratigraphy is the preferred method in paleontology and is, in some respects, more accurate.[1] The Law of Superposition, which states that older layers will be deeper in a site than more recent layers, was the summary outcome of 'relative dating' as observed in geology from the 17th century to the early 20th century.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الجيولوجيا

تختلف الطرق التي يقيس بها الجيولوجيون الزمن عن كل طرق قيس الزمن التي عرفها الإنسان على إمتداد تاريخه. فالأحداث التاريخية دونتها البشرية وتناقلتها من جيل إلى جيل. ونحن معتادون على أنواع معينة من مقاييس الزمن التاريخي. ونحن نتذكر من حين لآخر تواريخ محددة ذات أهمية خاصة في حياتنا. ويمكن ترتيب هذه الأحداث على مقياس الزمن ترتيباً متسلسلاً من الأقدم إلى الأحدث, كما يمكن تحديد أعمارها المطلقة مقدرة بالسنين.

ويشمل الزمن الجيولوجي الأحداث التي وقعت في فترة ما قبل التاريخ بداية من نشأة الأرض, مروراً بكل الأحداث التي شكلت الأرض حتى اليوم, مرتبة ترتيباً متسلسلاً حسب تاريخ وقوعها. وتقدر الأزمنة بملايين السنين من الآن, ويعبر عنها إختصاراً بالرمز Ma . وقد سجل هذا الزمن الجيولوجي في صخور القشرة الأرضية, حيث يشبه السجل الصخري صفحات وفصول الكتاب الذي يحوي أسرار تكوين الأرض في الماضي.

وفي الحقيقة فإن مقياس الزمن الجيولوجي يشمل مقياسين هما: المقياس النسبي واذلي يعبر عن ترتيب الأحداث الجيولوجية كما حددت من خلال وضعها في السجل الصخري. وتطلق على الفترات المختلفة من الزمن الجيولوجي مسميات مميزة مثل: الكمبري والبرمي والطباشيري. أما المقياس الثاني فهو المقياس المطلق والذي يقدر الأعمار بعدد السنين مقدرة بملايين السنين من الآن (Ma) . وتبني هذه الأعمال على التحلل الإشعاعي الطبيعي لعناصر كيمائية مختلفة, توجد بكميات قليلة في معادن معينة في بعض الصخور ويمثل الإلمام بقواعد تقدير العمر النسبي والمطلق حجر الزاوية في فهم تاريخ الأرض.

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف امكن لعلماء الأرض أن يقرأوه ويفكوا شفرة التاريخ المسجل على هذه الصخور؟, وكيف رتبوا الأحداث الجيولوجية في إطار زمني متسلسل؟. وسنحاول في هذا الفصل أن نختبر الطرق ارئيسية التي إتبعها علماء الأرض لتحديد الزمن. كما سنعرف التطور التاريخي لمفاهيم الزمن الجيولوجي ومولد وتطور العمود الجيولوجي. ونبدأ بمناقشة وسائل تقدير العمر النسبي في الجيولوجيا:

أ-السجل الطبقي (الإستراتيجرافي)

من بين أنواع الصخور الثلاثة (النارية والرسوبية والمتحولة), والتي تكون القشرة الأرضية, فغن الصخور الرسوبية تمدنا بسجل أكثر إكتمالاً لتاريخ الأرض. وعلى الغرم من ان الصخور النارية تمثل أكثر من 90% من حجم القشرة الأرضية, فالصخور الرسوبية تمثل أكثر من 75% من الصخور المكشوفة على سطح الأرض أو توجد في الكيلومترات القليلة القريبة من السطح. وتمثل الطباقية stratification أو bedding التي توجد في الصخور الرسوبية أهمية خاصة في بناء تاريخ ارض, حيث تسمح الطباقية بوضع في بناء تاريخ الأرض, حيث تسمح الطبقاية بوضع ترتيب وتنظيم وتحديد للتتابعات الطبقية stratigraphic sequences .

ويعرف علم الطبقات (الإستراتجرافيا) stratigraphy بأنه العلم الذي يدرس الصخور الطباقية أو الطبقات ومضاهاتها. وهو يدرس العلاقات المكانية والزمنية بين أجسام الصخور وديناميكية ترسيبها, والتي يمكن ملاحظتها وتفسيرها. وتنتج الطباقية من ترسيب وتجمع الحبيبات الصلبة, والتي تستقر على القاع من الماء أو الهواء تحت تأثير الجاذبية الأرضية في هيئة طبقات beds متتالية متعاقبة.

وتحدث عملية الترسيب بشكل دوري تعكس فترات ترسيب يعقبها فترات سكون أو توقف للترسيب. وهذا النشاط الدوري في الترسيب هو المسئول أساساً عن الأنسجة المختلفة التي تلاحظ في الطبقات المتتالية,وأيضاً في أسطح الطباقية bedding planes التي تفصل بينها. وتحدث عملية الترسيب في أحواض ترسيب مختلفة الأحجام. وتتصلد الرواسب وتتصخر نتيجة للدفن تحت طبقات لاحقة لها, مما يزيد من وضوح أسطح الطباقية والحدود بين الطبقات.


1-القواعد الأساسية لتحديد العمر النسبي

هناك عدة قواعد أساسية تستخدم لتفسير الأحداث الجيولوجية في السجل الصخري, يمكن توضيحها فيما يلي:

أ-قاعدة تعاقب الطبقات Principle of stratigraphic superpostion

هي إحدى القواعد الأساسية لعلم الطبقات, وتنص على أن كل طبقة في التتابع الرسوبي الذي لم يتعرض لأية قوى تكتونية تكون أحدث عمراً مما تحتها وأقدم في العمر من الطبقة التي تعلوها. ويعتبر تطبيق قاعدة التعاقب اطبقي هو الخطوة الأولى في تقدير العمر النسي في الصخور الطباقية.

وحيث إن قاعدة التعاقب الطبقية تحتم عدم تعرض التتابع الطبقي لتأثيرات تكتونية, فإنه من المهم أن نعرض لقاعدة أخرى من قواعد علم الطبقات تعالج التاريخ النسبي في التتابعات المتأثرة بالعمليات التكتونية, وهو ما يعرف بقاعدة الأفقية الأصلية.

ب- قاعدة الأفقية الأصلية Principle of original horizontality

وهي تنص على أنه ليس فقط عملية الترسيب التي تحدث من أسفل لأعلى (وبالتالي تتجمع الرواسب في طبقات متلاحقة), لكن أيضاً أسطح الترسيب, والتي تكون مستوية أساساً ولا تميل إلا بدرجات قليلة عن الأفقي. ولهذا فإن الطبقات الرسوبية تكون أساساً أفقية, لن الأسطح التي تتجمع فوقها الرواسب (والتي تفصل بين الرواسب من جهة والماء أو الهواء من جهة أخرى) تكون أفقية أساساً, وتتجمع فوقها الحبيبات تحت تأثير الجاذبية. وعلى الرغم من أن التطابق المتقاطع cross-bedding والذي سبق مناقشته أثناء دراسة الصخور الرسوبية, يكون مائلاً, إلا أن التوجه الكلي لوحات التطبق المتقاطع تكون أفقية. وعندما نشاهد تتابعات طبقية تميل على الأفقي بشكل واضح, فإن هذا يعزى إلى أن أحدث مابعد الترسيب أدت إلى ميلها. فإذا مال تتابع طبقي أكثر من الوضع الرأسي سمى التتابع الطبقي معكوس الوضع reversed ويكون وضع الطبقات مقلوباً overturned القوى التكتونية على إمالة وطي وتكسير الطبقات الصخرية الموجودة في القشرة الأرضية.

ويحتم تحديد ترتيب الطبقات في التتابع الطبقي الرسوبي أن نحدد بشكل دقيق سمات السطح العلوي والسفلي للطبقات. وتكون هذه السمات عبارة عن تراكيب رسوبية أولية تتكون عند ترسيب الرواسب, وتوجد التراكيب الرسوبية على السطح الخارجي للطبقات, كما قد توجد داخل الطبقات.

د-قاعدة علاقات القطع المستعرض Principle of cross-cutting relationships

Cross-cutting relations can be used to determine the relative ages of rock strata and other geological structures. Explanations: A – folded rock strata cut by a thrust fault; B – large intrusion (cutting through A); C – erosional angular unconformity (cutting off A & B) on which rock strata were deposited; D – volcanic dyke (cutting through A, B & C); E – even younger rock strata (overlying C & D); F – normal fault (cutting through A, B, C & E).

