قياس التدفق

(تم التحويل من Flow measurement)

مقياس التدفق Flow measurement، هو تحديد كمية المائع المتحركة. يمكن قياس التدفق بطرق مختلفة.

يتم تجميع أمتار من المائع المزاح-الموجب في حجم ثابت من المائع ثم يحسب عدد مرات الحجم الذي يملأ معيار التدفق. الطرق الأخرى لقياس التدفق تعتمد على القوى التي تنتج من التيار المتدفق أثناء تعديها ضيق معروف, لحساب التدفق الغير مباشر. قد يقاس التدفق بقياس سرعة السائل في منطقة معروفة.


إن معرفة كمية المائع المارة عبر أنبوب أو قناة أو أي منشأة أخرى هي من أهم المعلومات التي يجب أن يعرفها المهندس بالنسبة إلى المشروعات المائية خصوصاً والمشروعات ذات الصلة بالموائع، مثل النفط والغاز عموماً سواء أكان في مرحلة التصميم أم الاستثمار، إذ لا يمكن تصميم شبكة إمداد مياه شرب أو ري من دون معرفة كمية المياه الواجب توفيرها. ولا يمكن تصميم خط لنقل النفط أو الغاز دون معرفة كمية النفط أو الغاز الواجب إمراره. كما أنه لا يمكن توزيع مياه الشرب والري على الأحياء أو الحقول بكميات محددة من دون أداة أو وسيلة تقيس ذلك.

مقياس التدفق أو التصريف هو الأداة أو الوسيلة التي تمكن من قياس كمية المائع المارة خلال واحدة الزمن عبر وسط معين. ويمكن أن يكون الوسط أنبوباً أو قناة أو نهراً أو مفرغ سد أو مضخة أو عنفة. [1]

ولا يختلف مبدأ قياس التدفق بتغير نوع المائع، لأن معظم مبادئ القياس وأساليبه تُدخل تأثير كتلة المائع النوعية ونوعه ولزوجته.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لمحة تاريخية

لم يبتكر الإنسان أي وسيلة قياس فعلية للتدفقات إلا بعد أن أوجد العالم السويسري دانيال برنوللي (1700-1782) معادلته الشهيرة التي تدعى أيضاً معادلة الطاقة، والتي شكلت الأساس النظري لتطوير طرائق قياس التدفقات. وفي فرنسا قام المهندس هنري بيتو عام 1730 بتصميم أنبوب زجاجي لقياس سرعة الجريان في نهر السين. ثم بالاعتماد على معادلة برنوللي استخدمت الهدارات بأنواعها كافة لقياس كمية المياه المتدفقة في الأقنية. كما قام المهندس الإيطالي ڤنتوري بالاعتماد على المعادلة نفسها بتصميم أداة لقياس التصاريف في الأنابيب، وسميت هذه الأداة فيما بعد بأنبوب ڤنتوري.

وكان المهندس ولتمن أول من قدَّم أداة لقياس التدفقات المائية لا تعتمد على معادلة برنوللي، حيث صمّم دولاباً مزوداً بريش يدور عند مرور السائل خلاله، وبمعرفة عدد دورات الدولاب يتم معرفة كمية التصريف. وبعد ذلك اقتصر التركيز في تطوير أجهزة قياس التدفق على رفع دقة هذه الأجهزة، ولكن المبدأ كان يعتمد دوماً على معادلة برنوللي أو مبدأ جهاز ولتمَن.

وقد حدث تطور كبير في نهاية القرن العشرين عندما تم اختراع مقاييس التدفق باستخدام الأمواج فوق الصوتية، التي تمكن من قياس كمية السائل المتدفقة في الأنبوب دون الحاجة لوضع أي عنصر داخل الجريان، وإنما تثبيت حساسات على الأنبوب من الخارج.


