مدونة:رحلتي من طرابلس إلى حلب 2008

في 2008، صُدِمت حين زرت طرابلس (لبنان) لإهمال الدولة اللبنانية لثاني أكبر مدنها. وشاهدت تفشي التطرف السلفي في أرجائها. ثم أخذت سيارة متجها إلى حلب. فمررت على جبل محسن ضاحية طرابلس التي تسيطر عليها ميليشيات علوية (شيعية). وحين رأيت لافتة انتخابية لسعد الحريري عليها صورته وخلفه الملك فهد (الذي كان قد توفي قبل ثلاث سنوات). فطلبت من السائق التوقف لتصوير الاعلان، فقال لي نحن بالقرب من مخيمات الضنية للاجئين الفلڛطينيين تسيطر عليها ڣتح الإڛلاݦ الڛلفيۀ، والتوقف خطر. ثم عبرنا الحدود إلى سوريا، وهناك شاهدت بيروقراطية وفساد ضباط الحدود السوريين. ثم واصلنا الطريق عبر حمص وحماة، ثم معرة النعمان، حيث طلبت من السائق التوقف عند قبر أبي العلاء المعري، فقال لي: "سيرجمون السيارة بالحجارة، لأنهم يعتبرونه ؼاڣݛ، وقد يطلقون النار علينا. وقد هدموا قبره عدة مرات في العشر سنوات الماضية." فتذكرت قبر عبد الرحمن منيف، في دمشق، والذي يـُـنبَش كل بضع سنوات، في رسالة حنق لا يخبو على شخص مات بعيداً عن دياره لأنه ثار على نهب الأجانب لثروات تلك الديار.

وصلت إلى حلب الشهباء، التي تخلب العقل بجمالها. وفي اليوم التالي، أخذت تاكسي لوسط البلد، فكان السائق كردياً، وأعطاني محاضرة مطولة حول أن حلب وكل شمال سوريا هي أراضي كردية استولى عليها العرب، وأن الكرد قد استفاقوا وبدأوا في استرداد أراضيهم.

هذه الرحلة كانت قبل الحرب الأهلية بثلاث سنوات. ولذلك حين نشبت الحرب، لم أكن مندهشاً، ولا أعرف ما هو الحال الذي سيعيد للمنطقة سلامها الداخلي. وسيطرت على ذهني عبارة محمود المليجي "وعايزني أكسبها؟"

يصمني كثيرون بأني مدافع عن نظام الحكم في دمشق. في حين أني أراه المسئول الأول عن سقوط سوريا في مستنقع الركود الاقتصادي الذي جعل البلد فريسة للتطرف الديني. ولكني هذا كله لن يجعلني للحظة أقبل بالتطرف أسلوباً للحياة.

ذهبت للشام مشبوباً بحبها وعدت منها أشد ولهاً بفتنة فسيفسائها المتعايشة مع بعضها البعض، والتي ازدادت ألقاً رغم "الولدنة".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش