يوم فيف الريح

يوم فيف الريح هو أحد أيام العرب التي وقعت وقت بعثة النبيّ محمد بمكة، وكان أحير ايام العرب في الجاهلية وقعة فيف الريح وهي وقعة كانت بالحجاز بين مذحج وقيس، وكانت على قيس. وفيه أغارت قبائل مذحج وخثعم ومراد وزبيد ورئيسهم ذو الغصة الحصين بن يزيد وأنس بن مدرك الخثعمي على بني عامر وهم منتجعون فيه فأغنت يومئذ بنو عامر ورئيسهم ملاعب الأسنة وفقئت عين عامر ابن الطفيل، طعنه مسهر بن يزيد الحارثي وفي ذلك يقول عامر ابن الطفيل:

لعمري وما عمري علي بهين لقد شان حر الوجه طعنة مسهر
أعاذل لو كان البداد لقوتلوا ولكن نزونا بالعديد المجهر
ولو كان جمع مثلنا لم يبزنا ولكن أتتنا أسرة ذات مفخر
أتونا ببهراء ومذحج كلها وأكلب طرا في جنان السنور

وقال أبو عبيدة كان يوم فيف الريح عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وأدرك مسهر بن يزيد الإسلام فأسلم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سبب القتال

كان بين بني عامر بن صعصعة من جهة وبني الحارث بن كعب أحد بطون قبيلة مذحج عداوات، فأراد الحصين بن يزيد بن شداد بن قنان المُلقّب بذي الغصة أن ينتصر لبني الحارث بن كعب، فاستعان بخثعم وبني جعفي وزبيد وسعد العشيرة ومراد وصداء من بطون مذحج ومعهم قبائل نهد القضاعية وجعلوا أنس بن مدرك الخثعمي قائدهم وأقبلوا يريدون قيس عيلان وهم منتجعون مكاناً يقال له فيف الريح، ومع مذحج النساء والذراري حتى لا يفروا. فاجتمعت بنو عامر، فقال لهم عامر بن الطفيل: أغيروا بنا على القوم فإني أرجو أن نأخذ غنائمهم ونسبي نساءهم ولا تدعوهم يدخلون عليكم. فأجابوه إلى ذلك وساروا إليهم. فلما دنوا من بني الحارث ومذحج ومن معهم أخبرتهم عيونهم وعادت إليهم مشايخهم، فحذروا فالتقوا فاقتتلوا قتالاً شديداً ثلاثة أيام يغادونهم القتال بفيف الريح، فالتقى الصميل بن الأعور الكلابي وعمرو بن صبيح النهدي، فطعنه عمرو، فاعتنق الصميل فرسه وعاد، فلقيه رجل من بني معاوية خثعم فقتله وأخذ درعه وفرسه.

وشهدت بنو نمير يومئذ مع عامر بن الطفيل فأبلوا بلاء حسناً وسموا ذلك اليوم «حريجة الطعان» لأنهم اجتمعوا برماحهم فصاروا بمنزلة الحرجة، وهي شجر مجتمع. وسبب اجتماعهم أن بني عامر جالوا جولة إلى موضع يقال له العرقوب، والتفت عامر بن الطفيل فسأل عن بني نمير فوجدهم قد تخلفوا في المعركة، فرجع وهو يصيح: يا صباحاه! يا نميراه! ولا نمير لي بعد اليوم! حتى اقتحم فرسه وسط القوم، فقويت نفوسهم، وعادت بنو عامر وقد طعن عامر بن الطفيل ما بين ثغرة نحره إلى سرته عشرين طعنةً فصاح أنس ببني معاوية فاقتتلوا قتال شديد وأنشد أنس شعراً

دعوتُ بني قُحافة فاستجابوا فقلت: ردوا فقد طاب الورود

وقحافة من معاوية بن عامر وهم أسياد شهران وكان عامربن الطفيل في ذلك اليوم يتعهد الناس فيقول: يا فلان ما رأيتك فعلت شيئاً، فمن أبلى فليرني سيفه أو رمحه، ومن لم يبل شيئاً تقدم فأبلى، فكان كل من أبلى بلاءي حسناً أتاه فأراه الدم على سنان رمحه أو سيفه، فأتاه رجل من بني الحارث اسمه مسهر. فقال له: يا أبا علي أنظر ما صنعت بالقوم! انظر إلى رمحي! فلما أقبل عليه عامر لينظر فطعنة بالرمح في وجنته ففلقها وفقأ عينه وترك رمحه وعاد إلى قومه. وإنما دعاه إلى ذلك ما رآه يفعل بقومه، فقال: هذا والله مبير قومي! فقال عامر بن الطفيل: فأنشد:

أتونا بشهران العريضة كلها وأكلب طراً في جياد السنور

لعمري وما عمري علي بهين لقد شان حر الوجه طعنة مسهر

فبئس الفتى إن كنت أعور عاقراً جباناً وما أغنى لدى كل حضر

وقال مسهر وقد زعم أنهم أخذوا امرأة عامر:

وهصت بخرص الرمح مقلة عامر فأضحى نحيفا في الفوارس أعورا

وغادر فينا رمحه وسلاحه وأدبر يدعو في الهوالك جعفرا

وكنا إذا قيسية ذهبت بنا جرى دمعها من عينها فتحدرا

مخافة ما لاقت حليلة عامر من الشر إذ سربالها قد تعفرا

وأسرت بنو عامر يومئذ سيد بني مراد جريحاً، فلما برأ من جراحته أطلق. وممن أبلى يومئذ أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر، وعبيد بن شريح بن الأحوص بن جعفر؛ وقال لبيد بن ربيعة، ويقال إنها لعامر بن الطفيل:

لقد عَلِمَتْ عُلْيَا هَوَازِنَ أَنَّنِي أَنا الفارِسُ الحامِي حَقِيقَةَ جَعْفَرِ
وقد عَلِمَ المَزْنُوقُ أَنِّي أَكُرُّهُ علَى جَمْعِهِمْ كَرَّ المَنِيحِ المُشَهَّرِ
إِذَا ازْوَرَّ من وَقْعِ الرِّماحِ زَجَرْتُهُ وقُلتُ لَهُ ارْجعْ مُقْبِلاً غيرَ مُدْبِرِ
وأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الفِرَارَ خَزَايَةٌ علَى المَرْءِ ما لم يُبْلِ جَهْداً ويُعذِرِ
أَلَسْتَ تَرَى أَرماحَهُمْ فِيَّ شُرَّعاً وأَنْتَ حِصَانٌ ماجِدُ العِرْقِ فاصْبِرِ
أَرَدْتُ لِكيْ لا يَعْلمَ اللهُ أَنَنِي صَبَرْتُ وأَخْشَى مِثْلَ يومِ المُشَقَّرِ
لَعَمْرِي وما عَمْرِي عليَّ بِهَيِّنٍ لقَدْ شَانَ حُرَّ الوَجْهِ طعْنَةً مسْهِرِ
فَبِئْسَ الفَتَى إِن كُنْتُ أَعْوَرَ عاقِراً جَباناً فَما عُذْرِي لدى كُلِّ مَحْضَرِ
وقد عَلِمُوا أَنِّي أَكُرُّ عليهمُ عَشِيَّةَ فَيْف الرِّيح كَرَّ المُدَوِّرِ
وما رِمْتُ حتي بلَّ نَحْري وصَدْرَهُ نَجيعٌ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُسيَّرِ
أَقُولُ لِنَفْسِ لا يُجادُ بِمِثْلِها أَقِلِّي المِراحَ إِنَّنِي غيرُ مُقْصِرِ
فلو كانَ جَمْعٌ مثلُنا لم نُبالِهِمْ ولكِنْ أَتَتْنا أُسْرَةٌ ذاتُ مَفْخَرِ
فَجَاؤُوا بِشهرانِ العَرِيضَةِ كُلِّها وأَكْلُبَ طُرًّا في لباسِ السَّنَوَّرِ

وقال في ذلك أبو داؤد الرؤاسي أحد بنو كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة:

ونحن أهل بضيع يوم واجهنا جيش الحصين طلاع الخائف الكزم
ساقوا شعوبا وعنسا في ديارهم ورجل خثعم من سهل ومن علم
ولت رجال بني شهران تتبعها خضراء يرمونها بالنبل عن شهم
والزاعبية تكفيهم وقد جعلت فيهم نوافذ لا يرقعن بالدسم
ظلت يحابر تدعى وسط أرحلنا والمستميتون من حاء و من حكم
حتى تولوا وقد كانت غنيمتهم طعنا وضربا عريضا غير مقتسم


مصادر

  1. ^ الفاصل بين الحق والباطل من مفاخر ابناء قحطان واليمن - محمد عبد الرحيم جازم
  2. ^ الكامل في التاريخ - ابن الأثير - https://l.top4top.io/p_1649mtbf21.png نسخة محفوظة 7 يوليو 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ معجم البلدان - ياقوت الحموي - دار الكتب العلمية لبنان - ج4 - ص324 - https://c.top4op.io/p_16490vi291.jpeg - https://b.top4top.io/p_1695napx0.jpeg
  4. ^ كتاب الانساب للسمعاني الطبعه 2 نسخة محفوظة 27 يونيو 2018 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ معجم ما استعجم - البكري
  6. ^ العقد الفريد - ابن عبد ربه- الجزء 6 - صفحة 89
  7. ^ كتاب ترتيب الأعلام على مر الاعوام نسخة محفوظة 04 مايو 2018 على موقع واي باك مشين.
  8. ↑ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب الكامل في التاريخ -ابن الأثير - صفحة 30 - 379
  9. ^ نهاية الإرب في فنون الأدب - النويري- ج 15 - صفحة 415
  10. ^
  11. ^
  12. ^