مجمع الأمثال والحكم

مجمع الأمثال جزء 1
مجمع الأمثال جزء 1

مجمع الأمثال والحكم (القرن الثاني عشر الميلادي) كتبه أبو الفضل الميداني يحتوي هذا الكتاب على ما يقرب من «5000» مثل من الأمثال العربية القديمة، سوى آلاف أخرى من الأمثال المولدة، وقد رتبه المصنف كتابه على أحرف المعجم ذاكرًا مضرب كل مثل ومورده، ومختتمًا للكتاب بذكر أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين التي جرت مجرى الأمثال.

مجمع الأمثال هو أهم كتب الميداني وعليه تنبني شهرته، ويرتبط به اسمه كثيراً حتى إذا ما ذكره مترجموه قالوا: صاحب ((الأمثال))[79]، أو صاحب كتاب الأمثال[80]. تمييزاً له عن غيره وتعريفاً له بكتابه الشهير، وفي مجمع الأمثال أودع الميداني معرفته وعلمه الغزير في اللغة العربية والأدب، وأظهر شخصيته العلمية المتميزة. وتذكر المصادر أن شيئاً من التنافس قد حدث بينه وبين معاصره جار الله الزمخشري بسبب تأليف هذا الكتاب، فقد قيل إن الزمخشري عندما رأى كتاب الميداني ((مجمع الأمثال)) وجده أحسن ترتيباً من كتابه ((المستقصى في أمثال العرب))، فندم على تأليف المستقصى ولم يكتف بذلك بل أنه عمد إلى اسم الميداني فزاد به قبل الميم نوناً فصار ((النميداني)) ومعناه في الفارسية: ((الذي لا يعرف شيئاً)). ويقال إن الميداني، ردّاً على هذا العمل، قام بتغيير اسم الزمخشري وذلك باسقاط الميم منه وإبدالها نوناً حتى صار ((الزنخشري)) ومعناه – في زعمهم – ((بائع زوجته))[81]. وإذا صح أن يكون معنى النميداني في الفارسية هو ((الذي لا يعرف شيئاً)) فإن معنى كلمة ((الزنخشري)) لا تعني ((بائع زوجته)). وقد علل كاترمير هذا الخطأ بأن العلماء الذين أوردوا هذه اللفظة كانوا متضلعين بالعربية أكثر من تضلعهم بالفارسية، فخلطوا بين ((زن)) بمعنى امرأة في الفارسية، وبين كلمة ((شرى)) بمعنى باع في العربية[82].

وفي قصة أخرى يشير حاجي خليفة إلى أن الزمخشري قد أعجب بكتاب ((مجمع الأمثال)) للميداني، وندم على تأليف كتابه المستقصى[83]. وقد مرَّ بنا إعجاب الزمخشري بكتاب الميداني الآخر المسمى بـ((الهادي للشادي)) ولعل قصة تغيير الاسم تندرج تحت الفكاهة والمزاح أكثر من أي شيء آخر ونجد لذلك دليلاً في رد الميداني على الزمخشري برسالة له بعد تلك الحادثة إذ قال: ((... إذا رجعت وقبلنا عذرك وهذه فكاهة لا تليق بالمشايخ))[84].

كانت الفترة التي عاش فيها الميداني من حيث حركة تدوين الأمثال فترة جمع للتراث العظيم الذي ألفه الاخباريون واللغويون القدماء في هذا الحقل. كما كانت فترة غلب عليها التأليف في الموسوعات. وكان كتاب الميداني أحد هذه الكتب الموسوعية الضخمة، ومن هنا تأتي أهميته لدارس الأمثال العربية القديمة. فقد استوعب جل – إن لم يكن كل – المؤلفات العربية التي سبقته في جمع الأمثال وأكثر هذه المؤلفات التي استوعبها، ضاعت مع ما ضاع من مصادرنا القديمة فلم نعد نعرف عنها غير أسمائها. وقد ذكر الميداني – في مقدمة مجمع الأمثال – أنه رجع إلى أكثر من خمسين كتاباً في الأمثال وذكر لنا أهم هذه المجموعات التي اعتمد عليها وهي – حسب الترتيب الزمني – كالآتي:

