نافع بن الأزرق
نافع بن الأزرق بن قيس الحنفي، البكري الوائلي، الحروري، ابو راشد (ت. 64هـ/684م) رأس الأزارقة من الخوارج، وإليه نسبتهم. كان أمير قومه وفقيههم. من أهل البصرة. صحب في أول أمره عبد الله بن عباس رضي الله عنه. وله (اسئلة) رواها عنه، قال الذهبي: مجموعة في (جزء) اخرج الطبراني بعضها في مسند ابن عباس رضي الله عنه من المعجم الكبير.
وكان هو وأصحاب له من أنصار الثورة على عثمان (رضي الله عنه) ووالوا علياً رضي الله عنه، إلى أن كانت قضية (التحكيم) بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، فاجتمعوا في (حروراء) وهي قرية من ضواحي الكوفة، ونادوا بالخروج على علي رضي الله عنه، وعرفوا لذلك، هم ومن تبع رأيهم، بالخوارج. وكان نافع (صاحب الترجمة) يذهب إلى سوق الأهواز، ويعترض الناس بما يحير العقل (كما يقول الذهبي).
ولما ولي عبيد الله بن زياد إمارة البصرة (سنة 55هـ) في عهد معاوية رضي الله عنه، اشتد على (الحروريين) وقتل (سنة 61هـ) زعيمهم أبا بلال: مرداس بن حدير .
وعندما علموا بثورة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه على الأمويين (بمكة) فتوجهوا إليه، مع نافع. وقاتلوا عسكر الشام في جيش ابن الزبير إلى أن مات يزيد بن معاوية (سنة 64هـ) وانصرف الجيش الشامي، وبويع ابن الزبير بالخلافة.
وأراد نافع وأصحابه أن يعلموا رأى ابن الزبير في عثمان رضي الله عنهما، فقال له خطيبهم (عبيدة بن هلال اليشكري) بعد أن حمد الله وذكر بعثة نبيه صلى الله عليه وسلم وأثنى على سيرة أبي بكر وعمر: (... واستخلف الناس عثمان، فآثر القربى، ورفع الدرة ووضع السوط، ومزق الكتاب، وضرب منكر الجور، وآوى طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرب السابقين بالفضل وحرمهم واخذ الفيء فقسمه في فساق قريش ومجان العرب، فسارت اليه طائفة، فقتلوه؛ فنحن لهم أولياء ومن ابن عفان وأوليائه براء، فما تقول انت يا ابن الزبير ؟) فقال: (قد فهمت الذي ذكرت به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو فوق ما ذكرت وفوق ما وصفت، وفهمت ما ذكرت به ابا بكر وعمر، وقد وفقت واصبت، وفهمت الذي ذكرت به عثمان؛ واني لا اعلم مكان احد من خلق الله اليوم اعلم بابن عفان وامره مني، كنت معه حيث نقم عليه، واستعتبوه فلم يدع شيئاً الا اعتبهم، ثم رجعوا اليه بكتاب له يزعمون انه كتبه يأمر فيه بقتلهم، فقال لهم: ماكتبته، فان شئتم فهاتوا بينتكم، فان لم تكن حلفت لكم؛ فو الله ما جاؤوه ببينة ولا استحلفوه؛ ووثبوا عليه فقتلوه؛ وقد سمعت ما عبته به، فليس كذلك، بل هو خير اهل، وانا اشهدكم ومن حضرني اني ولي لابن عفان وعدو لاعدائه).
ولم يرض هذا نافعاً واصحابه، فانفضوا من حوله. وعاد نافع ببعضهم إلى البصرة، فتذكروا فضيلة الجهاد (كما يقول ابن الاثير) وخرج بثلاثمئة وافقوه على الخروج. وتخلف عبد الله بن إباض وآخرون، فتبرأوا منهم. وكان (نافع) جباراً فتاكاً، قاتله المهلب بن أبي صفرة ولقى الأهوال في حربه. وقتل يوم دولاب على مقربة من الأحواز.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بعض مسائله عن متشابه القرآن
قال الطبري 5/94:
حدثني المثنى قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا القاسم قال ثنا الزبير عن الضحاك أن نافع بن الأزرق أتى بن عباس فقال يا بن عباس قول الله تبارك وتعالى يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا وقوله والله ربنا ما كنا مشركين فقال له بن عباس إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت ألقى على ابن عباس متشابه القرآن فإذا رجعت إليهم فأخبرهم أن الله جامع الناس يوم القيامة في بقيع واحد فيقول المشركون إن الله لا يقبل من أحد شيئا إلا ممن وحده فيقولون تعالوا نجحد فيسألهم فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين قال فيختم على أفواههم ويستنطق جوارحهم فتشهد عليهم جوارحهم أنهم كانوا مشركين فعند ذلك تمنوا لو أن الأرض سويت بهم ولا يكتمون الله حديثا.