أنواع المقاييس ومبادئ عملها

توجد ثلاث طرق رئيسة مختلفة المبدأ لقياس التدفق عبر مقطع أنبوب أو قناة. وهذه الطرائق هي الآتية:

الطريقة الحجمية

عداد ولتمن.
مبدأ عمل عداد ولتمن.

يتم قياس حجم السائل المار في الأنبوب أو القناة إما عن طريق إملاء وعاء معروف الحجم؛ وإما باستخدام عداد سائل. وفي أثناء قياس حجم السائل يتم حساب الزمن اللازم لمرور هذا الحجم. فإذا كان حجم السائل المار هو v (m3)، وأن الزمن هو T(sec)، فإن التدفق المار Q (m2/sec) هو:

الطريقة الحجمية لقياس التدفق.jpg

والعداد هو أداة تستخدم لقياس كمية السائل المارة خلاله. ويتألف العداد من الجسم الخارجي، الذي يحتوي في داخله مجموعة من الأدوات، تدار في أثناء مرور السائل عبرها. ويجري تركيب العداد على الأنبوب المراد قياس كمية السائل المارة عبره.

توجد أنواع كثيرة لعدادات المياه، وهي تصنف حسب مبدأ العمل إلى:

1- عدادات حجمية.

2- عدادات السرعة: وهي أداة تركب داخل جسم مغلق. وتتكون من أجزاء متحركة تدار مباشرة بسرعة تدفق المياه. والأجزاء المتحركة هي دولاب يدور عند مرور المياه فيه، ويرتبط بمجموعة من المسننات، التي تتصل بدورها مع مؤشرة تقوم بجمع حجم التدفق. وتوجد لعداد السرعة عدة نماذج، هي:

أ- عداد ولتمن: هو جسم أنبوبي، يحتوي على دولاب قابل للدوران حول جذع ينطبق على محور الأنبوب. ويتألف الدولاب من مجموعة شفرات حلزونية الشكل، لها شكل انسيابي. ويرتبط الدولاب عن طريق مجموعة مسننات مع المؤشرة. ويتناسب عدد دورات الدولاب مع سرعة المياه المارة في العداد.

ب - العداد أحادي القاذف: هو عداد سرعة، يتكون من دولاب توربيني، يدار بحركة المياه. ويدور هذا الدولاب حول محور عمودي على اتجاه تدفق المياه. وسمي أحادي القاذف؛ لأن التيار المائي يصطدم بالدولاب من مكان واحد على المحيط الخارجي للدولاب.

ج- العداد متعدد القواذف: يشبه العداد أحادي القاذف، والفرق الوحيد هو أن التيار المائي قبل أن يصطدم بالدولاب، يدخل إلى حجرة تحتوي على عدة ثقوب على شكل قواذف. ومن هذه القواذف تخرج التيارات المائية، وتصطدم بالدولاب في عدة أمكنة على المحيط، تؤدي إلى تدويره.

الطريقة التكاملية

في هذه الطريقة يتم قياس سرعات الجريان عبر مقطع الأنبوب أو القناة في عدد من النقاط. فإذا كانت قيمة سرعة الجريان هي u عند شريحة صغيرة مساحتها dA من مقطع الجريان، فإن التدفق المار عبر المقطع هو:

الطريقة التكاملية لقياس التدفق.jpg

ولكن ما يتم عملياً هو إنجاز التكامل السابق بصورة عددية أو تخطيطية. حيث ترسم خطوط توزع السرعة عبر المقطع، وتحسب المساحات المحصورة بين كل خطين متجاورين. ويتم حساب التصريف المار بين كل خطين بضرب المساحة المحصورة بين هذين الخطين بقيمة السرعة الوسطية للجريان بينهما. ولحساب التصريف الكلي عبر المقطع يتم جمع التصاريف الجزئية بين كل خطين متجاورين.

منحنيات توزع سرعة الجريان عبر نهر
منحنيات توزع سرعة الجريان عبر نهر

الطريقة المباشرة

يتم قياس التدفق عبر مقطع معين بشكل مباشر عن طريق وسيلة إظهار، أو بتطبيق المعادلات. وهناك عدة طرائق لقياس التدفقات، تعتمد على مبادئ وأسس مختلفة، منها ما يأتي:

1- الطرق التي تعتمد على معادلة الطاقة: حيث يتم استخدام أجهزة أو أدوات، تعتمد في حساب التدفق على تطبيق معادلة الطاقة. ومن هذه الأجهزة:


جهاز ڤنتوري.
فتحات الأنابيب.


أ- جهاز فنتوري: يتألف هذا الجهاز من أنبوب يتغير مقطعه تدريجياً مع اتجاه الجريان إلى أن يصل إلى قيمة صغرى، ثم يتوسع بالتدريج حتى يأخذ من جديد قيمته الأولى، كما في الشكل (3). وتنسب تسمية هذا الجهاز البسيط إلى الإيطالي فنتوري Venturi الذي قدّمه عام 1791، ويستعمل لقياس التدفق المار في أنبوب ما. ويُصادف كثيراً في محطات ضخ مياه الري والشرب، وكذلك في شبكات الأنابيب، إذ يوضع في طريق الجريان بشكل يمر منه كامل التدفق المراد قياسه في هذا الأنبوب. حيث يؤدي مرور السائل في الأنبوب المتضيق إلى تسارعه في اتجاه الجريان، مما يؤدي إلى حصول هبوط في الضغط. وحسب معادلة الطاقة. فإن هناك علاقة بين معدل الجريان وبين هبوط الضغط ومن ثم يمكن تحديد مقدار التدفق المار في الأنبوب. ويمكن قياس فرق الضغط المتشكل عند المقطع المتضيق وقبله باستخدام مانومتر يوضع في داخله سائل ذو كتلة نوعية معروفة. ويحسب التدفق المار في جهاز فنتوري من العلاقة:

قياس التدفق بجهاز فنتوري.jpg

حيث أن:

- Q: التدفق المار في الأنبوب (m3/s).

- h: فرق الارتفاع في سائل المانومتر (m).

- K: ثابت يتعلق بالكتلة النوعية للسائل المار وسائل المانومتر ونسبة قطر المقطع المتضيق إلى قطر الأنبوب قبل التضيق.

ب - فتحات الأنابيب: يعتمد مبدأ عمل فنتوري المبين في الفقرة السابقة على تغير مقطع الأنبوب المتضيق، بحيث يكون مقطع الجريان عند العنق أصغر منه عند مدخل الأنبوب المتضيق. يمكن الحصول على نتيجة مشابهة بتركيب صفيحة تحتوي على فتحة قطرها أصغر من القطر الداخلي للأنبوب. تعد هذه الطريقة أبسط وأقل كلفة من أنبوب فنتوري، وتؤدي الغرض نفسه، إلا أن ذلك يكون على حساب فاقد الاحتكاك. ويمكن حساب التصريف النظري من العلاقة السابقة نفسها، غير أن التصريف الفعلي يكون أقل من ذلك بكثير، لأن فاقد الاحتكاك هنا يكون كبيراً.

ج- الهدّارات: الهدّار هو فتحة كبيرة ليس لها حرف علوي، ويجري الماء من فوقها بتأثير الضاغط المتشكل أمامها. والهدارات منشآت مائية مهمة، تستعمل لأغراض متعددة، منها قياس غزارة الجريان المارة في الأقنية. وهي تستخدم كثيراً في مشروعات شبكات الري والصرف والسدود ومحطات الضخ، وفي مختلف المشروعات المائية الأخرى. ولها أشكال عديدة منها عريض العتبة، ورقيق الحافة المستطيل، ورقيق الحافة المثلثي. ويحسب التدفق المار عبر الهدار المستطيل رقيق الحافة من العلاقة:

حساب التدفق بالهدارات.jpg

حيث أن:

- Q: التدفق المار(m3 /s).

- h: الضاغط الهندسي (m).

