موسى بن أبي الغسان

فارس غرناطة

موسى بن أبي الغسان
La Rendición de Granada - Pradilla.jpg
ولدغير معروف
توفيأواخر 1491
الولاءالأندلس (مملكة غرناطة)
مبعث الشهرةمعارضته لتسليم غرناطة
المعارك/الحروبحرب غرناطة

موسى بن أبي الغسان (ت. أواخر 1491) أمير قائد في جيش مملكة غرناطة. العربي الوحيد الذي رفض الاستسلام في غرناطة.

«'ليعلم ملك النصارى أن العربي قد وُلِد للجواد والرمح'»

لم تسلط المصادر التاريخية العربية الضوء على بن أبي غسان بشكل كافٍ. لكنه كان حاضرًا في الرواية النصرانية بشكل بارز كنموذج للفارس المسلم البارع النبيل الذي يمثل البقية الباقية من روح الفروسية المسلمة في الأندلس. ورد ذكره في رواية ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور.[1]

وقد اهتم به المؤرخون الإسبان وتتبعوا أخباره واحتل في كتاباتهم مكانة متميزة ومساحة واسعة، ورغم الشك الذي أبداه بعض المؤرخين المعاصرين في الرواية النصرانية عن موسى بن أبي الغسان، إلا أنها تقدم صورة باهرة لدفاع المسلمين عن دينهم وآخر حواضرهم في الأندلس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

عاش موسى في غرناطة، مسقط رأسه، في بيت ميسور وجاه موفور، فهو من أبناء وجوه القوم، وصفوتهم في غرناطة. يعود نسبه إلى أسرة عربية غرناطية عريقة على صلة ببيت الملك، وترجع بجذورها إلى قبيلة غسان والغساسنة قبيلة عربية يمانية عريقة حكمت بلاد الشام قبل الإسلام. وكانت أسرة موسى واحدة من الأسر العربية القديمة التي عرفت بفروسيتها وغيرتها على دينها ووفائها.

وتميزت أسرة موسى أيضا بمشاركتها في الحياة العامة، وبدورها الكبير في تشييد نهضة غرناطة وصرحها الحضاري وكان لنشأة موسى في هذه الأسرة العربية المحافظة على تقاليد الفروسية العربية القديمة، تأثيره وبصمته على شخصيته. ولم يذكر أحد أن موسى بن أبي الغسان كان عالما أو أديبا، وإنما ذكروا أنه كان فارسا جسورا، وبطلا مغوارا، ومبارزا جيدا.

نشأ موسى في فترة الانهيار العظيم للحضارة العربية والإسلامية في الاندلس، إلا أنها كانت زاخرة بالعلماء والأدباء.


مكانته السياسية والاجتماعية

وفقًا للمصادر المسيحية فأن موسى بن أبي الغسان لم يكن فارس فرسان غرناطة فقط، وإنما كان أيضا رئيسا لعشيرته. وهذا يفسر لنا، وجوده في بهو الحمراء ضمن أكابر الجماعة وأهل الحكمة وأبناء البيوتات، في غرناطة، الذين كانوا يعاونون الملك في إدارة شئون البلاد، وينوبون عنه في الاتصال بأهاليها، ويطلعونه على ما يستجد في البلاد، والذين كان يستشيرهم أيضا قبل أن يتخذ القرارات المصيرية، ويرجع إلى رأيهم في المهمات والملمات. ولا سيما في ذلك الوقت الحرج الذي انتهى بضياع غرناطة أخر ممالك المسلمين في الأندلس.

الأهم من كل ذلك هو أن وجوده قريبا، من بلاط الملك أبي عبد الله الصغير، قد أتاح له المشاركة في صنع القرار والتأثير في ألأاحداث إيجابا، ومعرفة ما يدور وراء الكواليس أولا بأول، ومن ثم التصدي بجسارة للدعاوى الاستسلامية ومعارضة الحلول الانهزامية، وتفنيد المبادرات المشبوهة وتعديلها في وقته.

فروسية وبلاغة

كانت غرناطة آخر المعاقل الإسلامية في الأندلس هي الفصل الأخير في الصراع بين النصرانية والإسلام، وهو الصراع الذي أعدت له إسبانيا النصرانية عدتها الحاسمة ومهدت له جميع الوسائل والسبل. وقاومت غرناطة، وسجل التاريخ محاولات ناضرة من المقاومة والبسالة والإقدام التي أبداها المسلمون المحاصرون على مدى أشهر طويلة، وشهدت تلك الآونة العصيبة بروز موسى بن أبي الغسان على الساحة فارساً شجاعاً بليغاً ليبث روح الحماسة والفداء في نفوس المسلمين.

