نقاش:سمنود

سباعيات الحزن.. في كفر حسان  
 تحقيق: مجدي سلامة........حررت هذه الصفحة من جانب : محمد الشحات

»كفر حسان«.. أحد أكبر قري مركز سمنود بالغربية وهي ليست ككل القري.. هي موال حزين لا يتوقف أنينه.. وأهلها يعيشون وسط سباعيات حزن لا تنقطع.. يطاردهم العذاب مع الماء الذي يشربون والأرض التي يزعون.. والشوارع التي فيها يمشون.. والمستشفي الذي به يعالجون.. والمدارس التي بها أبناؤهم يتعلمون!! الخدمة الوحيدة التي قدمتها الحكومة لأهالي كفر حسان طوال الربع قرن الأخير هي إقامة مركز شباب بالقرية ولكن المسئولين أقاموه في المقابر، ربما ليذكروا الشباب بالموت!! لم يعد هناك شيء في »كفر حسان« إلا وعبثت به يد الاهمال ولطخت وجهه الأزمات، وحولته من نعمة إلي نقمة وشوكة في ظهر 150 ألف مواطن مصري يعيشون حالة تعذيب لا تتوقف ليلا ولا نهارا. العذاب يشربه أهالي كفر حسان مع كل قطرة ماء تدخل جوفهم بعدما تحولت مياه الشرب هناك من سر أسرار الحياة إلي أحد أهم أسباب الموت، ومن مادة عديمة اللون والطعم والرائحة إلي مركبات ذات ألوان كثيرة ورائحة نفاذة، والسبب أن محطة المياه الوحيدة بالقرية تجاوز عمرها الآن 20 عاما ولهذا تسللت إليها الشيخوخة، فلم تعد قادرة علي الوفاء باحتياجات القرية من مياه وبالتالي تغيب مياه الشرب أطول ساعات النهار ولا تزور البيوت إلا بعد الساعة الواحدة ظهرا وحتي الخامسة مساء كما يؤكد »قاسم عبدالحميد قاسم« عضو مجلس محلي كفر حسان، وخلال هذه الساعات القليلة تكون المياه إما رمادية اللون أو تميل إلي الاحمرار وفي كل الحالات تكون ذات رائحة كريهة كما يقول عبدالرازق عبدالحميد مدرس بالأزهر. والمثير أن الحكومة عندما استجابت لاستغاثات الأهالي وشرعت في بناء محطة مياه بديلة، عبث الفساد بهذا الأمل ووقعت مخالفات مالية خطيرة في عمليات إنشاء المحطة فتوقف انشاؤها منذ أكثر من 5 سنوات بعد انفاق 5 ملايين جنيه عليها!! أكروبات المرضي ومن المياه إلي العلاج يعيش أهالي كفر حسان نفس المآسي ونفس الأزمات.. فمنذ عام 2001 تبرع الأهالي بنصف مليون جنيه لإقامة مستشفي بالقرية، وتبرعوا أيضا بـ6 قراريط لإقامة المستشفي عليها، ورغم مرور 5 سنوات لم يتم سوي بناء مبني المستشفي، ولم يتم تزويده بأي جهاز طبي، فقط يوجد به الآن أنتريه وبضعة كراسي حسب تأكيدات الشحات العيسوي رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية بالقرية. وهكذا لم يعد أمام أي مواطن يهاجمه المرض من سكان كفر حسان إلا أن يتحامل علي نفسه ويشد الرحال. لأقرب مستشفي الذي يبعد عن القرية بأكثر من 3 كيلو مترات كما يقول محمود العليمي. وفوق هذا علي المريض أن يكون خفيف الحركة وقادرا علي ممارسة الألعاب البهلوانية والأكروبات وإلا ما استطاع أن يصل لأقرب مستشفي إذ إن الوصول إليها لا يتم إلا بعد عبور طريق سريع عرضه يقترب من 12 مترا كاملا وتسير فيه السيارات بسرعات تتجاوز 120 كيلو مترا في الساعة!! النصيب معاناة كفر حسان لم تنته عند هذا الحد.. ولا نبالغ إذا قلنا إن المعاناة طالت كل شيء هناك.. حتي الكهرباء ففي كل بلاد الدنيا التيار الكهربي له حالتان لا ثالث لهما، فهو إما موجود أو مقطوع، أما في كفر حسان فالتيار الكهربي حالة خاصة جدا فهو موجود ولكن وجوده يشبه غيابه تماما، إذ إنه ضعيف جدا لدرجة أن جميع مصابيح الفلورسنت لا تضيء رغم وجود التيار الكهربي. ويقول كمال قاسم »مدرس« حاولنا معرفة السبب الذي جعل التيار الكهربي في كفر حسان ضعيف لدرجة أن وجوده صار مثل غيابه ولكننا عجزنا عن معرفة السبب.. سألنا كل المسئولين في سمنود فلم نجد اجابة سوي عبارة »هو كده.. نصيبكوا كده«!! درجة سابعة ويسود لدي أهالي كفر حسان شعور عام بأن المسئولين يعتبرونهم مواطنين درجة ثالثة أو حتي رابعة وربما خامسة وسادسة، ويبررون هذا الشعور بأن الحكومة لم تشعرهم بأنها مهتمة بهم وأنها تحاول مجرد محاولة أن تخفف العبء عنهم. يقول صفوت نزيهة »مدرس« كانت القرية أحوج ما تكون إلي مكتب بريد، وكم حررنا مكاتبات رسمية وشكاوي بهذا المعني ولكن شيئا لم يحدث وفي النهاية تبرعنا بقطعة