- b: عرض الهدار.

- Cd: معامل التصريف.

أما التدفق المار عبر الهدار المثلثي رقيق الحافة ذي الرأس القائم فيحسب من العلاقة:

التدفق المار عبر الهدار المثلثي.jpg

منظر عام لهدار مستطيل رقيق الحافة.
منظر عام لهدار مثلثي رقيق الحافة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قياس التدفق باستخدام الأمواج فوق الصوتية

مبدأ عمل مقياس التدفق باستخدام الأمواج فوق الصوتية.
صورة لمقياس التدفق باستخدام الأمواج فوق الصوتية مع جهاز إظهار القياس.

تستخدم تقنيات صوتية في قياس التدفقات. وهذه التقنية تعتمد على قياس الفترة الزمنية اللازمة لتقدم موجة صوتية بين قطعتين الكترونيتين تشكلان معاً عداد التدفق. تؤدي إحدى القطع دور المصدر الصوتي بينما تقوم القطعة الأخرى باستقبال هذه الموجة الصوتية بعد عبورها مسافة معروفة ضمن الوسط المدروس. من المعلوم أن زمن الانتقال اللازم لموجة صوتية عبر مسافة معلومة، يكون مساوياً جداء سرعة الصوت في الوسط المدروس بالمسافة المقطوعة، وذلك عند خلو الوسط المدروس من أي جريانات. في حين يتغير زمن انتقال هذه الموجة على نحو يتناسب مع التدفق الموجود. يكون الفرق بين الزمنين (سائل ساكن وسائل متحرك) مرتبطاً مباشرةً بظاهرة دوبلر، مما يمكن المستخدم من تحديد سرعة التدفق المقاسة على نحو سهل وسريع باستخدام معادلات دوبلر. وتتميز هذه العدادات بسهولة التركيب وعدم وجود فواقد هدروليكية تنتج من استخدامها. كما يمكن استخدامها مع السوائل الخطرة التي يتوجب تجنب وجود فتحات في أنابيبها وذلك لتخفيض احتمالات التسرب، حيث تركب على الأنبوب من الخارج. وقليلاً ما تتأثر جودة القياسات بتغيرات كثافة السائل المتدفق أو حرارته أو ناقليته الكهربائية أو الحرارية.

استخدامات مقاييس التدفق

لمقاييس التدفق استخدامات عديدة. فهي تركب في جميع مراكز إنتاج المياه من آبار ومحطات ضخ لتحديد كمية التدفق، كما تركب في مراكز الضخ الرئيسة في حقول النفط والغاز. وفي مفرغات السدود يجري أيضاً تركيب هذه الأجهزة لتقدير كمية المياه الخارجة من المفرغ. تركب أيضاً أجهزة قياس التدفق على مستوى الحقول الزراعية لإمكانية توزيع مياه الري على المقاسم الزراعية بالمقنن المطلوب.

وقد ُبدئ اليوم باستخدام مقاييس التدفق طريقةً لإدارة شبكات مياه الشرب من أجل ضبط التسربات في الشبكات؛ حيث يتم تركيب مقياس تدفق عند كل نقطة تفرع من الشبكة. وبمقارنة مجموع التدفقات عند نقاط التفرع من الشبكة مع التدفق الكلي الداخل إلى الشبكة، يمكن رصد المناطق التي تستهلك كميات كبيرة من المياه والتي يمكن أن تعزى إلى حدوث تسربات. وبعد ذلك يتم التحري عن سبب حدوثها.


انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أمجد زينو. "مقياس تدفق الموائع". الموسوعة العربية. Retrieved 2013-12-17.


للاستزادة

  • وائل معلا، أمجد زينو، مبادئ الهيدروليك الهندسي (منشورات جامعة دمشق 2005).
  • وائل معلا، أمجد زينو، السعدي، الجريان ذو السطح الحر (منشورات جامعة دمشق 2002).
الكلمات الدالة: