نقاش:زنا

] سؤال : ما جزاء مرتكب الزنا ؟!

جواب : الزنا[1]حرام في الشريعة الإسلامية بنص القرآن الكريم ، فقد قال الله عَزَّ و جَلَّ : { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } [2] .

و قال عَزَّ مِنْ قائل : { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [3] .

و قال جَلَّ جَلالُه : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } [4] .

فالزنا محرم على المسليمن بالنص القراني، فلا يزني الزاني وهو مؤمن كما قال رسولنا الكريم (ص) كما أنه يهبط بالنفس البشرية من السمو الي درجة الحيوانية البهيمية، كما أن أغلب الأمراض في وقتنا الحاضر من آثام هذه الرذيلة0 وقد أخبرني أحد ممن سلك هذا الطريق (وقد تاب الله عليه) أن الآلام وضيق النفس التي يجدها من إقتراف هذه الرزيلة أكبر بكثير من تلك المتعة الزائلة0 عقاب الزناة :

لمرتكب الزنا ذكراً كان أم اُنثى عقابان :

الأول : العقاب الدنيوي :

العقاب الدنيوي لجريمة الزنا هو الحَدُّ الشرعي[5] ، و هو على أنواع :

1. القَتْل : و هو حدُّ الزاني بالمُحرَّمات نَسَبَاً ، و حَدُّ الزاني بإمرأة أبيه ، و حَدُّ من أكره إمرأةً على الزنا .

2. الجَلْدُ[6] و الرَجْمُ[7] معاً : للشيخ[8] المُحْصَن[9] و الشيخة المُحْصَنة .

3. الرَجْمُ فقط : للمُحْصن و المحصنة غير الشيخ و الشيخة .

4. الجَلْدُ و الحَلْقُ و النَفيُ[10] للشاب غير المُحْصَن .

5. الجَلْدُ فقط : للمرأة غير المُحصنة .

متى يتحقق الزنا ؟

لا يتحقق مفهوم الزنا الموجب للتحريم و الحد إلا بعد توافر الشروط التالية :

1. إدخال الحشفة[11] قُبُلاً أو دُبُراً ، لثبوت النص بأن التقاء الختانين يوجب الغسل و المَهْر و الحد ، و عليه فلا يتحقق الزنا بالضَّم و التقبيل و التفخيذ ، و ان كان محرماً يوجب التعزير[12] .

2. البلوغ ، لحديث : " رفع القلم عن الصبي ، حتى يحتلم و عن المجنون ، حتى يفيق ، و عن النائم ، حتى يستيقظ " .

أجل ، اذا زنى غير البالغ بالبالغة فعيله التعزير ، و عليها الجَلْد .

3. العقل ، فلا حد على المجنون ، للحديث المذكور .

4. العلم ، فإذا عقد جاهلاً على اخته من الرضاع ، أو امرأة في العدة ، أو اعتقد أن مجرد الرضا كافٍ في الحل ، و لو من غير عقد ، و وطأ فلا شيء عليه سوى أن الموطوءة في العدة الرجعية تحرم على الواطئ مؤبداً . و بكلمة ان كل من وطأ امرأة متوهماً الحل ، و هي محرمة عليه ، يسقط عنه الحد ، سواء أكان جاهلاً بالحكم فقط ، كما لو علم أنّه رضع هو و هذه من لبن واحد ، و جهل بتحريم العقد عليها ، أو كان جاهلاً بالموضوع فقط ، كما لو علم بتحريم العقد على الأخت من الرضاع ، و جهل بأن هذه أخته من الرضاع ، و سواءً أكان جهله عن قصور ، أو عن تقصير ، لحديث : " تدرأ الحدود بالشُبُهات " .

أجل إن الجاهل عن تقصير يستحق العقاب يوم القيامة ، و لا عقوبة عليه في الدنيا .

الثاني : العقاب الاُخروي :

أما العقاب الأُخروي لمعصية الزنا فقد تَحَدَّثت عنه روايات عديدة ، منها ما رُوِيَ عَنْ الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) أنه قال :

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " يؤتى بالزاني يوم القيامة حتى يكون فوق أهل النار ، فيقطُرُ قطرة من فرجه فيتأذى بها أهل جهنم من نَتِنِها ، فيقول أهل جهنم للخُزَّان ما هذه الرائحة المنتنة التي قد آذتنا ؟

فيقال لهم : هذه رائحة زانٍ .

و تؤتى بامرأة زانية فيقطُرُ قطرة من فرجها فيتأذى بها أهل النار من نَتِنِها " [13] .



[1] الزِّنا : وَطءُ الأُنثى حراماً من دون عقد ، و عند فقهائنا هو إيلاج البالغ العاقل ذَكَرَهُ قدر الحشفة في فرج الأُنثى المُحَرَّمة من غير عقد و لا ملك و لا شُبهة عالما مختارا .