وقال الطبري 6/228: حدثنا بن حميد قال ثنا يحيى بن واضح قال ثنا الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم أن قوما يخرجون من النار وقد قال الله جل وعز وما هم بخارجين منها فقال بن عباس ويحك اقرأ ما فوقها هذه للكفار.
وقال الطبري 16/108:
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن عيينة عن عمرو قال أخبرني من سمع بن عباس يخاصم نافع بن الأزرق فقال ابن عباس الورود الدخول وقال نافع لا فقرأ بن عباس إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون أورود هو أم لا وقال يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود أورود هو أم لا أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل نخرج منها أم لا وما أرى الله مخرجك منها بتكذيبك قال فضحك نافع.
حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن بن جريج عن عطاء بن أبي رباح قال قال أبو راشد الحروري ذكروا هذا فقال الحروري لا يسمعون حسيسها قال بن عباس ويلك أمجنون أنت أين قوله تعالى يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ، ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا وقوله وإن منكم إلا واردها والله إن كان دعاء من مضى اللهم أخرجني من النار سالما وأدخلني الجنة غانما
وقال الطبري 19/144:
حدثني أبو السائب قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال كان سليمان بن داود يوضع له ست مئة كرسي ثم يجيء أشراف الإنس فيجلسون مما يليه ثم تجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي الإنس قال ثم يدعو الطير فتظلهم ثم يدعو الريح فتحملهم قال فيسير في الغداة الواحدة مسيرة شهر قال فبينا هو في مسيره إذا احتاج إلى الماء وهو في فلاة من الأرض قال فدعا الهدهد فجاءه فنقر الأرض فيصيب موضع الماء قال ثم تجيء الشياطين فيسلخونه كما يسلخ الإهاب قال ثم يستخرجون الماء
فقال له نافع بن الأزرق قف يا وقاف أرأيت قولك الهدهد يجيء فينقر الأرض فيصيب الماء كيف يبصر هذا ولا يبصر الفخ يجيء حتى يقع في عنقه قال فقال له بن عباس ويحك إن القدر إذا جاء حال دون البصر.
وقال الحاكم3526 أخبرناه أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري حدثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق أنبأ أبو معاوية حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى لأعذبنه عذابا شديدا قال انتف ريشه قال بن عباس رضي الله عنهما كان سليمان بن داود يوضع له ست مائة ألف كرسي ثم يجيء أشراف الإنس حتى يجلسوا مما يليه ثم يجيء أشراف الجن حتى يجلسوا مما يلي الإنس ثم يدعو الطير فيظلهم ثم يدعو الريح فتحملهم فيسير في الغداة الواحدة مسيرة شهر فبينما هو يسير في فلاة إذ احتاج إلى الماء فجاء الهدهد فجعل ينقر الأرض فأصاب موضع الماء فجاءت الشياطين فسلخت ذلك الموضع كما تسلخ الإهاب فأصابوا الماء فقال نافع بن الأزرق يا وقاف أرأيت الهدهد كيف يجيء فينقر الأرض فيصيب موضع الماء وهو يجيء إلى الفخ وهو يبصره حتى يقع في عنقه فقال بن عباس رضي الله عنهما إن القدر إذا جاء حال دون البصر هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف 31852 ، وانظر مسند الشاميين2/356 (1490). وقال الطبري 21/29: حدثنا بن وكيع قال ثنا أبي عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين قال سأل نافع بن الأزرق بن عباس ( هل تجد ) ميقات الصلوات الخمس في كتاب الله قال نعم فسبحان الله حين تمسون المغرب وحين تصبحون الفجر وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر قال ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم حدثنا بن بشار قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن عاصم عن أبي رزين قال سأل نافع بن الأزرق بن عباس عن الصلوات الخمس في القرآن قال نعم فقرأ فسبحان الله حين تمسون قال صلاة المغرب وحين تصبحون قال صلاة الصبح وعشيا قال صلاة العصر وحين تظهرون صلاة الظهر ثم قرأ ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم.