1- مجموعة أبي عمرو بن العلاء (ت145هـ/ 770م)[85].
2 - مجموعة المفضل ابن يعلى الضبي (ت170هـ/ 786م)[86].
3 - مجموعة أبي فيد مؤرج السدوسي (ت195هـ/ 809م)[87].
4- مجموعة أبي عبيدة معمر بن المثنى (ت210هـ/ 825م)[88].
5 - مجموعة أبي زيد الأنصاري (ت215هـ/ 830م)[89].
6 - مجموعة الأصمعي (عبدالملك بن قريب) (ت حوالي 216هـ/ 831م)[90].
مجمع الأمثال جزء 2
مجمع الأمثال جزء 2
7 - مجموعة أبي عبيد القاسم بن سلام (ت حوالي 223هـ/ 837م)[91].
8 - مجموعة المفضل بن سلمة الضبي (كتاب الفاخر) (ت290هـ/ 903م)[92].
9 - مجموعة حمزة بن الحسن الأصفهاني (ت360هـ/ 970م)[93].

وهو يشير إلى أنه اعتمد – فيما يختص بقصص الأمثال – على أعمال كل من عبيد بن شرية وعطاء بن مصعب والشرقي بن القطامي، ومع ذلك فإن ما ذكره الميداني – في مقدمة كتابه – من أسماء ومراجع لا تُكوِّن إلا النزر القليل من عشرات اللغويين والنحويين والرواة الذين يشير إليهم في تضاعيف مجمع الأمثال[94]. وقد لاحظ زلهايم Sellheim أن الميداني لم يذكر أبا هلال العسكري صاحب كتاب الأمثال ولا أبا عبيد البكري صاحب كتاب فصل المقال في شرح كتاب الأمثال كمصدرين من مصادره[95].

منهج الميداني في مجمع الأمثال: قسم الميداني كتابه إلى ثمانية وعشرين باباً حسب الأبجدية العربية ثم ألحق بهذه الأبواب بابين أحدهما يحوي قائمة بأيام العرب في الجاهلية والاسلام والثاني يضم حكماً ووصايا منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وبعض الصحابة والتابعين والسلف. والكتاب في هيكله العام يضم مجموعتين من الأمثال:

  • الأولى: الأمثال القديمة.
  • الثانية: الأمثال المولّدة.

ويدخل تحت المجموعة الأولى أمثال جاءت على وزن أفعل التفضيل مثل قولهم: أجرأ من أسد وما إلى ذلك يفردها الميداني في أبواب ((داخلية)) يقدم لها بقوله: ((ما جاء على أفعل من هذا الباب)).

وعلى الرغم من شعور الميداني بأن الأمثال القديمة يجب أن تفرد عن الأمثال المولدة إلا أنه لم يلتزم ذلك بدقة. فقد تخللت الأمثال القديمة بعض الأمثال المولدة وخاصة في القسم الذي خصص للأمثال على وزن افعل فإن من تلك الأمثال مالا يعود إلى عصور العرب القديمة وإنما هو نتاج عصور تالية. يدل على ذلك أن تلك الأمثال إما أن تكون منسوبة إلى شخصيات عباسية أو تتحدث عن حوادث تمت في العصر العباسي[96]، ومع ذلك فإننا يمكن أن نعزو كثيراً من الاختلاط الذي حدث بين الأمثال القديمة والمولدة إلى النساخ. وطريقة الميداني في عرض مادته تتلخص في أن يذكر المثل ثم يتبعه بشرح وفي بعض الأحيان بذكر الحادثة التي أدت إلى ضرب هذا المثل، وكثير من هذا القصص المرتبط بالأمثال خيالي يقصد منه تفسير المثل واثبات أصله[97]، ولكنه مع ذلك يعطي صورة واضحة لحياة وأفكار وعادات وتقاليد المجتمع الذي ظهر منه وشاع فيه.

وكثير من أمثال الميداني منسوب إلى قائلين معينين، ونسبة الأمثال إلى قائلين معينين كانت – ولا زالت – موضع شك بين الباحثين الذين يرون أن هذه الأمثال قد وضعت وضعاً في أفواه قائليها كما حدث لكثير من أمثال الأمم الأخرى ولعل من أوضحها كتاب الأمثال المنسوب إلى سليمان الحكيم في العهد القديم[98]. ويبدو لي أن هذا الحكم ربما احتاج بعض التعديل بالنسبة للأمثال العربية لعدة أسباب: 1 - إن ما حدث لكتاب الأمثال الموجود في العهد القديم لا يعني بالضرورة أن يحدث للأمثال العربية. 2 - إن دراستنا قد أظهرت أن معظم الأمثال التي اقترضها العرب من الأمم الأخرى قد ظلت بدون نسبة إلى قائلين معينين، ولو كان من عادة الرواة والمؤلفين العرب إيجاد قائلين للأمثال لما عجزوا عن الصاق هذه الأمثال بشخصيات معينة. وما وجدناه من الأمثال العربية القديمة منسوباً للقمان ثم وجد عند أمم أخرى مضافاً إلى شخصيات أخرى فإن هذا يعني أن لقمان وخاصة بعد الاسلام قد أصبح شخصية حكيمة أضيفت إليها جميع الحكم التي وردت إلى العرب من أمم أخرى وذلك بعد أن أكد القرآن الكريم حكمته في سورة من سوره. ولعل أكثر هذه الحكم قد دخل إلى العرب في فترة متأخرة حينما اتصلوا بالحضارات الأجنبية واستفادوا من التراجم المختلفة. 3 - إن ما نسب من أمثال الأمم الأخرى إلى شخصيات عربية إنما أضيف إلى قوم لا يستبعد أن يكون لهم اتصال بالأمم والثقافات الأخرى. مثال ذلك التي وجدت عند احيقار الحكيم الأشوري ثم وجدناها مضافة إلى ابجر بن جابر العجلي أو هند بنت النعمان بن المنذر. وكلا الشخصيتين كانتا على اتصال وثيق بالحضارة الآرامية لأن كلاً منهما كان مسيحياً. فلا يبعد أن يتلفظ أحدهما بمثل آرامي يلتقطه منه الناس على أنه من صنعه ثم ينسبونه إليه فيما بعد. وهذا يعني أن جامعي الأمثال العربية لم يكونوا مخطئين دائماً عندما ينسبون أمثالاً إلى أشخاص معينين.

وكثيراً ما يشرح الميداني الألفاظ الصعبة في الأمثال. وفي هذه الحال نجده يمتح من ينابيع اللغويين الذين سبقوه في التأليف وكثيراً ما يؤيد ذلك بآرائه الشخصية، فإن المقدرة العظيمة التي كان الميداني عليها في معرفة اللغة العربية لا تعود إلى معلوماته الواسعة بآراء من سبقوه من اللغويين وحسب، وإنما تعود إلى حكمه الشخصي واجتهاده ونقده واقتراحاته فيما يخص بعض الألفاظ أو التراكيب، وهو كثيراً ما يلجأ إلى دراسة تركيب الكلمة وما يدل عليه اشتقاقها الأصلي حتى يصل إلى شيء يرجحه ويرتاح له. مثال ذلك تفسيره الشخصي لكلمتي أبدح ودبيدح في المثل: ((أخذه بأبدح ودبيدح)) إذ يقول: ((قلت: تركيب هذه الكلمة يدل على الرخاوة والسهولة والسعة مثل: البداح للمتسع من الأرض ومثله: تبدحت المرأة إذا مشت مشية فيها استرخاء فكأن معنى المثل: ((أكل ماله بسهولة من غير أن يناله نصب))[99]. ومن تلك التفسيرات التي تعتمد على ملاحظة ((تركيب)) الكلمة تفسيره للمثل: ((جاء بأم الربيق على أُريق)) إذ يقول: ((قلت: هذا التركيب يدل على شيء يحيط بالشيء ويدور به كالربقة، وربقت فلاناً في هذا الأمر أي أوقعته فيه حتى ارتبق وارتبك، فكأن أم الربيق داهية تحيط وتدور بالناس حتى يرتبقوا ويرتبكوا بها))[100].