كان موسى بن أبي الغسان نجمًا ساطعًا في ساحة القتال في عهد أبي عبد الله الصغير آخر ملوك غرناطة، فكان قائداً لفرسان غرناطة وصاحب صولات وجولات باسلة على حصون العدو وحامياته، ورغم الاستستلام الذي اظهره أبو عبد الله الصغير تجاه فرناندو الخامس وإيزابيلا ملكي إسبانيا إلا أن ذلك لم يضعف عزيمة فارس غرناطة، وحين بعث فرناندو الخامس يطلب من حاكم غرناطة تسليم الحمراء كان موسى من أشد المعارضين لتسليمها،

ويذكر الأستاذ- محمد عبد الله عنان في كتابه «دولة الإسلام في الأندلس» مقولته الرائعة التي تفيض حماسة وشجاعة:«ليعلم ملك النصارى أن العربى قد ولد للجواد والرمح، فإذا طمح إلى سيوفنا فليكسبها غالية، أما أنا فخير لي قبر تحت أنقاض غرناطة، في المكان الذي أموت مدافعاً عنه، من أفخم قصور نغنمها بالخضوع لأعداء الدين».

حصار محكم وبسالة

في عام 896هـ-1491م أطبق الأسبان الحصار على غرناطة بحراً وبراً ورابطت السفن الإسبانية في مضيق جبل طارق وعلى مقربة من الثغور الجنوبية، ولميصل أي عون من أفريقيا التي سقطت معظمها في أيدي البرتغاليين، بجانب ضعف إمارات المغرب وتفككها، وقد اشتد البلاء والجوع بالمحاصرين داخل غرناطة ودب اليأس إلى قلوب المسلمين وقرر أبو عبد الله الصغير أن الاستمرار في الدفاع عبث لا جدوى منه.

إلا أن فارس غرناطة رفض رفضًا قاطعصأ، وراح يحشد الفرسان لملاقاة الجيوش الكاثوليكية، وخرجت غرناطة كلها وراءه، ونشبت بين المسلمين والأسبان معارك دموية أبلى المسلمون فيها البلاء الحسن، ولكن ضعف المشاة المسلمين وقلة العتاد ونقص المؤن أدى إلى انهيار صفوفهم وتقهقرهم إلى داخل غرناطة. وأصبح موسى وحيداً في ميدان المعركة وليس من حوله إلا قلة مخلصة، فاضطر إلى أن يرتد إلى المدينة وهو في قمة الغضب والحنق.

سقوط غرناطة

أوصد المسلمون أبواب غرناطة واحتموا خلف أسوارها منتظرين النهاية، وظلوا على هذا الحال حوالي سبعة أشهر وهم يغالبون الأهوال، حتى واشتد الجوع والمرض والحرمان، وأصبح حلم الانتصار بعيدًا.

ويذكر كثير من المؤرخين أنه لم يكن هناك مفر من التسليم فالمقاومة كانت نوعاً من العبث والصمود كان لوناً من الجنون، حيث لم يبق من الأندلس سوى غرناطة، وكانت مسألة سقوطها محتومة، فكان المدينة المسلمة الوحيدة وسط مملكة فرديناند وإيزابيلا.

وقد إيد الجميع في غرناطة التسليم إلا صوتاً واحداً ارتفع بالاعتراض على القرار وحاول أن يبعث بكلماته الملتهبة الحماسة في النفوس، وكان صاحبه هو موسى بن أبي الغسان الذي رددت أرجاء غرناطة كلماته الملتهبة: «لنقاتل العدو حتى آخر نسمة، وإنه خير لي أن أحصى بين الذين ماتوا دفاعاً عن غرناطة من أن أحصى بين الذين شهدوا تسليمها».

أرسل إلى فرديناند قائلاً له 'إذا أردت أسلحة المسلمين فلتأت لأخذها بنفسك

ولكن الأحداث كانت أكبر من كل الكلمات، والحصار كان سيد الموقف، وهكذا ضاعت صيحة ابن أبى الغسان في الفضاء.