أرض لإقامة مكتب بريد عليها عسي أن يرق قلب المسئولين ويستجيبوا لنا ولكن حتي الآن لم يرق للمسئولين قلب. نفس الأمر حدث في مكتب الشئون الاجتماعية كما يقول محمد محمود حسن »مدرس« حيث تبرع أهالي القرية بقطعة أرض لإقامة مكتب للشئون الاجتماعية بالقرية ولكن المسئولين لم يستجيبوا بدون ابداء أسباب!! ويقول عادل حامد »مدرس« كل أهالي القرية مندهشون من رفض المسئولين إقامة مكتب بريد ومكتب شئون اجتماعية بالقرية رغم أنها لن تكلف ميزانية الدولة أية مبالغ حيث أعلن أهالي القرية استعدادهم لبناء المكتبين بالجهود الذاتية وكل ما نريده هو موافقة الجهات الرسمية علي إقامتهما فهل هذا كثير علي 150 ألف مواطن مصري يعيشون في كفر حسان؟! هنا مركز الشباب والحقيقة تقتضي أن نعترف بأن المسئولين استجابوا مرة واحدة لرغبات أهالي كفر حسان ولكن هذه الاستجابة تمت بشكل في غاية الغرابة.. فبعد نداءات وتوسلات من أهالي القرية من أجل انشاء مركز شباب بها، وافق المسئولون علي إقامة مركز الشباب، وعندما راحوا يبحثون عن مكان لمركز الشباب تركوا القرية كلها وأقاموه وسط المقابر!! ولا يدري أحد السر في اختيار هذا المكان، ربما اختاره المسئولون لكي يذكروا الشباب المتردد علي مركز الشباب بالموت علي حد قول محمد عبدالمطلب »مدرس«. وعموما فإن مركز الشباب يغلق أبوابه أغلب أيام الأسبوع لوجود حالات وفاة بشكل شبه يومي في القرية!! ومن يقترب من أهالي كفر حسان سيكتشف بسهولة أنهم جميعا يتعرضون لعمليات تعذيب تكاد تترك الحليم فيهم حيرانا.. تعذيب لم ينج من مخالبه أحد.. فأطفال القرية معذبون حيث يتم شحنهم جميعا في فصول أقل فصل منها يضم 50 تلميذا وتلميذة. أما الشباب فتركوهم بلا وظائف ولا توظيف لتنهش أحلامهم أشباح البطالة ويقتلهم اليأس والحزن. رجال القرية أيضا يتم تعذيبهم بشكل خاص حيث تغيب مياه الري عن مساحات كبيرة من أراضي القرية خاصة الأراضي التي تروي من ترعة عرابي، وهذه الترعة تحديدا لا تصلها مياه الري أغلب أوقات العام حسب تأكيدات الشحات عيسوي رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية مما يؤدي إلي تخريب زراعات أكثر من 45 فدانا. وبالإضافة لكل أنواع التعذيب السابقة، يتم تعذيب أهالي كفر حسان بشكل آخر من العذاب، عذاب يأتيهم من تحت الأرض فيحول حياتهم إلي جحيم علي جحيم، وهذا العذاب هو مياه المجاري التي تكاد تغرق القرية كلها لدرجة أنها حولت شوارع القرية إلي بركة من المياه، وبدورها بدأت تلك المياه تأكل أساسات البيوت مهددة بسقوطها فوق رؤوس ساكنيها، ورغم هذا الحال البائس لم يتحرك أحد لانقاذ أهالي القرية من كل هذه النكبات، علي العكس لم يترك المسئولون فرصة لزيادة آلام أهالي كفر حسان، إلا واستغلوها علي طريقة وضع الملح علي الجروح.. حدث مثلا أن تبرع أهالي عزبة القواسم التابعة لكفر حسان بآلاف الجنيهات لشراء مواسير مياه للشرب بعدما عجزت المواسير الموجودة عن مد العزبة بما تحتاجه من مياه الشرب وبعد أن اشتري الأهالي المواسير فوجئوا بالمسئولين يصدرون فرماناتهم بأخذ هذه المواسير وتركيبها في منطقة أخري بمدينة سمنود!! حتي المسجد الكبير بكفر حسان لم ترحمه أيادي الاهمال حيث تركه المسئولون بلا ترميم وحتي عندما تبرع الأهالي بـ90 ألف جنيه لتجديد المسجد لم يجدوا مسئولا واحدا يمد لهم يد العون حتي الآن!! ومن جانبه يؤكد محمد مهاود مساعد مدير تحرير جريدة الوفد ومرشح حزب الوفد بدائرة سمنود أن ما يحدث في قرية كفر حسان يمثل حالة صارخة من الحرمان ومن التعنت الحكومي ضد أبناء القرية. ويضيف: حرمان كفر حسان من أبسط حقوقها يعود لخلاف نواب مجلس الشعب السابقين ولتصفية حساباتهم مع بعضهم البعض، وآن الأوان لمثل هذه المهازل أن تتوقف وآن الأوان لكفر حسان وغيرها من قري سمنود المحرومة من الخدمات أن تنهي سنوات من العذاب والحرمان. وأكد مهاود أنه يخوض انتخابات مجلس الشعب ليكون صوت من لا صوت لهم واليد التي ترد الحقوق للغلابة والبسطاء وترفع عنهم عذابا قضوا فيه سنوات طويلة.. وقال أتعهد أن أقدم شهريا كشف حساب لكل أبناء سمنود حتي يحصل الجميع علي حقوقه