أما عن نقده لمن سبقوه من العلماء فإننا نجده يوجهه – في الغالب – إلى شخصيتين من المؤلفين أحدهما: حمزة بن الحسن الأصفهاني صاحب كتاب ((الأمثال على أفعل)) الذي استوعبه الميداني في كتابه. والشخصية الثانية هي شخصية الإمام إسماعيل بن حماد الجوهري مؤلف كتاب ((الصحاح)). وقد مرَّ بنا أن الميداني قد ألف نقداً لهذا الكتاب أسماه: ((قيد الأوابد من الفوائد)). ونقد الميداني هادئ رزين موضوعي لا يجرح ولا يعنف وكثيراً ما يتبع اسم الشخص المنتقد بالدعاء له. وكمثال على هذا النقد نأخذ تعقيبه على حمزة عند شرحه لمثل: أَحَنُّ مِن شارِفْ.: ((الشارف: الناقة المسنة وهي أشد حنيناً على ولدها من غيرها، قلت: كذا أورده حمزة رحمه الله: حنيناً على. والصواب حنيناً إلي أو حناناً على إن أراد العطف والرأفة[101]. وزيادة على ما يورده من قصص وشروح لأمثاله كثيراً ما يتبع الشرح بجمل قصيرة يريد منها تبيين مغزى المثل ومضربه مثل قوله بعد شرح المثل: عند جهينة الخبر اليقين: ((يضرب في معرفة الشيء حقيقة))[102]. وفي بعض الأحيان تَقْصُر هذه الجمل عن المغزى الحقيقي للمثل. أو تتناول جانباً جزئياً منه مثال ذلك تعليقه على المثال: ((عصبه عصب السلمة)) إذ قال: ((يضرب للبخيل يستخرج منه الشيء على كره))[103]. وواضح أن قصر مغزى المثل على حالة البخيل ليس له ما يبرره. وإنما هو يضرب في المعاملة الشديدة الصارمة تجاه الآخرين سواء كانوا بخلاء أو غير ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الدراسات العلمية حول مجمع الأمثال

تركزت معظم أعمال الدارسين – منذ القرن السابع عشر الميلادي – حول كتاب الميداني في محاولات متكررة لتحقيقه ونشره. ففي أوروبا أصبح من المتفق عليه بين الباحثين أن أول من فكر في نشر نص الميداني بأكمله هو المستشرق الإنجليزي ((إدوارد بوكوك Edward pocock (1604م- 1691)). وقد أعد بوكوك نسخة مزودة ببعض الشروح باللاتينية غير أن محاولته توقفت بموته فذهبت مخطوطته إلى مكتبة بودليان Bodlian في اكسفورد[104].

وقد قامت بعد بوكوك عدة محاولات لنشر الكتاب منها محاولة جون جاكوب رايسكه J. jakob Reiske (1716- 1774م) الذي كان من أكثر محبي الميداني تحمساً. ولكنه اضطر لضغط بعض الظروف المادية إلى تأجيل مشروعه الكبير لنشر مجمع الأمثال مكتفياً بنشر مجموعة مأخوذة من الميداني تضم أمثالاً تتعلق بالعصا. وذلك في سنة 1758م في مدينة لايپزج [105]. ومن الأوربيين الذين فكروا في نشر كتاب الميداني المستشرق شيديوس E. Sheidius الذي حاول نشر كل الكتاب ولكن مشروعه ما لبث أن فشل وبدلاً منه أصدر مجموعة صغيرة من أربع وعشرين صفحة مأخوذة من الميداني[106]. وفي سلسلة المحاولات المتكررة لنشر مجمع الأمثال، انتسخ هـ. أ. شلتنز H. A. Schultens (1749- 1793م) ترجمة بوكوك وشرحه للكتاب عندما سافر إلى اكسفورد عام 1772م. ثم نشر في السنة التالية مقتطفات منه ولكن أمله في نشر الكتاب كاملاً لم يتحقق.

وقد اجتذب مجمع الأمثال مجموعة أخرى من الدارسين من المستشرقين أمثال: ن. ج. شرودر N. G. Schroeder تلميذ شلتنز[107]، وروزنملر Rosenmuller[108] وشيد Scheid[109] وس. د. ساسي[110]S. de Sacy وكنكل Kunkel[111] وكاترمير الذي نشر أجزاء من ترجمته لمجمع الأمثال في المجلة الآسيوية Nouveau Journal asiatique, (1828) I- 177 ff (Janvier 1838, p. 21I وهابشيت Habicht[112] ولكن جهود هؤلاء جميعاً لم تكلل بالنجاح.

غير أن أول من استطاع أن يفوز بنشر مجمع الأمثال كاملاً هو العالم الألماني ج. و. فريتاج G. W. Freytag الذي نشر النص العربي للأمثال متبوعاً بترجمة لاتينية لشرح الميداني في ثلاث مجلدات ظهر أولها في بون سنة 1838م تحت عنوان: Arabum Proverbia وثانيها سنة 1839م وثالثها سنة 1843.

لقد أسقط فريتاج نص شرح الميداني العربي، واكتفى بترجمة هذا الشرح إلى اللاتينية بتصرف كبير، وقد أخل ذلك بقيمة الكتاب بعض الشيء ولكنه مع ذلك عمل جليل جعل كتاب الميداني يصل إلى أيدي الدارسين في أوروبا بسهولة ويسر. وقد أصبح كتاب فريتاج الآن أحد المصادر ((الكلاسيكية)) التي ينظر إليها الناس بتقدير كبير، ولا زال العلماء والمستشرقون يعتمدون على هذا الكتاب في أبحاثهم ودراساتهم، ولا يكادون يعولون على غيره من طبعات مجمع الأمثال، لفرط ثقتهم به واعتمادهم عليه.

أما في الشرق فإن مجموعة الميداني – بالرغم من اعتراف الناس بها كأكبر مرجع للأمثال العربية القديمة – فإنها لم تر النور إلا في سنة 1248هـ/ 1867م عندما نشر النص العربي في بولاق تحت إشراف الشيخ محمد قطة العدوي[113] والشيخ محمد الصباغ. ثم طبع الكتاب في طهران سنة 1290هـ/ 1873م وفي القاهرة مرة أخرى 1310هـ/ 1892م، ثم توالت بعد ذلك طبعات أخرى ليس فيها النسخة المحققة تحقيقاً جيداً. ومن هذه الطبعات طبعة المكتبة التجارية بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد سنة 1959م وهي طبعة تجارية تحتاج إلى كثير من التحقيق والنقد، إذ لا يشير ((المحقق)) إلى نسخ خطية اعتمد عليها ولا يسميها، ولعله اعتمد إحدى الطبعات المصرية القديمة، ولا يوجد إلى الآن في البلاد العربية طبعة معتمدة على المقارنة بين المخطوطات المختلفة ومحققة تحقيقاً علمياً صحيحاً على الرغم من أن نسخ مجمع الأمثال موجودة في مخطوطات كثيرة تنوف على الثلاثمائة كما ذكر ذلك بروكلمان [114].

اختصر مجمع الأمثال الشيخ يوسف الجنوبي (؟) ومخطوطة هذا المختصر موجودة في مكتبة عارف حكمت في المدينة المنورة تحت رقم 182 مجاميع. وتقع في اثنتين وسبعين ورقة كل ورقة تسعة عشر سطراً. كما قام الشيخ إبراهيم الأحدب اللبناني[115] بنظم أمثال مجمع الأمثال وشرحها وذلك في كتابه ((فرائد اللآل في مجمع الأمثال))، وطبع الكتاب في بيروت سنة 1312هـ/ 1895م.

ولعل من المفيد – في معرض الكلام عن الدراسات العلمية عن مجمع الأمثال – أن نذكر أن لكاتب هذا البحث دراسة نقدية مقارنة لأمثال الميداني القديمة، نال بها كاتبها درجة الدكتوراه من جامعة ليدز Leeds في بريطانيا بعنوان ((دراسة نقدية مقارنة للأمثال العربية القديمة الموجودة في مجموعة الميداني)) وذلك سنة 1966م. ولا يزال ((مجمع الأمثال)) كنزاً مطموراً يحتاج إلى تكاتف العلماء والدارسين لاستخراج نفائسه والاستفادة منها.


المؤلف

أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري، أبو الفضل الأديب البحاث، صاحب (مجمع الأمثال) لم يؤلف مثله في موضوعه. ولد الميداني ونشأ في نيسابور وتوفي بها سنة (518 هـ).

وليس لدينا ما يفيد عن تاريخ ولادة الميداني ولذا فمن الصعب الجزم بجميع عهود الملوك السلاجقة الذين أظله حكمهم، غير أننا نظن أنه أدرك طرفاً من عهد عضد الدين أبي شجاع ألپ أرسلان (حكم من سنة 455- 465هـ/ 1063- 1072م) ومن المؤكد أنه عاصر عهد ملكشاه الأول (من سنة 465- 487هـ/ 1072- 1092م) ومن أتى بعده من الملوك السلاجقة حتى عهد معز الدين أبي الحارث سنجر (من 511- 552/ 1117- 1157م) الذي أدرك من عهده ما يقارب السبع سنوات (توفي الميداني سنة 518هـ) فيكون بهذا قد عاصر معظم ملوك السلاجقة الكبار.

الهامش