من المبادئ المهمة المستخدمة في تحديد العمر النسبي قاعدة علاقات القطع المستعرض. ويدل مفهوم هذه القاعدة على أن أي شيء يقطع طبقة من الصخور الرسوبية أو أي نوع من الصخور يكون أحدث عمراً من الطبقة الرسوبية أو من تلك الصخور, بمعنى أن القاطع يكون أحدث عمراً من المقطوع, فأجسام الصخور النارية المتداخلة (مثل: القاطع dikes) والصدوع تقطع الصخور والتراكيب السابقة عليها في التكوين, وبالتالي فهي أحدث عمراً منها.

و-قاعدة التتابع الحفري Principle of fossil succession

لعبت قاعدة التتابع الحفري دوراً رئيسياً في تطور علم الجيولوجيا التاريخية, وهي تنص على أن كل طبقة أو مجموعة من الطبقات في التتابعات الرسوبية تحتوي على حفريات مميزة تختلف عما تحتها وما فوقها. وتمثل الحفريات fossils بقايا كائنات حية قديمة أوآثارها, وهي تساعد كثيراً في تحديد العمر النسبي للصخور الرسوبية. وقد دعمت قاعدة التتابع الحفري قاعدة التعاقب الطبقي كثيراً, لأن الحفريات ليست كالحبيبات غير العضوية تتواجد عشوائياً, وإنما تتواجد بنظام محدد يمكن تتبعه. فأنواع الصخور يمكن أن تتكرر كثيراً في التتباعات الطبقية الرأسية بتكرار ظروف الترسيب, بينما تتغير المجموعات الحفرية بغطراد رأسياً ولا تتكرر أبداً بسبب نظام التطور الذي لا يعيد الكائن المنقرض مرة ثانية. ويسمى هذا الترتيب الطبقي للحفريات بالتتباع الحفري (تتابع المجموعة الحيوانية faunal succession).

س-بصمات المغناطيسية الأرضية القديمة Palemoagetic signatures

من الإضافات المهمة التي حدثت في القرن العشرين إلى علم الطبقات إكتشاف بصمات المغناطيسية الأرضية القديمة paleomagnetism في الصخور. حيث يظهر في صخور التتابعات الطبقية تتابع من أحداث القطبية المغناطيسية (أي إتجاه المجال المغناطيسي للأرض في وقت ما), من القطبية العادية normal polarity أي مماثلة لإتجاه المجال المغناطيسي الحالي للأرض والقطبية المعكوسة reverses polarity أي يكون إتجاه المجال المغناطيسي عكس إتجاه المجال الحالي, حيث يكون قطب الأرض الشمالي متجهاً نحو الجنوب الحالي. ولقد تعرض المجال المغناطيسي للأرض للإنقلاب كثراً طوال تاريخ الأرض الطويل, كما تغير موضع الأقطاب المغناطيسية كثيراً جداً أيضاً بسبب حركة الكتل المتقاربة بالنسبة للأقطاب. وهذا يقدم وسائل أخرى لتقسيم التتابعات الطبقية, كما يمكن به إجراء المضاهاة بين التتابعات الطبقية المتباعدة أيضاً.

ج-قاعدة الإستمرارية الجانبية الأصلية Principle of original lateral continuity

Schematic representation of the principle of lateral continuity

تترسب الصخور الرسوبية في أجسام ثلاثية الأبعاد, وتمتد أفقياً في كل الإتجاهات حتى تتلاشى عند حافة حوض الترسيب الذي تترسب فيه, أو تتغير خواصها إلى نوع آخر من الرواسب.ويتحدد إمتداد اتلطبقات أفقياً منخلال عملية المضاهاة correlation. فعندما تضاهي المنكشفات المنفصلة للوحدة الصخرية نفسها بشكل صحيح, فإنها تدل على أن هذه المنكشفات عبارة عن أجزاء مما كان وحدة واحدة متصلة في الأساس.

وتحمل الطبقات الرقيقة الواسعة الإنتشار التي لها صفات خاصة مميزة أهمية زمنية, أي تعبر عن لحظة زمنية محددة يمكن إستخدامها كخطوط تعبر عن التساوي الزمني عند إجراء المضاهاة. وتعتبر هذه الوحدات الفيزيائية المتماثلة متزامنة جيولوجياً على إمتداد منطقة تواجدها, مثل طبقات الرماد البركاني والتي تأخذ شكل الفريشة (الملاءة) blanket تترسب من التدفقات البركانية. تقدم هذه الطبقات الدالة key or maker beds وسيلة مضمونة على نطاق شبه إقليمي لإجراء المضاهاة.

ه-قاعدة المكتفات (المتداخلات) Principle of inclusions

وهي تنص على أن الفتات والحبيبات التي توجد في صخر تكون أقدم عمراً من الصخر نفسه. فإذا إحتوت طبقة ما على فتات من طبقة أو جسم ناري مجاور كانت تلك الطبقة الأخيرة أو الجسم الناري أقدم عمراً والعكس صحيح.

تداخلات الصخور النارية

Multiple melt inclusions in an olivine crystal. Individual inclusions are oval or round in shape and consist of clear glass, together with a small round vapor bubble and in some cases a small square spinel crystal. The black arrow points to one good example, but there are several others. The occurrence of multiple inclusions within a single crystal is relatively common

Melt inclusions are small parcels or "blobs" of molten rock that are trapped within crystals that grow in the magmas that form igneous rocks. In many respects they are analogous to fluid inclusions. Melt inclusions are generally small – most are less than 100 micrometres across (a micrometre is one thousandth of a millimeter, or about 0.00004 inches). Nevertheless, they can provide an abundance of useful information. Using microscopic observations and a range of chemical microanalysis techniques geochemists and igneous petrologists can obtain a range of useful information from melt inclusions. Two of the most common uses of melt inclusions are to study the compositions of magmas present early in the history of specific magma systems. This is because inclusions can act like "fossils" – trapping and preserving these early melts before they are modified by later igneous processes. In addition, because they are trapped at high pressures many melt inclusions also provide important information about the contents of volatile elements (such as H2O, CO2, S and Cl) that drive explosive volcanic eruptions.

Sorby (1858) was the first to document microscopic melt inclusions in crystals. The study of melt inclusions has been driven more recently by the development of sophisticated chemical analysis techniques. Scientists from the former Soviet Union lead the study of melt inclusions in the decades after World War II (Sobolev and Kostyuk, 1975), and developed methods for heating melt inclusions under a microscope, so changes could be directly observed.

Although they are small, melt inclusions may contain a number of different constituents, including glass (which represents magma that has been quenched by rapid cooling), small crystals and a separate vapour-rich bubble. They occur in most of the crystals found in igneous rocks and are common in the minerals quartz, feldspar, olivine and pyroxene. The formation of melt inclusions appears to be a normal part of the crystallization of minerals within magmas, and they can be found in both volcanic and plutonic rocks.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

2-عدم التوافق

من الظاهر الطبقية المهمة التي تفيد كثيراً في تحديد العمر النسبي والتاريخ الجيولوجي ما يعرف بعلاقة عدم التوافق unconformity. ويعرف عدم التوافق بأنه سطح تعرية أو عدم ترسيب مدفون, وبالتالي فهو يعبر عن جزء مفقود من السجل الجيولوجي نتيجة التعرية وعدم الترسيب. فعدم التوافق هو سطح بين طبقتين يفصل بينهما فاصل زمني. ويمكن تعرف أربعة أنواع من عدم التوافق, هي:

1-عدم التوافق التبايني nonconformity وهو سطح طبقي يفصل بين صخور متبلورة (نارية أو متحولة) أقدم عمراً وأخرى رسوبية أحدث عمراً.

2-عدم التوافق الزاوي angular unconformity وهو سطح تعرية يفصل بين مجموعتين من الطبقات مختلفتين في زاوية الميل.

3-عدم التوافق التخالفي disconformity وهو نوع يصعب تعرفه, حيث يوجد سطح تعرية متعرج الشكل بين طبقات متوازية, وفيه يقطع سطح عدم التوافق أسطح الطباقية, ويكون الشاهد عليه وجود دليل على حدوث عملية تجوية مثل وجود فتات من الصخور التي تليه في الصخور التي تعلوه, مثل صخر الكونجلومرات.

4-شبه التوافق paraconformity وهو أصعب أنواع عدم التوافق, حيث يعتمد تعرفه على إختلاف عمر الطبقات التي تليه عن الطبقات التي تعلوه,ويكون الشاهد عليه إختلاف المحتوى الحفري لكلا التتابعين أسفله وأعلاه.ويعبر عن الفترة الزمنية المقابلة لعدم التوافق بثغرة ترسب (الثلمة) hiatus, وهي تساوي الفرق في الزمن بين الصخور التي تقع فوق سطح عدم التوافق وتلك التي تقع تحته. وتجدر الإشارة إلى أن سطح عدم التوافق يمثل غياباً لفترة زمنية طويلة جيولوجياً. أما إذا كانت الفترة المفقودة من التتابع الطبقي قصيرة فإننا نشير إليها بالفصلة diastem. وفي العادة فإن عدم التوافق يشير إلى فقد لفترات من السنين, بينما تعبر عن فقد لفترات زمنية قصيرة نسبياً تصل إلى أسابيع أو شهوراً أو حتى قرون.

وتسمح القواعد الأساسية السابق ذكرها بتحديد العمر النسبي بالنظر إلى مجموعة رأسية من الطبقات, أو إلى أي تتابع طبقي (استراتجرافي) stratigraphic sequence على أنه سجل مرتب زمنياً للتاريخ الجيولوجي لمنطقة ما. ويسمى الخط الزمني المقابل والمووضع على أساس هذا التتابع بالزمن الجيولوجي geologic time, وهو الممثل زمنياً لهذا التتابع, أي كسجل جزئي كامل للوقت الذي إنقضى منذ ترسبت أقدم الطبقات في أسفل التتابع إلى أحدث الطبقات في أعلى التتابع (يستخدم مصطلح الزمنالجيولوجي أيضاً للأشارة إلى الفترة الزمنية الممتدة, منذ إنتهاء تكوين الأرض ككوكب منفصل حتى بداية التاريخ المكتوب). وتختلف التتابعات الطبقية عن التتابعات الرسوبية فالتتابعات الرسوبية هي تغيرات رأسية في التركيب الصخري للرواسب المتكونة في بيئة ترسيب واحدة. أما التتابع الطبقي فهو أشمل في التعريف ويضم طبقات واسعة التغيير لكل منها أصل مختلف. وبينما يتم التأكيد في التتابعات الرسوبية على طبيعة الأنواع المتتابعة من الرواسب فإن التأكيد في التتابعات الطبقية (الإستراتجرافية) يكون على التتابع الزمني للطبقات المكونة للتتابع وظروف الترسيب.

ii.مضاهاة الوحدات الصخرية تمكن المساح الإنجليزي وليام سميث William Smith عام 1793م من تعرف أن الحفريات يمكن إستخدامها لتحديد الأعمار النسبية للصخور الرسوبية. وقد لاحظ من خلال دراسة العديد من الحفريات أن الطبقات المختلفة كانت تحتوي على أنواع مختلفة من الحفريات,وأنه يمكن تمييز طبقة عن الأخرى بإستخدام الحفريات المميزة لكل طبقة. ويسمى هذا الترتيب الإستراتجرافي للحفريات بالتتابع الحفري faunal succession .

وقد فتح هذا الإكتشاف الباب لعمل مضاهاة للطبقات الرسوبية على مساحات أوسع. وتعني المضاهة correlation تحديد التماثل بين أجزاء وحدة إستراتجرافية مفصولة جغرافياً. وتشمل الوحدات الإستراتجرافية طبقة أو مجموعة من الطبقات تتميز ببعض الخصائص الفيزيائية أو الكيمائية أو الحيوية. ولقد قام سميث في بادئ الأمر بمضاهاة الطبقات على أساس التشابه في الخواص الفيزيائية (التركيب الصخري والمعدني), بالإضافة إلى محتواها الحفري وذلك على مسافات تبلغ عدة كيلومترات, ثم بعد ذلك على مشافة عشرات الكيلومترات. ولقد أصبح من الممكن إستخدام الحفريات وحدها في عمل مضاهاة بين تتابعات تفصل بينها مئات أو آلاف الكيلومترات.

ويشمل ما يعرف بقانون المضاهاة القواعد التي وضعها سميث للمضاهاة بين التتابعات الطبقية وينص هذا القانون على أن :"الطبقات التي لها نفس التركيب الصخري والمعدني والتي تحتوي على حفريات متشابهة تنتمي إلى نفس العمر الجيولوجي".

ويتضمن عمل المضاهاة هدفين أساسين: الأول تحديد الأعمار النسبية للوحدات المنكشفة بالنسبة لبعضها البعض في المنطقة التي يتم دراستها, والثاني عمل مقارنة بين أعمار الوحدات بالنسبة إلى مقياس الزمن الجيولوجي. وتتم مضاهاة الوحدات الصخرية بعدة طرق, وتشمل أنواع الصخور المتشابهة والوضع في التتابع الطبقي والمحتوى الحفري.

وتستخدم مميزات الصخور مثل اللون وحجم الحبيبات والتراكيب ارسوبية التي تسمح بتميز كل وحدة صخرية عن الأخرى عند عمل المضاهاة بين الوحدات الصخرية, خاصة إذا كانت المنكشفات كافية. ومن الأهمية بمكان معرفة أن عملية مضاهاة الصخور يقابلها الكثير من الصعوبات عند تطبيقها, لذلك يجب مراعاة القواعد التي وضعها الجيولوجيون بعد سميث للتوصل لعمل مضاهاة دقيقة. فيجب عند إستخدام قاعدة الإستمرارية الجانبية lateral continuity principle مراعاة أن تلك الطريقة يمكن إستخدامها عند المضاهاة في حوض ترسيبي واحد, لأنه من المعروف أن الطبقات الرسوبية تستدق وتنتهي عند حواف أحواض الترسيب, كما أنها قد تتدرج إلى أنواع أخرى من الصخور نتيجة تغيرات السحنات. كما يجب مراعاة أن الإعتماد على التشابه الصخري فقط بين الطبقات لا يكفي كما ذكرنا إلا في حالات خاصة جداً. كذلك يجب مراعاة الوضع التركيبي للطبقات, حيث يمكن إستخدام وضع الطبقات بالنسبة إلى تركيب تكتوني معين (مثل عدم التوافق مثلاً) مما يساعد على مضاهاة الطبقات. ولكن قد تؤدي بعض الأوضاع التكتونية إلى تغير وضع الطبقات مما لا يسمح بتطبيق قاعدة تعاقب الطبقات. فعند ملاحظة ميل الطبقات وإلتوائها مثلما يحدث أثناء التصادم القاري, فإن الشتوه قد يكون كبيراً جداً لدرجة أن الطبقات الأقدم قد تأتي فوق الطبقات الأحدث. وبالتالي فإن الإستنتاجات المبنية على الطبقات المقلوبة قد تؤدي قطعاً إلى نتائج غير صحيحة عند تقدير الزمن النسبي للطبقات. ويمكن إستخدام بعض الأدلة مثل علامات النيم والتطبق المتدرج والتطبق المتقاطع لتحديد ما إذا كانت الطبقات في الوضع الصحيح أم إنها قلبت.

كما يمكن عمل المضاهاة بين الوحدات الصخرية عن طريق الوضع في التتابع الطبقي والطبقة الدالة key bed مثل طبقات الفحم والرماد البركاني. وتكون مثل هذه الطبقات مهمة عند عمل مضاهاة بين تتابعات صخرية, وخاصة على نطاق إقليمي.

وتستخدم الحفريات للدلالة على زمن الوحدات الصخرية, حيث تمثل تلك الحفريات بقايا لكائنات حية عاشت لفترة زمنية خلال الزمن الجيولوجي الماضي.

وتسمى الحفرية التي تستخدم في تحديد عمر الطبقات التي تحتويها, بالحفرية المرشدة (الدالة) index fossil . ولكي تكون الحفرية مرشدة, فإنها يجب أن تكون شائعة في الطبقات ولها توزيع جغرافي واسع, ومدى زمني محدود. ومن أحسن الأمثلة على الحفرية المرشدة الكائنات الحية الطافية والتي تتميز بتطور سريع وإنتشار جغرافي واسع. وإذا تم تعريف حفرية دالة في منكشف ما, فإن عملية المضاهاة بإستخدام التتابع الحفري fossil succession.

وبالإضافة إلى المضاهاة بين الوحدات الصخرية المنكشفة فوق سطح الأرض, فإنه يمكن المضاهاة بين الوحدات الصخرية تحت السطحية عند البحث عن المعادن والفحم والبترول بإستخدام تسجيلات الآبار well logs التي توضح الخصائص الفيزيائية المقاسة للقطاع الصخري أثناء الحفر, والعينات الأسطوانية cross التي يتم الحصول عليها من الآبار,وأيضاً شظايا الحفر cuttings التي تخرج إلى السطح أثناء حفر الآبار.

وقد إستطاع الجيولوجيون خلال القرنين الماضيين بإستخدام التتابعات الحفرية والتتابعات الإستراتجرافية أن يضاهوا المتكونات في جميع أنحاء العالم ليخرجوا بنتيجة هذا الجهد, وهو مقياس الزمن الجيولوجي لكل الأرض.

III. العمر المطلق

ناقشنا حتى الآن القواعد التي يمكن على أساسها ترتيب التتابعات الطبقية كما تستنتج من قوانين علم الطبقات المختلفة مثل: التعاقب الطبقي وعلاقات القطع المستعرض والتتابع الحفري وغيرها. إلا أن مقياس الزمن الجيولوجي لا يشتمل فقط على مقياس نسبي ولكنه يشمل أيضاً مقياساً مطلقاً مقدراً بالسنين من الآن. ومتراكباً مع القياس النسبي. وعلى الرغم من أنه مقدر بالسنين (عادة بالملايين Ma) من الآن, إلا أنه ليس تقديراً دقيقاً بالمعنى الحقيقي, نظراً لوجود نسبة بسيطة من الخطأ في الحسابات. فإن تقديراً مطلقاً مثل 4600 مليون سنة من الآن والممثل لعمر الأرض, أو 245 مليون سنة من الآن والممثل للحد الفاصل بين حقبتي الحياة القديمة والوسطى يعطينا تقديراً لدرجة القدم, كما يحدد المدى الزمني لتقسيمات العمود الجيولوجي النسبية.

ويلاحظ أن مقياس الزمن النسبي قد بني تدريجياً حتى أخذ شكله الحالي بنهاية القرن التاسع عشر. أما مقياس العمر المطلق, فقد تطور من خلال علم الزمن الجيولوجي Geochronology والذي أصبح حقيقة واقعة في العقود الأولى منالقرن العشرين بعد إكتشاف ظاهرة نشاط الإشعاع الذري radioactivity وتطبيقاتها على المعادن. وقد إستمر تطبيق كلا المقياسين حتى اليوم. ويعتبر المقياسان النسبي والمطلق من الإنجازات المهمة في تاريخ العلم.

أ-أسس التقدير الإشعاعي

يبني التقدير الإشعاعي على ظاهرة أن هناك كثيراً من الذرات غير الثابتة, وبالتالي التغير بإستمرار إلى حالة أكثر ثباتاً وأقل طاقة. ويترتب على عملية التغير هذه إضمحلال إشعاعي radioactive, يؤدي بدوره إلى إنبعاثات إشعاعية radioactive emissions. وتختلف الذرات عن يعضها بعضاً, والتي تدعى نويات nuclides في عدد البروتونات (جسيمات مشحونة بشحنة موجبة) والنيوترونات (جسيمات متعادلة الشحنة) الموجودة في نواة الذرة.


ويعرف كل عنصر كيمائي في الجدول الدوري بعدد البروتونات في النواة, وهو عدد ثابت ومميز لكل عنصر, والتي تمثل العدد الذري atomi number. فعلى سبيل المثال, عنصر الهيليوم (He) وهو العنصر الثاني في الجدول الدوري يحتوي على برتونين في نواته, بينما يحتوي عنصر اليورانيوم , والذي يحمل رقم 92 في الجدول الدوري على 92 بروتوناً في نواته. أما مضافاً إليه عدد النيوترونات الموجودة في نواة الذرة. أما المدارات حول النواة فتملأ بالإلكترونات (جسيمات مشحونة بشحنة سالبة), والتي يساوي عددها عدد البروتونات الموجودة في نواة الذرة وبالتالي فإن لكل نوية nuclide عدداً ذرياً مميزاً.

وكل عنصر كيمائي, الذي هو عبارة عن نوية لها عدد ذري ثابت, يمكن أن يكون له أشكال مختلفة تدعى نظائر isotopes ,والتي تتمايز بناءً على عدد النيوترونات الموجودة داخل نوياتها. وبالتالي فإن النظائر المختلفة للعنصر نفسه يكون لكل نظير منها رقم كتلة مختلف. فاليورانيوم -235 ونظيره اليورانيون -238 يحتويان على عدد البروتونات نفسه, بينما يختلفان في عدد النيوترونات (وبالتالي له رقما كتلة مختلفان). ويلعب هذان النظيران دوراً مهماً في تقدير العمر المطلق لبعض أنواع الصخور النارية.

وكمعظم نظائر العناصر الكيمائية الموجودة في الأرض وهي عناصر مستقرة وغير معرضة للتحول. ولكن هناك عدداً قليلاً من النظائر مثل C 14 تكون مشعة بسبب عدم إستقرار النواة, حيث إن هناك حدوداً يمكن أن تتغير فيها أعداد الكتلة للنظائر لأي عنصر. وتتغير نواة النظير المشع ذاتياً إما إلى نواة نظير أكثر إستقراراً للعنصر الكيمائي نفسه وإما إلى نظير لعنصر كيمائي مختلف. وتختلف سرعة التحول لكل نظير. وعلى الرغم من أن هذه العملية هي واحدة من التحولات - من نواة غير ثابتة إلى نواة أخرى أكثر ثباتاً - إلا أنه أصبح من الشائع تسمية هذه العملية بالإضمحلال الإشعاعي radioactive decay كما سبق أن ذكرنا. ويسمى العنصر الذي تضمحل نواته إشعاعياً بالأصل (ولود) parent, ويسمى الناتج من الإضمحلال الإشعاعي بالوليد daughter ويضمحل C14 ويضمحل U 238 إلى Pb 206 , ويسمى كل من C 14 أصلاً (ولودا) و N 4 و pb 206 وليدا.

ب-الإضمحلال الإشعاعي إن عديداً من النظائر المشعة والتي كات موجودة يوماً ما في الأرض قد إضمحل ولم يبق لها وجود الآن. ويرجع السبب في ذلك إلى أن معدلات الإضمحلال الذاتي لهذه العناصر كانت سريعة. ومع ذلك فما زال يوجد حتى الآن القليل من النظائر المشعة والتي تتحول ببطء. ولقد بينت الدراسة المعملية الدقيقة للنظائر المشعة أن معدلات الإضمحلال لا تـأثر بأية تغيرات في البيئة الطبيعية أو الكيمائية. ولذلك لا يتغير معدل الإضمحلال لنظير ما سواءً كان في الوشاح أو في الصهارة أو في الصخر الرسوبي, وهذه نقطة مهمة توضح أن معدلات الإضمحلال الإضعاعي لا تتأثر بأية عمليات جيولوجية.

ويترتب على أضمحلال الإشعاعي: (1) إنطلاق جسيمات ألفا (إنطلاق بروتونين ونيوترونين من نواة الذرة), (2) إنطلاق جسيمات بيتا (إنطلاق إلكترونبسرعة عالية من النواة), (3) كما قد تكتسب النواة إلكتروناً من خارجها. ويترتب على الإضمحلال الإشعاعي بغنطلاق جسيمات ألفا أ، تفقد نواة العنصر الولود بروتونين ونيوترونين, ويتكون نظير وليد جديد يقل عدد الكتلة فيه بمقدار 4, كما يقل العدد الذري فيه بمقدار 2 عن النظير الولود. بينما في الإضمحلال الإشعاعي, فإن إنطلاق جسيمات بيتا, يجعل النواة تطلق إلكتروناً ويتحول أحد النيوترونات فيها إلى بروتون, وبالتالي تبقى كتلة النواة ثابتة, بينما يزيد العدد الذري بمقدار 1 ويتكون نظير جديد. وفي حالة إكتساب إلكترون, يلتقط أحد بروتونات نواة العنصر إلكتروناً من المدار الخارجي, ويتحول إلى نيوترون, مما يترتب عليه نقص العدد الذري بمقدار 1, ويتكون نظير جديد, بينما تبقى الكتلة ثابتة.

معدل الإضمحلال الإشعاعي: تضمحل العناصر المشعة إلى نظائرها غير المشعة بإنطلاق نواتج تحلل محددة. فمثلاً يتحلل عنصر اليورانيون - 238 إلى الرصاص -206 من خلال تحلل ألفا و 7 خطوات تحلل بيتا, وبغض النظر عن أي تعقيدات, فإن القانون ألساسي في الإضمحلال الإشعاعي ثابت, وهو "نسبة الذرات الأصل (الولودة) التي تضمحل إشعاعياً أثناء كل وحدة زمنية هي دائماً النسبة نفسها". ومن المهم أن نعرف أن معدل التحلل او الإضمحلال الإشعاعي rate of radioactive decay من عنصر ولود لنظيره الوليد يكون بمعدل ثابت لا يتغير, يسمى ثابت التحلل. وكما هو معروف في علم المعادن, فإذا دخلت نوية مشعة في تركيب معدن عند تبلوره, فإن كمية النظير المشع (النواة الألص أو الولودة) والتي تتحلل إلى النظير غير المشع (النواة الوليدة) مثل تحول اليورانيوم -238 إلى رصاص -206, هو معامل فقط في الفترة الزمنية اللازمة للتحول. إلا أنه لدقة المعلومات, فإنه من المحتم أن تكون كل من النواتين الولودة والوليدة محفوظة في بناء الشبكة البلورية للمعدن. وتعكس نسبة النويات الولودة إلى النويات الوليدة في النظام البلوري المغلق طول الفترة الزمنية المنقضية منذ بدأت الساعة الزمنية في الدوران.


ويتميز كل عنصر مشع بفترة زمنية تسمى عمر النصف half-life, وهي الفترة الزمنية اللازمة لأن يتحول نصف عدد ذرات عنصر مشع ما إلى النظير غير المشع. ويحدث التحلل الإشعاعي بمعدل هندسي: أي أن عدداً ما من نويات عنصر مشع معين (N0) يتبقى نصف عددها مشعاً (N/2) بعد مرور فترة عمر نصف واحدة, بينما نصف هذا العدد, أي ربع العدد الأصلي (N/4) سيبقى مشعاً بعد مرور فترة عمر نصف أخى, وبعد مرور فترة عمر نصف أخرى سيتبقى ثمن الكمية الأصلية (N/8), وهكذا إلى ما لا نهاية.

ويقدر عمر العينة الجيولوجية بالفترة الزمنية المنقضية منذ تبلور الشبكة البلورية لمعدن الحاوي للذرات المشعة. ويكون العمر عند لحظة البداية صفرا, وتكون نسبة ذرات النظير المشع لذرات النظير غير الشمع عندئذ تساوي صفراً. وتقدر الفترة الزمنية منذ التبلور بقياس نسبة نويات النظير المشع إلى نويات النظير غير المشع في المعدن. وبالطيع فإن عمر النصف للعنصر المشع يجب أن يكون معلوماً ويضرب في نسبة نويات النظير المشع إلى نويات النظير غير المشع.

وعلى سبيل المثال, فإذا كانت نسبة اليورانيوم -238 إلى الرصاص -206 في عينة ما تساوي 1:1, فهذا يعني أن نصف المادة الأصلية من اليورانيوم قد تحللت إلى رصاص, أي مضت فترة عمر نصف واحدة, وحيث إن عمر النصف لليورانيوم -238 هو 4510 مليون سنةو فإن هذا سيكون عمر العينة.

ج-سلاسل الإضمحلال الإشعاعي الرئيسية قدر عمر النصف للنويات المشعة المختلفة بإستخدام أدوات تحليل دقيقة في المعمل. ووجد أن عمر النصف لبعض العناصر يكون أقل من ثانية, بينما يصل عمر بعضها إلى دقائق أو أيام أو سنوات, ويصل في بعضها الآخر إلى عشرات أو مئات أو حتى آلاف الملايين من السنين, فسلسلة تحلل اليورانيوم -238 يتراوح عمر النصف فيها بين 0.00016 ثانية و 4500 مليون سنة. ويحتاج تقدير عمر معظم الأحداث الجيولوجية بإستخدام المواد المشعة إلى العناصر المشعة التي لها عمر نصف طويل.

ويعتبر عمر الصخور النارية والمتحولة هو عمر الإنصهار حتى نقطة حرجة أساسية يطلق عليها درجة حرارة التثبيت blocking temperature , حيث يصبح معدن معين نظاماً كيمائياً مغلقاً في سلسلة إضمحلال معينة. وتعطي الصخور النارية أفضل النتائج, لأن صخور هذه المجموعة هي نواتج تبلور مصهور سيليكاتي, ولهذا فهي صخور أولية. كما أن الصخور المتحولة يمكن أن تعطي أعماراً مطلقة أيضاً, ولكن يكون العمر المقدر بهذه الطريقة هو عمر التحول, ولذلك فهي لا تعطي عمر الصخر الأصلي غير المتحول. وتشمل عمليات التحول إعادة بلورة المعادن الموجودة وأيضاً تكوين معادن جديدة, ولذلك فإنها تعيد ضبط ساعة الزمن على البداية الجديدة.

أما الصخور المتحولة الرسوبية مناسبة للتقدير المطلق بإستخدام العناصر المشعة, لأن الحبيبات الفتاتية المكونة لها يكون مصدرها أساساً صخور نارية أو متحولة أقدم عمراً. وتقدير عمر زيركون أو ميكروكلين فتاتي سيكون هو عمر الصخر الألصي الناري أو المتحول الذي أتى منه الزيركون أو معدن الجلوكونيت, والذي يتكون من سيليكات بوتاسيوم حديد لونها أخضر, فإنه يتكون كمعدن أولي في بعض بيئات الترسيب البحرية,ويمكن أن يعطي تقديرات مقبولة للعمر المطلق لبعض الصخور الرسوبية من خلال إحتوائه على بوتاسيوم - أرجون.

مصادر الخطأ: تأتي أفضل تقديرات العمر المطلق من ربط نتائج سلسلتي إضمحلال بعضهما ببعض. فإن بقيت بلورة تحتوي على عنصر اليورانيوم في نظام بلوري مغلق فإن نتائج تقدير عمرها من نسب اليورانيوم -238: الرصاص -206 واليورانيوم -235: الرصاص -207 ستكون متطابقة.وتأتي أكبر مصادر عدم دقة النتائج في علم التاريخ الجيولوجي من أن الصخور والمعادن لا تبقى في أنظمة مغلقة, حيث أن الصخور والمعادن لا تبقى في أنظمة مغلقة, حيث تفقد النويات الوليدة غالباً مثل الأرجون -40 (لأن الأرجون غاز ومن السهل تطايره). كما قد تختلط النويات الوليدة الناتجة عن الإضمحلال الإشعاعي بنويات العنصر نفسه المتكونة أصلاً عند تبلور المعدن في البداية, مثل نويات الرصاص الناتج عن الإضمحلال (رصاص -206 ورصاص 207 ورصاصا 208) والرصاص غير المشع المتكون عند التبلور والمسمى رصاص -204. ولذلك فلابد أن تحدد كميته بدقة في العينة, قبل عمل النسبة التي يبني على أساسها تقدير العمر.

كما قد ينشأ الخطأ أيضاً من معامل التحليل نفسها. فتحديد نسبة النويات الولودة إلى النويات الوليدة يتم بإستخدام جهاز يطلق عليه مطياف الكتلة mass spectograph, وهو جهاز تحليل على درجة عالية من الحساسية قادر على فصل وقياس نسب الجسيمات الدقيقة حسب الفروق في كتلتها. وتعتمد درجة الخطأ على كمية النظير المشع والنظير غير المشع وقرينه المتكون عند التبلور الأصلي, وأيضاً عمر نصف العنصر الولود والعمر الحقيقي للعينة المدروسة.

ولهذا فإن العمر المطلق يعبر عنه برقم مع إضافة زيادة أو نقص إلى هذا الرقم, فمثلاً يكون عمر حدث جيولوجي 250+-20 مليون سنة. وبالإضافة إلى الأخطاء الروتينية وأخطاء التحليل, فإن مدى العمر الناتج يعبر عن درجة دقة قياس, مثل عينة يتراوح عمرها بين 460 و 490 مليون سنة, وبالتالي فإنك قد تحلل عينة من الصخر نفسه, ويكون عمرها نحو 480 مليون سنة مثلاً وهو تقدير يقع في مدى العمر السابق. وبالتالي فإن الدقة هي مقياس درجة بعد العمر المقدر عن العمر الحقيقي.

د-تحديد العمر بإستخدام الكربون المشع

الكربون عنصر مهم في الطبيعة. وأيضاً في تقدير عمر المواد العضوية الحديثة جداً. وتحتوي ذرةالكربون العادية على ستة بروتونات وستة نيوترونات في نواتها, ولهذا فإن عددها الذري 6 ووزنها الذري 12. وللكربون نظيران هما كربون C13 وكربون C14 ويتفاعلان كيمائياً مثل الكربون C12 تماماً, وكربون 12و 13 مستقران بينما يكون كربون 14 مشعاً. ويختلط C14 مع C12 و C 13 ويتنتشر بسرعة في الغلاف الجوي والغلاف المكائي والغلاف الحيوي.وترجع أهمية ذلك إلى أن النباتات والحيونات لا تستطيع التمييز بين مختلف أنواع الكربون, وبالتالي تستخدمها جميعاً دون تمييز في تصنيع مختلف المواد العضوية كالسيليلوز أو فوسفات الكالسيوم في العظام والأسنان وكربونات الكالسيوم في الأصداف. ويكون كربون C14 غير ثابت ويضمحل بفقد جسيم بيتا من نوياته, ويتكون نتيجة لذلك نواة وليدة هي النيتروجين 14.

ولاحسب عمر المواد الحاوية للكربون من حساب نسبة الولود (الكربون 14): نسبة الوليد (النيتروجين 14) كما هو الحال في تقدير العمر من نسبة اليورانيوم - الرصاص. ويعتمد الأساس الذي يقوم عليه تقدير العمر المطلق بإستخدام الكربون المشع Radiocarbon dating على تحديد نسبة كربون 14 إلى كربون 12 لتقدير عمر المواد التي كانت حية يوماً ما, حيث تمتص كل الكائنات الحية كربون 14 المشع مع كربون 12 وكربون 13 بنسبة ثابتة تقريباً. ولهذا فإن معرفة عمر النصف للكربون 14 والتي تساوي 5730 سنة, ومعرفة ثابت التحلل يجعل عملية حساب زمن موت نبات أو حيوان ما عملية سهلة, من خلال قياس كمية الكربون 14 في الباقيا المتحفرة.

ويقتصر إستخدام طريقة الكربون الشمع على حد أقصى للعمر لا يزيد عن 70000 سنة, نظراً لقصر فترة عمر النصف له. ويعتبر الكربون المشع طريقة أساسية لعلم الآثار القديمة وجيولوجية البليستوسين. ومن التطبيقات المبكرة لهذه الطريقة بعد إجازة الطريقة عام 1947م تقدير العمر الدقيق لزحف الجليد القاري فوق أمريكا الشمالية. وقد أظهرت النتائج حدوث التغطية الجيليدية قبل 11400 سنة مضت, وهو تقدير يقل بمقدار النصف عن التقدير, ال1ي سبق التوصل إليه من إستخدام الشواهد الطباقية.

وهناك نظيران مشعان آخران قصيرا العمر إستخدما بنجاح في تقدير عمر الأحداث الجيولوجية الحديثة وهما الثوريوم -230 والبروتكتينيوم -231. فالثوريوم -230 ينتج في سلسلة تحلل اليورانيوم -238 وعمر النصف له 75000 سنة. أما البروتكتينيوم -231 فينتج في سلسلة تحلل اليورانيوم ة-235 وله عمر نصف 34000 سنة. ويتجمع كلاهما في رواسب قاع البحر, وبقياس تركيزهما النسبي أو نسبتهما المقارنة في الطبقات المختلفة لليعنات الأسطوانية أثناء حفر بئر ومقارنتهما بمحتواهما في طبقة سطحية يمكن تحديد عمر الطبقات.

ه-تحديد العمر بإستخدام مسارات الإنشطار يمكن إستخدام مسارات الإنشطار النووي fission track dating كطريقة حديثة لتقدير العمر المطلق ثبت نجاحها. وهي عبارة عن ندوب تشبه الأنفاق الدقيقة للغاية التي لا ترى إلا تحت تكبيرات عالية في بعض بلورات المعادن. وتنتج هذه المسارات عندما تنطلق بعض الجسيمات عالية الطاقة من نويات ذرات اليورانيوم -238 أثناء الإنشطار اللحظي إلى نواتين أو أكثر أخف وزناً, وبالإضافة إلى بعض الجسيمات النووية.وتنطلق الجسيمات داخل تركيب الشبكة البلورية للمعدن تاركة بصمة للمسار الذي سلكته, والذي يكون سعته ذرات قليلة. ويكون المعدل الطبيعي لإنتاج مسارات الإنشطار في ذؤات اليورانيوم شديد البطء, ويحدث بمعدل ثابت. وبحساب عدد مسارات الإنشطار يمكن تحديد عدد الذرات التي إضمحلت فعلاً, ويتعرض البلورة لمجال نيورتوني يحدث إضمحلال لبقية الذرات, ثم يعاد عد مسارات الإنشطار مرة ثانية, وبإيجاد النسبة بين الذرات الوليدة الأولى واذلرات الولودة يمكن حساب العمر المطلق.

ويبدو أن معادن مثل الأباتيت والزيركون والسفين تعطي نتائج جيدة, كما أن هذه الطريقة تستخدم لتحديد أعمار عينات يقل عمرها عن عدة قرون من السنين, كما تستخدم لتحديد أعمار صخور يصل عمرها إلى عدة بلايين من السنين, إلا أنها أكثر إستخداماً لتقدير عمر عينات تتراوح بيم نحو 40000 سنة إلى مليون سنة مضت, وهي فترة زمنية لا تستخدم فيه التقنيات الأخرى بصورة عملية. ولكن هذه الطريقة كغيرها من طرق قياس العمر المطلق لها عوامل محددة. فدرجات الحرارة العالية يمكن أن تؤدي إلى إختفاء المسارات, كما يمكن أن يؤدي قذف الأشعة الكونية إلى زيادة سرعة اإنشطار, مما يؤدي إلى تقديرات خاطئة.

و-تحديد العمر بإستخدام الأحماض الأمينية إن تحديد العمر المطلق بإستخدام الأحماض الأمينية amino acids dating يعتبر طريقة أخرى حديثة, تعتمد على تحليل نسبة الحمض الأميني D- إلى الحمض الأميني L- في عظام حفريات ومواد أصداف العصر الرابع Quaternary, حيث ثبت جدواها. وقد أثبتت الأبحاث التي أجريت في سبعينات القرن الماضي أن عملية تدعى تفاعل ريسمة الحمض الأميني amino acids racemization reaction يمكن إستخدامها بمحاذير معينة, عند تحديد عمر مادة هيكلية,حيث إن الأحماض الأمينية المعروفة ب L-amino acids توجد فقط في بروتينات الكائنات الحية. وعندما يموت الكائن وتمضي فترة زمنية تتحول هذه L-amino acids إلى الأحماض الأمينية غير البروتينية والمعروفة ب D-amino acids خلال عملية تعرف بالريسمة racemization. وتزيد بثبات نسبة D-amino acids إلى L-amino acids في المادة الهيكلية مع الزمن حتى تصل هذه النسبة L/D إلى 1.0. أما إذا زادت فتصبح النسبة زائفة, لأنه عكس سلاسل الإضمحلال الإشعاعي فإن التفاعل يكون عكسياً. وبتحديد المدى الذي وصلت إليه عملية الريسمة في عينة المادة الهيكلية, يمكن تحديد عمرها, آخذين في الإعتبار أنه يمكن معايرة العينة بعينة أخرى محددة العمر سلفاً.

وبمقارنة طريقة الريسمة هذه بطريقة الكربون المشع, يتضح أننا نحتاج في هذه الطريقة إلى مقدار أقل من المادة العضوية, كما تطبق في مجالات أوسع من طريقة الكربون المشع. فهي تطبق في تحديد أعمار الحفريات البشرية المبكرة والشرفات البحرية, التي تكونت خلال مئات الآلاف من السنين الأخيرة.

IV. العمود الجيولوجي ومقياس الزمن الجيولوجي إن أحد الإنجازات الكبيرة التي توصل إليها جيولوجيو القرن التاسع عشر من خلال عمليةلمضاهاة أنه يمكن الربط بين التتابعات الطبقية التابعة لزمن واحد. ولقد تمكن هؤلاء الجيلوجيون - ومن خلال عملية المضاهاة على مستوى العالم - من جمع عمود جيلوجي geologic column, هو عبارة عن قطاع رأسي مركب, يحتوي تتابع الطبقات المعروفة في ترتيب زمني عغلى أساس محتواها الحفري, أو أي أدلة أخرى على العمر النسبي. وما زال يضاف إلى هذا المقياس العالمي, أو يتم إدخال تحسينات عليه حتى الآن, نتيجة وصف أو رسم خرائط لوحدات صخرية أكثر.

ويقسم الجيولوجيون كل التاريخ الجيولوجي إلى وحدات مختلفة المدى الزمني تقابل الوحدات الصخرية للعمود الجيولوجي. وتشمل في مجموعها مقياس الزمن الجيولوجي geologic time scale لتاريخ الأرض. وقد أدخلت وحدات مقياس الزمن الرئيسية خلال القرن التاسع عشر على يد علماء من غرب أوروبا وبريطانيا, ونظراً لأن تحديد العمر المطلق بإستخدام المواد لامشعة لم يكن معروفاً في ذلك الوقت, فإنه مقياس الزمن قد أقيم بإستخدام طرق قياس العمر النسبي. وقد أضيفت التقديرات المطلقة لوحدات مقياس الزمن بعد إجازتها في القرن العشرين.

أ-بناء قياس الزمن الجيولوجي

يقسم مقياس الزمن الجيولوجي 4.6 بليون سنة والتي تمثل تاريخ الأرض إلى وحدات مختلفة وهي الدهور والأحقاب والعصور والأحايين, ويقدم إطاراً زمنياً معقولاً ترتب داخله الحداث الجيولوجية المختلفة منذ نشأة الأرض وإلى الآن. وكما يتضح من شكل مقياس الزمن الجيولوجي, فإن الدهر الذي بدأ قبل 570 مليون سنة دهر الحياة الظاهرة Phanerozoic Eon وهو مصطلح مشتق من الكلمات اللأتينية التي تعني حياة ظاهرة, وهو وصف مناسب, لأن صخور ورواسب ذلك الدهر تحوي الكثير من الحفريات التي تسجل الإتجاهات التطورية الرئيسية في الحياة.

ويقسم دهر الحياة الظاهرة إلى ثلاثة أحقاب eras هي: حقب الحياة القديمة Paleozoic Era (يعني مقطع paleo قديم ويعني مقطع zoe حياة), وحقب الحياة المتوسطة Mesozoic Era (يعني مقطع meso وسطي يعني مقطع zoe حياة) وحقب الحياة الحديثة Cenozic (يعني مقطع ceno حديث ويعني مقطع zoe حياة). وتعكس هذه الأسماء إختلافات واضحة في شكل الحياة على مستوى العالم عند الحدود بين الأحقاب. وينقسم كل حقب من الأحقاب الثلاثة إلى وحدات زمنية تسمى عصور periods. وينقسم حقب الحياة القديمة Paleozoic Era إلى ستة عصور, كما سنقسم حقب الحياة الوسطى إلى ثلاثة عصور, وحقب الحياة الحديثة إلى عصرين. وتختلف الحياة من عصر إلى عصر, إلا أن هذه الإختلافات تقل عن تلك الإختلافات التي توجد بين حقب وحقب. كما يقسم كل عصر من العصور إلى أقسام أصغر ويطلق عليها الأحيان epochs, بينما يقسم الحين إلى أعمار ages.

فترة ما قبل الكمبري Precambrian time

لا يمكن عمل تقسيم تفصيل لمقياس الزمن الجيولوجي إلا في 570 مليون سنة الأخيرة من عمر الأرض, والتي تحتوي على بقايا الحياة الهيكيلة المعقدة, وتمتد من بداية العصر الكمبري حتى الآن. وتقسم الأربعة بلايين سنة من عمر الأرض, والتي تسبق العصر الكمبري إلى ثلاثة دهور وهي الهاديان Hadean (تعني كلمة Hades عالم الأساطير الخفي للأرواح الراحلة), والأركي Archean (وتعني كلمة archaios القديم أو السحيق), والبروتيروزي Proterozoic وتعني كلمة proteros قبل و zoe تعني حياة). وكثيراً ما يطلق على هذه الفترة الزمنية الطويلة من عمر الأرض وبصورة غير رسمية مصطلح ما قبل الكمبري Precambrian . وعلى الرغم من أنه يمثل نحو 87% من عمر الأرض, إلا أنه لا يقسم إلى أقسام كثيرة كتلك التي تكون في دهر الحياة الظاهرة.

ويرجع السبب في عدم تقسيم الفترة الزمنية الطويلة التي يشملها ما قبل الكمبري إلى أحقاب وعصور وأحيان كثيرة إلى أننا لا نعرف كثيراً عن تاريخ ما قبل التاكمبري. وتماثل كمية المعلومات التي توصل إليها الجيولوجيون عن ماضي الأرض ما عرفوه عن تاريخ البشر. وكلما تعمقنا أكثر في الماضي قلت المعلومات التي نستطيع الإلمام بها.وبالطبع سجلت أحداث القرن التاسع عشر بشكل أفضل من أحداث القرن الأول الميلادي, وهذا ينسحب بالطبع على تاريخ الأرض, إذ كلما قدم الحدث كان أكثر تشوشاً وأقل وضوحاً. وهناك أسباب أخرى لتفسير نقص معلوماتنا عن تلك الفترة الزمنية من تاريخ الأرض والتي يشملها "ما قبل الكمبري", منها:

1-لم يبدأ الإنتشار الواسع للحياة في السجل الجيولوجي إلا من بداية العصر الكمبري. أما ما قبل الكمبري فقد أنتشرت أشكال بسشيطة من الأحياء مثل:البكتريا والطحالب والفطريات والديدان. وهي أشكال من الأحياء لا تحتوي على هيكل صلب, والذي يمثل أحد المتطلبات الأساسية لحفظ الكائنات الحية كحفريات.ولهذا السبب فإن السجل الحري في ما قبل الكمبري يعد هزيلاً.

2-ولأن صخور ما قبل الكمبري شديدة القدم فقد تعرض معظمها لتغيرات كثيرة وشديدة. حيث يتكون معظم السجل الصخري في ما قبل الكمبري من صخور متحولة مشوهة بشدة. مما يجعل البيئة القديمة شديدة الصعوبة نظراً لتشوه كل الشواهد التي كانت تميز الصخور الرسوبية. وقد أمدتنا المواد المشعة بحل جزئي لمشكلة تحديد أعمار ومضاهاة صخور ما قبل الكمبري, إلا أن عدم حل تعقيدات ما قبل الكمبري يظل أمراً مثبطاً للهمم.

ب-مشكلات تحديد الأعمار في مقياس الزمن الجيولوجي على الرغم من أنه أمكن التوصل إلى تقديرات دقيقة لأعمار مختلف أقسام العمود الجيولوجي, فإن هذا لا يعني أن الأمر يخلو من صعوبات. تكمن الصعوبة الأولى في وضع تقدير دقيق للعمر في أنه لا يمكن تقدير عمر الصخور بغستخدام الطرق الإشعاعية, وذلك يرجع إلى أنه لكي تكون عملية التقدير دقيقة, فلابد أن تكون كل المعادن الموجودة في الصخر قد تكونت في وقت واحد. ولهذا لسبب, فإننا نستخدم النظائر المشعة لتحديد متى تبلورت المعادن المكونة للصخر الناري, ومتى وصلت درجة الحرارة والضغط إلى الحد, الذي يساعد على تكوين معادن جديدة في الصخر المتحول.

أما الصخور الرسوبية فإنها نادراً ما يمكن تحديد عمرها بغستخدام المواد المشعة مباشرة. وعلى الرغم من أن الصخور الرسوبية الفتاتية قد تحتوي على حبيبات بها نظائر مشعة, إلا أن عمر الصخر نفسه لا يمكن تحديده بطريقة دقيقة, لأن الحبيبات المكونة للصخر لا تنتمي إلى عمره نفسه. كما أن الرواسب تأتي من صخور مختلفة العمر بالتجوية. كما أن الرواسب تأتي من الصخور المتحولة قد يصعب تفسيرها, لأن عمرمعدن معين في الصخر المتحول لا يمثل بالضرورة عمر تكوين الصخر الأصلي,بل قد يمثل مرحلة من مراحل التحول اللاحقة. أما إذا كان الصخر الرسوبي لا يحتوي على مواد مشعة مناسبة لتقدير عمره المطلق, فإنه يتحتم على الجيولوجي ربط الطبقات الرسوبية بأجسام نارية يمكن تحديد أعمارها المطلقة, حيث تكون الطبقات الرسوبية أقدم عمراً من الجسم الناري القاطع له, كما تكون أحدث عمراً من الأجسام النارية غير المتأثرة بها في التتابع نفسه.

ومن مثل هذا النوع من الشواهد, يمكن للجيولوجي أن يقدر عمر الصخور الرسوبية تقديراً مطلقاً. كما يتضح مدى أهمية الربط بين الدراسات المعملية والمشاهدات الحقلية عند القيام بهذه المهمة.

V. التصنيف الطبقي (الإستراتجرافي) تضم الوحدات الطبقية (الإستراتجرافية) stratigraphic units مجموعة الطبقات التي يمكن تقسيمها بناءً على خصائصها الطبيعية أو الكيمائية أو محتواها من الحفريات. كما تشمل تلك الوحدات أيضاً وحدات زمنية time units يتم وضعها بناءً على أعمار هذه الطبقات. ولقد تنبه العلماء في أواخر القرن التاسع عشر إلى أهمية فصل مفهوم الزمن الجيولوجي وتقسيماته عن أقسام الصخور, التي ترسبت خلال هذا الزمن. ولقد أدى هذا الفصل إلى نشأة وحدات الزمن الجيولوجي geologic time units والتي تشمل مختلف عصور periods الزمن الجيولوجي,وأيضاً الوحدات الزمنيةالصخرية time-rock units والتي تشمل أنظمة systems الصخور التي تكونت خلال هذه العصور.

وقد قام الجيولوجيون في مختلف أنحاء العالم منذ نهاية القرن التاسع عشر, وخلال القرن العشرين, بعمل شبكات من المضاهاة الإستراتجرافية وعمل تدقيق لمقياس الزمن الجيولوجي, إلا انهم إستخدموا مصطلحات ومفاهيم مختلفة مما أدى إلى حدوث كثر من اللبس. وللقضاء على هذا اللبس ولوضع قواعد ثابتة لتسمية الوحدات الطبقية الرسمية, عقد عديد من المؤتمرات العلمية المحلية والدولية. وفي إطار هذا الإهتمام وبالتعاون بين جمعية أمريكا الشمالية للتسمية الطبقية North American Commission on Stratigraphic Nomenclature والجمعية الأمريكية للجيولوجيين الاملين في البترول Association of Petroleum Geologists تم نشر عدد من طبعات "دليل التسمية الطبقية Code of Stratigraphic Nomenclature". وقد وضع هذا الدليل (الكود) في الأساس ليضع قواعد تسمية الوحدات الإستارتجرافية الرسمية المختلفة, مما يعمل على سهولة التواصل بين الجيولوجيين. ويشمل هذا الدليل خمسة أنواع من الوحدات, وهي: وحدات الزمن الجيولوجي geochronologic أو time units والوحدات الطبقية الزمنية chronostratigraphic units أو time rock units والوحدات الطبقية الصخرية lithostratigraphic أو rock units والوحدات الطبقية الحيوية biostratigraphic units ووحدات القطبية المغناطيسية الطبقية polarity time - rock أو chronostratigraphic units polarity.

وقسم الزمن الجيولوجي إلى وحدات غير متساوية بناءً على طول الأحداث الجيولوجية المختلفة, وتشمل وحدات الزمن الجيولوجي time units: الدهر eon والحقب era والعصر periode والحين epoch والعمر age, مرتبة من الأطول إلى الأقصر. ويعتبر العصر periode الوحدة الزمنية الأساسية. أما الوحدات الطبقية الزمنية time - rock units فتشمل الصخور التي ترسبت خلا الفترة الزمنية المساوية لوحدة الزمن الجيولوجي المقابلة لها. وهي تشمل وحدة صخور الدهر eonothem وتقابل الدهر, والتجمع أو صخور الحقب erathem ويقابل الحقب, والنظام system ويقابل العصر , والنسق series ويقابل الحين, والمرحلة stage وتقابل العمر, وتأخذ كل وحدتين متقابلتين من الوحدات السابقة إسماً واحداً, فمصطلح الكمبري Cambrian يطلق على العصر الكمبري Cambrian Periode والذي يشمل الفترة الزمنية الممتدة بين نحو 570 إلى 500 مليون سنة مضت, بينما يشير مصطلح نظام الكمبري Cambrian system إلى كل الصخور التي ترسبت خلال تلك الفترة الزمنية.

أما الوحدات الطبقية الصخرية, أو بإختصار الوحدات الصخرية rock units, فتعبر عن تقسيم التتابع الطبقي بناءً على صفاته الصخرية, بصرف النظر عن زمن تكوين هذه الصخور أو طريقة تكوينها. وتشمل الوحدات الصخرية فوق المجموعة supergroup والمجموعة group والمتكون formation والعضو member والطبقة bed. والوحدة الرئيسية في هذا التصنيف هي المتكون formation . ويضم المتكون مجموعة من الطبقات التي لها نفس الخصائص الصخرية, وتحتوي عادة على نفس المجموعة من الحفريات. وقد تتكون بعض المتكونات من نوع صخري واحد مثل الحجر الجيري, بينما تتكون مكونات أخرى من طبقات رقيقة متبادلة من أنواع مختلفة من الصخور مثل الحجر الرملي والطفلي. وعلى الرغم من هذا الإختلاف, فإن كل متكون يحتوي على مجموعة من الطبقات الصخرية التي يمكن تتبعها على الخرائط الجيولوجية ذات مقياس الرسم المناسب (في حدود 25000:1). ويسمى المتكون بإسم بعض المعالم الجغرافية المحلية مثل الأنهار أو المدن أو غيرها, مثل متكون وادي النطرون Wadi Natrun Formation أو إسم صخر معين مثل طفل إسنا Esna Shale Formation . كما يجب أن يختار للمتكون منطقة مرجعية يوجد بها المتكون بشكل كامل. وعند كتابة المصطلح باللغة الإنجليزية تكتب الحروف الأولى كبيرة. ويجب إتباع النظام نفسه عند تسمية بقية الوحدات الصخرية مثل فوق المجموعة أو المجموعة أو العضو.

أما الوحدات الطبقية الحيوية فتقوم على أساس تقسيم التتابعات الطبقية على أساس محتواها من الحفريات. والوحدة الأساسية للوحدات الحيوية هي النطاق الحيوي biozone وهي طبقة أو مجموعة من الطبقات, تتميز بوجود نوع معين وحيد أو مجموعة مميزة من لاحفريات, بغض النظر عن حدود النوعية الصخرية الحاوية لها أو العمر. وقد تتطابق حدود النوع الحيوي مع حدود الوحدات الطبقية الأخرى وقد لا تتطابق. وإذا دلت الحفرية أو مجموعة الخفريات الدالة index fossils على زمن معين, سمي لانطاق بالنطاق الزمني chronozone. ويختلف نوع النطاق بناءً على إختلاق درجة الدلالة الزمنية لمجموعة الحفريات المميزة للنطاق, فمنها نطاق المدى range zone, الذي يتحدد من بداية ظهور حتى إختفاء عنصر حفري واحد يميزه, ومنها نطاق المجموعة assemblage zone الذي يتحدد من بداية ظهور عنصرين حفريين أو أكثر حتى إختفائها. كما قد يكون نطاق وفرة acme zone وهو نطاق يتحدد من بداية إنتشار ووفرة مجموعة حفرية معينة حتى تناقصا ويسمى النطاق بإِسم المجموعة الحفرية الدالة عليه.

أما وحدات القطبية المغناطيسية الطبقية polarity time - rock units (magnetstratigraphic units) فهي وحدات حديثةنسبية, وتقوم على بصمات المغناطيسية القديمة paleomagnetism المتبقية في الصخور, والتي تقاس بهدف تحديد شدة وإتجاه مجال الأرض المغناطيسي في الأزمنة الجيولوجية الماضية, حيث تشبه المغناطيسية المتحفرة في الصخور والتي يعبر عنها بنطاق قطبية polarity zone الحفريات المحتواة في الطبقات. وللبصمة المغناطيسية أهمية زمنية يعبر عنها كنطاق قطبية زمني polarity chronozone. وهذه الأهمية الزمنية لأحداث المغناطيسية القديمة وفترات القطبية تمكننا من بناء مقياس زمني بناءً على القطبية القديمة, والذي يظهر إتجاه القطبية القديمة المحفوظة في نوعيات مختلفة من الصخور, مثل: إنسيابات اللابة القارية وبازلت قاع المحيط ورواسب البحار العميقة. وتساعد المواد الشمعة في تحديد العمر المطلق لأحداث المغناطيسية القديمة, والتي يطلق عليها وحدات قطبية زمنية polarity chronologic units . وفي الرواسب البحرية العميقة يمكن تحديد العمر الدقيق لوحدات القطبية من ربطها بالنطاقات الحيوية.

وبالتالي, فإن المغناطيسية الاقديمة خاصية في الصخور تظهر تتابعاً زمنياً, ويمكن إستخدامها في عمل مضاهاة زمنية بين التتابعات الطبقية. فإذا أمكن تعرف أحداث مغناطيسية قديمة وكان من الممكن ربطها بوسائل أخرى للمضاهاة, أصبحت لدينا وسيلو جيدة لمضاهاة الرواسب البحرية العميقة على مستوى عالمي. وقد ثبت أن المغناطيسية القديمة طريقة ممتازة لعمل تقسيم طبقي زمني لصخور حقب الحياة الحديثة والنصف العلوي من حقب الحياة الوسطى, إلا أن تطبيقه على الصخور الأقدم من ذلك تفتقر لوجود قطاعات مرجعية جيدة على مستوى الكرة الأرضية ككل. بمعنى آخر, فإن المقياس الزمني للمغناطيسية القديمة يطبق فقط على الصخور التي ترسبت فقط على قيعان المحيطات الحديثة. وفي الآونة الأخيرة, ومع وجود أجهزة قياس المغناطيسية (مجنوميترات) على درجة عالية من الدقة والحساسية, يمكن تحديد أحداث المغناطيسية القديمة لكثير من التتابعات الطبقية في قيعان المحيطات، ومعايرة هذه الأحداث بتقديرات الأعمار المطلقة بإستخدام المواد المشعة, حيث يعكس تحديد عمر الصخور التي لا تحتوي على حفريات مرشدة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الآثار

Relative dating methods in archaeology are similar to some of those applied in geology. The principles of typology can be compared to the biostratigraphic approach in geology.

انظر أيضاً

  • عام
    • Consilience, evidence from independent, unrelated sources can "converge" on strong conclusions

الهامش

  1. ^ Stanley, Steven M. (1999). Earth System History. New York: W.H. Freeman and Company. pp. 167–169. ISBN 0-7167-2882-6.

المراجع