ملياگر من گدارا

ملياگر من گدارا

ملياگروس Meleagros (نحو 140 ـ 70 ق.م.) شاعر سوري قديم مُتَهَلْيِن (نسبة إلى الهلنستية) من أتباع الفلسفة الكلبية. عاش في العصر الهلنستي، وجمع أروع الأشعار القصيرة (إپيگرام Epigram) في ديوان شكل صلب المختارات الشعرية المعروفة بـ«المقتطفات الإغريقية» Greek Anthology. ولد في مدينة گدارا Gadara (حالياً أم قيس في الجنوب الشرقي من بحيرة طبريا التي ينسب إليها) التي كانت إحدى مدن الديكابوليس Dekapolis، ومهد أشهر مراكز الثقافة الإغريقية في سورية، وقد أنجبت عدداً من الشعراء، كما كانت موطن الفيلسوف الكلبي منيبوس Menippos الذي تتلمذ على يديه كثير من المثقفين الذين جاؤوه من كل حدب وصوب، لينهلوا من أفكاره وفلسفته. وقد تأثر ملياگروس بتعاليم هذا الفيلسوف في باكورة أشعاره، وهي مجموعة من المحاورات الناقدة الساخرة التي صاغها على نمط أهاجي أستاذه منيبوس وسماها باسم ربات البهجة والبهاء، خاريس Charies، ومزج فيها بين الشعر والنثر وانتقد مساوئ عصره الاجتماعية، ولكنها فقدت.

أمضى ملياغروس الشطر الأكبر من حياته في مدينة صور الجميلة الحافلة آنذاك بكل أنواع البهجة والمسرات. أحب التنقل والأسفار وأخيراً استقر به المقام في جزيرة كوس Kos الواقعة في بحر إيجة، حيث أمضى آخر أيامه. وعكف هناك على جمع أجمل المقطوعات الشعرية الإغريقية في ديوان أسماه «الإكليل» Stephanos للشعراء الغنائيين القدامى والمعاصرين بدءاً من الشاعرة الشهيرة سافو Sappho وانتهاء بشعراء عصره. ويذكر في القصيدة الافتتاحية أسماء 47 شاعراً وشاعرة اختار من كلٍ منهم الزهرة التي تتناسب مع جمال أشعاره؛ فشبّه سافو بالزنبق وكليماخوس بالنرجس وأناكريون بالزنبق البري. وقد رتب ملياغروس مختاراته وفقاً للحرف الأبجدي الذي تبدأ به الكلمة الأولى من القصيدة. وقد وصلت هذه المختارات ضمن المجموعة الشعرية المسماة «المقتطفات البالاتينية» Anthologia Palatino العائدة إلى القرن العاشر الميلادي.

كان ملياگروس أشهر من كتب المقطوعات الشعرية المسماة إپيگرام، ولكن لم يبق من نتاجه الشعري سوى نحو 130 مقطوعة، موجودة في ديوان «الإكليل»، ويدور معظمها حول موضوعات العشق والغرام. وكثيراً ما يقارن محبوباته بنضارة الزهور وأريج الورود، وهي ظاهرة مميزة لشعره. كما أنه ابتكر صوراً أدبية رائعة شاعت من بعده، فهو يتمنى أن يتحول إلى إله النوم، هيپنوس Hypnos كي يحظى بقرب الحبيبة، ويبحث عن إله الحب إروس Eros الذي يجده مختبئاً في عينيها، كما يتخيل قلبه مثل الكرة التي يلعب بها إروس وحبيبته. أما أكثر محبوباته تأثيراً في حياته فهي هليودورا التي لم يطق ملياگروس البقاء في مدينة صور بعد وفاتها فانزوى بعدها في جزيرة كوس وانصرف إلى الشعر، وقد رثاها بأشعار تعبر عن صدق الإحساس واللوعة ومرارة الحزن والفراق.

تظهر قصائد ملياجروس صوراً من الحياة الاجتماعية المعاصرة في صور وغيرها من المدن السورية في العصر الهلنستي، ويبدو أن الطبقة الغنية من رجالات المدينة كانت تعيش حياة البذخ والترف وتسعى وراء المتعة والسعادة في كؤوس الشراب والجري وراء الحب والغواني. وقد امتاز شعره بالرشاقة وحسن الصقل والصنعة وبراعة التصوير ودقة التعبير وجماله، متأثراً بشعراء مدرسة الإسكندرية والعصر الهلنستي، وكان تأثيره كبيراً في الشعراء الرومان مثل ڤرجيليوس (الرعوية الثامنة) واوڤيد وكاتولوس. كما سار على نهجه الشاعر فيليپوس السالونيكي Philippos الذي أصدر في منتصف القرن الأول الميلادي مجموعة أخرى من الأشعار الإبيجرامية التي أكملها الأديب البيزنطي قسطنطين كفالاس Konstantinos Kephalas وأخرج «المقتطفات الپالاتينية» الشهيرة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  • محمد الزين. "ملياغروس". الموسوعة العربية.


الهامش

للاستزادة

  • محمد حمدي إبراهيم، الأدب السكندري (القاهرة 1985).
  • The Oxford Classical Dictionary, 2nd edition: (Oxford 1970).
  • The Greek Anthology: Hellenistic Epigrams Edited by A.S.F. Gow and D.L. Page (2 vols., Cambridge, 1965)
  • Peter Whigham, Peter Jay, (1975), The Poems of Meleager. Anvil Press Poetry. ISBN 0856460001
  • Jerry Clack, (1992), Meleager: The Poems. Bolchazy-Carducci. ISBN 9780865162549