وقال الحاكم: 3541 حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق أنبأ عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن عاصم عن أبي رزين قال جاء نافع بن الأزرق إلى بن عباس رضي الله عنهما فقال الصلوات الخمس في القرآن فقال نعم فقرأ فسبحان الله حين تمسون قال صلاة المغرب وحين تصبحون صلاة الصبح وعشيا صلاة العصر وحين تظهرون صلاة الظهر وقرأ ) ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه عبدالرزق في المصنف 1772، والطبراني في المعجم الكبير 10596.
وقال الحاكم في المستدرك: 3408 حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن حمزة المروزي حدثنا أبو صالح هدية بن عبد الوهاب أنبأ محمد بن شجاع عن محمد بن زياد اليشكري عن ميمون بن مهران أن نافع بن الأزرق سأل بن عباس فقال أخبرني عن قول الله عز وجل ) وقد بلغت من الكبر عتيا ( ما العتي قال البؤس من الكبر قال الشاعر
إنما يعذر الوليد ولا يعذر من كان في الزمان عتيا
وقال ابن كثير 3/133:
وقال عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن عيينة عن عمرو أخبرني من سمع بن عباس يخاصم نافع بن الأزرق فقال بن عباس الورود الدخول فقال نافع لا فقرأ بن عباس ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) وردوا أم لا وقال ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ) أوردها أم لا أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل نخرج منها أم لا وما أرى الله مخرجك منها بتكذيبك فضحك نافع وروى بن جريج عن عطاء قال قال أبو راشد الحروري وهو نافع بن الأزرق ( لا يسمعون حسيسها ) فقال بن عباس ويلك أمجنون أنت أين قوله ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ) ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) ( وإن منكم إلا واردها ) والله إن كان دعاء من مضى اللهم أخرجني من النار سالما وأدخلني الجنة غانما وقال بن جرير حدثني محمد بن عبيد المحاربي حدثنا أسباط عن عبد الملك عن عبيد الله عن مجاهد قال كنت عند بن عباس فأتاه رجل يقال له أبو راشد وهو نافع بن الأزرق فقال له ياابن عباس أرأيت قول الله ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) قال أما أنا وأنت يا أبا راشد فسنردها فانظر هل نصدر عنها أم لا.
وقال في 3/360: حدث يوما عبد الله بن عباس بنحو هذا وفي القوم رجل من الخوارج يقال له نافع بن الأزرق وكان كثير الإعتراض على بن عباس فقال له قف يا بن عباس غلبت اليوم قال ولم قال إنك تخبر عن الهدهد أنه يرى الماء في تخوم الأرض وإن الصبي ليضع له الحبة في الفخ ويحثو على الفخ ترابا فيجيء الهدهد ليأخذها فيقع في الفخ فيصيده الصبي فقال بن عباس لولا أن يذهب هذا فيقول رددت على بن عباس لما أجبته ثم قال له ويحك إنه إذا نزل القدر عمى البصر وذهب الحذر فقال له نافع والله لا أجادلك في شيء من القرآن أبدا
كثرة اعتراضه على أهل العلم
يمكن أن يلاحظ القارئ الكريم عدم احترام نافع لأهل العلم، وكثرة معارضته لهم، وعدم توقيرهم وخصوصا أنهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البيهقي في الكبرى: 16586 أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أنبأ عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا بن عثمان أنبأ عبد الله أنبأ المنذر بن ثعلبة حدثني سعيد بن حرب العبدي قال كنت جليسا لعبد الله بن عمر في المسجد الحرام زمن بن الزبير وفي طاعة بن الزبير رؤوس الخوارج نافع بن الأزرق وعطية بن الأسود ونجدة فبعثوا أو بعضهم شابا إلى عبد الله بن عمر ما يمنعك أن تبايع لعبد الله بن الزبير أمير المؤمنين فرأيته حين مد يده وهي ترجف من الضعف فقال والله ما كنت لأعطي بيعتي في فرقة ولا أمنعها من جماعة. ورواه البخاري في التاريخ الأوسط 1/164/749.
وقال البيهقي: 18650 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو وقالوا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا عارم محمد بن الفضل ثنا سعيد بن يزيد ثنا علي بن الحكم البناني أن نافع بن الأزرق سأل بن عباس رضي الله عنهما فقال يا بن عباس أرأيت إذا أرسلت كلبي فسميت فقتلت الصيد آكله قال نعم قال نافع يقول الله إلا ما ذكيتم تقول أنت وإن قتل قال ويحك يا بن الأزرق أرأيت لو أمسك علي سنور فأدركت ذكاته كان يكون علي بأس والله إني لأعلم في أي كلاب نزلت نزلت في كلاب بني نبهان من طيى ء ويحك يا بن الأزرق وليكونن لك نبأ.