نهاية الفارس

كان قلب موسى يدمى وهو يشهد تسليم غرناطة المسلمة إلى ملوك النصارى، وكان أكثر ما يؤلمه ذلك التخاذل والضعف لدى الخاصة والعامة، ويحس بالعجز إزاء الأحداث الرهيبة المتلاحقة، وحين اجتمع الزعماء والقادة ليوقعوا وثيقة التسليم في بهو الحمراء لم يملك الكثيرون منهم أنفسهم من البكاء والعويل، فصاح موسى فيهم قائلا": "اتركوا العويل للنساء والأطفال، فنحن لنا قلوب لم تخلق لإرسال الدمع ولكن لتقطر الدماء، وحاشا لله أن يقال إن أشراف غرناطة خافوا أن يموتوا دفاعا عنها".

لكن لم يستمع أحد إليه، ولم يجاوبه إلا الصمت والحزن، وبدأ التوقيع على وثيقة التسليم، فراح صوته يرتفع في غضب مدويا:

«إن الموت أقل ما نخشى، فأمامنا نهب مدننا وتدميرها وتدنيس مساجدنا وأمامنا الجور الفاحش والسياط والأغلال والأنطاع والمحارق، وهذا ما سوف تراه تلك النفوس الوضيعة التي تخشى الآن الموت الشريف، أما أنا فوالله لن أراه».

ثم غادر المجلس يائساً حزيناً وذهب إلى بيته فلبس لباس الحرب وامتطى صهوة جواده، واخترق شوارع غرناطة ولم يره أحد بعد ذلك.

إلا أن الأستاذ عبد الله عنان يورد رواية لمؤرخ إسباني حاول أن يلقي فيها الضوء على مصير فارس غرناطة الشهير فيذكر أن موسى التقى بعد خروجه من غرناطة على ضفة نهر شنيل سرية من فرسان النصارى فانقض عليها قتلاً وطعناً في بسالة نادرة حتى أصيب بجرح نافذ وسقط جواده من تحته بطعنة رمح، ولكنه لم يستسلم وراح يدافع فرسان النصارى بخنجره حتى خارت قواه ولما كانت نفسه الأبية لا تطيق الوقوع في أسر النصارى ألقى بنفسه إلى النهر. ورغم تضارب الروايات بشأن النهاية إلا أنها تزخر بمواقف البطولة والشجاعة والبسالة.

ذكره في التاريخ

المؤرخ الاسباني أنطونيو أجابيدا:

Cquote2.png سرية من 20 جنديًّا من الفرسان القشتالية التقت في مساء ذلك اليوم ( اليوم الذي خرج فيه القائد موسى بن أبي غسان رافضا تسليم غرناطة) على ضفة نهر شنيل بفارس مسلم ملثّم، مدجج بالسلاح طلبوا منه أن يقف فلم يُجبهم ومضى إلى أحدهم فطعنه وألقاه على الأرض ثم اتجه إلى الآخرين يطعنهم بضربات قاتلة وثائرة، قضى على معظمهم قتلًا وجرحًا

وأصابه الإرهاق فسقط في الماء ولم يره أحد وغاص سريعًا فيه من ثِقل أسلحته.

Cquote1.png

ويقول أجابيدا إن فرسانًا آخرين عرفوا من الجواد أن الفارس كان بن أبي غسان.

يقول واشنطن إرڤنگ عن أبي غسان :

Cquote2.png لو كان مثله في السلطنة في بدايات الحرب لتغير مصير غرناطة ولبقي التاج العربي على الحمراء إلى الأبد.

في أعماق هذا النهر نهر شنيل في اسبانيا يرقدُ جثمان آخر فرسان غرناطة. الأمير القائد موسى بن أبي غسان الذي رفض تسليم غرناطة.

Cquote1.png

ورد ذكره في رواية ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور.

يقول راغب سرجاني: "الحقيقة أننا لا نتوقع أن تخترع المصادر الإسبانية شخصية مسلمة تقود دفاعًا كبيرًا عن غرناطة".

مصادر

  1. ^ . ISBN 978-0-8156-0765-6. {{cite book}}: Missing or empty |title= (help); Unknown parameter |تاريخ أرشيف= ignored (help); Unknown parameter |تاريخ= ignored (help); Unknown parameter |حالة المسار= ignored (help); Unknown parameter |عنوان= ignored (help); Unknown parameter |لغة= ignored (help); Unknown parameter |مؤلف1= ignored (help); Unknown parameter |مسار أرشيف= ignored (help); Unknown parameter |مسار= ignored (help); Unknown parameter |ناشر= ignored (help)

المصادر