و الزاني : فاعل الزنا ، و الجمعُ زناة كقُضاة .

[2] سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 32 .

[3] سورة النور ( 24 ) ، الآية : 3 .

[4] سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 68 .

[5] المراد بالحَدِّ هنا العقوبة التي نص عليها الشارع ، و أوجب انزالها بالعاصي المرتكب جريمة معينة ، و الغاية منه الرَّدع و الزجر عن المُحَرَّمات ، و يُسمَّى الحَدُّ عُقُوبةً مقَدَّرَة ، لأن الشارعَ هو الذي قدَّرَها .

و قال الفقهاء : ان أسباب الحد سبعة : الزنا ، و ما يتبعه كاللواط و المساحقة و القياد ، و القذف ، و شرب الخمر ، و السرقة ، و قطع الطريق ، و الارتداد .

[6] الجَلْدُ : هو الضَرْبُ بالسَّوط ، و السَّوطُ هو ما يُجْلَدُ به ، و مقدار الجَلْد هو مئةُ سَوط ، لقول الله عَزَّ و جَلَّ : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ } سورة النور ( 24 ) ، الآية : 2 .

و أمَّا صورة الجَلْد فهي أن يُجْلَد الرجُلُ و هو واقف ، و يُجَرَّد من ثيابه حين الضرب إن قُبض عليه حين الزنا عارياً ، و إلا فلا تجريد ، و أما المرأة فتُجْلَد جالسة ، و لا تُجَرَّد من ثيابها .

[7] الرَجْم : هو القَتْلُ رمياً بالحجارة ، و أمَّا صورة الرَّجْم فهي أن تُحفر حُفرة ، و توضع فيها المرأة إلى صدرها ، و الرجل إلى حَقْوَيه ، ثم يَرْمِي الناسَ على الزاني بأحجار صغار .

قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " تدفن المرأة إلى وسطها ، ثم يرمي الإمام ، و يرمي الناس بأحجار صغار ، و لا يدفن الرجل إذا رجم إلاّ إلى حقويه " .

هذا ، بعد أن يغتسل ، و يتحنط ، و يلبس الكفن ، أما الصلاة عليه فبعد الموت بالبداهة لأن موضعها صلاة الميت .

و إذا هرب الزاني من الحفرة وجب اعادته إليها ان كان قد ثبت عليه الزنا بالبَيِّنَة ، و لا يُعاد ، بل يترك و شأنه ان كان هو الذي أقرَّ على نفسه بالزنا ، فقد سئل الإمام ( عليه السَّلام ) عن المحصن إذا هرب من الحفرة ، هل يرد ، حتى يقام عليه الحد ؟ فقال : إذا كان هو المُقِّرُ على نفسه ثم هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شيء من الحجارة لم يرد ، و ان كان قد قامت عليه البينة ، هو جاحد ، ثم هرب رُدَّ و هو صاغر حتى يقام عليه الحد .

[8] الشيخ : من جاوز ست و أربعين سنة ، و الشيخ فوق الكهل ، و الجمع شيوخ و أشياخ ، و الشيخة : مؤنث الشيخ .

[9] الإحصان في اللغة هو المنع ، و المراد به هنا أن يكون الإنسان البالغ العاقل متزوجاً بالعقد الدائم ، و أن يطأ في القُبُل ، و أن يتهيأ للزوج الوطء متى يشاء ، فإذا لم يكن متزوجاً أو كان ، و لكن لم يحصل وطء ، أو حصل ، ثم غاب عنها أو غابت عنه ، أو امتنعت عنه لسبب من الأسباب فلا يترتب عليه حكم الاحصان .

و لا تكون المرأة مُحَصنة إلاّ بهذه الشروط ، ما عدا التمَكُّن من الوَطء فانه يعتبر في حق الزوج خاصة دون الزوجة .

[10] النَّفْيُ : هو الإبعاد من البلد الذي حُدَّ فيه ، أو من بلد سُكناه إلى بلد آخر .

[11] الحَشَفَة : رأس الذكر من فوق موضع الخِتان .

[12] التعزير : هو عقوبة مُفوَّضة ، لأنها قد فوضت إلى نظر الحاكم ، و في اصطلاح الفقهاء هو العقوبة على الكبائر من فعل الحرام ، أو ترك الواجب اللذين لا تقدير للعقوبة عليهما ، و انما تُرِك تقدير ذلك إلى الحاكم بما يراه على أن لا يبلُغ في التقدير الحد المنصوص عليه للجرائم الأخر ، كالقتل و مئة جلدة .

و يثبت الموجب للتعزير بالاقرار مرتين ، أو بشهادة عدلين ، و لا تقبل شهادة النساء اطلاقاً .

[13] الجعفريات ( الأشعثيات ) : 99 ، لأبي علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي ، طبعة : المطبعة الإسلامية ، إيران .